٢٠٢٤ كانون الأول 8 _ ١٤٤٦ جمادى الآخرة 7 الأحد 6 من هنا و هناك ࣯ ي رموك- دانه داود القرنة � صحافة ال لــنــعــود بــالــزمــن إلــــى عـــقـــود طــويــلــة مـضـت، وتحديدًًا إلى القرن السابع عشر، عندما بدأت تتشكل أفكار حول مشروع جامع لليهود، لكن هذه الأفكار لم يكن يؤمن بها في ذلك الوقت أي يهودي، بل اعتبرت معظم الجماعات اليهودية أن هذا المشروع يتعارض مع «إرادة الرب» في العودة إلى أرض الميعاد، بحسب زعمهم. مع مطلع القرن التاسع عشر، بدأ يظهر في العالم مفهوم القوميات الجامعة، م ّّا دفع اليهود إلـــى التفكير بـالانـضـمـام إلـــى قـومـيـة تجمعهم وتوحد شتاتهم لأن شتات اليهود حـول العالم نزع عنهم صفة الأمة وحرمهم من إقامة كيان أو كيانات سياسية تضمن لهم التميز من الناحية الاجتماعية وتبعد عنهم خطر الــذوبــان داخـل المجتمعات الأوروبـيـة، ومنهم مؤسس وقائد الحركة الصهيونية (ثيودور هرتزل)، الذي لم يكن يفكر في الصهيونية في البداية، وكان يسعى لأن يكون ألمانيًًا، إلا أنه واجه الرفض من المجتمع الألماني، حتى بعد أن غير اسمه ليصبح أكثر توافق ًًا مع الهوية الألمانية. فـــي خـضـم هـــذه الأحــــــداث، أطــلــق الصحفي الــســويــســري «نــاتــانــبــيــرنــبــوم»، زمــيــل هـرتـزل الـوفـي، مصطلح «الصهيونية»، وهـو ما اعتُُبر بمثابة المقدمة لتجميع الأفكار المتفرقة حول الحاجة إلى دولة يهودية، كان هذا التحول بمثابة نقطة انطلاق لفكرة الحركة الصهيونية، كرد فعل على هذه الديناميات، قام هرتزل بتأليف كتابه الشهير «الدولة اليهودية»، رغم كونه شخص ًًا لا ديني، مّّا ساهم في بـروز حركة سياسية قوية تسعى لتحقيق أهداف متعددة. وبــالــرجــوع إلـــى الــتــاريــخ فـــإن الـعـقـيـدة التي دعــمــت وجــــود دولــــة صـهـيـونـيـة لـلـيـهـود ترتبط ارتـبـاطًــا وثيقًا بالطائفة الإنجيلية، الـتـي تؤمن بـــضـــرورة قــيــام مـعـركـة «هـــرمـــجـــدون» كشرط لخروج المسيح، وفقًا لهذه العقيدة، لا يمكن أن تحدث هذه الحرب إلا بوجود الدولة الإسرائيلية. هذا يسلط الضوء الى أن دوافع الغرب وراء دعم قيام دولة صهيونية ليست نابعة من حب حقيقي لليهود، بل تعكس رغبة دينية في تحقيق نبوءات تتعلق بنزول المسيح، وبالتالي، يمكن القول إن فكرة إسرائيل ليست مجرد مسألة قومية أو تاريخية، بل تحمل أبـعـادًا مسيحية عميقة، مّا يجعلها أكثر تعقيدًا مما يبدو للوهلة الأولـــى، ولا سيما بالاعتقاد المسيحي المبكر الذي يعود الى الأسطورة القائلة بأن اليهود كانوا مسؤولين عن موت المسيح. ويقول الكاتب والباحث الدكتور وليد عبد الحي إن «الـرابـط الديني فيه تعقيدات منذ انشطار الكنيسة في زمن الملك هنري الثامن في القرن السادس عشر، والخروج على الكاثوليكية وشق طريق باتجاه من يبرئ اليهود من دم المسيح ومن لا يبرئهم في القضية المشهورة المتعلقة باليهود،» مشيرا إلى أن الاتجاه البروتستانتي كان أقل سلبية تجاه اليهود. ويـضـيـف عـبـد الـحـي أن أحـــد الـجـوانـب التي شــكــلــت الــــربــــاط بــيــن الـــبـــروتـــســـتـــانـــت، الــذيــن تطورت أفكارهم لكي يصبح التسمية لها هي «الإنـجـلـيـكـيـة»، هــو الـصـلـة بـيـن الـعـهـد القديم والعهد الجديد، أي بين التوراة والإنجيل. ويـشـيـر إلـــى أن هـــذا الـتـيـار الـبـروتـسـتـانـتـي، بالرغم مـن أن مـارتـن لـوثـر، مـؤسـس المسار، كان في البداية ناقد ًًا حادًًا لليهود، إلا أنه تراجع عن موقفه، مبينا أنهم بنوا تيارهم على فكرة أن المسيح لم يأت لإلغاء التوراة وإنما جاء ليكملها، بحسب نص في أحد الأناجيل منسوب للسيد المسيح، الذي تضمن «لم آت لأنقض الناموس بل لأكمله»، بالتالي اعتبرت المسيحية كأنها امتداد واستمرارية لليهودية، على حد قول عبد الحي. استمر تتابع الأحــداث إلـى أن ضمن هرتزل انـضـمـام فـئـة كـبـيـرة مــن الـعـصـابـات اليهودية المتطرفة إلــى فكرته فـي قـيـام دولـــة لهم بعد رفض اليهود المتدينين لهذه الفكرة. ومـــــن وعـــــد بـــلـــفـــور الــــمــــشــــؤوم والانــــتــــداب البريطاني على فلسطين إلى إحداث ثورة العرب في فلسطين، مرورا بالهولوكوست، الذي شكل النقطة الفارقة في الأحداث التي أثرت على فكرة الدولة اليهودية. وكـــانـــت لأحــــــداث الــهــولــوكــوســت الـــــذي راح ملايـــيـــن يـــهـــودي وآخـــــــرون، بينهم 6 ضـحـيـتـهـا ألــمــان، إلــى تعزيز الفكر الألـمـانـي الـقـائـم على الإيمان بتفوق «العرق الآري النقي» على باقي الأعراق، إيمان ًًا بأن ما يسمى بـ “العرق اليهودي» كان أدنى مرتبة وأكثر خطورة على الإطلاق، وهذا الـحـدث زاد مـن دعــم المجتمع الــدولــي لفكرة إنشاء دولة يهودية. يـقـول الـبـاحـث ولـيـد عبد الـحـي إن المرحلة ، لكن 1945 إلى 1941 الحرجة كانت من عام هناك من ينظر إلى بدايتها مع وصول النازيين إلى السلطة في بداية الثلاثينات، المسألة هنا هي أن قضية الهولوكوست عليها جـدل كبير، إذ ينكرها البعض ويعتبرون أنه توجد مبالغات كبيرة في الأرقـام المتعلقة بها، من بين الذين أنكروا هذه المسألة كان الأمين العام السابق للأمم المتحدة كورت فالدهايم، الذي أثار ضجة كبيرة، وكذلك المفكر الفرنسي روجيه جارودي، الــذي شكك في كثير من الأرقـــام وتـسـاءل عن عـــدم الـحـديـث عــن الـمـذابـح الـتـي تـعـرضـت لها شعوب أخرى. ويرى أن الهولوكوست استُغلت في العالم، كـمـا اسـتُــغـلـت فــي الـــولايـــات الـمـتـحـدة، لجذب الانتباه الإنساني بشكل عام نحو معاناة اليهود. من مجزرة «قبية» إلى تأسيس اللوبي تشير الدلائل التاريخية إلى أن رابطا قويا بين تأسيس اللوبي الصهيوني ومجزرة «قبية» التي ارتكبتها العصابات الصهيونية مساء الرابع عشر ، إذ اقتحمتها وارتكبت 1953 من أكتوبر عـام فـيـهـا أفـــظـــع أشـــكـــال الــقــتــل والـــتـــدمـــيـــر، حيث شهدت القرية مجزرة مروعة راح ضحيتها نحو فلسطينيًًا، بالإضافة إلى إصابة العشرات. 70 وبـــعـــد الـــمـــجـــزرة بــأســبــوعــيــن روت مـجـلـة «الــتــايــمــز» فــي عــددهــا الـــصـــادر بـعـد الـمـجـزرة تفاصيل هذه الأحداث المروعة، مشيرة إلى أن قائد الفرقة والجنود المرافقين له قاموا بتنفيذ أوامرهم بلا رحمة، وتحدثت التقارير عن تفجير ا ومدرسة ومسجد، حيث أطلق الجنود منزل ًا 42 النار على كل من وجد في طريقهم، من رجال ونساء وأطفال. وأثـــــارت هـــذه الــمــجــزرة ردود فـعـل واسـعـة النطاق، م ّّا وضع إسرائيل في أزمة دبلوماسية لم تقتصر على الولايات المتحدة فحسب، بل شملت المجتمع الـدولـي بـأسـره، وفـي أعقاب هذه الأحــداث، أصـدر مجلس الأمـن قــرارًًا برقم ، أدان فــيــه بــشــكــل واضـــــح الــتــصــرفــات 101 الإسرائيلية. عقب مجزرة قبية، التي أساءت إلى سمعة الاحـــــتلال الإســرائــيــلــي، خــاصــة داخــــل الــولايــات المتحدة، بدأ الإسرائيليون في التفكير بجدية فـــي ضـــــرورة إنـــشـــاء كــيــانــات تـعـمـل عـلـى دعـم الاحتلال وتعزيز العلاقات الأمريكية الإسرائيلية. ، أسـس 1954 فـــي هـــذا الإطــــــار، وفـــي آذار الــصــحــفــي والـــمـــحـــامـــي الأمـــريـــكـــي الـصـهـيـونـي «يشعياكينن»منظمة باسم «اللجنة الأمريكية American الصهيونية لـلـشـؤون الـعـامـة» ( Zionist Committee for Public ، تم تغيير اسم 1959 ) لكن في عـام Affairs المنظمة ليصبح «اللجنة الأمريكية الإسرائيلية American Israel Public للشؤون العامة» ( )، والمعروفة اختصارًا بـ Affairs Committee .)AIPAC( يعقب الباحث ولـيـد عبد الـحـي بــأن مجزرة ، تحديد ًًا 1953 قبية بدأت أساس ًًا في أواخر عام في منتصف أكتوبر من نفس العام، تأسست ،1954 منظمة «أيـــبـــاك» بـعـد ذلـــك فــي عـــام وكان دورهـا الأساسي معروفًًا في العلاقة بين تأسيسها والمجزرة التي قادها شــارون وقتل فيها عــشــرات الأشـــخـــاص، كـــان هـنـاك رد فعل عالمي تجاه هذه المسألة، إذ كانت ردة الفعل الأمريكية حادة إلى حد ما، حيث تم الإعلان عن تعليق المساعدات وتمرير قـــرارات إدانـــة في مجلس الأمن الدولي. ويشير إلى أن اليهود شعروا أن هذا قد يكون مقدمة لخطوات لاحقة، لذا كان من الضروري امتصاص التأثير الناتج عن هـذه المسألة، تم تحسبًًا لما قد 1954 إنشاء «أيـبـاك» في عـام يتطور لاحق ًًا، خاصة وأن تلك الفترة كانت بداية ، وكان 1955 و 1954 ظهور عبد الناصر في عام هناك تيار داخل الولايات المتحدة يراهن على إمكانية نسج علاقة مع النظام الجديد في مصر. ويـرى بـأن هـذا الوضع خلق نوعًًا من القلق، خاصة أن الولايات المتحدة لم تكن معادية للثورة الجزائرية التي نشأت أيض ًًا في تلك الفترة، لافتا إلى أنه كان هناك توجه داخل الإدارة الأمريكية يرى بأنه يجب كنس الاستعمار التقليدي ليحل محله النفوذ الأمريكي. ويــضــيــف أن هــــذا الأمــــر أقــلــق الـــيـــهـــود، لأنــه أعطى مؤشرات سلبية لصالحهم، لذا كان من الــضــروري حشد النفوذ المالي والإعلامــــي في المجتمع الأمــريــكــي لإعــــادة تـوجـيـه السياسة الأمريكية نحو نفس الاتجاه الذي تم قبوله في وعد بلفور بعد الحرب العالمية الأولى. في الجزء القادم من هذه السلسلة، سوف نــتــنــاول الـــدعـــم الــمــالــي لــهــذا الــلــوبــي وتـاريـخـه ونستعرض العوامل التي ساهمت في صعوده كقوة سياسية مؤثرة، وكيف تمكن من التكيف مع التحديات المتغيرة عبر العقود. اليهود أول من قاوم المشروع الصهيوني باعتباره يتعارض مع «إرادة الرب» إسرائيل فكرة مسيحية تبنتها الطائفة الإنجيلية وليست فكرة يهودية 1954 مجزرة «قبية» في فلسطين أسست لنشوء «الأيباك» عام كاريكاتير دانه داود القرنة 2 ج ࣯ ي رموك- تالا قواسمه � صحافة ال فـي عـالـم يتسارع فيه نبض الحياة بفضل التكنولوجيا، يصبح مـن الــضــروري أن نتأمل في تأثيراتها العميقة على مشاعرنا وتواصلنا الإنساني، فبحسب دراسات أكاديمية (جورنال % مــن المراهقين 48 ابــنــورمــال فـيـزيـك) إن الذين يشاركون بشكل مستمر بنشر صورهم والـحـصـول على تعليقات يـشـعـرون بـتـدن في الاستقرار النفسي مقارنة بأقرانهم، فمن المهم تحقيق توازن صحي بين استخدام التكنولوجيا والـتـواصـل الـوجـاهـي لتعزيز صحتنا النفسية وتقوية علاقاتنا. وقال الاستشاري النفسي والتربوي الدكتور موسى المطارنة في حديثه لصحافة اليرموك إن الثورة التكنولوجية وتطوراتها المتسارعة أحدثت تحولات كبيرة في طـرق التواصل بين الأفــراد، خاصة من خلال الرسائل النصية، ومكالمات الفيديو، ووسائل التواصل الاجتماعي. وأضـاف رغم الانفتاح الإلكتروني والتطورات التقنية الـتـي جعلت العالم «قـريـة صغيرة»، إلا أن هـذا التحول جلب تغييرات جذرية على المجتمع، فتم اسـتـبـدال التفاعل الاجتماعي الطبيعي بالتفاعل الإلكتروني. وأكد المطارنة أن العالم الافتراضي، لا يشكل بـــديلا حقيقيًًا لـلـعلاقـات الإنـسـانـيـة المباشرة، ولا يـمـكـن لـلـتـواصـل عـبـر الــشــاشــات أن يوفر ذات التأثيرات النفسية والاجتماعية والتربوية التي تنشأ عن التفاعلات الواقعية، فالتواصل الاجتماعي الحقيقي يتأتى من خلال اللقاءات المباشرة التي تعزز الشعور بالراحة والطمأنينة وتُُفضي إلـى تفاعل إيجابي ومستدام، مشيرا إلى أن غياب اللقاءات الواقعية أسفر عن ظهور العديد من المشكلات النفسية والاجتماعية، منها زيادة حالات التوحد والرهاب الاجتماعي. % مــن الــشــبــاب حـــول الـعـالـم 20 وقــــال إن يعانون من اضطرابات نفسية كالقلق والاكتئاب حسب دراســــات (منظومة الصحة العالمية) ، إضافة إلى مشكلات صحية نتيجة 2024 لعام الاســتــخــدام الـمـفـرط لـلـشـاشـات، مـثـل إرهـــاق العينين وضعف التركيز. وأشــــار إلـــى أن الـتـفـاعـل الـمـحـدود فــي بيئة افتراضية لا يوفر للأطـفـال والـشـبـاب التجارب الحياتية التي تساهم فـي نموهم الاجتماعي والعاطفي، م ّّا يؤثر سلب ًًا على تطورهم الشخصي وقدرتهم على التكيف في الواقع. التكنولوجيا فرصة للتعارف وأوضــــــح الــمــطــارنــة أن الــتــكــنــولــوجــيــا تـوفـر فرص ًًا أكبر للتعارف بين الأفـراد والتقاء وتبادل الثقافات فمن خلال منصات الإنترنت، يمكن للأفراد التعرف على بعضهم بسهولة، الأمر الذي يوسع دائرة العلاقات الاجتماعية، مؤكد ًًا ضرورة أن يصاحب التعارف في العالم الافتراضي تفاعل حقيقي في الحياة الواقعية، كي لا يتحول إلى مـــجـــرد «علاقــــــات افـــتـــراضـــيـــة» فـــاقـــدة للعمق والصدق. ولفت إلــى أن وسـائـل الـتـواصـل الاجتماعي تؤدي دورًًا كبيرًًا في نقل الثقافات والأفكار من مكان إلى آخر، وتدعيم العلاقات الاجتماعية بين الأفراد والمجتمعات، إضافة إلى أنها تتيح فرص التعلم والتدريب عبر الإنترنت، مما يعزز من فرص التعلم الذاتي والتطور المهني. وتابع أن الانتشار الواسع لوسائل التواصل الاجتماعي أسهم في ظهور ثقافة جديدة ترتكز عــلــى الــعــولــمــة وتـــبـــادل الأفـــكـــار بــيــن مختلف الــحــضــارات، فـأصـبـح مــن الـسـهـل عـلـى الأفـــراد التفاعل مـع ثـقـافـات متنوعة، هــذه التأثيرات الثقافية انعكست بشكل كبير على الشباب فباتوا يتأثرون بالاتجاهات والأفكار العالمية التي تُُنقل عبر الإنترنت. ورأى أن هـــذا الـتـبـادل الـثـقـافـي لــه تـأثـيـرات سـلـبـيـة عــلــى الــهــويــة الاجــتــمــاعــيــة والـثـقـافـيـة لمجتمعنا فـبـدأنـا نلاحـــظ تغييرات فـي أنماط الحياة، والملابس، والاهتمامات، وأصبح أفراد المجتمع أكثر انفتاح ًًا على ثقافات أخرى، الأمر الـــذي قــد يـــؤدي إلـــى فــقــدان جـــزء مــن هويتهم الثقافية الأصلية، لذا من الضروري إيجاد توازن بين الاستفادة من التنوع الثقافي والحفاظ على هويتنا الاجتماعية والثقافية. المطارنة: التواصل عبر الشاشات لا يعوض التفاعل الحقيقي بين أفراد المجتمع تعبيرية
RkJQdWJsaXNoZXIy NTAwOTM=