صحافة اليرموك

٢٠٢٤ كانون الأول 29 _ ١٤٤٦ جمادى الآخرة 28 الأحد 4 شرفات إربد المدينة العريقة تاريخيا، ليست مجرد صفحات من الماضي، بل هي حاضنة للإبـداع الأدبي والفني في العصر الحديث، حيث أنجبت شخصيات بـارزة، مثل الشاعر مصطفى وهبي التل «عرار»، والأديب محمود الروسان، اللذين أثريا المشهد الثقافي الأردنـي والعربي.. وبهذا المزيج الفريد من التاريخ والثقافة المعاصرة، تـظـل إربـــد محطة جـــذب لـعـشـاق الـفـن والأدب ومصدر إلهام لجيل جديد من المبدعين، الأمر الذي يحتم علينا الحفاظ على إرثها والسعي نحو تسويقه عالميًًا وعربيًًا. تقول أستاذة علم الآثار في جامعة اليرموك الدكتورة لمياء الـخـوري إن إربــد ليست مجرد مــديــنــة حــديــثــة، بـــل هـــي شــاهــد عــلــى مــراحــل متعددة من التاريخ تمتد إلى ما قبل العصور الكلاسيكية، مشيرة إلى أن الفترة الأكثر تميزًًا فـــي تـــاريـــخ إربــــد تــعــود إلـــى الــعــصــور الـيـونـانـيـة والــــرومــــانــــيــــة، حـــيـــث كـــانـــت جـــــــزء ًًا مــــن حـلـف «الـديـكـابـولـيـس»، وهـــو اتــحــاد لـلـمـدن العشر الـشـهـيـرة الـتـي لعبت دورًًا بــــارزًًا فــي النشاط التجاري والثقافي خلال تلك الحقبة. وأضافت أن الحفريات الأثرية التي أُُجريت في مدن مثل أم قيس، وبيت رأس، كشفت عن معالم معمارية فريدة، بما في ذلك الشوارع المبلطة والـمـعـمـدة، والــمــدن الـمـسـوّّرة التي تضمنت مبان عامة مثل المسارح والمعابد، فـــضلا عــن مــنــازل خـاصـة تعكس نـمـط الحياة اليومية في تلك الفترات، متابعة أن هذه المدن كـانـت مـــراكـــزًًا حـضـاريـة متكاملة تــقــدّّم صــورة واضحة عن مستوى التقدم العمراني والثقافي الذي شهدته المنطقة. وقالت الخوري إن تاريخ إربد لا يقتصر على العصور القديمة فقط، فالمدينة استمرت في لعب دور محوري خلال فترات لاحقة، بما في ذلك العصور الإسلامية والحديثة، مشيرة إلى أن مـوقـعـهـا الاسـتـراتـيـجـي الـــرابـــط بـيـن الأردن وسـوريـا، جعلها ملتقى للقوافل التجارية، مّّا أسهم في ازدهارها الاقتصادي ونشاطها الثقافي الذي جعل إربد ذات نسيج اجتماعي متنو ّّع. وتتذكر الخوري كيف كانت الجاليات الأجنبية والعربية تعيش جنب ًًا إلى جنب في إربد، وخاصة الجالية السورية، التي ساهمت في إثراء الطابع الثقافي للمدينة، متابعة أن التجارة بين إربد وســوريــا لـم تكن مـجـرد عملية اقـتـصـاديـة، بل كـانـت وسـيـلـة لـتـبـادل الـــعـــادات والـتـقـالـيـد، ما أضفى طابع ًًا مميزًًا على المدينة. وأشـــارت الـخـوري إلــى أن تنوع إربــد يجعلها وجهة تجارية بــارزة، حيث يمكن للزوار العثور عـلـى منتجات مـمـيـزة «قـــد لا تـتـوفـر فــي مـدن أخـــــرى»، مـعـتـبـرة أن أســواقــهــا لـيـسـت مـجـرد أماكن للتجارة، بل فضاءات للتفاعل الاجتماعي والثقافي بين السكان المحليين والـزوار، لافتة إلى أن جمال الطبيعة في إربد يضيف بُُعد ًًا آخر لجاذبيتها، فإلى جانب المواقع الأثـريـة، توفر المدينة للسياح فـرصـة للاستمتاع بالمناظر الطبيعية. واختتمت الـخـوري حديثها بـأن إربــد تمتلك كل المقومات لتكون واحدة من أهم الوجهات السياحية في الأردن.. تاريخها العريق، أسواقها المتنوعة، وطبيعتها تجعلها مميزة «بكل معنى الكلمة»، مشددة على ضــرورة الاستثمار في القطاع السياحي لتعزيز دور المدينة كمحور ثقافي واقتصادي في المنطقة. مدينة غنية بالمتاحف في قلب مدينة اربد يتربع ديوان كريزم وهو ديــوان تاريخي يعتبر من أهـم المعالم الأثرية الــتــي تــزيــن اربــــد والــــذي صنفته دار الـعـمـران ضمن قائمة المباني المئة والتسعة والسبعين المهمة في إربد والمباني العشرين الأولى التي يمنع هدمها. ولأكـثـر مـن ثماني أو تسع سـنـوات أُُضيف ديوان كريزم على الخرائط السياحية والثقافية والـفـنـيـة فـــي مـديـنـة إربـــــد، م ّّـــا عـكـس أهميته التاريخية والثقافية والـــذي أدى إلـى اكتشاف الزوار لهذا المكان. وقال العضو السابق في لجنة التراث الشعبي والأشـغـال اليدوية والـحـرف عصام كـريـزم إن الديوان كان منصة لاستضافة فعاليات متنوعة شملت مستويات محلية وعالمية، مشيرا إلى أن الديوان استقبل فعاليات شاركت فيها دول مـن مناطق مختلفة حــول الـعـالـم، مثل الهند وباكستان والبحرين وقطر والعراق والجزائر. وأوضـــح كـريـزم أن الــديــوان لـم يقتصر على استضافة فعاليات محلية وعالمية متنوعة، بل نظم أيض ًًا مهرجانات دولية كبرى، مثل مهرجان السنابل الدولي، بالإضافة إلى مهرجاني عشتار وقيصر. وأكـد كريزم أن الهدف من إحياء السهرات الثقافية فيه هو صون التراث الوطني واستلهام قيمه الخالدة، وتخليد ذكرى الأجيال السابقة، وإبـــقـــاء ذكـــريـــات الآبـــــاء والأجـــــــداد حـــاضـــرة في الأذهان. وقــــال كــريــزم إن الـــديـــوان تــم تـعـزيـزه من خلال إعـداد البروشورات ووضعها في الخرائط الـسـيـاحـيـة لإربـــد وإعـــــداد بـــروشـــورات لتعريف الــزائــريــن فــي هـــذه الـقـطـع والأدوات الـتـراثـيـة الـــمـــوجـــودة، بــالإضــافــة إلـــى تـنـظـيـم الأمـسـيـات الثقافية والشعرية واستخدام قنوات اليوتيوب والمواقع الأخرى للنشر عن الديوان. وأشـار إلى أن البيوت التراثية في إربـد مثل بيت النابلسي وبيت الشرايرة وبيت عرار تفتقر إلى المقومات التراثية الحقيقية، حيث تقتصر على كونها مجرد مكاتب إداريـــة تغلق أبوابها خلال الساعه الثالثة أو الرابعة، مشيرا إلى أن هذه البيوت تغلق أبوابها أيام العطل الرسمية ماعدا بيت عـرار، مّّا جعلنا نهتم أكثر بالديوان وجعله وجهة مميزة للزوار والسياح. وبين كريزم أنه اقترح سابقا عدة مشاريع لتطوير هذه البيوت منها تحويل بيت النابلسي إلـى متحف للحياة الشعبية، وبيت الشرايري إلى متحف للحياة السياسية، حيث يتم عمل تـمـاثـيـل بـالـشـمـع لـشـخـصـيـات تـاريـخـيـة مثل وصـفـي الــتــل، مـشـيـرا إلـــى أن هـــذه المشاريع بحاجة إلــى دعــم مـــادي ومـعـنـوي مـن الجهات المعنية ولكن لم تلق أي دعـم وتـم إلغاء هذه المشاريع. واوضح كريزم انه قام بتأسيس جمعية «ابن الزمان للتراث والتنمية الثقافية» التي تعنى بالتراث والحفاظ عليه، ونقله للأجيال القادمة الأمر الذي أدى إلى الاهتمام بالتراث الموجود في اربد. بــــدوره، قــال مـديـر متحف دار الـسـرايـا زيـاد غـنـيـمـات إن الـمـتـحـف كــــان فـــي الأصــــل قلعة شيدت على يد العثمانيين في منتصف القرن التاسع عشر فوق الطرف الجنوبي لتل أربد. وأضـــــاف غـنـيـمـات أن الـمـتـحـف يـتـألـف من آلاف ٤ طابقين تبلغ مساحة كل منهم السفلي ٤٠٠ متر مربع، والطابق العلوي حوالي ألف و متر مربع. 1886 وأوضح أن المبنى استخدم في عام كمركز ومقر جديد للحاكم العثماني السرايا عندما استحدثت الحكومة العثمانية وحـدة إداريــــــة بـــاســـم ســنــجــق، ثـــم اســتــخــدم كسجن م، 1921 ومركز للشرطة في عهد الإمــارة عـام إلى أن تم استملاكه من قبل دائرة الآثار العامة م حيث أجرت جميع أعمال الصيانة 1994 عام والترميم للمبنى حتى يكون ملائـم ومناسب تــم افتتاحه 2007 كمتحف أثــــري، وفـــي عـــام كمتحف رسميًًا يضم اللغة الأثرية. وتـابـع غنيمات أن المتحف يضم عـــددا من القطع الأثـريـة التي تم اكتشافها في محافظة إربد والعديد من لوحات الفسيفساء، ويتكون من سبع قاعات تحيط بساحة مكشوفة فيها مـجـمـوعـة مــن الـقـطـع الـحـجـريـة الـكـبـيـرة مثل التوابيت والتيجان والأعمدة والمعاصر لتعبر عن نشاط المدينة الحضاري والثقافي والفني عبر العصور. وبين غنيمات أن وزارة السياحة تنظم رحلات سياحية استكشافيه قيمتها ربع دينار للمواطن الأردني وثلاثة دنانير لغير المواطنين الأردنيين بـــالإضـــافـــة إلــــى إعـــفـــاء الــــمــــدارس والــجــامــعــات والكليات من هذه الرسوم. وقالت رئيسة قسم بيت عرار رجاء الطاهات إن بيت عرار ليس مجرد صرح ثقافي فحسب بل هو متحف يروي قصة حياة الشاعر الأردني الكبير مصطفى وهبي التل (عرار)، ويشهد على تاريخه الثقافي. وأوضــحــت أن هـــذا الـبـيـت بُُــنـي مــن الحجر البازلتي الأسود وحجر القرطيان، م ّّا أضفى عليه طابعا معماريّّا فريدا يشبه البيوت الدمشقية ليضم 1905 القديمة، وتـم توسعته فـي عـام خمس غرف وساحة واسعة وتتوسط الساحة حديقة خضراء تضفي على المكان طابعا مميزاًً. وبينت الـطـاهـات أن هــذا البيت شهد على العديد من المراحل التاريخية، فبعد أن سكنته عائلة الشاعر استضاف المستشار البريطاني سمرسميث ثـم تـحـول إلــى مـدرسـة وعـيـادة، واستخدم كمركز ثقافي وقد عاش الشاعر عرار فيه سنوات عديدة، وكانت جدرانه شاهدة على ولادة العديد من قصائده التي نالت الشهرة. وأشــــــــــارت إلـــــى أن قـــصـــائـــد عـــــــرار تـعـكـس اهتمامه بالقضايا القومية، وفي طليعتها قضية فلسطين، كما تجسد همّّه الإنساني ونصرته للضعفاء والمظلومين، وكانت له صلات وثيقة بـالـمـلـوك الـهـاشـمـيـيـن وبـنـخـبـة مـــن الـشـعـراء والأدباء العرب. وأكدت الطاهات أن بيت عرار مفتوح للجميع، للمواطنين والسياح ودون دفع أي رسوم، ويتم تنظيم زيــــارات مـدرسـيـة وجامعية وأمسيات أدبية وثقافية للكتاب والادباء واللقاءات بهدف تـعـريـف الأجــيــال الـقـادمـة بـتـاريـخ هـــذا المكان الثقافي وبهذا الشاعر. متحف التراث الأردنـي في جامعة اليرموك، هو الآخر يلعب دور ًًا هام ًًا في نشر الوعي بالتراث الوطني وتثقيف الأجيال الجديدة بتاريخ بلادهم، من خلال المعارض والبرامج التعليمية وورش العمل والأنشطة التفاعلية، ويُُساهم المتحف فــي تـعـزيـز الانــتــمــاء الـوطـنـي وتـرسـيـخ الـهـويـة الـثـقـافـيـة، كـمـا يُُــشـجـع الـمـتـحـف عـلـى البحث العلمي والـدراسـات الأثرية والتاريخية، ويُُوفر لـلـبـاحـثـيـن والــــــطلاب الـــمـــصـــادر والـمـعـلـومـات اللازمة لإجراء أبحاثهم ودراساته وقـــالـــت فــنــي مـتـحـف الــــتــــراث الأردنـــــــي في جـامـعـة الــيــرمــوك علا أبـــو طــالــب إن المتحف وهـو متحف علمي تعليمي 1988 تأسس عام لـلـطلاب يتحدث عـن الإنـسـان على مـر العصور مـن خلال تسلسل الـزمـنـي بالحياة الـتـي كان يعيشها الإنسان بدءا بالعصور الحجرية وانتهاء بالفترات التراثية. وأكدت أن المتحف يقدم سردًًا زمنيًًا دقيقًًا لـحـيـاة الإنـــســـان، مـعـتـمـد ًًا عـلـى الـقـطـع الأثـريـة المستخرجة مــن مختلف التنقيبات الأثـريـة فـي الأردن وتنقسم قـاعـات المتحف إلــى عدة أقــــســــام كــــل قـــســـم يــســتــعــرض حــقــبــة زمـنـيـة مـــحـــددة تـتـحـدث عـــن الــعــصــور الـحـجـريـة الـتـي استخدم فيها الانسان، الحجر في صناعة أدواته، والصالة الثانية تتحدث عن العصور البرونزيه والحديدية حيث استخدم فيها الإنسان الحجر بالفخار ومعدن البرونز يليها الفترة الحديدية التي استخدم فيها الإنسان الحديد في صناعة الأدوات. وتابعت من ثم الفترات الكلاسيكية بـدءا بالفترة اليونانية والرومانية يليها الفترة البيزنطية التي ظهر فيها الـديـن المسيحي و الرابعة تتحدث عن الفترات الإسلامية الأموية، العباسية، الأيوبية، والمملوكية. وبينت أبو طالب أن المتحف يعرض فترات تراثية أو مراحل تراثية من خلال عـرض دكان للعطار (الـــتـــداوي بــالاعــشــاب) والــمــحــددة من صــنــاعــة الأدوات الـــحـــديـــديـــة ودولاب الــفــخــار ومجموعة من الأدوات الخشبية، كما يعرض المتحف نموذج عن بيت ريفي يتكون من غرفة معيشة والخان الـذي يستخدم لحفظ الأدوات الزراعية وفرن تراثي لخبز الطابون. وأوضحت أن أبرز ما يميز المتحف هو عرضه لـمـجـمـوعـة مـتـنـوعـة مـــن الـقـطـع الأثـــريـــة الـتـي تعكس الحياة اليومية للإنسان في تلك العصور، مثل أدوات الـزراعـة والصيد والـحـرف اليدوية، كما يضم المتحف قاعة خاصة تعرض نماذج من البيوت الريفية التقليدية والأفران التراثية، مما يمنح الــطلاب فرصة فريدة للتعرف على نمط الحياة في الماضي. ونــوهــت أبـــو طــالــب إلـــى أن مـتـحـف الــتــراث الأردنــــــي فـــي جــامــعــة الـــيـــرمـــوك يُُــعـتـبـر وجـهـة مثالية للباحثين والطلاب والمهتمين بالتاريخ والــحــضــارات الـقـديـمـة، حيث يـوفـر لهم فرصة للاستكشاف والتعلم واكتشاف كنوز الماضي. خبراء: اربد تعاني مشكلة في التسويق قـــال خـــبـــراء وعــامــلــون بـالـقـطـاع الـسـيـاحـي، إن اربــد الوجهة السياحية المفضلة للعائلات بشكل عام؛ إذ تتمتع اربد بالعديد من المقومات والأماكن التراثية التي ساهمت في زيادة نسبة السياحة فيها، كما شهدت المدينة العديد من الفترات الاستيطانية والتاريخية، ومن أهم هذه الأماكن السياحة دار السرايا، والبيت النابلسي وبيت عرار وغيرها من الأماكن. ولفت أستاذ السياحة في جامعة اليرموك الـدكـتـور مـاهـر طــربــوش إلـــى أهـمـيـة التسويق للسياحة لي محافظة اربــد ودورهـــا في عملية جذب السياح وتوفير مستلزمات هذا التسوق مـــن مـــــحلات تـــجـــاريـــة لــبــيــع الــتــحــف الـقـديـمـة التقليدية وتوفير البنية التحتية والتفكير في إقامة مهرجان للتسوق على غرار ما يتم في دول أخـرى مع وضـع خطة لتهيئة المواطن الأردنـي لاستقبال السياح وكيفية التعامل معهم . ونوه إلى أن المقومات السياحية الفريدة في محافظة اربد وتوفر السياحة العلاجية والدينية والبيئية والاثـريـة والتاريخية جعلتها مقصدا سياحيا فريدا محليا وإقليميا وعالميا بالرغم من مواجهتها العديد من المعوقات. وأشار طربوش إلى أهمية استمرار وتكثيف الـجـهـود المتعلقة بـتـرويـج المملكة سياحيا وتـــأهـــيـــل شـــقـــق فــنــدقــيــة فــــي مــحــافــظــة اربــــد لاستقبال السياح. وقالت الأستاذة في كلية السياحة في جامعة اليرموك الدكتورة فخرية درابسه إن مدينة إربد تعد مـن الـمـدن ذي الـتـاريـخ والـحـضـارة وذلـك بسبب وجــود الكثير مـن المقومات سياحية والـثـقـافـيـة ومـنـهـا وســـط الــبــلــد، بـيـت عـــــرار، و الــنــابــلــســي، ودار الـــســـريـــا، وبـيـئـتـهـا الــخــضــراء والعديد من المقومات الأخرى. وأوضحت درابسة أن مدينة اربد تعاني من عدم وجودها على خارطة السياحة بشكل جيد كغيرها من المدن الموجودة في الاردن كالبتراء ووادي رم، مـؤكـدة أن المشكلة الرئيسية في مدينة اربد هي عدم التسويق لها وليس البنية التحتية وغيرها من الأمور. ولفتت درابسة إلى ضرورة اهتمام الجهات المعنية بشكل جــدي مـع مشكلة عــدم وجـود مدينة اربد على خارطة السياحية والتركيز على المقومات الموجودة في هذه المدينة كإمكانية ربط المواقع الطبيعية وغيرها من المقومات. غنية بمتاحفها التاريخية إربد.. ملتقى التراث والثقافة وتاريخ ينبض في وسط المدينة ࣯ ز عواملة � ت � ج ود مساد ومع � ي رموك- سلام العمري وس � صحافة ال ࣯ يماء محمد الحسن � ي رموك ـ ت � صحافة ال تعتبر المصطلحات الإعلامــيــة مهمة فـي تشكيل الصورة الذهنية لدى الجمهور، لأنها ليست كلمات أو تعبيرات فقط بل هي أدوات قوية تؤثر على الرأي العام وعلى كيفية فهم و توضيح الأحداث لما يشهده الإعلام من تحديات راهنة و تغيرات سريعة جداًً، لذا يجب تذكر دائما دقة المصطلحات هامة ومؤثرة لتجنب أن تكون مـدخلا لتشويه الحقيقة، فهل نستخدم المصطلحات وفقا لدقتها و توافقها مع الواقع ؟ فــي هـــذا الـسـيـاق، قـــال أســتــاذ الإعلام الـرقـمـي في جامعة الـشـرق الأوســـط الدكتور صــدام المشاقبة إن اللغة تعد وعـــاء ثقافيا يعكس الثقافة المجتمعية، حيث تحمل الـمـفـردات والمصطلحات فـي جوهرها قيم و أيديولوجيات المجتمع، معتبرا أن هناك علاقة ديناميكية بـيـن الـلـغـة و الـثـقـافـة المجتمعية، حيث استغلها السياسيون والمثقفون لتوجيه أفكارهم و تأثيرهم في المجلات السياسية. وأضاف المشاقبة أن كل أيديولوجية حديثة تتسم بمصطلحاتها الخاصة التي تعبر عن منطقها و مبادئها، مثل تركيز الليبراليين على المصطلحات الديمقراطية وحرية التعبير، بينما يركز الاشتراكيون على العدالة الاجتماعية و المساواة. وتــابــع أن الأغـلـبـيـة تـسـعـى دائـــمـــا لـتـكـريـس وجهة نظرها لدى الجمهور من خلال نشر مصطلحات تخدم توجهاتها، محاولين جعلها مهيمنة في الخطاب العام بوسائل الإعلام. وفـي نفس السياق، أفـاد أستاذ الإعلام في جامعة البترا الدكتور حسام عتوم أن المصطلحات الإعلامية ذات جذور سياسية وأهـداف واضحة، حيث تستخدم بشكل استراتيجي لتوجيه الرأي العام، مشيرا إلى أن الـوعـي الإعلامـــي يتضمن أبـعـادًًا سياسية واقتصادية واجتماعية. وأكد أهمية توحيد الخطاب الإعلامي العربي لمواجهة محاولات التضليل وهذا يتطلب من الإعلام العربي أن يكون أكثر فعالية في تقديم رواية متوازنة. ومن جانبه، أكد عضو مجلس إدارة مركز حماية و حرية الصحفيين الصحفي نضال منصور على ضرورة الالـتـزام باستخدام المصطلحات الدقيقة والمناسبة وفـــي الـمـؤسـسـات الإعلامـــيـــة الـمـحـتـرفـة يتعين على الصحفيين الالتزام باستخدام المصطلحات التي تضعها المؤسسة لأن ذلك يساهم في الحفاظ على المهنية والمصداقية في العمل الإعلامي. وأضــــــــاف مـــنـــصـــور أنـــــه مــــن الـــــضـــــروري أن تــكــون الــمــصــطــلــحــات بـــعـــيـــدة عــــن الانــــحــــيــــازات بــمــعــنــى أن الصحفيين يجب أن يتجنبوا استخدام مصطلحات قد تساهم في تعزيز التمييز أو تشويه صورة أي فئة ويجب أن تكون المصطلحات متوافقة مع المنهج الحقوقي والالــتــزام بالمعايير الإنسانية والحقوقية فـي تناول القضايا المختلفة. وأوضـــح منصور أن المصطلحات يجب أن تكون مستندة إلى فهم حقوقي في معالجة القضايا المتعلقة بالنزاع، مثل قضية المقاومة حيث يفضل أن يُُستخدم مصطلح مقاوم بدلا من إرهابي لأن المصطلح قد يكون محملا بمعاني غير دقيقة ويخالف المبادئ الحقوقية الـتـي تـقـر بـحـق الـشـعـوب فــي مـقـاومـة الاحــــتلال و أن الإعلام لا ينبغي أن يخضع للضغوط الخارجية، بل يجب أن يعكس مواقف حقوقية تتوافق مع القيم الإنسانية. وتابع منصور أن الإعلام يلعب دورًًا كبيرًًا في التأثير على الجمهور، لافتا إلى أنه إذا كان الإعلام منخرط ًًا في اسـتـخـدام مصطلحات تمييزية أو تبث الـكـراهـيـة أو تسيء إلى فئات معينة أو تعرضهم للخطر، فإن ذلك سيؤثر على الجمهور وأن هذه المصطلحات قد تحشد الجمهور في اتجاهات معاكسة للحقوق المجتمعية وحــقــوق الـفـئـات الأكــثــر عـرضـة للخطر كـمـا قــد تصبح الـمـؤسـسـات الإعلامـــيـــة جــــزءًًا مــن دعــايــة سياسية أو منحازة، مّّــا يــؤدي إلـى نشر الأخـبـار الزائفة والمضللة وتحفيز الكراهية. وذكــــر مـنـصـور أنـــه مـــن الـمـهـم أن يـلـعـب (ديـسـك التحرير) ومدراء التحرير ورؤساء التحرير دور ًًا مهم ًًا في التدقيق والتأكد من أن الصحفيين ملتزمون باستخدام المصطلحات الدقيقة التي تراعي الاعتبارات الحقوقية والاجتماعية و أن المراجعة الدقيقة لا تقتصر على دقة المعلومات فحسب، بـل يجب أن تشمل أيـض ًًــا دقة المصطلحات المستخدمة. وأوضـــــح أســـتـــاذ الإعلام فـــي جـامـعـة لـومـيـنـوس و الكلية الاسترالية الدكتور تيسر المشارقة أن الإعلام العربي يعاني مـن غياب توحيد المصطلحات، سـواء في الصحافة المطبوعة أو الإلكترونية، مشيرا إلى أن المصطلحات الإعلامية تتغير مع مرور الوقت، م ّّا يؤدي الى تأثير كبير في تشكيل الفهم العام، خاصة في القضايا المعقدة مثل النزاعات و الأزمـات، وغالبا ما يستخدم العاملون في الإعلام الإلكتروني مصطلحات تتبع خطاب الاستعمار م ّّا يساهم تشويه الخطاب الإعلامي. وأكـــــد الـــمـــشـــارقـــة أن الإعلام الـــعـــربـــي يـفـتـقـر إلــى استراتيجيات واضحة لاختيار المصطلحات، مّّا يؤدي إلــى تـضـارب فـي الـخـطـاب واسـتـخـدام مصطلحات قد تخلق لبسا في فهم المواقف. وأشار إلى أن الوعي الجماهيري بتأثير المصطلحات الاعلامـــيـــة لازال ضـعـيـفـاًً، بـسـبـب تــأثــر الـلـغـة العربية بالغات الحديثة وتآكلها، مّّــا يزيد من صعوبة تفسير الـمـصـطـلـحـات الإعلامـــيـــة بـشـكـل صـحـيـح، مـعـتـبـرا أن الاعلام العربي يعتمد بشكل كبير على الإعلام الغربي و مـصـطـلـحـاتـه، دون أن تــكــون هــنــاك جــهــود لتوحيد المصطلحات في الإعلام العربي نفسه. وأبـرز أهمية تعزيز الوعي لدى الجمهور حول تأثير هذه المصطلحات، مشيرا إلى أن ذلك يتطلب تفكيك المصطلحات الغربية الجدلية، بـالإضـافـة إلــى توحيد المصطلحات العربية و تعزيز الروح الوطنية في الاعلام العربي. وشرحت مدير عام وكالة الأنباء الأردنية «بترا» فيروز مبيضين أن عملية اختيار المصطلحات في التغطية الإعلامية تتأثر بالسياسة التحريرية التي تحكم العمل الصحفي، مؤكدا أن الوضوح والدقة والموضوعية تظل أبرز الأهـداف التي ينبغي الالتزام بها في المؤسسات الاعلامـــيـــة، مــع مــراعــة الـقـيـم المجتمعية و الأهـــداف المؤسسية. ومـــــن جـــهـــة أخـــــــرى، تـــحـــدثـــت مــبــيــضــيــن عــــن دور المصطلحات فـي تشكيل الـرسـالـة الإعلامــيــة، مبينة أن تحليل الــمــوضــوع و فـهـمـه بــدقــة يـسـمـح باختيار المصطلحات الأنسب لتجنب أي لبس أو خطأ. وشــــددت عـلـى أهـمـيـة تـحـديـث الـمـصـطـلـحـات بما يتناسب مع التطورات الإعلامية، والإشارة إلى المصادر التي تعد من الضروريات لضمان مصداقية الأخبار. وفــــي ســيــاق تــأثــيــر الـمـصـطـلـحـات عــلــى الـجـمـهـور، أوضحت مبيضين أن اختيار مصطلحات بعينها يمكن أن يوجه الـــرأي الـعـام، وبالتالي يشكل فهم الجمهور للأحداث بشكل محدد، مضيفة أن استخدام الارقام و البيانات المقنعة يعزز مصداقية الرسالة الإعلامية. وعلى صعيد آخر، ذكرت مبيضين أزمة كورونا كأحد أبــرز الامثلة التي يظهر فيها تأثير المصطلحات على القرارات الحكومية والمجتمعية حيث كان لاستخدام المصطلحات مثل (تـفـشـي، جـائـحـة) تأثير كبير في توجيه الرأي العام. وأشـــارت المبيضين إلــى ضـــرورة التفرقة بين لغة الإعلام الـرسـمـي ولـغـة وسـائـل الـتـواصـل الاجتماعي، مشددة على المسؤولية الأخلاقية التي يتحملها الإعلام في اختيار المصطلحات المناسبة، لضمان الحفاظ على المصداقية و المساهمة فـي تعزيز الأمــن الوطني و المجتمعي. كيف تشكل المصطلحات الإعلامية الرأي العام وتؤثر في الرسالة الإعلامية؟ بيت عرار و النابلسي

RkJQdWJsaXNoZXIy NTAwOTM=