صحافة اليرموك

٢٠٢٤ تشرين الثاني ٢٤ _ ١٤٤٦ جماد أول ٢٢ الأحد تثير عودة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إلـى المشهد السياسي، بعد فــوزه على المرشحة الديمقراطية هاريس، الكثير من الجدل، لا سيما فيما يتعلق بتأثير سياساته المحتملة على منطقة الـشـرق الأوســـط.. وتـرامـب من أبرز الرؤساء الأمريكيين الذين اعتمدوا نهج ًًا غير تقليدي في السياسة الخارجية، خاصة من خلال ما أطلق عليه سياسة «الصفقات»، التي تركز على المصالح الاقتصادية والجيوسياسية بعيدًًا عن الاعـــتـــبـــارات الأخلاقـــيـــة والـدبـلـومـاسـيـة التقليدية. هذه السياسة لم تكن مجرد انحراف عـــن ســيــاســات الإدارات الــســابــقــة، بل حملت في طياتها انحيازًًا واضح ًًا للكيان الـصـهـيـونـي، إلـــى جــانــب اسـتـراتـيـجـيـات جديدة للتعامل مع الملفات الإقليمية الحساسة، من القضية الفلسطينية إلى الصراع مع إيران. ويـــقـــول وزيـــــر الــــشــــؤون الـسـيـاسـيـة والبرلمانية الأسـبـق، وجـيـه عــزايــزة، إن عـودة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إلى سدة الرئاسة قد تساهم في تغيير بعض الـمـواقـف الأمريكية تجاه قضايا الشرق الأوســط، إلا أن السياسة الأمــريــكــيــة تــجــاه الـــصـــراع الفلسطيني الإســـرائـــيـــلـــي ســتــظــل ثـــابـــتـــة وداعـــمـــة لإسرائيل. وأضـــــــــاف عـــــزايـــــزة أن الـــتـــغـــيـــيـــر قـد يتمثل في المزيد من الدعم المتطرف لإســـرائـــيـــل، لا سـيـمـا فـــي مــلــفــات مثل الأغــــــوار وفــــرض الــســيــادة الإسـرائـيـلـيـة عـلـى أجــــزاء مــن الـضـفـة الـغـربـيـة، فــضلا عــن مـحـاولـة الـتـخـلـص مــن فـكـرة «حـل الدولتين». وأشــار إلـى أن فريق ترامب المعني بــالــتــعــامــل مـــع إيــــــران ســيــكــون لـــه دور بـارز في تحديد كيفية إدارة الصراع في المرحلة المقبلة. السيناريوهات المحتملة لإنهاء الحرب على غزة وفيما يخص الحرب على غزة، أوضح عـــزايـــزة أن الـسـيـنـاريـو الـمـتـوقـع لإنـهـاء الـحـرب لـن يأتي مـن تـرامـب نفسه، بل ا : «الإســرائــيــلــيــون، مــن إســرائــيــل، قـــــائلًا وعلى رأسـهـم نتنياهو، يـدركـون أهمية اتـخـاذ خـطـوات جدية لإنـهـاء الـصـراع في غزة، وقد يسعون لتقديم عربون إيجابي لترامب في هذا السياق». وأضاف أن الحرب على غزة قد حققت أهدافها بالنسبة لإسرائيل ونتنياهو، ولا يوجد إنجاز عسكري جديد في هذا الصدد، بل إن الهدف الأساسي الآن هو تسجيل موقف سياسي وإظهار الدعم لأي اتجاه قد يتبناه ترامب في المستقبل. وأكد عزايزة أن وصول ترامب مجدد ًًا إلـى السلطة قد يتيح لإسرائيل الضوء الأخضر للمضي قدمًًا في إنهاء الحرب في غزة، م ّّا يعزز أيض ًًا علاقاتها مع الدول العربية. في حين يرى أستاذ النظم السياسية وعــلــم الاجـــتـــمـــاع الــســيــاســي فـــي قسم الدراسات السياسية والدولية بجامعة الـــيـــرمـــوك الـــدكـــتـــور خـــالـــد الــــدبــــاس أن ترامب لا يولي اهتمام ًًا كبير ًًا بهذا الملف، معتبرًًا أن قضية غـزة «انتهت تقريبًًا» وأن الكيان الصهيوني بدأ فعليًًا بتنفيذ مخططاته على الأرض. وأضـــــاف الـــدبـــاس أن الــمــقــاومــة قد قـدمـت تضحيات كـبـيـرة، إلا أن اخــتلال مــوازيــن الــقــوى يجعلها فــي «أنفاسها الأخيرة»، على حد وصفه. وأشـــار إلــى أن السيناريو الـقـادم قد يشمل تأجيل ترحيل الفلسطينيين من شمال غزة إلى الجنوب، مع بدء عمليات استيطانية وتضييق على سـكـان غـزة، موضح ًًا أن الاحــتلال يمارس ضغوطات على مصر لاستقبال الفلسطينيين من غزة بهدف تخفيف الضغط عن الجانب الصهيوني. وفيما يتعلق بمواقف الدول العربية، أكـــد الــدبــاس أن هـــذه الــــدول تتبع إلـى حـد كبير الخط الأمـريـكـي، كونها واقعة تـــحـــت الـــنـــفـــوذ الأمـــريـــكـــي بــشــكــل غـيـر معلن، مشيرًًا إلى أن الظروف الداخلية، وضغوط الشعب في بعض الأحيان، تؤثر على موقف هذه الدول من التطبيع مع الكيان الصهيوني. وأوضـــــــــح الــــــدبــــــاس أنــــــه لـــــو تُُـــركـــت الـــقـــرارات للأنـظـمـة السياسية وحـدهـا، لكان هناك ترحيبًًا واضح ًًا نحو التطبيع، إلا أن المعارضة الشعبية العربية لهذه الــمــســألــة تـجـعـل الأنــظــمــة الـسـيـاسـيـة متخوفة من ردود الفعل الداخلية. مــن جـانـبـه، يـــرى الإعلامــــي المغربي أحـمـد دريـسـي أنــه فـي حــال استطاعت المقاومة في غزة أن تلحق المزيد من الأضـــرار بـإسـرائـيـل، فقد تعيد الـولايـات المتحدة النظر فـي هـذه الـحـرب وتضع جـدولا لإنهائها، مّّا يدفعها بالتفكير في إنـــشـــاء مـيـلـيـشـيـات تـسـيـطـر عــلــى غــزة وتحكمها، كما أنها تتابع المشهد وتمول الاحـــتلال بالمزيد مـن الـــسلاح، وتعتمد على استراتيجية القوة والعنف. وأوضـــــــح دريــــســــي أن جــبــهــة لـبـنـان مرتبطة بشكل وثيق بجبهة غـزة، وهذا الارتباط ليس فقط دعم ومساندة بل هو ضرورة استراتيجية، وبالنسبة للبنانيين فإنهم إمـا يشغلون الاحــتلال ويدعمون المقاومة في هذه المرحلة، أو يتركون المقاومة الفلسطينية لتواجه الاحتلال بمفردها، وفي حال تمكن الاحـتلال من الـتـخـلـص مــن الـمـقـاومـة الفلسطينية بطرق غير مشروعة، سيأتي الدور على لبنان بأكمله، وليس فقط على حزب الله والضاحية الجنوبية. دعم متواصل لـ «إسرائيل» وعن الدعم الأمريكي لإسرائيل، أكد الوزير الأسبق وجيه عزايزة أن الولايات المتحدة قد ّّمت دعم ًًا مستمر ًًا لإسرائيل فــي جميع مــراحــل الــصــراع بالمنطقة، مــشــيــرًًا إلـــى أن تـــرامـــب قـــد تـــجـــاوز في بعض الأحيان بعض المراحل التقليدية، مثل نقل السفارة الأمريكية إلى القدس واعترافه بسيادة إسرائيل على الجولان. وتوقع عزايزة أن يتخذ ترامب خطوات أكثر تطرف ًًا في هذا المجال، وخاصة فيما يتعلق بالضفة الغربية، ورغم ذلك، أشار إلى أن حسابات ترامب المصلحية في المنطقة قد تتيح بعض الأدوات لتخفيف حدة السياسة تُُجاه إسرائيل، خصوص ًًا في علاقــات الـولايـات المتحدة مع دول الخليج والقضايا الاقتصادية. منجهته،قالالدكتورخالدالدباسإن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب يُُظهر انحيازًًا كبيرًًا للجانب الصهيوني، مـوضـح ًًــا أن مـا يميز سـيـاسـات ترامب عن الإدارات السابقة هو اعتماده على «نظام الصفقات» وتخليه عن التسويف والعمل الدبلوماسي التقليدي. ويرى الدباس أن السياسة الأمريكية فــي الـفـتـرة المقبلة سـتـكـون «فــظــة»، وتركز بشكل مباشر على دعـم مصالح الكيان الصهيوني، وهـو ما كـان بالفعل جـــزءًًا مـن أهـــداف السياسة الأمريكية، لـكـن مــع وجـــود تــرامــب سـتـكـون بطرق مختلفة وأكثر وضوح ًًا. وأضــــــاف أن إدارة تـــرامـــب سـتـولـي اهتمام ًًا خاص ًًا بدول الخليج، مع التركيز على ملف التطبيع بين الكيان الصهيوني والـدول العربية، ولا سيما الخليجية، إذ إن ترامب يعتبر هذه الدول تشكل محور الثقل الاستراتيجي في العالم العربي. وأوضـح الدباس أن هذا التركيز على الـخـلـيـج يـعـد أســاســيًًــا لتحقيق صفقة القرن، التي تهدف وفق تعبيره، إلى إنهاء القضية الفلسطينية فــي أقـصـر وقـت ممكن، معتقدا بـأن هـذا الأمــر لا يمكن تحقيقه بسهولة، نظرًًا للتاريخ الطويل والـمـعـقـد لـلـصـراع الـعـربـي الصهيوني، والـــذي قـد يـفـرز معارضة شـديـدة لهذه الصفقة. مجهر كبير فوق إيران وقالت أستاذة العلوم السياسية في جامعة اليرموك الدكتورة شذى العيسى الليالي إن الملف الإيراني كان على رأس الأجندة التي أعلنها ترامب عند ترشحه لـرئـاسـة أمــريــكــا، إذ أشـــار إلـــى أن إدارة بـايـدن ساهمت فـي إطـالـة الــصــراع مع إيران من خلال تمويل السلطة الإيرانية والتي بدورها تدعم الجماعات المسلحة في إيـران، والـذي بـدوره سيوقف الدعم المادي لإيران في محاولة لإنهاء الصراع. وبينت أنــه فـي ظـل الإدارة الجديدة لترامب قد نشهد حالة من التهدئة بين إسرائيل وإيران، لأن السياسة الأمريكية الجديدة تؤكد أهمية عدم امتلاك إيران للسلاح الـنـووي، الـذي قد يكون بفرض عقوبات دون اللجوء إلى الحل العسكري، وصرحت بعدم رفع العقوبات المالية عن إيران وتأكيدها بأن عملية الدعم المالي لـلـسـلـطـة الإيـــرانـــيـــة الـــتـــي تـــدعـــم حـركـة المقاومة «سوف تتوقف بكل تأكيد». وتابعت الليالي أنه قد يتم التفاوض بـيـن الـجـانـبـيـن الأمــريــكــي والإسـرائـيـلـي بـهـذا الـخـصـوص، نـظـرًًا لـلـعلاقـة الجيدة والمصالح المتبادلة بين كل من نتنياهو وتــرامــب فــي منطقة الــشــرق الأوســـط، والـتـي تحتاج إلــى الــهــدوء النسبي في سبيل تحقيقها مـمـا يـقـود إلـــى عملية تهدئة من الطرفين. بــدوره، قال رئيس الجمعية الأردنية لـــلـــعـــلـــوم الـــســـيـــاســـيـــة الــــدكــــتــــور خــالــد الــشــنــيــكــات إن الــمــتــغــيــر الـــــذي يـحـدد الــســيــاســة الأمــريــكــيــة تـــجـــاه إيــــــران هو المتغير الإسرائيلي، وانطلاق ًًا من الخبرة – 2016 الـسـابـقـة لإدارة تــرامــب بـيـن مــارس تـرامـب أقسى الضغوط 2020 على إيران فيما يتعلق ببرنامجها النووي وضمن الانـسـحـاب مـن الاتـفـاق النووي الذي أقرته سابقا إدارة أوباما، وأدى ذلك إلى وقف العمل به. وأضـاف أن المتغير الإسرائيلي يؤثر بقوة على سلوك إدارة ترامب، إذ يبدو من التشكيلة الأولية لإدارته أنها ستأخذ بوجهة النظر الاسرائيلية بموضوع إيران، مّّــا قـد يدفعها لـفـرض عقوبات شديدة عليها شبيهه بعقوبات إدارته الأولى. وبيّّن الشنيكات أنه في حال فُُرضت الــعــقــوبــات ســتــوجــه إيــــــران ضـــربـــة ضد إسرائيل قد يدفعها للرد، وهنا سيكون الموقف الأمريكي مساعد وداعم، «ولكن بكون ترامب قادم من عالم التجارة فهو يميل للصفقات»، وإذا عرضت أمريكا صفقة على إيران تكون بشروط امريكية مخففة، ربما سيجري عليها تفاوض وقد تكون مفتاح القضية. وحول إمكانية دور أمريكا في تهدئة الصراع بين إيران وإسرائيل، أشار إلى أن أمريكا تأخذ الجانب الإسرائيلي وبالتالي سـتـقـف بـــوجـــه إيـــــــران، ولـــكـــن امــتلاكــهــا لـقـواعـد عـسـكـريـة فــي ســوريــا والــعــراق ودول المنطقة بالمجمل سيؤخذ بعين الاعتبار لإدارة تـرامـب الــذي كـان داعمًًا أساسيًًا لإسرائيل في برنامجه الانتخابي وزاود على إدارة بايدن وكاميلا هاريس في دعمه، م ّّا يعني أن مسألة لعب دور نشيط ليست ممكنة. وأوضح الشنيكات أن موضوع تعامل إدارة تـــرامـــب مـــع دعـــم إيـــــران لـحـركـات الـمـقـاومـة سيكون جـــزءًًا مـن الصفقة، «بمعنى آخــر قـد تـعـرض حـوافـز لإيــران مـــقـــابـــل الـــتـــخـــلـــي عــــن ســـيـــاســـاتـــهـــا فـي المنطقة، ولكن من السلوكيات السابقة لن يكون لديها نيّّة للتخلي عن حلفائها في لبنان وسوريا واليمن وغيرها وهذا يدفعها للاستمرار». وتـــابـــع أن تـــرامـــب قـــد يــقــوم بقصف حلفاء إيران وهذا يعني انخراط عسكري أمريكي أكبر في الحرب، ولكن سيكون حذرًًا في هذه المسألة من جهة أخرى. وأكد الشنيكات أن ترامب أعلن بعد بسماحه لإيران بامتلاك السلاح النووي، وقــــد يــدفــعــه لـــفـــرض عـــقـــوبـــات، ولـكـنـهـا بسبب الحرب الروسية الاوكرانية حدث تـقـارب كبير بين روسـيـا وإيــــران خاصة فيما يتعلق بالأسلحة والتكنولوجيا التي أصبحت بمثابة قضايا تـعـاون «قريبة جد ًًا». وأضــــاف أن الـخـيـار الآخـــر هــو توجيه ضــربــة عـسـكـريـة، فـقـد قـــال تــرامــب إنـه «لـن يشن حـروبًًــا أخــرى في العالم، بل سينهيها»، ولكن من الوارد توجيه ضربة عسكرية بشكل مباشر ضمن الخيارات التي ستطرح على الطاولة أمامه، وربما يـذهـب لصفقة تضمن وبـشـكـل نهائي مـنـع إيــــران مــن الـحـصـول عـلـى الـــسلاح الـنـووي وتشمل مراقبة، مشددة على كل المنشآت النووية الإيرانية، وبالنهاية يتعلق الأمر في كيفية تعامل إيران مع أمريكا وإسرائيل التي تعتبر إحدى قوى الدفع الرئيسية باتجاه منعها من امتلاك السلاح النووية. فـيـمـا قــالــت الـبـاحـثـة الـمـصـريـة في الــــعلاقــــات الـــدولـــيـــة والـتـنـظـيـم الــدولــي وشـؤون الارهـاب والجماعات المسلحة شيماء سمير حسين إن إدارة ترامب تسعى إلى تعزيز المصلحة الأمريكية مع دول المنطقة، من خلال استراتيجيات شمولية متعددة الأبعاد تضمن حماية المصالح الأمريكية مع ضمان الحفاظ على الاستقرار والأمن في المنطقة. صراع أمريكي- إيراني على المنطقة؟! وتــعــتــقــد حــســيــن أن إدارة تــرامــب ســتــســعــى إلـــــى الـــتـــعـــامـــل مــــع الـمـلـف الــــعــــراقــــي مـــــن خلال تـــقـــديـــم الـــدعـــم الــلــوجــيــســتــي والـــمـــســـانـــدة لـلـحـكـومـة الـعـراقـيـة ضــد الـجـمـاعـات «الإرهــابــيــة» والــفــصــائــل الـمـسـلـحـة الــمــدعــومــة من إيــــــران، مـــع مـــحـــاولات قـطـع الإمــــــدادات والتمويل عن تلك الفصائل التي يهدد وجودها الاستقرار، والسعي إلى توظيف الـدبـلـومـاسـيـة تـجـاه الــــدول المناهضة للنفوذ الإيـرانـي كالسعودية وإسرائيل لصد نفوذ تلك الحركات. ولـــفـــتـــت حــســيــن إلـــــى أن الــــولايــــات الــمــتــحــدة تـــواجـــه فـــي الــــعــــراق مــوقــف ًًــا مـــعـــارض ًًـــا مـــن جـــانـــب بــعــض الـفـصـائـل العراقية التي ترى أنه يعد انتهاك ًًا لسيادة العراق، وعلى رأسها الفصائل المدعومة مـن إيـــران، وكـذلـك على صعيد الـحـراك الـشـعـبـي الــــذي يـنـظـر إلــيــهــا بـاعـتـبـارهـا تـــدخـــل أجـــنـــبـــي، مـــوضـــحـــة أن الإدارة الأمـريـكـيـة الــجــديــدة سـتـقـوم بمحاولة إدخــــــال بــعــض الـتـحـسـيـنـات عــلــى هــذا الوجود من خلال المحافظة على الوجود العسكري، ولكن مع تقليله والتركيز على ا من الجانب التدريبي والاستشاري بدلًا العمليات العسكرية. وبـــيـــنـــت أن أمـــريـــكـــا سـتـسـتـمـر فـي الدعم الاقتصادي والعسكري للحكومة العراقية، من خلال تعزيز قدرات القوات الــعــراقــيــة فـــي مــجــال الأمــــن ومـكـافـحـة الإرهاب، مع دعم الإصلاحات السياسية للحكومة العراقية وتقديم مساعدات واســــتــــشــــارات فــــي مــــجــــالات الـتـنـمـيـة الاقتصادية. وعـــن الــيــمــن، أضـــافـــت أنــهــا ستتخذ مــوقــف ًًــا ضـــد حـــركـــة الــحــوثــيــيــن بـالـيـمـن التي تهدد أمـن الممر الـملاحـي بالبحر الأحــمــر وتـتـخـذ مــن الـسـفـن الأمـريـكـيـة والإسرائيلية هدفًًا لها، لذلك فإن إدارة ترامب سوف تسعى لاستكمال التصدي لها عن طريق مساندة التحالف العربي ضد الحوثي بالدعم العسكري والعمل على تحسين قـدرات القوات الحكومية اليمنية الرسمية في مواجهتهم. وقــالــت حـسـيـن «فـــي ظــل اسـتـمـرار الأزمات الإنسانية التي سببتها الضربات الـعـسـكـريـة فــي الـيـمـن مــن فـقـر وهــدم للبنية التحية وتـدهـور للقطاع الصحي والاقـتـصـادي والتعليمي، ومــنــاداة من الداخل الأمريكي بإنهاء الدعم العسكري لـلـتـحـالـف، سـيـكـون هـنـاك دعــم ًًــا يشهد تغييرًًا من خلال تقليل الدعم العسكري والاعــتــمــاد أكـثـر عـلـى الــدعــم فــي جانب المساعدات الإنسانية». وحـول لبنان، أشــارت إلـى أنـه بالرغم مـن تلقي حـزب الله ضـربـات إسرائيلية أفـقـدتـه أهـــم قـيـاداتـه مــن الـصـف الأول والــثــانــي، إلا أنـــه مــا زال يشكل تـهـديـدًًا للإدارة الأمــريــكــيــة نـــظـــرًًا لــلــدعــم الـــذي يتلقاه من إيران، م ّّا سيدفع إدارة ترامب إلى ممارسة سياسات تقويض لنشاط حـــزب الله «ربـــمـــا تــأخــذ شـكـل عـقـوبـات اقتصادية تستهدف كـبـار الشخصيات الداعمة للحزب». وتــابـعــت أن إدارة تــرامــب ستعمل على تجميد الأصول المالية للمؤسسات التابعة له، مع الدعم المفرط لإسرائيل المتمثل في دعم عسكري واستخباراتي يمكّّنها من استمرار مواجهة حزب الله وتسجيل انـتـصـارات ضـــده، علاوة على السعي إلـى دعـم الحراك الشعبي على الصعيد اللبناني في مطالبته بالإصلاح، الأمر الذي يساعد على إضعاف سيطرة حزب الله. وبينت حسين أنـه بـخلاف العقوبات الاقـتـصـاديـة الـتـي قـد يتعرض لها حزب الله، ستسعى واشنطن لتقديم الدعم الـعـسـكـري والــمــالــي للجيش اللبناني لـتـحـسـيـن كـــفـــاءتـــه ولــحــكــومــة بــيــروت مــن أجـــل تـعـزيـز فـــرض سيطرتها على حساب سيطرة حزب الله، والسعي إلى حشد المجتمع الــدولــي لاتـخـاذ موقف ضـد الأنشطة العسكرية للحزب بحجة الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين. وفـيـمـا يـخـص الـجـانـب الفلسطيني، لـفـتـت إلـــى أن إدارة تـــرامـــب ستعمل على دعم برامج إعادة الإعمار مع توفير المساعدات الإنسانية للشعب، ومحاولة التوصل إلـى آلية لتحقيق الـوحـدة بين الـفـصـائـل الفلسطينية مــن أجـــل دعـم فرص التفاوض، وكذلك محاولة الضغط على الجانب الإسرائيلي لتخفيف القيود الــمــفــروضــة عــلــى قــطــاع غــــزة مـــن أجــل تعزيز سبل السلام، والعمل على تقديم الـدعـم للسلطة الوطنية الفلسطينية، مّّـــا يـسـاعـد عـلـى تقليل نـفـوذ الفصائل المسلحة الأخرى. وقــــــال أســــتــــاذ الـــعـــلـــوم الــســيــاســيــة والعلاقات الدولية في جامعة اليرموك الدكتور محمد خير جروان إن التحليلات المرتبطة بسياسة الـرئـيـس الأمريكي دونـــالـــد تـــرامـــب تــجــاه الـــشـــرق الأوســـط تعتمد بشكل كبير على معطيات من فترته الرئاسية السابقة. وأضاف أنه بناء على تلك المعطيات، من المتوقع أن تسعى إدارة ترامب إلى بناء تفاهم في الشرق الأوسط، خصوص ًًا فـيـمـا يـتـعـلـق بــاتــفــاقــيــات الـــــسلام بين إسرائيل ودول الخليج، مع التركيز على المملكة العربية السعودية، وقد يكون له دور إيجابي في جهود وقف النزاعات في لبنان وغزة. وذكــــر جـــــروان أن ســيــاســات تـرامـب ستتمحور حـــول فـكـرتـيـن أساسيتين، الأولى تتمثل في تقليل تكاليف التدخل الأمـــريـــكـــي فـــي الــمــنــطــقــة، مـــع ضـمـان اسـتـمـرار تحقيق الـمـصـالـح الأمـريـكـيـة، وذلـــــــك مـــــن خلال تـــقـــلـــيـــص الـــتـــواجـــد الـمـبـاشـر لـلـولايـات الـمـتـحـدة وتفويض حـلـفـاء إقليميين بتحمل الـمـزيـد من المسؤوليات الأمنية. وأضاف أن الفكرة الثانية هي محاولة إنشاء تحالف إقليمي بين الحلفاء داخل المنطقة لـيـكـونـوا قــادريــن عـلـى حماية الــمــصــالــح الأمــريــكــيــة وتـشـكـيـل جبهة متماسكة ضـد الـــدول المنافسة التي تـهـدد تـلـك الـمـصـالـح، مـوضـح ًًــا أن هـذه الاستراتيجية تعكس رغبة تـرامـب في الحفاظ على التواجد الأمريكي بشكل غير مباشر دون تحمل التكاليف المرتفعة للتدخلات العسكرية المباشرة. وتــــابــــع جـــــــروان أن الأســـــــاس الأول والثابت في سياسات ترامب الخارجية سيكون أمن إسرائيل وضمان مصالحها، والتي تتم عـادة بالتنسيق الكامل بين الجانبين الأمريكي والإسرائيلي، إضافة إلى مصالح الولايات المتحدة نفسها. ولفت إلى أن ترامب سيضع مواجهة التيارات الإسلامية والحركات المسلحة فـي أولـويـة سياسته، نـظـرًًا لأنها تشكل تهديدًًا مباشرًًا للمصالح الأمريكية في المنطقة. وبـــيّّـــن جــــــروان أن تـــرامـــب قـــد يـعـزز ضمانًًا للعلاقات الاقتصادية والسياسية مـــع دول الــخــلــيــج يـــقـــوم عــلــى شقين رئــيــســيــيــن، وهـــمـــا الأمـــــن والاقـــتـــصـــاد، مـــوضـــح ًًـــا أن الــــعلاقــــات بــيــن الـــولايـــات المتحدة والسعودية قد تشهد المزيد من الاتفاقيات الأمنية والاقتصادية، بما يضمن تحقيق أهـداف كلا الطرفين في المنطقة. وقال الإعلامي المغربي أحمد دريسي إن الـــرابـــط الأســـاســـي فــي تـعـامـل إدارة ترامب مع حركات المقاومة في العراق واليمن ولـبـنـان، هـو علاقتها بــإيــران، إذ إن تـــصـــرفـــات هــــذه الـــحـــركـــات مـرتـبـطـة بما يحدث فـي الـشـرق الأوســـط، خاصة حـرب الإبــادة التي تشنها إسرائيل على فلسطين، والولايات المتحدة لا يمكن أن تتعامل مع هذه الحركات فقط بالسلاح، بل هناك أيضا قنوات اتصال مع إيران. ولــــفــــت دريـــــســـــي إلــــــى أن الــــوجــــود الأمريكي فـي الـعـراق سيستمر، إن لم يكن عسكريًًا، فسوف يستمر اقتصاديًًا ودبلوماسيًًا، فهناك نقطة أخــرى أشـار إليها بعض الإعلاميين السوريين، وهي وجـــــود داعـــــش فـــي الــــعــــراق، م ّّــــا يعطي الشرعية لبقائها كما أن وجودها ضروري لـبـقـاء الاحـــــتلال الإســرائــيــلــي فـوجـودهـا ســـــواء عــســكــريًًــا أو اقـــتـــصـــاديًًـــا، يـهـدف إلــى تأمين مصالحها الاقـتـصـاديـة مثل السيطرة على النفط واسـتـيـراد النفط الخليجي. العلاقات مع الدول العربية أمـــا بالنسبة للأردن ومــصــر، فتوقع جروان أن موضوع المساعدات سيبقى ا لخفض حاضرًًا، وقد يكون هناك احتمالًا تلك المساعدات، وهو ما قد تستخدمه الولايات المتحدة كـأداة ضغط سياسي على البلدين. وتـوقـع أن تـكـون الـعلاقـة بين الأردن وأمـريـكـا متوترة فـي ظـل عـــودة ترامب إلــــى الــســلــطــة، وذلـــــك بــســبــب تـركـيـبـة الفريق الحالي لشؤون الشرق الأوسط الذي عيّّنه ترامب، مشيرًًا إلى أن الأردن يمتلك ورقـة إيجابية تتمثل في رئيس الــــــــوزراء جــعــفــر حـــســـان، الـــــذي يتمتع بعلاقات قوية وقدرة على التفاوض، م ّّا قـد يساعد فـي تخفيف حــدة التوتر مع الإدارة الأمريكية الجديدة. وذكــر جــروان أن مصر تواجه العديد مـــن الـــتـــحـــديـــات، خـــاصـــة فــيــمــا يتعلق بأزمة الاقتصاد، وقضايا حقوق الإنسان، وعلاقـاتـهـا مـع الـــدول الأفـريـقـيـة، وعلى رأســهــا «مــلــف ســد الـنـهـضـة»، وهـــو ما قـــد يـــدفـــع مــصــر لـــمـــحـــاذاة سـيـاسـاتـهـا مـع السياسة الأمـريـكـيـة لتحقيق هذه الملفات. وأشار إلى أن التحالف الدولي في إدارة ترامب قد تتجه إلى تقليل تكاليفها عبر تعزيز المكاتب الإقليمية الأمريكية، مّّا يساعدها على إدارة الشؤون الإقليمية بفعالية دون التورط في تكاليف ضخمة. وتـــابـــع: «لــيــس كـــل الـــــدول سـتـكـون قادرة على التكيف مع السياسة الجديدة التي قد يتبناها ترامب، ومع ذلك، هناك بـــعـــض الـــــــدول الـــتـــي بــــــدأت فــــي اتـــخـــاذ خطوات استباقية للتكيف مع التغيرات الـسـيـاسـيـة فـــي الــــولايــــات الــمــتــحــدة»، مثل الأردن، الـــذي يسعى إلــى تحديث منظومته السياسية والاقتصادية، وكان آخرها الانتخابات النيابية التي وصفها جروان بأنها كانت «نزيهة». وحـــــــذر أســــتــــاذ الـــــعلاقـــــات الـــدولـــيـــة والـعـلـوم السياسية فــي جـامـعـة مؤتة الـنـائـب الـسـابـق صــــد ّّاح الـحـبـاشـنـة من أن التوترات في المنطقة قد تـؤدي إلى تصعيد مــتــزايــد، مـشـيـرًًا إلـــى أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ستعزز مـــن دعـمـهـا غـيـر الــمــحــدود لإســرائــيــل، كــمــا سـتـسـعـى لإعــــــادة طــــرح «صـفـقـة الـــقـــرن» الــتــي تـتـضـمـن مـنـح إسـرائـيـل السيطرة على منطقة الأغـــوار وتوسيع الـمـسـتـوطـنـات دون الــتــفــاوض عليها، مرجح ًًا فرض عقوبات جديدة على إيران. ويـرى الحباشنة أن ترامب سيعمل مع دول الخليج، بما في ذلك السعودية، لتطبيع الـــعلاقـــات مــع إســرائــيــل، فيما ســـتـــكـــون الــــعلاقــــة مــــع الأردن ومــصــر «فاترة»، خاصة مع مصر التي ستسعى لتعزيز علاقاتها مع إسرائيل، مؤكدًًا أن الـــعلاقـــات الـحـالـيـة بـيـن مـصـر وأمـريـكـا، ســواء فـي عهد بـايـدن أو تـرامـب، جيدة ومستقرة. وفيما يتعلق بتأثير سياسات ترامب الـمـتـوقـعـة عــلــى الـــتـــعـــاون الاقــتــصــادي والأمني مع دول الخليج والأردن ومصر، قال الحباشنة إن هذا التعاون لن يتأثر وسيبقى كما هو. وفي سياق الحرب الحالية في لبنان، رج ّّح الحباشنة أن تلجأ إدارة ترامب إلى التفاوض لإنهائها، فيما توقع أن تستمر الــحــرب فــي غـــزة طـالـمـا تـصـر الحكومة الإسرائيلية على تحقيق أهدافها. وفـــيـــمـــا يـــتـــعـــلـــق بــــمــــدى اســـتـــعـــداد الــــــــــدول لـــلـــتـــغـــيـــرات الـــمـــحـــتـــمـــلـــة فــي الـسـيـاسـة الأمــريــكــيــة، قـــال الـحـبـاشـنـة «لا يـوجـد اســتــعــداد حـقـيـقـي»، مشيرًًا إلــى أن سـيـاسـات الحزبين الجمهوري والديمقراطي واحدة تقريب ًًا، إذ إن الفارق قد يكمن في تصعيد اللهجة من جانب ترامب، بينما لن تشهد الأنظمة الموالية لأمريكا تغييرات جوهرية على الأرض. وأضــــــــاف الـــحـــبـــاشـــنـــة أن الــــولايــــات الــــمــــتــــحــــدة، فـــــي عـــهـــد تــــــرامــــــب، تـــرى نفسها كالمظلة الأمنية لــدول الخليج والـــســـعـــوديـــة، مــمــا يـتـيـح لـــهـــذه الــــدول التركيز على الجانب الاقتصادي، مشيرًًا إلى أن أمريكا تُُعد حليفًًا رئيسيًًا لدول الخليج. وقـــال إن سـيـاسـات تــرامــب وبـايـدن تجاه المنطقة واحدة، موضح ًًا أن بايدن قــدم لإسـرائـيـل إمــــدادات غير مـحـدودة لاستهداف الشعب الفلسطيني في غزة، بينما سيسعى ترامب لتقديم المزيد. 3 الملف قراءة في تبعات عودة ترامب للسلطة على السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط ترامب في البيت الأبيض مجدد ًًا.. عودة سياسة «الصفقات» دعم لا يتزحزح لـ «إسرائيل».. والملف الإيراني حاضر بقوة.. وتوقعات باتخاذ قرارات متطرفة لصالح الكيان ࣯ ي عياصرة � ن � إشراف: عو ࣯ إعداد: قاسم محاسنة ࣯ حمزة زقوت ࣯ حلا الدباس ࣯ لمى عتوم ࣯ أحمد نوافلة

RkJQdWJsaXNoZXIy NTAwOTM=