صحافة اليرموك

٢٠٢٤ آب ٢٥ _ ١٤٤٦ صفر ٢١ األحد 5 سنابل تتنافس الشاشات والحسابات والـــمـــواقـــع الـمـخـتـلـفـة عــلــى طــرح مواضيع وقضايا ومحتويات لجذب انتباه القراء والمشاهدين، وهذا أدى بطريقة او بأخرى إلـى تراجع الـقـيـم واالخالقـــيـــات بــــاإلعالم على الشاشات الكبيرة والصغيرة. وتـتـزايـد الـمـخـاوف مـن أن هذه االتـجـاهـات قـد تـــؤدي إلــى تشكيل وعـــي جـمـاهـيـري سـطـحـي، يفضل المحتوى السهل والمباشر على الــتــفــكــيــر الـــنـــقـــدي والــمــنــاقــشــات العميقة، مّـــا أثـــار تــســاؤالت حـول طـــبـــيـــعـــة الــــــعالقــــــة بــــيــــن رغــــبــــات الـــمـــشـــاهـــديـــن واســـتـــراتـــيـــجـــيـــات اإلعالم، فهل يمثل هذا المحتوى الــهــابــط رغــبــة حقيقية للجمهور، أم أنـه مجرد استراتيجية إعالمية تــهــدف إلـــى تـحـقـيـق الـمـشـاهـدات والـــربـــح الـــســـريـــع؟ وهــــل أصـبـحـنـا أســــــــرى لـــلـــفـــضـــائـــح والـــتـــحـــديـــات الـسـخـيـفـة، بينما تـهـمـل القضايا المهمة والرسائل الهادفة؟ يــــرى الـصـحـفـي عــــدي الـصـافـي بــــأن الــمــضــمــون االعالم ال يمكن تعريفه في اي وسيلة إعالمية، إذ إن المخرجات والمحتويات التي تقدمها وتنشرها وسـائـل االعالم تـــخـــضـــع لـــمـــعـــايـــيـــر مــخــتــلــفــة مـن بلد أو مـن إقليم إلــى آخـــر، وهـذه الشروط والمعايير هي التي تحدد شكل المضمون اإلعالمــي، إضافة إلـــى األعـــــراف والـتـقـالـيـد واألحــكــام االخالقـــيـــة والــقــوانــيــن الــتــي تحكم هذه األوطان. وأوضـــــــــح «أن الــــعــــالــــم يـتـجـه إلـــى تـكـاثـر الـمـحـتـوى غـيـر المهني لألسـف، وطـرح المواضيع التافهة والــمــفــرغــة فـــكـــريـــا، الـــتـــي يمكنها التأثير عن طريق الفضول وجذب انتباه المتابع نحوها، رغـم إنها ال تقدم أي قيمة معرفية او علمية حـقـيـقـيـة عـلـى الـمـتـلـقـي بـالـدرجـة األولــــــى»، ومـــن هـنـا يــأتــي الـتـوجـه العالمي نحو هذه المضامين من قبل الجماهير. وتـــــأسّـــــف الـــصـــافـــي مــــن قــيــام بعض وسـائـل االعالم باالستجابة لــمــا يـطــلـبــه الــجــمــهــور مـــن خالل نــشــر مــضــامــيــن غــيــر إعالمــــيــــة أو مضامين غير مهنية التي ال تخضع لـشـروط وأحـكـام أخالقــيــة، مضيفا أنها ال تقدم المعلومة المناسبة وال تـقـدم الـفـائـدة للمتلقين وكل ذلك في سبيل الحصول على رضا الـجـمـاهـيـر بــالــدرجــة األولــــى وعلى عــــدد مـــشـــاهـــدات أكـــبـــر لـلـحـصـول على مـــردود مـالـي أعـلـى مـن هذه المشاهدات والمتابعات. وقال إن من أهم قواعد اإلعالم الــقــوي أنـــه هــو الـــذي يصنع الـــرأي الـــعـــام ويـــجـــذب الــجــمــاهــيــر إلــيــه، ولــيــس اإلعالم الــــذي يـتـبـع الـــرأي العام ويصنع ما جاء في هذا الرأي، واصفا بأن األمور في الوطن العربي بشكل عام في األردن بشكل خاص، غالبا تتبع وسائل اإلعالم الموجودة الرأي العام أو ما يجري من أحداث كـاسـتـجـابـة لـــه، وهــــذه االسـتـجـابـة ال تـصـنـع الـــــرأي الـــعـــام إذ ال يـوجـد أنظمة أو نظريات تؤطر عمل هذه المؤسسات وتحددها وتوجهها. وأشـــــار إلـــى الـسـبـب األبـــــرز في دخــــول هـــذه الـمـضـامـيـن الهابطة وغــــيــــر الـــمـــهـــنـــيـــة الــــتــــي ال تــمــت بــالــصــحــافــة واإلعالم بــصــلــة، هو الــمــال واإلعالنـــــــات، إذ إن وسـائـل االعالم اصــــبــــحــــت تــــبــــحــــث عــن الــــمــــشــــاهــــدات األعـــــلـــــى، كـــعالقـــة طريدة كلما تزايدت المشاهدات وحصلنا على متابعات أكثر زادت االمـــوال والمداخيل أكـثـر، مشيرا إلـى أنـه وبالرغم مـن أن اإلعالنـــات تـقـدم الـمـال للمؤسسات إال أنها قيدت العمل الصحفي واإلعالمـي في هذه المؤسسات، فالمحتوى الـمـعـلـن بـــالـــعـــادة غــيــر قــــادر على إبــراز جوانبه السلبية فذلك يفقد مصداقيته ويفقد مهنيته وتوازنه. وبــــيــــن الــــصــــافــــي أن ســيــاســة المؤسسة اإلعالمية هي التي تلعب الــــدور األبــــرز فــي نـشـر المضامين اإلعالمــــيــــة الـــمـــتـــوازنـــة والـمـهـنـيـة والـــهـــامـــة والـــتـــي تــهــم الـجـمـاهـيـر وتقدم لهم الفائدة المرجوة وتحقق الغايات الموضوعة، أو أن سياستها هي من تحدد نشر المحتوى غير الـــمـــفـــيـــد والــــمــــشــــيء الــمــســتــوى الفارغ «التافه» في بعض األحيان وهـــذا تـحـدده سياسة المؤسسة والقائمين عليها وغاياتها وأهدافها بــالــدرجــة األولــــــى، وإن كـــان هـدف الــــمــــؤســــســــة الـــــربـــــح فــــقــــط دون االلتفات ألي معايير أخرى فتكون بالضرورة المخرجات هابطة. وال يعتقد بأن هناك ارتباط وثيق بــيــن مــفــهــوم الـتـضـلـيـل االعالمــــي والمضمون الهابط، إذ إن مفهوم التضليل اإلعالمــــي يـصـف بشكل أكبر المؤسسة أو الجهة الراغبة بــنــشــر مــعــلــومــة مــغــلــوطــة وهـــي تــدرك أنها معلومة خاطئة بهدف تحقيق رســالــة أو غـايـة مـــا، بينما المضمون الهابط بالعادة ال يكون مـــقـــصـــودا بــــقــــدر الـــحـــصـــول عـلـى الـربـح أو الـحـصـول على االهتمام الجماهيري والمتابعات، لكن قد يحدث أن ينشر اإلعالمي مضمون هابط ولكن بطريقة غير مقصودة، أمـــا إن كــانــت الـطـريـقـة مـقـصـودة فهنا نتحدث عن التضليل االعالمي الـــمـــدروس والــــذي يـتـبـع لمعايير ونظريات اعالمية موضوعة ويتم الـعـمـل بـهـا بشكل واضـــح ووثـيـق من قبل الجهة التي ترغب تحقيق التضليل اإلعالمي. ويـعـتـقـد الـصـافـي بـــأن رغـــم كل الـصـعـوبـات والـعـقـبـات الـمـوجـودة حـــالـــيـــا أمـــــــام الـــراغـــبـــيـــن بــتــقــديــم مــحــتــوى إعالمـــــي مـهـنـي وثـقـافـي حقيقي أن من يريد السعي الدائم لتحقيق هـــذه الــغــايــة وإن طـالـت ستبرز بالنهاية الغث من السمين وسـتـبـرز الـمـحـتـوى الحقيقي من الــفــارغ، الــذي سيحاف على ذاتـه وسـيـبـقـى مسيطر عليه سيبقى موجودا ومحفوظا، بينما المحتوى «التافه» لن يكون له أثر الى لمدة وجيزة من انتشاره حتى وإن نال اهـتـمـام الــــرأي الــعــام والجماهير لكن لـن يستطيع المحافظة على مـركـزيـتـه وذاتــــه تـحـت األضــــواء أو في مكانه. وأوضـــح أن كـل مؤسسة تتبع أساليب تضليل إعالمية مختلفة نوعا ما قد تراها مناسبة لتحقيق أهـــدافـــهـــا وغـــايـــاتـــهـــا، وال يستبعد أو ينكر أن اسـتـخـدام المضامين الهابطة كوسيلة أو قناة يتم من خاللها تمرير التضليل اإلعالمي او المعلومة الخاطئة التي يــراد من خاللها تجييش الشارع لغرض ما أو تـشـويـه صــــورة مــا أو شخصية مـا، وكـل هـذه األساليب تستخدم الــمــحــتــوى الـــهـــابـــط كــوســيــلــة من وســـــائـــــل الـــتـــضـــلـــيـــل اإلعالمــــــــــي، مضيفا « شاهدنا ذلك في أزمات سـابـقـة بـيـن دول تنشر معلومة أو مـــضـــمـــون هـــابـــط عــــن الـــدولـــة األخرى بهدف ليس جذب اهتمام الجماهير لمتابعة هذا الغرض أو هــذا الـمـوضـوع إنـمـا الـهـدف يكون لتشويه صــورة تلك الـدولـة ونشر معلومات خاطئة عنها. وقال إن هذه األسباب ال تشكل مـــعـــيـــارا ثــابــتــا إذ فـــي الــكــثــيــر من المؤسسات تقوم بنشر مضامين «هـــابـــطـــة» بـــهـــدف تـلـبـيـة رغــبــات الجماهير من دون قصد. ومـن جانبه، قـال الصحفي في يومية الغد عبد الرحمن الخوالدة إن المؤسسات اإلعالمية الرصينة تـــخـــوض الــــيــــوم مـــعـــركـــة حـقـيـقـيـة مــن أجـــل الـمـحـافـظـة عـلـى مكانها ورصـــيـــدهـــا الــقــيــمــي فـــي الــفــضــاء اإلعالمــــــــــــي، وضـــــمـــــان اســـتـــدامـــة الـــمـــحـــتـــوى الـــمـــوضـــوعـــي والـــجـــاد الـــــــذي تـــقـــدمـــه، فــــي ظــــل تــنــامــي انـتـشـار وســائــل اإلعالم المبتذلة والشعبوية ذات المحتوى الرديء والسام. وأضــــــــاف أن وســــائــــل اإلعالم المبتذلة والقائمين عليها وجـدوا فــــي الـــفـــضـــاء اإللـــكـــتـــرونـــي ثـــغـــرة، للعودة بشكل جديد من الصحافة الــصــفــراء» الـتـي تمتهن االبــتــذال والسخف»، ضاربين قيم ومواثيق العمل الصحفي َواإلعالمي بعرض الحائط. وبـــــيـــــن الــــــخــــــوالــــــدة أن هــــذه الـمـؤسـسـات تمكنت بـمـا تقدمه مــــن مـــحـــتـــوى رديء قــــائــــم عـلـى مــــوضــــوعــــات مـــصـــبـــوغـــة بــــاإلثــــارة كالفضائح الجرمية والجنسية التي في غالبها ما تكون مختلقة، وتزوير حـــقـــائـــق األحــــــــداث وتــهــويــلــهــا مـن استقطاب المزيد من المتابعين. ولـفـت الـخـوالـدة إلــى أن تخلف كثير مــن الـمـؤسـسـات اإلعالمــيــة عن الركب وعدم مواكبتها للتقدم الـــتـــكـــنـــولـــوجـــي، ومــــــا فــــرضــــه مـن تحوالت جديدة وتمسكها بأدواتها التقليدية، أدى إلى ترك فراغ كبير فـي الـفـضـاء اإللـكـتـرونـي استغلته تـــلـــك «الــــمــــؤســــســــات اإلعالمــــيــــة الطارئة». وأشــــــــــــــــار إلـــــــــــى «أن بـــعـــض المؤسسات الصحفية ارتكبت إثما إعالمي عظيما، باستعانتها ببعض الــمــؤثــريــن عـبـر مـــواقـــع الـتـواصـل االجـــتـــمـــاعـــي، لــتــقــديــم مــحــتــواهــا واجتذاب المزيد المتابعين». ونـــوه الـخـوالـدة إلــى أن وسائل اإلعــــــ م الــتــقــلــيــديــة بـــاتـــت تــواجــه مشكلة انحسار المعلنين، الذين أصـــبـــحـــوا يــفــضــلــون اإلعـــــــ ن عـبـر الـمـواقـع والـمـنـصـات اإللكترونية الـــتـــي تـــعـــد مــنــخــفــضــة الــتــكــالــيــف وتحظى بعدد أكبر من المتابعين. وأعـــتـــبـــر أن هــــنــــاك حــــالــــة مـن انــــحــــدار ذائـــقـــة الــجــمــهــور ومـيـلـه بـــــصـــــورة كـــبـــيـــرة إلــــــى الـــمـــحـــتـــوى الترفيهي واالستعراضي، موضحا أن هناك ضعفا عربيا وخاصة أردنيا فـــي الــمــحــتــوى الـــجـــاد والـمـعـرفـي والثقافي. وحذر من تزايد حضور المنصات اإلعالمـــيـــة الـمـبـتـذلـة فــي الـسـاحـة األردنـــيـــة، والــتــي تـركـز عـلـى تـنـاول الـــقـــضـــايـــا الــســطــحــيــة بـــعـــيـــدة عـن اهــتــمــامــات الــمــواطــنــيــن وصـلـب وظيفة اإلعالم الحقيقية. من جهته، قـال الكاتب المهتم بــشــؤون الـمـنـظـومـة المجتمعية مـصـطـفـى صــوالــحــه إن الـمـحـتـوى الــهــابــط فـــي وســـائـــل اإلعالم يُــعـد أكثر من مجرد مادة مثيرة للجدل أو خـالـيـة مــن الـقـيـمـة؛ فـهـو يمثل ا في أولويات كل من منشئي تحو ًل المحتوى والمستهلكين. وأشــار إلـى أن انتشاره هو أحد أعـــــراض االتـــجـــاهـــات المجتمعية الـــتـــي تـعـطـي األولــــويــــة للمحتوى الذي من شأنه أن يُشبع رغباتهم، وفـضـولـهـم صـــوب أمــــر مـــا، بـعـيـدًا عـــن الــقــيــم الــمــضــافــة، والــخــطــاب المستنير، والفكر التأملي. وبين الصوالحة غالبًا مـا تكون البيئات التي ينتشر فيها المحتوى الـهـابـط هــي تـلـك الـتـي تـكـون فيها الــمــقــايــيــس األســـاســـيـــة لـلـنـجـاح مرتبطة بهامش الربح، أو الهروب مـن الــواقــع، واألخــيــرة غير مجدية من حيث المبررات. ويعتقد بأن المحتوى الهابط في جـوهـره، يعد نتاج مشهد إعالمـي تهيمن عليه الــخــوارزمــيــات، وهـو ا مـن وسـائـل اإلعالم يعكس تـحـوًل كـأداة للتنوير والخطاب العام إلى وسـائـل اإلعالم كوسيلة للترفيه وتعظيم األرباح. وقــال «إن النظر إلـى المحتوى الهابط باعتباره استجابة للطلب العام هو تجاهل للتفاعل المعقد بين القيم التي ال يجوز المساس بـهـا، والــدوافــع الـسـاذجـة مـن أجل معايير الجيل الجديد». وأشــــار إلـــى أن بـعـض الـجـهـات، وبـشـكـل خـــاص تـلـك الـتـي تعتمد عـــلـــى عــــائــــدات اإلعالنــــــــــات، لـديـهـا مــصــلــحــة راســــخــــة فــــي الـــتـــرويـــج للمحتوى الـذي يزيد من مشاركة المشاهدين. وأضـــــــاف ان نـــتـــاج ذلـــــك تــكــون حلقة مفرغة من القيمة المضافة، أي أن ظهوره يأتي باالعتماد على تـــفـــضـــيالت الـــجـــمـــهـــور الـمـنـتـمـيـة بشكل كبير للمحتوى الذي يسهم فـي تشكيل تـصـوراتـهـم المأمولة بـعـيـدًا عــن الـــواقـــع، وهـــو مــا يمكن تسميته باالنتحار الرقمي، فمع كل ما يحدث، يرغب الكثير بالحصول على جرعات كبيرة من المحتوى الــــــــذي ســـيـــبـــعـــدهـــم عـــــن الـــقـــلـــق، والتفكير المفرط، تجاه العديد من القضايا. وأوضـــــــــح الــــصــــوالــــحــــة الــــــى ان مفهوم «الطلب العام» أو «طلب الجمهور» في حد ذاته إشكالي. وقــــال إن دور منتجي وسـائـل اإلعالم يــتــمــثــل فــــي االســتــجــابــة لرغبات الجمهور وتوجيه انتباهه، والــتــوازن بين هذين الــدوريــن هو الـــمـــكـــان الـــــذي تـكـمـن فــيــه الــقــوة الحقيقية لوسائل اإلعالم، مشيرا إلى أن االستجابة لرغبات الجمهور فقط تعني المخاطرة بالقيم التي جُبِل عليها اإلعالم. من ناحية أخرى، أشار الصوالحة إلـــى انـــه إذا تـولـى منتجو وسـائـل اإلعالم دور توجيه انتباه الجمهور، فـــإنـــهـــم يـــمـــتـــلـــكـــون الـــــقـــــدرة عـلـى تشكيل القيم المجتمعية، والتأثير على الـــرأي الـعـام، وتحديد أجندة الـخـطـاب الــعــام، وهـــذه مسؤولية كــبــيــرة، ألنــهــا تــنــطــوي عــلــى اتــخــاذ خيارات حـول القصص التي يجب ســــردهــــا، واألصــــــــوات الـــتـــي يجب تضخيمها، والـقـضـايـا الــتــي يجب تسليط الضوء عليها. وبوجهة نظره يرى بأن السيناريو المثالي، هو سعي وسائل اإلعالم إلـــــى تــحــقــيــق الـــــتـــــوازن مــــن خالل االسـتـجـابـة لـرغـبـات الـجـمـهـور مع دفع حـدود الخطاب المؤثر والجاد والقيّم في الوقت ذاته. ويــــــعــــــوّل عــــلــــى الـــمـــؤســـســـات اإلعالمـيـة التي تتحمل مسؤولية خدمة المصلحة العامة، وخاصة فـــي الـمـجـتـمـعـات الـديـمـقـراطـيـة، إذ يشكل الـمـواطـنـون المطلعون أهــمــيــة أســـاســـيـــة لــعــمــل الــنــظــام السياسي، تشمل هذه المسؤولية توفير التغطية للقضايا المهمة، حــتــى عــنــدمــا ال تـــكـــون مـسـلـيـة أو مجدية تجاريًا. وأشــــــار الـــصـــوالـــحـــة إلــــى بعض الحاالت، التي قد تبرر المؤسسات اإلعالمـــيـــة تـركـيـزهـا عـلـى الـتـرفـيـه بـحـجـة أنــهــا – وبـبـسـاطـة - تعطي الجمهور ما يريده، ومع ذلك، فإن هـــذا األســــاس المنطقي يتجاهل الـــــدور الــــذي تـلـعـبـه الـمـؤسـسـات اإلعالمــــــيــــــة فــــي تــشــكــيــل الــــــذوق العام والخطاب، وإن التركيز على الـتـرفـيـه مـــع اسـتـبـعـاد الـمـحـتـوى األكثر أهمية، يخاطر بالمساهمة فــي نـشـر ثـقـافـة الــســذاجــة، حيث يحل االنــخــراط فـي األمـــور التافهة مـحـل الـنـظـر األعــمــق فــي القضايا الجوهرية. وأكــد أن الـعالقـة بين التضليل اإلعالمـــــي والـمـحـتـوى الـهـابـط هي عالقة مباشرة، فالمحتوى الهابط، بطبيعته، غالبًا ما يعطي األولوية لإلثـــــــارة والـــتـــأثـــيـــر الــعــاطــفــي على التأثير والعمق وهذا يجعله عرضة بشكل خاص للتضليل. وأضــــــــــاف إلـــــــى عــــصــــر وســــائــــل اإلعالم الرقمية، التي يمكن نشر الـمـعـلـومـات بـسـرعـة وعـلـى نطاق واسـع، فإن المخاطر عالية بشكل خاص فيمكن أن ينتشر التضليل بسرعة، وغالبًا ما يتجاوز الجهود الـــمـــبـــذولـــة لـتـصـحـيـحـه أو تـــجـــاوز تأثيره، مشيرا إلـى «أن المحتوى الهابط عندما يصبح هو القاعدة، فـــإن ذلـــك يعمل عـلـى إيــجــاد بيئة يمكن أن تزدهر فيها المعلومات الـــمـــضـــلـــلـــة، حـــيـــث يـــتـــم تـكـيـيـف الجماهير إلعـطـاء األولــويــة لإلثـــارة على المشاركة النقدية». وأوضـــــح الــصــوالــحــة مستقبل المحتوى اإلعالمــــي عـالـي الـجـودة أن هــنــاك اعـــتـــراف مـتـزايـد بقيمة الصحافة والمحتوى عالي الجودة، وخـاصـة فـي مواجهة المعلومات المضللة وتآكل الثقة في وسائل اإلعالم مـــــن جــــهــــة، ومـــــــن جــهــة أخـــرى فـتـح الـعـصـر الـرقـمـي آفـاقًــا جـــديـــدة لـــوصـــول الـمـحـتـوى عـالـي الجودة إلى الجماهير، وتستخدم المنظمات اإلعالمــيــة المستقلة، ومشاريع الصحافة غير الربحية، ومنشئو الـمـحـتـوى المتخصص، اإلنترنت لتجاوز البوابات التقليدية والتواصل مباشرة مع الجماهير التي تقدر الجوهر على اإلثارة. ونـــــوه إلــــى أن هــــذه الـمـنـصـات قـد ال تتمتع بنفس مــدى انتشار وســائــل اإلعالم الــســائــدة، ولكنها تــوفــر مـسـاحـة الزدهـــــار المحتوى عالي الجودة. وأشـار إلى الوعي المتزايد بين الــجــمــاهــيــر بــأهــمــيــة مــحــو األمــيــة اإلعالمية والمشاركة النقدية، ومع تــزايــد وعـــي الــنــاس بــالــطــرق التي يمكن بها لوسائل اإلعالم التالعب والـتـضـلـيـل، هــنــاك طـلـب مماثل على المحتوى الذي يثير الفضول الفكري، ويغذي دوافع اإلنسان في الحصول على محتوى قيّم ال يمس مبادئ العقل والمنطق. المضمون اإلعالمي الهابط.. هل هو هدف اإلعالم أم رغبة المشاهد؟ ࣯ ي رموك- دانة داود وبراءة عمايرة � صحافة ال رسم : دانة داود ࣯ ي رموك- رغد غرايبة � صحافة ال غـــــادرت ديــنــا الـــــ «بــــي بـــي ســــي» لـتـؤسّــس شـركـتـهـا اإلعالمـــيـــة الـنـاشـئـة «إيـــجـــاب» الـتـي تهدف إلى مساعدة طلبة الصحافة والصحفيين الـمـحـلـيـيـن فـــي إعـــــداد الــقــصــص الــتــي يمكن أن تــغــيّــر الـــســـرد الـــســـائـــد، مـــن خالل تغطية صحفية تركّز على الحلول، ومـن ثم تقديمها للمؤسسات اإلعالمـيـة الـرائـدة، مثل صحيفة الجارديان البريطانية وشبكة الجزيرة. تقول الصحفية ورائدة األعمال اإلعالمية دينا أبو غزالة إنها سمعت عن صحافة الحلول ألول مرة خالل جلسة في مبنى «بي بي سي» في ، حيث كانت تعمل آنــذاك، 2016 لندن عــام وشعرت حينها بحماس كبير ألنها كانت تشهد كيف توقف العديد من الناس حولها عن متابعة األخبار ألنها تصيبهم باإلحباط والقلق، وتبيّن أن التقارير التي تركز على الحلول أكثر من تلك التي تسلط الضوء على المشكالت، تسهم في تقليل مستوى القلق لـدى األفـــراد وتزيد من نشاطهم االجتماعي وتعزز انتماءهم للمجتمع. 2021-2020 وأوضــحــت أنـــه خالل فـتـرة قـامـت شبكة صـحـافـة الـحـلـول بـالـتـعـاون مع ،SmithGeiger شـركـة األبــحــاث اإلعالمـــيـــة بـــدراســـة تــأثــيــر صــحــافــة الـــحـــلـــول، وتــــم إجــــراء شخص يتابعون 600 مـقـابالت مـع أكثر مـن األخبار المحلية على قنوات تلفزيونية مختلفة لفهم كيفية تأثير نهج صحافة الحلول مقارنة بالتقارير التقليدية التي تركز على المشكالت، ووجــدت الـدراسـة أن القصص التي تركز على الـحـلـول تـثـيـر اهـتـمـام الـجـمـهـور بـشـكـل أكبر وتُعتبر أكثر أهمية مقارنة بالتقارير التقليدية. وأكـــــدت أبــــو غـــزالـــة أن الـــهـــدف لــيــس نفي األخبار التي تحدث في منطقتنا، بل إن التركيز على األخبار السلبية فقط يرسخ صورة ذهنية نمطية وسلبية عن هـذه المنطقة وشعوبها، عندما تكون األخبار السلبية هي الوحيدة التي تحظى باالهتمام اإلعالمي، فإن ذلك يعزز هذه الصورة السلبية ويجعلها تسيطر على األذهان. وتقول «لو كانت التغطية اإلعالمية ألخبار منطقتنا تشمل األنـــواع المختلفة للصحافة بـــاإلضـــافـــة إلــــى صــحــافــة الـــحـــلـــول، أعــتــقــد أنـهـا ستكون هناك فرصة لعرض صحافة جادة دون إصابة الناس باالكتئاب أو دفعهم لليأس من الحياة في مجتمعاتهم.» وتُشير أبـو غزالة إلـى أن رؤيتها لـ»إيجاب» هي أن تصبح منصة رائـدة في مجال صحافة الـحـلـول فــي الــشــرق األوســــط وأفــريــقــيــا، وأن تكون نموذجا يحتذى به في اإلعالم اإليجابي الــذي يركز على الحلول واالبـتـكـارات، وتطمح إلى توسيع شبكتهم من الصحفيين الشباب وتـقـديـم الـمـزيـد مــن الـقـصـص الملهمة التي تسهم في تغيير النظرة السائدة عن المنطقة، بهدف بناء مجتمع إعالمــي قـوي يعزز الحوار البنّاء ويساهم في تحسين حياة الناس. وتــابــعــت أن الـمـنـصـة تـــهـــدف إلــــى تمكين الصحفيين الشباب من خالل توفير التدريب والموارد الالزمة إلعداد قصص صحفية متميزة تــركــز عـلـى الــحــلــول، وتـقـديـمـهـا لــــورش عمل وبـرامـج تدريبية تساعد على تطوير مـهـارات الـشـبـاب فـي مـجـال صحافة الـحـلـول، وتعمل على توصيلهم بشبكات إعالمية كبرى لنشر أعمالهم. وفي ختام حديثها، أشارت أبو غزالة إلى أنه بإمكان أي صحفي يرغب في نشر قصة صحفية مدعمة بصحافة الحلول فـي صحف عالمية، إرسـال فكرته للمنصة عبر البريد اإللكتروني، كـمـا تــقــدم «إيـــجـــاب» بـيـئـة مـفـتـوحـة وتـرحـب بـاألفـكـار الـجـديـدة والمبتكرة مـن الصحفيين الشباب، وتسعى لدعمهم وتمكينهم من خالل تقديم الدعم والموارد الالزمة لتحويل أفكارهم إلى واقع. دينا أبوغزالة تنشىء منصة إيجاب لصحافة الحلول إلعالء أصوات الصحفيين الشباب ࣯ ي � ن � ي رموك- أمل املوم � صحافة ال فـــي ظـــل الـــتـــطـــور الــتــكــنــولــوجــي الـكـبـيـر، واالنــــتــــشــــار الــــواســــع لــمــنــصــات الـــتـــواصـــل االجــتــمــاعــي، أصــبــح الــتــســويــق اإللــكــتــرونــي حـاجـة ضــروريــة ومـلـحّــة، خـاصـة بعد ازديـــاد التنافس بين الشركات واألشخاص واألسر المنتجة. ويعد تصوير المنتجات أحد أنجح الوسائل المستخدمة لضمان وصـول الفكرة المراد تـوصـيـلـهـا لـلـجـمـهـور الــمــســتــهــدف؛ لـجـذب انتباههم وكسب ثقتهم وإقناعهم بالمنتج، وال يـقـل أهـمـيـة عــن األسـالـيـب التسويقية األخرى فهو أداة قوية يجب أن تُستخدم بذكاء وإبداع؛ لتعزيز التواصل البصري الفعّال مع الجمهور، وتحقيق التميز في السوق. فـــبـــفـــضـــل الـــــصـــــور االحــــتــــرافــــيــــة، يـمـكـن للشركات أن تروي قصص منتجاتها بأفضل طريقة ممكنة، وتجذب انتباه المستهلكين في عالم مليء بالمنافسة والتنوع. يقول المصور ليو حماتي إن أهم ما يميز تـصـويـر الـمـنـتـجـات هــو التخطيط المسبق والدقيق لتكوين الـصـورة، حيث يتم ترتيب السلع أو المنتجات بطريقة معقّدة تكون مـريـحـة لـلـعـيـن وبـنـفـس الـــوقـــت تـعـبّــر عن الفكرة المنشودة. وتــحــدث عــن أســاســيــات الـــصـــورة ناجحة للمنتجات، الـحـاجـة للصبر ألن أصـغـر خطأ في التكوين أو اإلضاءة من الممكن أن يضر بالفكرة األساسية للصورة، مؤكدًا على أهمية توفير أجواء مناسبة للصورة من درجة حرارة أو رطـوبـة أو ريـــاح وذلـــك لضمان عــدم تأثّر المنتجات. وأوضـح حماتي أن الدخول لعالم تصوير المنتجات ال يشترط توافر أحدث الكاميرات لكن اإلضاءة والتكوين هما من يلعبان الدور األكبر في نجاح الصورة، مضيفًا أنه يفضل وجــــود خـلـفـيـات وإكـــســـســـوارات تـصـويـريـة تـتـنـاسـب مـــع الـــهـــدف مـــن الـــصـــورة وإلبــــراز المنتج بشكل أفضل. وفي ذات السياق، قالت المصورة لما بكر إن التصوير الجيد للمنتجات يجعل التسوق واختيار المنتجات ممتع لدى العميل خاصة على صفحات مـواقـع الـتـواصـل اإلجتماعي المنتشرة بشكل كبير. وبيّنت أهمية هذا النوع من التصوير كونه يحدد الهوية العامة للمنتج ألن االنطباع األول عن الشركة أو المنتج غالبًا يكون من خالل هذه الصور باإلضافة إلى الشعارات والصور التوضيحية. ومن جانب آخر، قالت دعاء خالد، صاحبة مشروع منزلي متخصص بصناعة الشموع، إن الـصـور االحـتـرافـيـة لمنتجاتها زادت من مبيعاتها بشكل كبير، باإلضافة إلـى زيـادة انتشار صفحاتها على مواقع التواصل، ونتج عن ذلك زيادة ثقة العمالء بمنتجاتها. وأكّـــــدت ضــــرورة اخــتــيــار مــصــور مختص بتصوير المنتجات، لتجنب إعــادة التصوير وذلـــك بسبب أن الــصــور االحـتـرافـيـة تقلل مــن الـحـاجـة إلعــــادة الـتـصـويـر أو الـتـعـديالت المتكررة، مما يقلل من التكاليف اإلجمالية. وشددت خالد على ضرورة االستفادة من خـبـرة الـمـصـور ألن الـمـصـوريـن المختصين أكـثـر درايــــة بــأحــدث االتــجــاهــات فــي تصوير الـــمـــنـــتـــجـــات، ويـــمـــكـــنـــهـــم تـــقـــديـــم نــصــائــح واستشارات لتحسين الصور. التصوير أحد أهم األساليب.. قوة تسويقية متزايدة في عصر وسائل التواصل االجتماعي

RkJQdWJsaXNoZXIy NTAwOTM=