٢٠٢٤ كانون الثاني ١٤ _ ١٤٤٥ رجب ٢ الأحد 4 شرفات ࣯ ي رموك – دانه داوود � صحافة ال سـاهـمـت الـــروايـــة الـعـربـيـة فــي نـقـل صـوت الـــشـــعـــب الـــعـــربـــي بـــصـــفـــة عــــامــــة، والــقــضــيــة الفلسطينية علىوجه الخصوص، وكانتبمثابةِ جـسـرٍ يـربـط الـمـاضـي بـالـحـاضـر، ويـربـط اليأس بـــالأمـــل، ويـــثـــري أحلام الــشــعــوب المتعطشة لــلــحــريّــة، بـــل وكـــانـــت فــوهــة بـنـدقـيـة فـــي وجـه المحتل، إذ أنها الكلمة التي ظلّت حاضرة رغم محاولات تغييبها بما تحويه، وصمدت أمام كل محاولات اغتيالها، وأخذت من هذه المحاولات سلمًا يرقى بها للأعلى أكثر فأكثر، وظلتصوت الشعب والأرضوالحرية. والرواية الفلسطينية حاضرة لم تغب حتى بعد اغتيال ايقونة الرواية الفلسطينية غسان كـنـفـانـي، كـــان كـنـفـانـي صـــوت الـشـعـب والـحـق والـحـريـة وصـــوت الارض المسلوبة والزيتونة المحروقة، اغتالوا كنفاني ظنًا منهم انهم بذلك قـتـلـوا روايـــاتـــه والـفـكـر الـمـنـاضـل الـــذي لطالما حضر في رواياته «رجال في الشمس» ،»ارض البرتقال» ،»عائد الى حيفا» وغيرها الكثير. لم يخطر على بالمنخططلاغتياله انه بذلك خلق ألــف كنفاني بـعـده، وان روايــاتــه الـتـي لم يستطع اكمالها بعدما كسروا قلمه غدت الاف الروايات التي وصلت الى العالم وترجمت الى لغات عـدة، لم يتصور ان الـروايـة الفلسطينية ستصبح سلاحًا ومرجعًا لكل حر وسيستمرون فـي محاولة اسكاتها واضعافها لكن ستفشل هــذه الـمـحـاولات لا مـحـال، كـسـروا قلم غسان صدح قلم ابراهيم نصر الله. تحاور صحافة اليرموك الروائي ابراهيم نصر الله ابن المخيم، فلسطيني الأصل أردني المولد والنشأة، الـذي لجأت عائلته إلى الأردن بعدما احتلت قريتهم البريج وسويت بـالأرض، درس في وكالة الغوث في مخيم الوحدات ومن هنا تشكلت لديه الشعلة الاولى ليحلم بكتابه الأول، 22 ديوانًا شعريًا و 15 حتى أصبح اليوم يملك 9 رواية منها مشروع الملهاة الفلسطينية، نال جوائز أهمها «الجائزة العالمية للرواية العربيةـ البوكرـ» عن روايته حرب الكلب الثانية. الرواية العربية تجاوزت الحدود الجغرافية يقول الكاتب والروائي إبراهيم نصرالله، إن الرواية العربية في الوقت الحاضر تشهدُ تطورًا ملحوظًا وتنوعًا كبيرًا مقارنةً بالماضي، بالإضافة إلى التجدد في المواضيع والتنوّع في الأصوات والأساليب السرديّة، وتزايد الاهتمام بالقضايا الاجـتـمـاعـيـة والـثـقـافـيـة الـمـعـاصـرة، مــؤكــدًا أن الرواية العربية قادرة على التعاملمع التحديات الراهنة التي يواجهها المجتمع العربي. ويضيف أن الأدب العربي يشهد توسعًا في مـجـالات التأليف والنشر، مّـا ساهم فـي زيـادة التنوّع والإبـداع، موضحًا «على الرغم من ذلك، لا يــزال هناك احتفاظٌ بالتقاليد الأدبـيـة والقيم الثقافية في الأعمال الأدبية الحديثة، مما يجسد اســتــمــراريــة الـــروابـــط بـيـن الــمــاضــي والـحـاضـر فينعكس ذلــك مـبـاشـرة على الــروايــة العربية بكل تأكيد». ويـتـحـدّث نـصـرالله عـن أهمية هــذا الـتـطـوّر، ويقول إن الروائي العربي اليوم عليه أن يتجه للتجديد والابتكار في السرد، فالقارئ اليوم لم يعد كـالـقـارئ فـي الـمـاضـي، الـــذي كــان يجلس بالأيام ليكمل قراءة روايةٍ ما، ويغوصليستلهم كل ما فيها من أحاسيسٍ وكلماتٍ ومشاعر، فقارئ اليوم هو قارئ سريع لم يعد يحتمل أن ا في قراءة كتاب أو رواية عن يقضي وقتًا طويلً موضوع واحد دون أن يسيطر عليه الملل. وأكـــد أهمية إثـــراء المشهد الأدبـــي العربي الــذي يلزمه تقديم رؤى جـديـدة وفكرية قوية للقرّاء، تجعلهم يؤمنون بأن الرواية قادرة على تحقيق التأثير والتغيير المنشود في المجتمع، وتدفعهم للبحث عن الهوية الثقافية والتمسك بالقضايا الوطنية وصراعات الوجود. ويصف نـصـرالله الــروايــة – أيًــا كانت – بأنها نـافـذة على العالم وعلى الـــذات أيـضًـا، ووصـف الروائيالعربيبأنه يحملتراثًا غنيًا من القصص والتجارب الإنسانية، ويتمتع بقدرة فريدة على إبراز التفاصيل والبصمات الثقافية والاجتماعية والتاريخية العميقة في رواياته، مّا جعله يحظى بانتباهٍ واسعٍ في الأدب العالمي بتقديمه تجارِب إنسانيةً تجاوزت الحدود الجغرافية. تطور ملحوظ للرواية الأردنية ا إنها تشهد ويتحدّث عن الرواية الأردنية قائلً تطورًا ونموًا ملحوظًا في الوقت الحاضر، مشيرًا إلى أن عدد الروايات المنشورة وصل إلى أكثر روايــة، وذكـر أسماء بعض الروائيين 500 من الأردنـــيـــيـــن الـــذيـــن بــــــرزوا ولـــمـــعـــوا فـــي سـاحـة الرواية الأردنية كتيسير السبول، أيمن العتوم، وسـمـيـحـة خـريـس عـلـى سبيل الاسـتـشـهـاد لا الـحـصـر، مــؤكــدًا أن هـنـاك عـــددًا كـبـيـرًا جـــدًا من الـروائـيـيـن الأردنــيــيــن الـرائـعـيـن عـلـى مستوى الرواية الاردنية والعربية كذلك. ويـشـيـر إلـــى أن الأعـــمـــال الــروائــيــة الأردنــيــة الـحـديـثـة تـشـهـد تــنــوعًــا كــبــيــرًا فـــي الـمـواضـيـع والأساليب، الأمر الذي يعكس التطور الثقافي والاجـتـمـاعـي الـحـاصـل فــي المجتمع الأردنــــي، بالإضافة إلـى الاهتمام الملحوظ بقضايا الأمة والهوية والانتماء، والتحديات التي تواجه هذا المجتمع كأي رواية يريد راويها أن يوصل رسالة محددة ليصنع التغيير، وهنا تكمن أهمية وقوة الرواية. وعند سؤاله عن هويّته قال «أنا فلسطيني الأصـــل ووالـــــداي مــن قـريـة الـبـريـج فــي مدينة الـقـدس، لكنّني أردنــي المولد وقضيت حياتي كـلـهـا فـــي الأردن، مـــن مـخـيـم الـــوحـــدات الـــذي قضيت طفولتي فيه، حتى خرجت الى الدراسة والعمل في الـخـارج، ومـن ثم عـدت إليها فهي جزء مني وهي التي شكّلت هويتي الأدبية، وإذا كـان مـشـروع الملهاة الفلسطينية لفلسطين فإن مشروع الشرفات للأردن، وأنا اليوم أُعرف كوني روائيًا وشاعرًا أردنيًا». الرواية الفلسطينية وثيقة تاريخية وإنسانية أما بشأن الرواية الفلسطينية، يرى نصرالله أنها تشكّل قوة في الوقت الحاضر، إذ أصبحت تلعبدورًا هامًا في توثيق التاريخوإظهار تجارب ومعاناة الشعب الفلسطيني، مشيرًا الى قوة الــــروايــــة الـفـلـسـطـيـنـيـة الــتــاريــخــيــة الــتــي يجب بدورها أن تزعزع الاضاليل وتوثقخطط الاحتلال والاســـتـــبـــداد الـــــذي يــتــعــرض لـــه هــــذا الـشـعـب المكلوم، وهنا تكمن فكرة تعزيز وتوثيق التاريخ وتسليط الضوء على حياة الشعب الفلسطيني وما يمر به. ويـعـتـبـر نـصـر الله أن الـــروائـــي الفلسطيني غسان كنفاني كان رمزًا وصوتًا للنضال والكفاح وصـوتًـا للحق وللأرض وللبرتقال، ونـــرى كيف شـكـل كنفاني كــل هـــذه الـعـنـاصـر فــي روايــاتــه وأعماله، وعكس الهوية الفلسطينية الحقيقية، وصوّر مراحل الصراع الفلسطيني بكل أشكاله منصراع إثبات الهوية والتهجير وحق استرجاع الأرض، حتى حياة الفلسطيني اليومية جسّدها في بعض أعماله». ويشير إلـى روايـــة رجــال فـي الشمس، هذه الـروايـة التي تتحدث عـن معاناة التهجير بعد النكبة لـثلاثـة فلسطينيين بينهم شـيـخٌ كبير خرجوا في رحلة البحث عن حياة لهم ولأسرهم في صحراء الكويت مدينة النفط والمال داخل خـــزان لـلـمـيـاه، لـكـن حــالــوا دون الــوصــول اليها وماتوا في صحرائها داخل هذا الخزان، مضيفا «كـم هي حقيقية وواقعية هـذه الـروايـة مثلها مثل مئات القصص المشابهة التي رواهــا لنا آباؤنا وأجدادنا عنها.» واعتبر أن روايــة كنفاني هـذه تشَكل جوهر الرواية الفلسطينية التي بلا شك كانت السبب في اغتيال هذه الأيقونة وسلب الحياة من هذا القلم، وهـذا القلم الـذي كتب النضال والكفاح ووصف الشعب الفلسطيني خير وصف. ويقول إن الرواية الفلسطينية ما تزال حيةً مـؤثـرةً فـي المشهد الأدبـــي العربي والعالمي، إذ تستمر فــي إثــــراء الأدب الــعــربــي وتسليط الضوء على قضاياه الهامة، وهي وسيلة قوية للتعبير عن التجارب والمشاعر والأحداث التي يمر بها الشعب الفلسطيني فبعض الروائيين الفلسطينيين يـــرون أن الــروايــة الفلسطينية لا تـــــزال تـــزدهـــر وتـــــــزداد قــــوة رغــــم الــتــحــديــات الـتـي تـواجـهـهـا، فهي تعبر عـن تجربة الشعب الـفـلـسـطـيـنـي وصـــراعـــه مـــن مــنــظــور شخصي وجـمـاعـي، وتسلط الـضـوء على قضايا الهوية والحقوق الإنسانية العادلة وقوتها في توثيق التاريخ وإحياء ذكرى النكبة والتذكير بها، فكل يوم هو نكبة للشعب الفلسطيني وكل يوم هو أيضًا يوم للتذكير بحقالعودةوالصمودوالتعبير عن المقاومة والأمل في مستقبل أفضل. ويوضح أنه لا يقول إن الرواية الفلسطينية أصبحت أقــوى من السابق، إنما تحمل نفس الرسالة التي كانت ومـا زالــت عليها إلـى الآن، ويجزم أنها ستظل تحملها إلى ما بعد استعادة الأرض فرسالة الكاتب، المفكر، الفنان، الشاعر والأديـــب وكـل شخص فلسطيني يملك نفس الـرسـالـة والــهــدف وهـــو إبــــراز قضيته ومـعـانـاة وصراعاتشعبه. وحــــــــول الـــســـبـــب وراء انــــتــــشــــار الـــــروايـــــة الفلسطينية في العالم، يقول نصراللهإن الرواية الفلسطينية تعكس قضايا وتــجــارب الشعب الفلسطيني، وهذا يثير اهتمام القراء العالميين الــذيــن يـرغـبـون فــي فـهـم ومـعـرفـة الـمـزيـد عن التحديات والـصـراعـات الـتـي يواجهها الشعب الـفـلـسـطـيـنـي، فـــالـــروايـــة تـعـتـبـر وســيــلــة فنية تسمح للكتّاب بالتعبير عن هويتهم وثقافتهم، وهذا يعزّز التواصل والتفاعل مع القرّاء في كل انحاء العالم. ويــؤكــد ضــــرورة تـقـديـر الأدب والـــروايـــة على أسـاس قيمتها الفنية والأدبـيـة، وعند الحديث عن الرواية كسلاح يجب الانتباه إلى أنه سلاح أدبي ثقافي وليسوسيلة للصراعاتوالنزاعات والحروب، فالرواية تهدف إلى التعبير عن الواقع والمعاناة والحياة الإنسانية، وهذا ما يميّز الأدب والرواية، الحرية وتسليط الضوء وفضح الظلم الـــذي تتعرض لـه الـشـعـوب، ويمكن أن يحقق الراوي من خلال روايته رابطًا إنسانيًا بين القرّاء وشخوصها، مّا يؤدي إلى إحداثترابطوتغيّر في التصورات والمفاهيم. ويتابع أن الـروايـة الفلسطينية تـقـدّم نظرة عميقة وشاملة لتجارب الشعب الفلسطيني مـن النكبة للنكسة مـــرورًا بالتهجير والقضايا الأخـرى التي تبعتها، وإثبات الهوية والمطالبة بـالأرض، وهذا يحمل في طبيعة الحال الذاكرة الـجـمـاعـيـة للشعب الفلسطيني الـــذي خـاض وعـاش التجارب ذاتها، فالوطن واحـد والتهجير واحـــد وشـجـر الـزيـتـون واحـــد والـقـضـيـة واحـــدة بطبيعة الحال، فلا يمكن أن يكون هناك تصورٌ آخر لهذه الذاكرة التي توثق الرواية الفلسطينية، وتبني الهوية الثقافية المعرفية كذلك، فالرواية تعكس الـتـراث والثقافة والقيم الفلسطينية وتـــــوحّـــــد وتــــعــــزز الانــــتــــمــــاء والـــــوعـــــي بــالــهــويــة الفلسطينية. أما عن اختلاف الرواية والـراوي الفلسطيني فيفلسطينوالرواية والراويفي الشتات، يرى أنهناكتوجهاتأدبيةمختلفة وهذه التوجهات تنبع من الخلفيات والتجارب المختلفة التي قد يعيشها الكاتب، مضيفا «أنــا شخصيًا تكوّنت لديهذه الشخصيةمنتجاربعدة، منها تجربة العيشفي المخيم وتجربة الغربة والحنين إلى وطنٍ أسمع عنه فانا لم أره في تلك المرحلة». ويعتبر أن ذلك ينعكسلا إراديًا على كتاباتهم وإنتاجهم الأدبــي والثقافي، فيغلب في بعض الروايات أحيانًا مشاعر الغربة والانتماء وصراع البحث عن الهوية، وتعكس تأثيراتهم المتمثلة بالانفصال عن الوطن واقتلاع جذورهم منه، فهو الوطن والأرض في النهاية التي لطالما حلموا بالعودة إليه، وهنا تتمثل قضية العودة. وعـــن الـــروائـــي والأديـــــب الفلسطيني الــذي يعيش فـي فلسطين، يـقـول نصر الله إنــه في أرضــــه بـيـن شـعـبـه يـــحـــارب عــــدوه بـقـلـمـه، فهو بــذلــك يـتـأثـر بــالــواقــع الـسـيـاسـي والاجـتـمـاعـي والـثـقـافـي الـــوجـــودي، وقـــد تـتـركـز كـتـابـاتـه على توثيق قضايا شعبه المحتل وصراعات الحياة اليومية التي يعيشها الفلسطيني كل يوم في داخل حدود فلسطين التاريخية، وفي الحالتين فالهدف والرؤيا واحدة وهي الحق الفلسطيني الـمـسـلـوب، المتمثل إمـــا بـالـعـودة للكاتب أو الروائي خارج فلسطين، أو برواية الكاتب داخل حـدود فلسطين التاريخية، وهي إثبات الهوية الحقيقيّة للأرض. الرواية العربية.. صوتٌ يوثق الهوية وينادي بالحريّة نصر الله: الرواية الفلسطينية إعادة سرد للذاكرة .. الروائي مقاوم وسلاحه روايته الروائي ابراهيم نصر الله أصـبـح لافــتًــا فــي الآونــــة الأخـيـرة عزوف الناس الواضح عن القراءة، لا سـيـمـا مـــع ظـــهـــور الـتـكـنـولـوجـيـا وتطوراتها وخلق القراءة الرقمية، فقد أظهرت نتائج مؤشر القراءة أن معدل 2016 العربي في عـام الــــقــــراءة الإلــكــتــرونــيــة فـــي الأردن ســـاعـــة ســنــويًــا 27 يـــصـــل قــــرابــــة لـــلـــفـــرد، مـــع تـــنـــوع الأصــــنــــاف بين الــكــتــب الإلــكــتــرونــيــة والـــمـــدونـــات والشبكات الاجتماعية والمواقع الإخـــبـــاريـــة وغـــيـــرهـــا، وأن مــعــدّل 22 الــقــراءة الـورقـيـة يبلغ حـوالـي ساعة سنويًا، مع اخــتلاف أصناف الـــقـــراءة بـيـن الـصـحـف والــمــجلات والكتب وغيرها. يقول الإعلامي والكاتب محمود الــرجــبــي عـــن أهـمـيـة الــــقــــراءة، إن الــقــراءة متعة غائبة عـن الجميع الـــيـــوم، وتـــوسّـــع مـــــدارك الإنــســان ا للحوار والتآلف وتجعله أكثر تقبلً ا عـن أنـهـا تزيد مـع الآخــريــن، فـــضلً قـدرة الإنـسـان على التعبير، إذ أن الإنسان الـذي لا يستطيع أن يعبر عن نفسه لا يستطيع أن يدافع عن آرائه وما يحتاجه من الآخر مما قد يُلجئه إلى العنف. وقــــال الــكــاتــب والــنــاقــد عـاطـف الـدرابـسـة إن الــقــراءة عـامـل مهم من عوامل بناء الإنسان وتساعده بأن يشعر بقيمة الأشياءمنحوله، وأن يـقـلـل مـــن مــخــاوفــه ويــوســع مـــداركـــه وأفـــقـــه، وتـجـعـلـه يتمثّل القيم ويميّز بين الغث والسمين وتخرجه من تيهه إلى أين تشكيل هويته وشخصيته وقاعدته وقدرته على أن يكون مختلفًا ومغيرًا في مجتمعه وبيئته. وبيّن الدرابسة شكلان للقراءة، القراءة الأدبية، والـقـراءة العلمية التي تجمّل العقل وتجعله قــادرًا عـلـى الـتـفـكـيـر وهـــي الــتــي يكتمل بها نمو عقل الإنسان وتزيد حسه الــمــعــرفــي بــحــســب وصـــفـــه، مما ا نـفـسـيًـا وعـلـمـيًـا يـجـعـلـه مـــتـــكـــاملً وثـــقـــافـــيًـــا، مــــؤكــــدًا أن الـمـجـتـمـع الـــــــذي لا يــــقــــرأ دائــــمــــا يـــبـــقـــى فـي آخــــر الــــــدرب والــمــجــتــمــع الـــقـــارئ هــــو الـــــقـــــادر عـــلـــى الإبـــــــــداع وعــلــى مـــواكـــبـــة الـــعـــصـــر ومــــواجــــهــــة كـل التحديات والمشكلات الاقتصادية والـــســـيـــاســـيـــة وحــــتــــى الــعــلــمــيــة، ليصبح مجتمعًا متطورًا يستجيب لمستجدات العصر، وقويًا منفتحًا يستطيع استيعاب الآخر. فيما أكدتمعلمة اللغة العربية منيره بني عيسى على دور المعلم بتعزيز القراءة بينطلبة المدارس، عن طريق توجيه وتشجيع الطلبة بتنظيم زيـــــارات للمكتبة وإتـاحـة الفرصة للتنويع في الكتب، وحث الطلابعلى المشاركة في الأنشطة والــمــســابــقــات الـثـقـافـيـة والأدبـــيـــة وخــاصــة مـسـابـقـة تــحــدي الــقــراءة العربي، مؤكدةً أن المنهاج الجديد أصـــبـــح يــعــالــج كـــثـــيـــرًا مـــن حـــالات الضعف لــدى الطلبة بـتـدرجـه في طـــرح الـمـعـلـومـات وتــركــيــزه على الاســـتـــمـــاع والـــمـــحـــادثـــة والـــقـــراءة والكتابة بصورة متكاملة. وأشـارت بني عيسى إلى بعض الــمــشــكلات الــتــي تـــواجـــه المعلم في الغرف الصفية، كضعف بعض الطلبة فــي الـــقـــراءة والـتـوجـه إلـى مـواقـع الـتـواصـل الاجتماعي لحل الـواجـبـات بــدل أن يبحث بنفسه عـــن الــمــعــلــومــة، وهــــذا يــــدل على نـفـور بـعـض الطلبة مــن التعليم، فيأتي دور الــمــدرس فـي محاولة جذبهم عن طريق تنوّع الأساليب بـطـرح المعلومة، وإشـراكـهـم في العملية التعليمية مما يزيد تفاعل ومـــشـــاركـــة الــطــلــبــة مــــع بـعـضـهـم البعض. وقـــــــال أســــتــــاذ الـــلـــغـــويـــات فـي جـامـعـة الــيــرمــوك الــدكــتــور أحـمـد أبــــو دلــــو إن أســــاتــــذة الــجــامــعــات يقومون بدورهم في تعزيز القراءة بـيـن طـلـبـة الـجـامـعـات عــن طريق تــوجــيــهــهــم لــكــتــب مـــعـــيّـــنـــة، مـمـا يختصر عليهم طريق البحث، وأكد على أن الجامعات تـقـدّم أنشطة تخص طريقة التعامل مع الكتاب، وبرامج تحث الطلبة على القراءة مـثـل نـــادي الـكـتـاب ونــــادي الـحـوار والفكر، للاسـتـفـادة والـوصـول إلى مستوى عالٍ من المعرفة، مضيفًا أن تـغـيـيـر الـمـنـاهـج لا يــــؤدي إلـى تغيير ثـقـافـة الـــقـــراءة عـنـد الــقــرّاء لأن الاستجابة تكون بناءً على رغبة الطالب وحده. وتـــابـــع أبــــو دلــــو أن الـجـمـيـع له دور في تنمية عادة القراءة، وهذا يبدأ من الأســرة؛ لأن سلوك الفرد يكتسب من بيئته، فعندما ينشأ الطفل على الـقـراءة ويتم إشراكه فــي نـشـاطـات متعلقة بـهـا ينمّى لـــديـــه حـــب الــــقــــراءة وتــصــبــح من هواياته المفضلة، لأن الـقـراءة إذا لم تكن هواية فكل الوسائل التي سـتـحـثـه عـلـيـهـا لـــن تـــكـــون نـاجـحـة بالقدر المطلوب، إلا بحالاتٍ قليلة جدًا. وأكـــمـــل، أن الــمــدرســة لـهـا دور بـوضـع مـسـابـقـات تشجع الـــطلاب عـلـى الـــقـــراءة مـــن خلال الـحـوافـز والـجـوائـز لمن يـقـرأ مجموعة من الكتب، وأن المؤسسات الثقافية أيـــضًـــا لـهـا دور، وهــــذا كـلـه يسهم بـنـشـأة الـــفـــرد عـلـى عــــادة الـــقـــراءة دون الحاجة إلى عوامل تعزيز لأنها تصبح جزءًا من شخصيته وحياته ولا يستطيع أن يتخلى عنها. وزارة الثقافة وتشجيع القراءة وفــي السياق ذاتـــه، يـؤكـد مدير مــــديــــريــــة ثـــقـــافـــة مـــحـــافـــظـــة إربــــد عــاقــل الـــخـــوالـــدة وجــــود مجموعة مـن المؤسسات الـتـي تعمل في المجال الثقافي في حقل القراءة، وجـــــــزء مــــن مــهــمــتــهــا وأهــــدافــــهــــا هــي زيــــادة رغــبــة أفــــراد المجتمع بالقراءة، تحت عنوان العودة إلى الــكــتــاب دائـــمـــا، وهــــي مـؤسـسـات رسمية ومؤسسات شبه رسمية ومؤسسات خاصة. وأضافالخوالدةأنالمؤسسات الرسمية وعلى رأسها وزارة الثقافة ومـديـريـة ثقافة إربـــد، تعمل على نوعين من البرامج، جزء منها هو برنامج ترويجي للكتاب من خلال بيع الكتاب بأسعار رمزية، خاصة الــكــتــب الــتــي لــهــا رواج ومــخــزون مــوجــود فــي ذاكــــرة الـــقـــرّاء، ويـقـام سنويا في كل محافظات المملكة وبــرنــامــج مكتبة الأســــرة الأردنــيــة التي تطرحمنخمسين إلىستين عـنـوانًـا سنويًا مما يـهـيء الفرصة للأســـرة لتأسيس مكتبة بأسعار زهيدة جدًا. وأوضـــح أن مديرية ثقافة إربـد تقيم معارضًا لبيع الكتب بأسعار رمـــزيـــة فـــي الــــمــــدارسوالــمــراكــز الـشـبـابـيـة وفــــي الــجــامــعــات على مـسـتـوى الـمـمـلـكـة، فـــي مـحـاولـة للفت النظر إلى القراءة والكتاب، مع اختيار عناوينلها حضور وقيمة فــي مــجــالات مـتـعـددة، وتــابــع بـأن المديرية لها قسم خاص بالإهداء حيثيتم إهداء آلاف الكتبشهريًا إلـى أفــراد ومؤسسات ومثقفين، ممن يقدمونطلب اقتناء الكتاب، وعـــلـــى مــــــدار الــــعــــام يـــتـــم إهـــــداء عشرات الآلاف من الكتب وخاصة فـــي مـحـافـظـة إربـــــد، وهــــذا مـؤشـر واضح بوجود قرّاء وأفراد مهتمين بالقراءة. وأشار الخوالدة إلى إحدى أهم مــــبــــادرات الــــقــــراءة فـــي المملكة «مــبــادرة إربــد تـقـرأ»، والـتـي تقوم بـــتـــوفـــيـــر الـــكـــتـــب لـــلـــقـــراء خــاصــة للأطـفـال والـشـبـاب، حيث يتواجد أعــــضــــاء الــــمــــبــــادرة فــــي الـــمـــراكـــز الثقافية والــشــوارع والمجمعات ويتم التواصل بشكل إيجابي مع المجتمع والقراء مباشرة لتوفير الكتب ومناقشتها وإقناع الناس بها، وبأنها فرصة لتنمية الموهبة وتثقيف النفس، وأيضًا يوجد نادي الكتاب الذي يقيم حلقات شهرية لمناقشة الكتب. اختلاف نوعية القارىء والقراءة أمـا عن سبب عـزوف المجتمع عــن الـــقـــراءة، قـــال الــدكــتــور أحمد أبو دلو أن أحد أهم هذه الأسباب هي الـثـورة التكنولوجية ووسائل الــتــواصــل الاجــتــمــاعــي الـمـتـعـددة والمتطورة، التي أدت إلى إشغال الناسوسلبوقتهم، بالإضافة إلى الجوانب الاقتصادية والاجتماعية التي جعلت الناس يهتمون فقط بتوفير الموارد الأساسية للحياة، وأصبحوا ينظرون إلى القراءة على أنها مكملاتيوجدما هو أهممنها. في حين أكّد محمود الرجبي أن المجتمع الأردني لا يمكن أن يطلق عليه مجتمع قـــارئ أو غـيـر قــارئ بـسـبـب اخـــــتلاف نـوعـيـة الـــقـــراءة، فـــالـــقـــراءة الــورقــيــة لـهـا جـمـهـورهـا من الشباب وخاصة الإنـاث، بينما تقل النسبة عند الفئة الأكبر سنًا، موضحًا أن المجتمع الأردنـــي كله يــمــارس الـــقـــراءة الـرقـمـيـة ولـديـه إدمـــــــان عـــلـــى الإنــــتــــرنــــت بـحـسـب وصـفـه، لأن الــقــراءة مـن الإنترنت هيعملية تعرضللمعلومةسواء بــــقــــراءة الـــنـــصـــوص أو مــشــاهــدة الفيديوهات. وأضـــــــاف الـــرجـــبـــي أن الـبـعـض يــعــتــقــدون أن الــــقــــراءة فــقــط هي الــــقــــراءة الــتــقــلــيــديــة مـــن الـــــورق، بـيـنـمـا الـــوســـائـــط الــرقــمــيــة بـاتـت وسـيـلـة لـلـحـصـول عـلـى التثقيف والـــمـــعـــلـــومـــات، فـــهـــي سلاح ذو حدين، الأول أنها يمكن أن تشجع على الــقــراءة لأنـهـا تـقـدّم محتوى أقـــــــل تـــكـــلـــفـــة، جــــــــذاب ومـــــلـــــوّن، والإنـسـان يحب المحتوى الملون ويقبل عليه، غير أنـه يوفّر الكتب والمقالاتوالأبحاثوقاعدة بيانات كبيرة، والثاني على صعيد الجانب السلبي فهي تقدم الترفيه الذي يبعد الإنـسـان عـن الــقــراءة ويأخذ وقته. وفي السياق ذاتـه، أكد الرجبي أن مــا يبعد الإنـــســـان عــن التوجه لـــلـــقـــراءة هـــي طــريــقــة الـمـعـيـشـة، وكـــثـــرة وســـائـــل الـــتـــرفـــيـــه، وعـــدم توفر وقـتٍ كـافٍ للمطالعة، وعدم وجــود محتوى مناسب، بالإضافة إلـــــى غـــيـــاب ثـــقـــافـــة الـــــقـــــراءة مـن مجتمعنا وطـريـقـة الـتـدريـس في المدارس والمناهج القائمة على التلقين وليس التدريس الإبداعي الــذي يحتاج إلـى كتب، والـــذي قد يستطيع بـــدوره أن يـحـول الطفل إلـى مستهلك كبير للقراءة، على عكس التعليم التلقيني يقتل أي توجه من الطفل نحو القراءة. بينما يـرى عاطف الدرابسة أن الأردن ربما استعاض عن القراءة بالفعل التكنولوجي لـمـا لـهـا من عـوامـل جعلت الكثير مـن الناس يعزف عن القراءة الورقية والتوجه إلكترونيا ووجود التطبيقاتالتقنية بـــأســـعـــار بــســيــطــة جـــــدا أسـهـمـت فـي عــزف الـنـاسعـن الـكـتـاب مما جعلت الكتاب في أزمة لأن البديل في الثقافة التقنية متواجد في أي مكان وزمان والمجتمع الأردني هو قارئ نتوليسقارئ كتاب ورقي. وتابع الدرابسة «كل الإرهاصات تـــقـــول إن مـــا هـــو ورقـــــي ومــــا هو كتابي سيذهب والـفـعـل القرائي ســــيــــمــــارس مـــــن خلال الــــضــــوء (إلكتروني) الذي كسر فيه الزمان والـــــمـــــكـــــان»، مـــتـــابـــعـــا أن حــضــور القراءة الورقية بدأ يتضاءل وإلى زوال فقد اقترب انتهى عصرها لأن الـقـراءة الإلكترونية هـي الشائعة وكل إنسان قادر أن يقرأ إلكتروني حـــتـــى الأطـــــفـــــال بـــمـــجـــرد الــكــتــابــة بمحركات البحث. وأفــــــاد الـــدرابـــســـة أن الـــقـــراءة هي عملية كشف مما جعلت أي شــخــص يـمـتـلـك جـــهـــازا يستطيع أن يـــنـــفـــذ إلــــــى جـــمـــيـــع الـــمـــواقـــع والكشف عن المعلومات ويتصفح الصحف ومئات الآلاف من الكتب والـــمـــقـــالات والـــبـــحـــوث مــمــا تـوفـر الصورة والصوت واللون والحركة والــمــعــلــومــة والــتــنــقــل بــيــن عـالـم مـــن الـــمـــعـــارف الـفـنـيـة والـحـركـيـة والصوتية بسهولة ولا تحتاج إلى وسيط أو داعم وهذا مما غير من مفهوم القراءة. القراءة في زمن التقنيات وقال الشاعر والروائي والقاص علي النوباني إنه لا بد للشاعر من التفاعلمع الواقع المعرفيالجديد الذيفرضته تكنولوجيا المعلومات الرقمية، والانفتاح على التطورات التكنولوجية والأسـالـيـب الحديثة في تقديم المعرفة باختيار المتاح له، فيمكن له أن يستعمل وسائط الفيديو والصوت والصورة لتقديم شعره. ا إنــــه من وتـــابـــع الــنــوبــانــي قـــــائلً الـمـجـدي الــخــروج مـن أســر النظم ا الـشـفـوي الـــذي يستحضر أشـكـالً محنطة مــن الـــــكلام، لـيـخـرج نحو فضاءاتالناسوحاجاتهمباختلاف ا ومؤثرًا، ليضع مستوياتها متفاعلً الشعر في مكانه من الحياة، ولا بد له أن يبتكر أساليبًا ذكية لصناعة الـــعـــقـــل الـــنـــقـــدي وتـــحـــفـــيـــزه عـنـد الـنـاس، وهــو الـــذي يفجّر الأسئلة في أذهانهم ويدفعهم إلى البحث الواعي عن المعرفة. في المقابل يرى الدكتور أحمد أبــــو دلــــو أن الــــقــــراءة الإلـكـتـرونـيـة ليست الـقـراءة التي نريدها لأنها قـــراءة سطحية وبسيطة، وتكون رغـــــمًـــــا عـــــن الإنــــــســــــان، أي خلال تصفحه للمواقع، مع أنها ساهمت فـي سرعة الـوصـول إلــى المعارف وكـــم هــائــل مــن الـمـعـلـومـات مما جعل الإنسان يركضخلف القراءة ا بــشــكــل أفـــقـــي ولا يــعــطــيــه مـــجـــالً لـلـتـعـمـق والــــوقــــوف، مــوضــحًــا أن الـــقـــراءة الــتــي يـخـصـص لـهـا وقـت معين مـع تحديد محتوى الكتاب بات محصورًا في قلة من الناس، الذين ما زالوا متمسكين بالقراءة الــعــامــوديــة الـعـمـيـقـة، مـــؤكـــدًا أن وسائل التواصل سلاح ذو حدين وغالبًا الحد الأســـوأ هـو الــذي يؤثر على مجتمعنا. ومـــن جـهـة أخـــــرى، نــبّــه عـاطـف الــدرابــســة إلـــى مــشــكلات الثقافة ا في الـتـقـنـيـة بـأنـهـا أحـــدثـــت تـــحـــولً الـــبـــنـــاء الانـــفـــعـــالـــي للإنــــســــان فـي مــشــاعــره، حـيـث بـاتـت إلكترونية حـــتـــى نــتــجــت فـــجـــوة كـــبـــيـــرة بـيـن أفــراد المجتمع وتسببت بانعزال الفرد مع الجهاز، وكأنه هو البديل الموضوعي عن البشر، مما يسبب ا من أشكال الغربة داخله. شكلً فيما عبر الكاتب سليم الحسن عـــــن أســــفــــه وحـــــزنـــــه عـــلـــى أفــــــراد المجتمع لكثرة انشغالهم بحياتهم وبـعـدهـم كــل الـبـعـد عــن الــقــراءة، مـــــؤكـــــدًا أن الـــــقـــــراءة هــــي ثــقــافــة المجتمع وهويته، ترفع من شأنه وتعيد الناسإلى أيامٍ كانوا خاليين البال، بينما هم الآن مهزومين من الـــداخـــل بـحـسـب وصـــفـــه، وأكـمـل «من هزم من الداخل لا يستطيع أن يثبت نفسه في أي مكان». وأضــــــــــاف الــــحــــســــن أن أفـــــــراد هـــذا الـمـجـتـمـع لا يـهـتـمـون الـيـوم إلا بـمـا يبقيهم عـلـى قـيـد الـحـيـاة، وبمتطلبات الحياة المادية وليس المتطلبات الروحية، مؤكدًا «من يـشـاء أن يـكـون لـديـه فـكـر ووجـــود وإخاء وإحساس بالآخرين والقدرة على التكلم بلغة سليمة قواعدية ويـــطـــوّر مــن نـفـسـه يـجـب أن يقرأ لكي يستفيد ويعكس تجربته على مجتمعه». هل المجتمع الأردنيعازفعن القراءة أم تغير مفهوم القراءة لديه؟ ࣯ ي عيسى � ن � ي رموك - أسيل ب � صحافة ال تعبيرية
RkJQdWJsaXNoZXIy NTAwOTM=