٢٠٢٤ كانون الأول 22 _ ١٤٤٦ جمادى الآخرة 21 الأحد 3 الملف ࣯ إشراف: ࣯ ي عياصرة � ن � عو ࣯ إعداد: حلا الدباس ࣯ ولمى عتوم تــشــكــل الاكـــتـــشـــافـــات الـــجـــديـــدة فـــي حقل الـريـشـة الـــغـــازي محطة مـحـوريـة فــي مسيرة قـطـاع الـطـاقـة الأردنــــي، مـع إعلان وزيـــر الطاقة والثروة المعدنية، الدكتور صالح الخرابشة، عن نتائج أولية مبش ّّرة لمخزون الغاز الطبيعي في الحقل، هذه الاكتشافات التي خضعت لتقييم اقتصادي «دقيق»، تحمل إمكانية تحقيق نقلة نـوعـيـة فــي الاقـتـصـاد الـوطـنـي، خـاصـة فــي ظل الاعتماد الكبير على استيراد الطاقة. وفــــي مــؤتــمــر صـحـفـي ع ُُـــقـــد مــــؤخــــرًًا، أشـــار الخرابشة إلى أن الاحتياطيات المقدرة تتراوح تريليون قــدم مكعب، مع 14.6 و 9.39 بين تريليون 6.35 إمكانيات استخراج تصل إلـى قدم مكعب وفق أفضل السيناريوهات، وهذه الـمـعـطـيـات فـتـحـت الـــبـــاب أمــــام آمــــال كـبـيـرة بتحقيق الاكـتـفـاء الــذاتــي مــن الــغــاز الطبيعي وخفض فاتورة الطاقة بشكل ملحوظ، إلى جانب تعزيز تنافسية الصناعات الوطنية وتوفير فرص عمل جديدة. وســـط هـــذه الآمــــال، تــواجــه الأردن تحديات استراتيجية تتطلب استثمارات ضخمة وبنية تحتية متطورة، مع الحرص على إدارة الملفات الاقتصادية والسياسية المرتبطة بالمشروع بحكمة، فهل ستتمكن المملكة مـن تحقيق الاستقلال الطاقوي؟ وهل يشكل الغاز المفتاح الـــــذي سـيـعـيـد تـشـكـيـل مـسـتـقـبـل الاقــتــصــاد الأردني؟. و تفتح «المدّّة الطويلة» لتنفيذ المشروع المجال أمـام تساؤلات عن مدى جديّّة العمل عـلـى مـــشـــروع غـــاز الــريــشــة، وســـرعـــة تنفيذه بالشكل المأمول، وكيف ستتصرف الحكومة مع اتفاقية الغاز مع الاحتلال الإسرائيلي؟ وهل سيلمس المواطن الأردني هذا التغي ّّر؟ أم يلحق ملف «غاز الريشة» غيره من ملفات المشاريع الضائعة بين ملفات هـي الأخـــرى ضاعت بين حكومات «تسيير أعمال» لا تحرز أي تقدم، بل تزيد الطين بِِلة، والمواطن يدفع ثمن كل هذا. مؤشرات إيجابية.. وقطاع الطاقة «أولوية» يقول وزير الطاقة والثروة المعدنية الدكتور صالح الخرابشة إن كميات الغاز المكتشفة في حقل الريشة تحمل مـؤشـرات إيجابية، لكنها تخضع للتقييم الاقتصادي لتحديد حجم الإضافة المحتملة للاقتصاد الوطني. وأوضح في المؤتمر الصحفي، الذي ع ُُقد في التاسع عشر مـن تشرين الـثـانـي، فـي منتدى الـتـواصـل الحكومي للإعلان عـن نتائج دراســة تقديرات احتياطيات الغاز الطبيعي في الحقل، أن هـــذه الــتــقــديــرات تستند إلـــى التصنيفات العالمية المعتمدة، إذ يتم الاعتماد «عـــادةًً» على التقدير «المتوسط» كأفضل خيار. وأشــار الخرابشة إلـى أن الاحتياطي المقدر تريليون 11.990 فــي الـمـتـوسـط يـصـل إلـــى قــــدم مـكـعـب مـــن الـــغـــاز الـطـبـيـعـي فـــي جــوف %، ما 39 الأرض، بمعامل اسـتـخـراج نسبته 4.675 يجعل الكميات القابلة للاستخراج تبلغ تريليون قدم مكعب. وتــابــع: «أمـــا أقــل تقدير للاحـتـيـاطـي، فيبلغ تريليون قدم مكعب بمعامل استخراج 9.39 %، والـكـمـيـات القابلة للاسـتـخـراج 30 نسبته تريليون قـدم مكعب، فيما 2.835 تصل إلـى تريليون 14.600 يبلغ أعلى تقدير للاحتياطي ،%43 قـدم مكعب بمعامل استخراج نسبته 6.350 والكميات القابلة للاستخراج تصل إلى تريليون قدم مكعب». وأوضح الخرابشة أن شركة البترول الوطنية تقوم بتعديل خطتها الاستراتيجية للتكيف مع نـتـائـج الـــدراســـة، عـبـر إنــشــاء مـنـشـآت إنتاجية جديدة وخطوط نقل الـغـاز، إلـى جانب تسريع عمليات حفر الآبار، مبيّّنًًا أن هذه الخطوات قد تستغرق نحو عشر سنوات، باستثمارات تتجاوز مليار دينار. 2 وأكد أهمية الغاز الطبيعي في خفض كلف % مقارنة 60 الإنتاج الصناعي بنسبة تصل إلى بـــأنـــواع الـــوقـــود الأخــــــرى، مــمــا يــعــزز تنافسية الصناعات الوطنية ويفتح آفاق ًًا لتوسيع خطوط الإنتاج وتوفير فرص عمل. واســتــعــرض الــخــرابــشــة الــجــهــود الـمـبـذولـة ، إذ تم إطلاق البرنامج الوطني 2022 منذ عام للتنقيب عن النفط والغاز في المملكة، وبدأت شركة البترول الوطنية بإعداد الدراسات على حقل الـريـشـة الــغــازي على مــراحــل، وشملت هــــذه الـــمـــراحـــل إعــــــادة مــعــالــجــة الـمـعـلـومـات الــجــيــوفــيــزيــائــيــة، وإعـــــــداد نـــمـــوذج جـيـولـوجـي ا إلى بالتعاون مـع بيوت خبرة عالمية، وصـــولًا تـنـفـيـذ دراســـــة احــتــيــاطــيــات الـــغـــاز عــبــر شـركـة » الفرنسية. Beicip Franlab« وأشــــار الـخـرابـشـة إلـــى مــشــروع إنــشــاء خط كيلومترًًا يربط حقل الريشة 320 غـاز بطول بمنطقة الخناصري، بسعة إنتاجية أولية تبلغ مليون قدم مكعب يوميًًا قابلة للتوسعة 150 مليون قدم مكعب يوميًًا، مؤكدًًا أن 500 إلى الحكومة تسعى لتسريع إيصال الغاز الطبيعي إلى المدن والمناطق الصناعية لتعزيز تنافسية الصناعات، خاصة في مناطق الروضة والموقر والقويرة والمفرق والقسطل والهاشمية، مما يـسـاهـم فــي جـــذب اسـتـثـمـارات جــديــدة وفتح أسواق أوسع. وعــلــى الـــرغـــم مـــن إعلان مــديــر عـــام شـركـة البترول الوطنية، المهندس محمد الخصاونة، 150 عن خطة لزيادة إنتاج حقل الريشة إلـى ،2029 مليون قـدم مكعب يوميًًا بحلول عـام بئر ًًا جديدة خلال السنوات المقبلة، 70 عبر حفر يوض ّّح الناطق الرسمي باسم الحكومة، الدكتور محمد المومني، أن عمليات التنقيب والحفر ا واستثمارات كبيرة، مشيرًًا تتطلب وقتًًا طويلًا إلى أن قطاع الطاقة يشكل أولوية استراتيجية ضمن رؤيـــة التحديث الاقـتـصـادي، مّّــا يعكس أهمية الــتــوازن بين الـطـمـوح والـخـطـط طويلة الأمد. أخبار حقيقية أم دعاية وخدعة؟ وقال الخبير الاقتصادي قاسم الحموري «إذا صح ّّت الأخبار المتعلقة بغاز الريشة، ولم تكن مجرد خدعة أو دعاية فإن استخراج هذه الكميات مـن الـغـاز يمكن أن يُُــحـدث تغييرات جوهرية وجذرية في الاقتصاد الأردني»، موضح ًًا أن ذلك سيؤدي إلى خفض تكلفة الطاقة والنقل وزيادة تنافسية الاقتصاد الأردني، ويقلل الاعتماد على الغاز المستورد. وأشـــار إلـى أن هـذا سيفتح بـاب التساؤلات حـــــول اتـــفـــاقـــيـــة اســــتــــيــــراد الــــغــــاز مــــن الــكــيــان الصهيوني، وكيفية الخروج منها والتعامل مع الغرامات المترتبة على ذلك. وبيّّن الحموري أن استخراج الغاز يُُسهم في تقليل الـواردات، م ّّا يؤدي إلى تحسين الميزان التجاري بشكل ملحوظ، «وقد نصل إلى مرحلة التصدير»، بالإضافة إلى أن استخراج الغاز يوفر فـرص عمل مباشرة وغير مباشرة، سـواء في قطاع الغاز نفسه أو في القطاعات المرتبطة به والمعتمدة عليه، م ّّا ينعكس إيجابًًا على معظم القطاعات الاقتصادية. وتـوقّّــع أن استخراج غـاز الريشة سيخفّّض ،»%10 مـعـدلات البطالة «بنسبة قـد تتجاوز وذلـك لأن العوائد الاقتصادية ستكون «كبيرة للغاية»، وستُُحدث نقلة نوعية في الاقتصاد، وســتــحــفــز قـــيـــام اســـتـــثـــمـــارات عــــديــــدة، ســـواء المرتبطة مباشرة بالغاز أو التي يُُستخدم فيها الغاز كمدخل إنتاجي. وأوضـــح الـحـمـوري أن قـطـاع النقل سيتأثر بشكل طبيعي باستخراج الغاز، إذ ستنخفض تكلفة النقل نتيجة لخفض تكلفة توليد الكهرباء، مضيفا «على سبيل المثال إذا تمكنّّا من توليد الكهرباء بأسعار أقل فإن استخدام السيارات الكهربائية كوسيلة نقل سيصبح أكثر جدوى من الناحية الاقتصادية»، وذلك يتطلب انسجام السياسات الحكومية مع هذا التوجه. وأشار إلى العديد من المعوقات التي يجب التعامل معها «بحذر» لضمان تحقيق الأهداف الـــمـــرجـــوة، مـنـهـا الــحــاجــة إلــــى رأســـمـــال كبير للبدء في الاستثمار، إضافة إلـى أهمية توفير الخبرات الفنية والتقنية اللازمة لاستخراج الغاز واستثماره بشكل فع ّّال. وتابع «هناك بُُعد سياسي يجب مراعاته، إذ قد لا يروق لبعض الدول أن يمتلك الأردن موارد غازية تُُعزز قدراته التنافسية، الأمر الذي يؤثر على علاقاته السياسية مع دول الجوار، لذلك يتطلب الأمر إدارة حكيمة للعلاقات السياسية بما يضمن مصالح الأردن وتجنب أي توترات إقليمية». وقــال الـحـمـوري إن إيــــرادات الـغـاز ستسهم بشكل كبير في تقليل عجز الموازنة وتخفيف حجم المديونية، مّّــا يُُنعش الاقتصاد الوطني، وستفتح هذه الإيرادات المجال لتنفيذ مشاريع تنموية جديدة ت ُُسهم في تعزيز النمو الاقتصادي وتحسين مستوى المعيشة. فائدة واسعة النطاق وقال خبير الطاقة هاشم عقل إن اكتشافات الغاز في حقل الريشة تمثل «أهمية قصوى» للأردن، إذ توفر طاقة منخفضة التكلفة وتقلل الاعتماد على استيراد المشتقات النفطية، وهذا يتيح للدولة توفير العملات الصعبة التي يمكن استغلالها فـي مشاريع استثمارية أخـــرى، مّّا يعزز الاقتصاد الوطني. وأضاف أن أهمية حقل الريشة تتجاوز الأفراد لتشمل كــافــة الـقـطـاعـات الاقــتــصــاديــة، وعلى رأسها القطاع الصناعي، «الذي يمكن أن يقلل % إذا تـحـوّّل إلى 60 نفقاته بنسبة تصل إلــى استخدام الغاز الطبيعي»، وهذا التحول يسهم فـي زيـــادة الـــصـــادرات، وتـوسـيـع الاسـتـثـمـارات، وتوفير فـرص عمل جـديـدة، وتعزيز الإيـــرادات من الـعـملات الصعبة، الأمــر الــذي يرفع نسبة النمو الاقتصادي. وتابع عقل أن القطاع السياحي سيستفيد «بشكل كبير»، إذ ستنخفض تكاليف الطاقة في الفنادق والمؤسسات السياحية، وبالتالي تقليل التكاليف الإجمالية للقطاع ويجعله أكثر جذبًًا للسياح، لافتًًا إلى أن هذا ينطبق أيض ًًا على المستشفيات والمصالح الاقتصادية الأخـرى التي ستستفيد من خفض نفقات الطاقة، مّّا يدعم تنافسيتها ويسهم فـي تعزيز الاقتصاد ككل. وقال إن الحكومة بدأت، ممثلة بوزارة الطاقة، بــاتــخــاذ خــطــوات جــديــة لـتـطـويـر حـقـل الـريـشـة الـغـازي في إطــار السعي لتعزيز مــوارد الطاقة المحلية، مشيرًًا إلى وجود محادثات بين وزارة الطاقة الأردنية ووزارة البترول المصرية بشأن مد أنبوب غاز يربط حقل الريشة بخط الأنابيب العربي للغاز. وأوضـــح عقل أن خـط الأنـابـيـب العربي يُُعد مــشــروع ًًــا اسـتـراتـيـجـيًًــا يـربـط مـصـر بـالـسـودان والأردن وسـوريـا ولـبـنـان، مـع إمكانية تمديده إلـى تركيا والـعـراق ودول أخــرى لتلبية الطلب الإقليمي على الغاز الطبيعي. وأكد أن هذا المشروع يعزز التكامل الإقليمي في مجال الطاقة، ويوفر للأردن فرصة لتصدير الغاز والاستفادة من عوائد اقتصادية إضافية، إذا ما ظهرت حاجة فعلية لهذا الغاز في الأسواق الإقليمية والدولية. وقال عقل إن هذا الإنتاج سيؤدي إلى تراجع كبير فــي مــســتــوردات الأردن مــن المشتقات البترولية، مثل الغاز، البنزين، الديزل، والكاز، وتقليل فـاتـورة الطاقة بسبب التحول الكبير نحو الاعتماد على الغاز الطبيعي كمصدر رئيسي لـلـطـاقـة، لافـتـا إلـــى أنـــه مــن الـمـتـوقـع أن تصل مستوردات الغاز إلـى «الصفر في المستقبل القريب». وإلــى جانب مشاريع استخراج الـغـاز، أشـار عقل إلى وجود توجه واضح نحو تطوير القطاع اتفاقية 13 التعديني في الأردن، إذ تم توقيع تعدين مع العديد من الشركات، إضافة إلى أربع 2027 اتفاقيات تنفيذية تُُستكمل بحلول عام للبحث عن النحاس والذهب والمعادن الثمينة الأخرى. وتـــابـــع «تــــم تـقـسـيـم الأردن إلــــى مــربــعــات تعدينية، بهدف تنظيم عملية البحث والتنقيب واستقطاب الشركات المحلية والدولية للتقدم لـهـذه الـفـرص الاسـتـثـمـاريـة»، موضح ًًا أن هذا التوجه يُُبرز «الإمكانيات الكبيرة» التي يمتلكها الأردن في قطاع التعدين، «ولكنه يتطلب وقتًًا كافيًًا وصبرًًا لتحقيق النتائج المرجوة». وقال عقل إن هذا السيناريو يبعث التفاؤل، ا كبيرة بتحقيق نقلة إذ يحمل فـي طياته آمـــالًا نوعية فـي قـطـاع الـطـاقـة الأردنــــي، ودفـــع عجلة النمو الاقتصادي من خلال تعزيز الاستثمارات المحلية وزيادة عوائد التصدير. بــدوره، قال خبير الطاقة عامر الشوبكي إن مليون قدم 17 إلى 16 حقل الريشة ي ُُنتج قرابة مكعب من الغاز يوميًًا، وذلك وفقًًا للكشوفات الصادرة عن شركة البترول الوطنية، موضح ًًا أن % إلى 3 هـذه الكمية تكفي لتغطية ما نسبته 300 % من احتياجات الأردن، والتي ت ُُقد ّّر بنحو 4 مليون قدم مكعب يوميًًا. 350 إلى وتابع «وفـقًًــا لشركة البترول الوطنية، فإن مليون قدم 45 لديها قـدرة إنتاجية تصل إلـى مكعب يوميًًا، ويُُتوقع أن تــؤدي الاستثمارات المستقبلية في حقل الريشة إلى رفع الإنتاج مليون قدم مكعب يوميًًا». 200 إلى نحو وأوضــــح الـشـوبـكـي أن إنــتــاج حـقـل الريشة يمكن أن ينعكس إيجابي ًًا على فاتورة الطاقة في الأردن «بشكل ملحوظ»، خاصة إذا تمك ّّن الحقل من تلبية جزء كبير من احتياجات الأردن، مشيرا إلى أنه كلما زاد الإنتاج في الحقل تقلصت حاجة الأردن لاستيراد الغاز الطبيعي من الخارج. وأضـاف أن هذا الأمر يساهم بشكل مباشر في تقليل العبء المالي على الموازنة العامة للدولة، إذ تصبح فاتورة استيراد الطاقة أقل، وأن زيادة الإنتاج يمكن أن تحقق إيرادات إضافية للحكومة «إذا تم تصدير الفائض من الغاز بعد تغطية الاحــتــيــاجــات الـمـحـلـيـة»، لافــتًًــا إلـــى أن رفع إنتاجية الحقل لا يقتصر فقط على تقليل النفقات، بـل يفتح المجال لتعزيز الاسـتـقلال الطاقوي ودعم الاقتصاد الوطني. وأشار الشوبكي إلى تقديرات وجود احتياط تريليون قدم 4.6 مـؤكـد مـن الـغـاز، يبلغ نحو مكعب، وهذا الاحتياطي «الكبير» يتيح للأردن تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز في المستقبل، بشرط وجود استثمارات كافية لتطوير الحقل وزيادة الإنتاج. وقـال إن الحاجة إلى التمويل والتكنولوجيا المتقدمة يتطلب استقطاب استثمارات من شـركـات كـبـرى مؤهلة تمتلك الخبرة المالية والتقنية اللازمة، متابع ًًا «مشاريع بهذا الحجم والطموح تحتاج إلى شراكات استراتيجية مع جـهـات قـــادرة على تحقيق التطوير المطلوب بكفاءة واستدامة». وفي المستقبل، يتوقع الشوبكي أن يتزايد دور الغاز بشكل أكبر مع التوجه نحو استخدامه كوقود للسيارات، م ّّا يُُسهم في تقليل الاعتماد على المشتقات النفطية التقليدية، وخفض فاتورة الطاقة، ولذلك يُُعد الغاز عنصرًًا أساسيًًا في تعزيز كفاءة واستدامة قطاع الطاقة الأردني. مـن جانبه، يـرى الخبير الاقـتـصـادي موسى الساكت أن استخدام غاز الريشة سيؤدي إلى خفض مباشر في تكاليف الطاقة، م ّّا سينعكس إيجابًًا على تنافسية المنتج الوطني، كما يُُتوقع أن يؤدي ذلك إلى تخفيض تكاليف الإنتاج الكلية %، م ّّا يؤثر إيجابي ًًا 15 % و 10 بنسبة تتراوح بين على تكلفة المنتج النهائي. وقــــال الـسـاكـت إن الأردن يمتلك مـخـزونًًــا استراتيجيًًا كـبـيـرًًا مـن الـغـاز الطبيعي «وفـقًًــا للإحصاءات»، لكن استخراج هذا الغاز يتطلب استثمارات مالية كبيرة، ومن المتوقع أن يتم الاعتماد على هـذا الغاز كمصدر بديل للطاقة المستوردة على المدى الطويل، وليس بشكل فوري. وتـابـع «زيـــادة إنـتـاج الـغـاز سيكون لها تأثير إيجابي على الميزان التجاري، إذ ستسهم في تقليل العجز التجاري وتعزيز الناتج المحلي الإجمالي»، مشيرًًا إلى أن خفض تكاليف الإنتاج يحس ّّن الـقـدرة التنافسية للصادرات، مّّــا يعزز الميزان التجاري بشكل غير مباشر، «والأهـم مـن ذلــك هـو أن هــذه التحسينات ستنعكس إيجابًًا على المديونية مـن خلال رفـع معدلات النمو الاقتصادي». وأضــــاف أن تـأثـيـر «مـــشـــروع غـــاز الـريـشـة» سيظهر على المدى المتوسط إلى الطويل، ومع توسع المصانع وزيادة الصادرات، ستنشأ فرص عمل جديدة نتيجة ازدياد الاستثمارات المحلية والأجنبية، م ّّا يسهم في تعزيز النمو الاقتصادي وتوظيف الأيدي العاملة المحلية. وتابع «لن يقتصر تأثير غاز الريشة على قطاع الطاقة فحسب، بل سيشمل مختلف القطاعات الإنتاجية، وانخفاض تكلفة الطاقة، كواحد من أهم مدخلات الإنتاج، سيشجع الاستثمارات في العديد من المجالات، بالإضافة إلى أن عمليات استخراج الغاز ستجذب شركات عالمية تمتلك الخبرات اللازمة، مما يعزز الاستثمار في قطاع الطاقة. وقـال الساكت إن توفر مصدر طاقة محلي مــثــل غــــاز الــريــشــة سـيـشـجـع اســتــخــدامــه في العديد مـن الصناعات، بما فيها قطاع النقل، ولكن هذا يتطلب أيض ًًا استثمارات إضافية في البنية التحتية لدعم هذا التحول بشكل شامل ومستدام. مـــن جـهـتـه، قـــال الـخـبـيـر الاقـــتـــصـــادي فـايـق حجازين إن اكتشاف غاز الريشة يعود إلى عام ، حيث أجرت شركة «أويل شل» عمليات 2012 التنقيب، وأثبتت وجود كميات من الغاز التي يمكن أن تسهم فــي حــل مشكلة الـطـاقـة في الأردن، متابع ًًا «لاحقًًا توقفت شركة «بريتيش بتروليوم» عن العمل لأسباب أمنية وسياسية، وسلّّمت الملف للدولة الأردنية ثم بدأت شركة البترول الوطنية بحفر الآبــار المحددة مسبقًًا أثناء عمليات الاستكشاف، حيث تم تحديد نحو 8 إلى 5 موقع ًًا بقدرات إنتاجية تتراوح بين 50 ملايين قدم مكعب لكل بئر». ويــــرى أن غــــاز الــريــشــة سـيـخـفـض تكاليف الطاقة في الأردن بشكل كبير، خاصة أن الأردن % من احتياجاتها على شكل وقود 95 تستورد أحفوري، مثل الديزل والبنزين والوقود الثقيل والنفط الخام، ويتم استخدام هذه المواد لتوليد الكهرباء التي يتم تصدير جـزء منها واستيراد جزء آخر. وأشار حجازين إلى دراسات جدوى الاستثمار فـي هــذا الـغـاز الـتـي أكـــدت أن الـغـاز يسهم في تـقـلـيـل تـكـالـيـف الاســـتـــيـــراد، وتــوفــيــر الــعــملات الأجنبية، وتنمية الخبرات المحلية في مجال إنتاج الطاقة، مؤكدا أن استخدام الغاز المحلي لتوليد الـطـاقـة يُُــعـد خــيــارًًا أفـضـل مـن الناحية البيئية مقارنة بالوقود الأحفوري التقليدي. وتابع «فـي المرحلة الحالية سيخفف الغاز «المنتج محليًًا» من حجم الاستيراد دون أن ي ُُلغي الحاجة إليه تمام ًًا، نظر ًًا لأن الأردن يستهلك كميات كبيرة من الغاز المستورد عبر مصر من خلال شركة «فـجـر» الأردنــيــة المصرية، حيث يتم ضخ الغاز في خط الغاز العربي الـذي يمر عبر الأراضـــي الأردنـيـة لخدمة قطاعي الصناعة وتوليد الطاقة»، مضيفًًا أن الأردن لن يتوقف عـن استيراد الـغـاز كليًًا لكنه سيُُقلل الاعتماد على الواردات. وأوضـــح حجازين أن إنـتـاج الـغـاز فـي أي بلد لا يـقـتـصـر عـلـى دعـــم قــطــاع الــطــاقــة فــقــط، بل يفتح المجال أمـام العديد من الصناعات التي تعتمد عليه، مثل إنـتـاج الميثان الــذي يدخل مـبـاشـرة فـي صناعة الأســمــدة، كما يمكن أن تظهر صناعات أخرى تُُعرف بالصناعات الثانوية » التي تعتمد على إنتاج الغاز. Byproducts« وأشار إلى أن انخفاض أسعار الطاقة عالميًًا قد يشكل تحديًًا أمام المشروع، حيث يكتسب إنتاج الغاز أهمية خاصة مع ارتفاع أسعار النفط، لكنه يواجه صعوبات في حالة انخفاضها، مما يجعل الاستثمار في الغاز أقل جاذبية. تأكيد رسمي لتجنّّب تراجع الثقة وقـال الخبير الاقتصادي حسام عايش «إذا تأكدت البيانات المتعلقة بغاز الريشة، سيزوّّد المشروع الأردن بالغاز لعشرات السنوات، مّّا يقلل بشكل كبير مـن تكلفة الطاقة ويضيف إيــرادات جديدة تدعم الناتج المحلي الإجمالي وتـــطـــور الــصــنــاعــات والـــخـــدمـــات»، مـضـيـف ًًــا أن إنتاج الغاز محليًًا سيقلل اعتماد الأردن على استيراد الغاز والطاقة بشكل عـام، كما يمكن أن يساهم في تصدير الغاز مستقبلاًً، مما يزيد من الإيرادات ويعزز احتياطي العملات الأجنبية. وأوضح عايش أن الكميات الجديدة من الغاز ستساهم فـي تحقيق مـعـدلات نمو تصل إلى % وفق رؤية التحديث الاقتصادي، وستؤدي 6 إلى تحسين التصنيف الائتماني للأردن، وزيادة الاسـتـثـمـارات، وخـلـق فــرص عمل نوعية ذات قيمة مضافة عالية. وذكــــر عــايــش الــتــحــديــات الــتــي تــواجــهــه غـاز الريشة، وتشمل التكلفة العالية لتطوير الحقل التي تجاوز ملياري دينار، والوقت الطويل اللازم سنوات»، وتأثير انخفاض أسعار 4 إلى 3 «من الغاز عالمي ًًا الذي قد يجعل كلفة الإنتاج المحلي أعــلــى مـــن الاســـتـــيـــراد، بـــالإضـــافـــة إلــــى الـحـاجـة لتقنيات متقدمة وخبرات متخصصة لضمان كفاءة الاستثمار. وتابع «التحديات تشمل حالة عدم اليقين فـي المنطقة، والـتـاريـخ السابق للإعلانـــات عن اكتشافات نفطية أو غازية لم تحقق التوقعات، وهذا يستدعي تأكيدات رسمية بشأن الكميات الـمـعـلـنـة لـتـجـنـب تـــراجـــع ثــقــة الـمـسـتـثـمـريـن والمواطنين». ومع التحول العالمي نحو الطاقة المتجددة، قـــال عــايــش إن «مـــن الـمـمـكـن» أن تنخفض أسعار الغاز التقليدي، لكن الاستثمار في الغاز يظل استراتيجيًًا للأردن خاصة إذا تم دمجه مع مشاريع الطاقة المتجددة مثل الهيدروجين الأخضر والأمونيا الزرقاء. آمال واعدة لمستقبل الطاقة في الأردن غاز الريشة..هل سيشك ّّل نقطة تحول للاقتصاد الأردني أم محطة لآمال مؤجلة؟ احتياطيات ضخمة واستثمارات طويلة الأمد لتحقيق الاستقلال الطاقوي تفاؤل كبير بما سيحققه غاز الريشة اقتصاديا
RkJQdWJsaXNoZXIy NTAwOTM=