صحافة اليرموك

٢٠٢٤ تشرين الثاني ١٠ _ ١٤٤٦ جماد أول ٨ األحد على الـرغـم مـن التصريحات الرسمية التي تــدعــو إلـــى تـبـنـي سـيـاسـة الـخـصـخـصـة كحلول لألزمات االقتصادية وتحسين كفاءة الخدمات، إال أن الـــشـــكـــوك والـــشـــائـــعـــات حــــول جـــدواهـــا ومخاطرها بـدأت تتزايد، في هـذا السياق، يثار الــتــســاؤل حـــول مــا إذا كــانــت الخصخصة حقًا ا أم أنها مجرد وسيلة لتمرير صفقات ا فعاًل ح ًل مشبوهة تغذي الفساد. مــــن االنــــتــــقــــادات الـــتـــي وُجــــهــــت إلـــــى هـــذه السياسات، أنها تضعف دور الدولة في تقديم الخدمات األساسية، وهو ما يثير القلق بشأن التأثيرات االجتماعية لهذه السياسات، خصوصًا في الــدول التي تعاني من مشاكل اقتصادية، وبينما يُزعم أن الخصخصة «تعزز من الكفاءة»، تبرز المخاوف من أن هذا التحول قد يؤدي إلى رفع تكاليف هذه الخدمات على المواطنين، ما يثقل كاهل الفئات األقل دخ ًل ا . وبينما يــرى البعض أنـهـا تمثل خـطـوة نحو التحديث االقتصادي، يعتقد آخــرون أنها تفتح الـبـاب على مصراعيه لشبكات فساد معقدة، مستغلة ضعف الـرقـابـة والـتـشـريـعـات.. تظل الخصخصة مـوضـوعًــا جدليًا يحتاج إلــى نقاش معمق، يتجاوز الـمـجـامالت الرسمية، لتقييم مــدى قدرتها على تحسين الـوضـع االقتصادي بشكل حقيقي ومستدام. وفي محاولتنا للتعمق في الموضوع، واجهنا تلميحات واضحة من بعض المصادر المعنيّة بأنها مسألة قـد «انـتـهـى الـحـديـث عـنـهـا»، في الــوقــت الــــذي تُــطــرح فـيـه قـضـايـا أخــــرى «أكـثـر أولوية»، متجاهلين الموضوع برمّته. بين اإلطار التنظيمي وحماية الحقوق قــــال الــقــانــونــي صــخــر الــخــصــاونــة إن األطـــر الــقــانــونــيــة الـــتـــي تــحــكــم عــمــل الـــشـــركـــات بعد الخصخصة تعتمد أساسًا على قانون الشركات، وقانون تأسيس الشركات، إذ يُعاد تنظيم هذه الـشـركـات كمؤسسات مساهمة عـامـة تُطرح أسهمها فــي الــســوق، مـشـيـرًا إلـــى أن الـقـانـون يشكل المظلة الرئيسية في ضبط العالقة بين الشركة والمرخص لـه، ســواء من خالل قانون الشركات أو قانون الخصخصة. وأوضـح أن البنود القانونية بعد الخصخصة تركّز على التزامات الشركات تُجاه أداء الضرائب، وتحديد نسب األربـــاح وتوزيعها، وآلـيـات إدارة الشركة، مبيّنًا أن مبدأي الشفافية واإلفصاح يشكالن ركيزة أساسية في هذه القوانين، إلى جـانـب مـبـدأ الحوكمة، الـــذي يُــعـد مــحــورًا هامًا لضمان اإلدارة السليمة للشركات الخصخصة. وفيما يتعلق بـــدور الـجـهـات الحكومية في الرقابة، أشار الخصاونة إلى أن الجهات الرقابية المختلفة، كــــوزارة الـصـنـاعـة والــتــجــارة ودائـــرة ضـريـبـة الــدخــل والـمـبـيـعـات ودائــــرة الـجـمـارك، تضطلع بـــدور متكامل فــي متابعة الـشـركـات ضمن اختصاصاتها، كما تشمل الرقابة متابعة أداء مجالس اإلدارة والــقــرارات الـصـادرة عنها، لضمان االمتثال الكامل لألنظمة المعمول بها. وأضــــاف الـخـصـاونـة أن اخـتـصـاص المتابعة الرقابية يختلف حسب قطاع الشركة، فالشركات العاملة في قطاع الطاقة والشركات المرتبطة بـالـنـفـط مـــــثالً، تـخـضـع إلشـــــراف وزارة الـطـاقـة، والـشـركـات التي تعمل فـي قطاع النقل، مثل السكك الحديدية، تخضع لمتابعة وزارة النقل، موضحًا أن اإلطار القانوني األساسي الذي ينظم أعمال هذه الشركات هو قانون الشركات، تحت إشـراف وزارة الصناعة والتجارة ودائـرة مراقبة الشركات. وأوضــــــح الـــقـــانـــونـــي مــحــمــود قــطــيــشــات أن االتفاقيات التي تعقدها الحكومة مع الشركات الـــخـــاصـــة بــعــد الـخـصـخـصـة تـخـضـع لـمـنـظـومـة قانونية متكاملة تضمن تماشيها مع مصالح الــدولــة والـمـواطـنـيـن، تشمل هــذه المنظومة مجموعة من القوانين، منها القوانين الوطنية الـخـاصـة بالخصخصة واالسـتـثـمـار، الـتـي تُعنى بتنظيم نـقـل الملكية مــن الـقـطـاع الــعــام إلـى الــقــطــاع الـــخـــاص وتــحــديــد الـــشـــروط الـمـلـزمـة للطرفين بعد الخصخصة، وتضع هذه القوانين معايير الحوكمة المطلوبة لتنظيم العالقة بين األطراف المختلفة. وأشـــــار قـطـيـشـات إلــــى أن قــوانــيــن الـعـقـود المدنية والتجارية تعد من الركائز األساسية في هذه االتفاقيات، إذ تضبط المبادئ العامة التي تحكم التزامات األطراف، مع تحديد مسؤولياتها فـــي حـــــاالت اإلخالل بــالــعــقــود، وتـــأتـــي قـوانـيـن المنافسة ومـنـع االحـتـكـار كــإطــار يضمن بيئة تنافسية عادلة. وأضــاف أن االتفاقيات التعاقدية المباشرة بين الحكومة والشركة الخاصة تتضمن تفاصيل دقيقة حول التزامات كل طرف، تشمل أهداف الـــشـــراكـــة وصالحــــيــــات الـــشـــركـــة والــضــمــانــات المقدمة وشروط إنهاء العقد، وتختلف القوانين الـقـطـاعـيـة حـسـب طبيعة الــقــطــاع، كـالـنـقـل أو الطاقة. وتـــابـــع قـطـيـشـات تـتـضـمـن األطــــر الـقـانـونـيـة اتفاقيات بيئية وصحية تفرض على الشركات الـخـاصـة االلـــتـــزام بـالـمـعـايـيـر الـبـيـئـيـة وسالمـــة الـعـامـلـيـن والـجـمـهـور، وذلـــك لتجنب أي ضـرر قـد يترتب عـن نشاطاتها، وتستعين الحكومة بآليات التحكيم وتسوية النزاعات، إذ تتضمن االتفاقيات نصوصًا واضـحـة تحدد وسـائـل حل النزاعات، سواء عبر القضاء المحلي أو التحكيم الدولي، بما يضمن حقوق جميع األطراف. وأشار إلى أهمية قوانين الرقابة والشفافية التي تُلزم الشركات بتقديم تقارير دورية توضح أداءها المالي واإلداري، مّا يعزز الرقابة الحكومية ويحقق مستويات أعلى من الشفافية. وشـدد قطيشات على ضــرورة تضمين بنود أساسية في اتفاقيات الخصخصة لضمان حماية حقوق الدولة والجمهور، ومن أبرز هذه البنود، معايير الخدمة والجودة، التي تحدد مستويات الخدمة التي يجب أن تلتزم بها الشركة، إضافة ) لقياس جودة KPIs إلى مؤشرات أداء رئيسية ( الخدمات المقدمة، وتتناول االتفاقيات تنظيم األســعــار والتعريفات لضمان عـدالـة التسعير ومـنـع تحميل المستهلكين أعـبـاء مالية غير مبررة. وأوضــــــح أهــمــيــة تـضـمـيـن الـــبـــنـــود الــخــاصــة بحماية حـقـوق الموظفين، مـن خالل الحفاظ على وظائفهم وتوفير برامج تدريبية، إضافة إلى منحهم حقوقهم المالية وتأمين األمان الوظيفي لهم، وتتضمن االتفاقيات بنودًا تُلزم الشركات بــاالســتــثــمــار فـــي الـبـنـيـة الـتـحـتـيـة، خـــاصـــة في القطاعات الحيوية كالكهرباء والمياه، لضمان استدامة الخدمة وتحسينها. وقــال قطيشات إن هيئات الرقابة المالية، مثل هيئة السوق المالية، تساهم في التأكد من التزام الشركات بمعايير الشفافية المالية، وبدورها، تعمل وزارة التجارة على حماية حقوق المستهلكين من خالل متابعة الشكاوى وضمان التزام الشركات بالمعايير المتفق عليها. وأشار إلى آليات متعددة تضمن تنسيقًا فعا ًل ا بين الجهات الحكومية المختلفة لضمان رقابة شاملة وفعالة على الشركات بعد الخصخصة، تتضمن هــذه اآللــيــات تشكيل لـجـان مشتركة تجمع ممثلين من الجهات الرقابية والتنظيمية كـافـة، مثل الهيئات القطاعية ووزارة التجارة وهــيــئــات الـــرقـــابـــة الــمــالــيــة، مــمــا يـتـيـح تــبــادل المعلومات واتـخـاذ قـــرارات مشتركة لمعالجة أي تجاوزات. ونـصـح قطيشات بإيجاد نظام رقـابـي موحد يسمح بجمع الـبـيـانـات مــن مختلف الجهات المعنية، مـا يسهم فـي مراقبة أداء الشركات بــشــكــل مــســتــمــر وفــــعــــال، وعـــقـــد اجــتــمــاعــات تنسيقية دورية لمراجعة تقارير األداء وتحديد أي ثغرات رقابية، إلى جانب منصات التواصل مع الجمهور التي تتيح تقديم الشكاوى وتزيد من مستوى الشفافية. تحفيز النمو أم تحميل األعباء؟ قــــال االقـــتـــصـــادي فــائــق حــجــازيــن إن مـسـار الخصخصة في األردن شهد تنوعًا في األساليب، إذ نُفّذ عـدة نماذج تهدف إلـى تطوير القطاعات المختلفة، وتحقيق االستفادة االقتصادية. وأوضــــــح حـــجـــازيـــن أن الــنــهــج األول اعـتـمـد التخلي الكامل عن الملكية، كما حدث في قطاع االتصاالت السلكية والالسلكية، حيث أصبحت مملوكة بالكامل للقطاع الخاص في منتصف التسعينيات. وأشـــــــار إلـــــى نــــمــــوذج آخـــــر تــضــمــن احــتــفــاظ الحكومة بجزء من رأس الـمـال، تحت مسمى «الــســهــم الـــذهـــبـــي»، كــمــا حــــدث فـــي شـركـتـي الفوسفات والبوتاس، إذ إن الحكومة احتفظت % من األسهم، مّــا أتـاح لها دورًا في 27 بنسبة تعيين مجلس اإلدارة ومراقبة األداء التنفيذي، والـذي ساعد على ضمان التوازن بين الملكية الخاصة واإلشراف الحكومي. وأضـــاف أن نـمـوذج البناء والتشغيل ونقل » كـــــان مــــن أبــــــرز تـــجـــارب B.O.T الــمــلــكــيــة « الخصخصة، حيث نفذ في مشروع مطار الملكة علياء الدولي، مشيرًا إلى أن هذه االتفاقية مكنت %54 الحكومة من الحصول على عوائد نسبتها من دخل المطار، مع ضمان استعادة الملكية عامًا. 25 بعد ويـــرى حـجـازيـن أن الخصخصة تـسـاهـم في تحفيز الـقـطـاعـات، وتحسين جـــودة الـخـدمـات، وزيادة العائدات الحكومية، مبيّنًا أن الشركات الـــتـــي خــضــعــت لـلـخـصـخـصـة تــتــبــع الــســيــاســة االقـتـصـاديـة األردنـــيـــة بــدقــة، وتــســدد الـضـرائـب والرسوم وفقًا للقوانين. وأعـــــرب عـــن أســفــه لــعــدم اســتــخــدام عـوائـد الخصخصة لتأسيس «صندوق األجيال» والذي مليار دينار، إذ إنه كان ٢٬٤ تحصل فيه ما قيمته من المفترض استثمار هذه األموال فيه لتطوير مـشـاريـع استثمارية مستقبلية، مـوضـحًــا أنه تـم توجيه جــزء مـن عـوائـد الخصخصة فـي عام ا من لـسـداد ديــون «نـــادي بـاريـس» بــد ًل 2006 استثمارها. ولفت حجازين إلى أهمية وجود إطار قانوني لالتفاقيات، يضمن حقوق الدولة األردنية، مشيرًا إلـــى أن الـجـهـات الـرقـابـيـة الـحـكـومـيـة، كالبنك الــمــركــزي، تلعب دورًا هــامًــا فــي متابعة هـذه االتفاقيات والسياسات النقدية واالقتصادية، بما يضمن تحقيق النمو واالستقرار االقتصادي المطلوب. وقال الخبير االقتصادي الدكتور نوح الشياب إن السياسات االقتصادية العالمية التي بدأت بالظهور في أوائــل تسعينيات القرن الماضي، إلى جانب توصيات البنك الدولي، كانت تدعو إلـــى تقليص تـدخـل الــدولــة فــي إدارة الــمــوارد واألعمال. وأوضـــح أن هــذه الــدعــوات جــاءت كجزء من الممارسات الفضلى في إدارة االقتصاد، والتي ركـزت على ضــرورة الخصخصة وتـرك الشركات الـمـمـلـوكـة لـلـدولـة بـيـد الـقـطـاع الــخــاص، إذ إن القطاع الخاص يعتبر األكثر كفاءة وقـدرة على إدارة الشركات بشكل فاعل. وأشـار الشياب إلى أن الدولة األردنية، مثل غيرها من الــدول النامية، اتبعت هـذا التوجه، خـــاصـــة وأنـــهـــا كـــانـــت قـــد أنـــشـــأت الـــعـــديـــد من الشركات الكبرى واستقلت فيه بخمسينيات القرن الماضي. وتابع أن «هذه المشاريع نشأت ألن الدولة هـــي الـــوحـــيـــدة الـــتـــي كـــانـــت قــــــادرة عــلــى بـنـاء المشاريع الكبرى في تلك الفترة، فتم إنشاء شركات مثل الفوسفات، والبوتاس، واإلسمنت، واالتصاالت». وأضـــــــاف الـــشـــيـــاب أنـــــه مــــع تــغــيــر األوضــــــاع االقـتـصـاديـة عـلـى مـسـتـوى الــعــالــم، أصـبـح من األفضل ترك إدارة هذه الشركات للقطاع الخاص لتحقيق الكفاءة االقتصادية المثلى. وأوضـــح أن مفهوم االقتصاد العالمي يؤكد عــلــى أن الــمــنــافــســة هـــي الـــعـــامـــل األســـاســـي لتحقيق النتائج األفضل وتوجيه الموارد بشكل كفؤ، ولهذا السبب، ال يُفضل تدخل الدولة في االقتصاد، حيث يجب أن يكون دورها رقابيًا فقط، بينما يُــتـرك للقطاع الـخـاص قـيـادة النشاطات االقتصادية لتحقيق النتائج المرجوة. ولفت الشياب إلى أن الدولة األردنية بدأت في ، إذ 1993-1992 عملية الخصخصة منذ عام تمت خصخصة العديد من الشركات الحكومية الكبرى كاالتصاالت األردنية، وشركة اإلسمنت، ومـــطـــار الـمـلـكـة عـلـيـاء الـــدولـــي، والــفــوســفــات، والبوتاس، وغيرها. وتابع أن «األردن بات ال يمتلك أي شركة كبرى، باستثناء شركة البريد األردني وشركة الكهرباء الوطنية»، مشيرًا إلى أن هاتين الشركتين ضمن القطاع العام، أما باقي القطاعات فتم تحويلها إلى القطاع الخاص. ورغم ذلك، يملك الضمان االجتماعي وبعض الـــجـــهـــات الــحــكــومــيــة أســـهـــمًـــا فـــي بــعــض هــذه الشركات الكبرى مثل الفوسفات والبوتاس، إذ % من الفوسفات، 27-26 يمتلك الضمان نسبة % من شركة االتصاالت األردنية «اورنـج»، 29 و للجيش أيضًا من شركة االتصاالت. ؜٪٣٫٥ و وقال الشياب إن الخصخصة كانت ضرورية، ألن القطاع الخاص يتمتع بقدرة أعلى على إدارة الموارد البشرية والمادية بشكل كفؤ، مّا يؤدي إلــى زيـــادة اإلنـتـاجـيـة والـربـحـيـة، مـؤكـدا أن هذا ينعكس إيجابيًا على االقتصاد الوطني ويخفف العبء على ميزانية الدولة. وتابع أنه «إذا كانت الشركات تخسر وهي تحت إدارة الحكومة، تتحمل الدولة عبء تمويلها من خالل الموازنة، أما إذا كانت الشركات مملوكة للقطاع الخاص وتحقق ربحًا، ستستفيد الدولة من هذه األرباح عن طريق الضرائب المفروضة، مّا يعني تحقيق دخل إضافي للدولة». وفــيــمــا يــخــص تـنـفـيـذ عـمـلـيـة الـخـصـخـصـة، أوضح الشياب أن الحكومة استعانت بشركات استشارية لتقييم أصـول الشركات المطروحة للخصخصة، وتم بيع هذه األصول لمستثمرين محليين ودوليين. وأضــاف أنـه على الرغم من زعـم البعض أنه تم بيع بعض األصــول بأسعار أقـل من قيمتها الحقيقية أو أن هــنــاك شـبـهـات فــســاد، إال أن الخصخصة كـانـت قــــرارًا ضــروريًــا وإيـجـابـيًــا في وقته، مشيرا إلـى أن األردن يلمس نتائج هذا الــقــرار الــيــوم مــن خالل اسـتـمـراريـة الـشـركـات الكبرى مثل البوتاس والفوسفات واالتصاالت، والــتــي مــا زالـــت تـسـاهـم فــي االقـتـصـاد األردنـــي وتوفر فرص عمل للعديد من األفــراد، دون أن تتحمل الدولة أية أعباء. ولفت الشياب إلى أن عملية الخصخصة أدت إلى انتقال ملكية هذه الشركات للقطاع الخاص، وأصـبـحـت تخضع لقوانين وأنـظـمـة القطاعات التي تعمل بها. وبــيّــن أن الـحـكـومـة تــقــدم سـيـاسـات مالية لـتـحـفـيـز الـــقـــطـــاعـــات االقـــتـــصـــاديـــة الـمـخـتـلـفـة كالصناعة والزراعة، من خالل إعفاءات ضريبية وتخفيضات مـالـيـة، بـهـدف تشجيع االستثمار وزيادة اإلنتاجية في هذه القطاعات. وأكـد الشياب دعمه للخصخصة على الرغم مـــن الــلــغــط الـــــذي صـــاحـــب مـسـيـرتـهـا وبـعـض االتهامات، إذ إنه وصفها بـ «شر ال بد منه». ويــــرى أن الــقــطــاع الـــخـــاص هـــو األقـــــدر على إدارة هـذه الشركات وتحقيق الكفاءة واألربــاح الـمـسـتـدامـة، عـلـى عـكـس الـقـطـاع الــعــام الــذي يــعــانــي مـــن غـــيـــاب الــمــســؤولــيــة والــمــســاءلــة والفعالية، مضيفًا أن الخصخصة تضمن تحقيق مؤشرات أداء دقيقة للشركات، وتخفف العبء عن الدولة، وتعزز األداء االقتصادي بشكل كبير مقارنة بإدارتها من قبل القطاع العام. مـــن جــانــبــه، قـــال الـخـبـيـر االقـــتـــصـــادي منير دية إن تحفيز االقتصاد األردنـي يتطلب التركيز على القطاعات الرئيسية كالتجارة، والخدمات، والصناعة، والسياحة، والنقل، لتعزيز معدالت النمو االقـتـصـادي، مـوضـحًــا أن مـعـدالت النمو %، تعد 2.5 % و 2 الـحـالـيـة، الـتـي تــتــراوح بـيـن منخفضة نسبيًا مقارنة ببقية الــدول العربية، وال تلبي طموحات خفض البطالة وتوفير فرص العمل. وأشـــار ديــة إلــى أهمية جــذب االسـتـثـمـارات األجــنــبــيــة، إذ إن تــدفــقــات هـــذه االســتــثــمــارات أســـاس ضـــروري لتحقيق مـعـدالت نمو أعلى، مـــشـــددًا عــلــى ضـــــرورة تـسـهـيـل عــمــل الـقـطـاع الـخـاص عبر إزالـــة المعيقات وتقديم الحوافز، مع استقرار القوانين والتشريعات لدعم البيئة االستثمارية في األردن. ولـــفـــت إلــــى أهــمــيــة حــمــايــة الـمـسـتـثـمـريـن الـــمـــحـــلـــيـــيـــن واألجــــــانــــــب لـــضـــمـــان اســـتـــدامـــة استثماراتهم وتطوير مشاريعهم داخل األردن، مــوضــحًــا أن هــــذه الــحــمــايــة تـسـهـم فـــي تـوفـيـر العملة الصعبة وتعزيز الترابط بين القطاعات االقتصادية المختلفة، مّا ينعكس إيجابيًا على النمو االقتصادي. وفيما يتعلق بالسياسة النقدية، أوضح دية أن ربـط الدينار األردنــي بـالـدوالر األمريكي يربط مـعـدالت الـفـائـدة المحلية بــقــرارات الفيدرالي األمريكي، مّا يعني أن رفع الفائدة على الدوالر ينعكس على أسعار الفائدة في األردن أيضًا. ويـــرى أن الخصخصة قـد تـكـون حال لتقليل األعــبــاء المالية إذا عـجـزت الحكومة عـن إدارة بعض القطاعات بكفاءة، مضيفًا أن الخصخصة يمكن أن تسهم في تحسين األداء االقتصادي، كما حدث في ميناء العقبة ومطار الملكة علياء، شـريـطـة أن تـكـون االتـفـاقـيـات مـــدروســـة بدقة لحماية حقوق الـدولـة األردنــيــة وتحقيق عوائد مجزية. وقــال ديـة إن نظام البناء والتشغيل ونقل » أصبح نهجًا معتمدًا عالميًا B.O.T الملكية « لتنفيذ المشاريع الكبرى، مؤكدًا أن هذا النموذج يعزز البنية التحتية ويجلب استثمارات حيوية تساهم فـي تحسين الـخـدمـات وتـوفـيـر فرص العمل، خاصة في ظل محدودية ميزانية الدولة. البرلمان والخصخصة.. سلطة رقابية أم غياب للمحاسبة؟ دعا النائب إبراهيم الحميدي إلى تفعيل دور اللجان النيابية في مراجعة ملفات الخصخصة، مشيرًا إلى أن الخصخصة محكومة بقانون صادر عـن مجلس الـنـواب، الفتا إلـى أن هـذا القانون يمكن فتحه وإعادة مراجعته في أي وقت. وأكد الحميدي أن مجلس النواب له صالحية إعادة النظر في الملفات المرتبطة بالخصخصة، بهدف تقييم نتائجها وجدواها. وأوضـــــــــح الـــحـــمـــيـــدي أن لـــجـــنـــة االقـــتـــصـــاد واالسـتـثـمـار تعد مـن أبـــرز الـلـجـان القريبة من هذا الملف، نظرًا لطبيعة اختصاصها ومهامها المتعلقة باالقتصاد. وأشـار إلى وجـود آليات متبعة في البرلمان تلزم الحكومة بتقديم تقارير دوريـــة كـل ثالثـة إلى ستة أشهر حول الحالة االقتصادية والمالية والــمــوازنــة، لتكون اللجان النيابية على اطالع مستمر بالتطورات. وفيما يتعلق بأولويات فتح الملفات، أشار الـحـمـيـدي إلـــى أن الـقـضـايـا الــتــي يـتـم الـتـطـرق إليها عادة تكون تلك التي تثير اهتمام الشارع وتتصدر اإلعالم، خاصة إذا كانت هناك مشاكل أو أزمات مرتبطة بوجود الخصخصة، مضيفًا أن هذه القضايا غالبًا ما تكون على رأس أولويات النقاش والمتابعة من قبل اللجان النيابية. فيما أشارت النائب هدى عتوم إلى غياب «أي تقييم» لقضايا الخصخصة، سواء على مستوى البرلمان أو مجلس النواب في الفترات السابقة. وتـسـاءلـت الـعـتـوم عـن جـــدوى الخصخصة، مـــؤكـــدة ضــــــرورة الــنــظــر فـــي مــبــرراتــهــا وأثـــرهـــا االقــتــصــادي واالجـتـمـاعـي، والـتـأكـد مــن سالمــة اإلجراءات المتبعة وقت تنفيذها. ولفتت إلى ضرورة أن تتولى اللجان المسؤولة هـذا الملف، مثل اللجنة القانونية، والمالية، واإلدارية، نظرًا لتعدد الجوانب القانونية والمالية واإلداريـــــة المرتبطة بالخصخصة، مـعـربـة عن قلقها حيال قيمة الشركات التي بيعت بقيمة مليار دوالر مع وعود باستثمارات حكومية 1.7 مليارات دوالر خالل 10 مستقبلية تصل إلـى عقد من الزمن، «وهو ما لم يتحقق». واقترحت العتوم عقد مناقشة عامة تضم جميع أعضاء مجلس النواب، ثم دمج عدة لجان، لـبـحـث الــمــوضــوع بـعـمـق ألهـمـيـتـه وخــطــورتــه، السيما وأن االقتصاد األردنـي ال يزال يعاني من ضـغـوط مـتـزايـدة، إذ إن الحكومة تعتمد على «جـــيـــوب الــمــواطــنــيــن» والـــمـــصـــادر الـضـريـبـيـة لتمويل نفقاتها، في حين من المفترض أن يكون للدولة استثمارات توفر لها عوائد كافية. وبالنسبة لآلليات التي تتبعها اللجان النيابية لمراجعة ملفات الخصخصة، قالت العتوم إن اللجان تعود إلـى أســاس العملية، عبر فحص العوائد واآلثار الناجمة عن الخصخصة من جميع الــنــواحــي، بـمـا فيها االجـتـمـاعـيـة واالقـتـصـاديـة، متابعة «بعدها نذهب إلى استدعاء الشركات التي تمت خصخصتها والجهات المسؤولة عنها، بهدف دراســـة الـرؤيـة التي بُنيت عليها عملية الخصخصة وتقييم ما إذا كانت النتائج مطابقة للتوقعات». وأشـــــارت إلـــى وجــــود أولـويـتـيـن أساسيتين في هـذا السياق، األولــى تتعلق بتحديد مصير األمـوال التي تم جمعها من عملية الخصخصة وأين ذهبت عوائد صندوق االستثمار الحكومي، والثانية بطرح بـدائـل واضـحـة للمشاريع التي اعــتــمــدت بــعــد الـخـصـخـصـة ودور الـحـكـومـات المتعاقبة في إدارتها. ولـفـتـت الــعــتــوم إلـــى أهـمـيـة إخـــضـــاع ملف الخصخصة لمراجعة دقيقة، بما يتناسب مع طبيعة القضايا التي تناقشها اللجان المختلفة، لضمان الشفافية والمسؤولية في التعامل مع هذا الملف الذي لم يُطرح للنقاش مطلقًا بعد وقوع «كارثة» الخصخصة، حسب وصفها. 3 الملف ࣯ ي عياصرة � ن � إشراف: عو ࣯ ي ، ملى عتوم، شهد ذيابات � ب � ي م الزع � إعداد: حمزة زقوت، رن قطاعات استراتيجية تم التخلي الكامل عن ملكيتها.. وشركات احتفظت الحكومة بجزء من رأس المال فيها.. عاما على تطبيقها.. ماذا حققت «الخصخصة» 20 بعد أكثر من لالقتصاد األردني.. وهل لمس المواطن فوائدها على أرض الواقع؟ اقتصاديون يدعون إلى استثمار عوائدها في مشاريع استثمارية وتنموية إحدى الشركات األردنية التي تم خصخصتها

RkJQdWJsaXNoZXIy NTAwOTM=