٢٠٢٥ نيسان ٢٠ _ ١٤٤٦ شوال ٢٢ الأحد 3 الملف لم تكن تعرف الشابة زينة اليونس أن معاناة كبيرة في حياتها ستبدأ بألم بسيط في معدتها، إذ إنها اعتقدت أنها مجرد «لفحة برد» أو «مغص» بسبب عــــدم تــنــاغــم مـــا تــنــاولــتــه خلال يـومـهـا، وواســـــــت نــفــســهــا بـــأنـــهـــا اعــــتــــادت عـلـى الشعور بهذا الألم. لكن مـع صـبـاح الـيـوم التالي زاد ألم مـعـدة زيـنـة الـتـي تسكن فــي لـــواء بني كنانة فـي إربـــد، فـقـررت زيـــارة صيدلية قريبة لتخفيف آلام معدتها المتكررة، غير مـدركـة أن هــذه الخطوة ستقودها إلى مجموعة من الأحــداث المؤلمة، إذ إن إهمال الصيدلاني وصرف دواء دون الاطلاع عـلـى سجلها الـمـرضـي أو حتى سؤالها عن حساسية تعاني منها، كان سببًًا في تفاقم حالتها. عند زيارتها لأحد صيدليات منطقتها، وجــــدت فـــي دواء «ســـبـــاز مــــان» الـحـل المؤقت لألم معدتها المتكرر، ولكن مع مرور الوقت، أصبحت الآلام أشد والدواء أقل فعالية، وعندها قررت زيارة طبيبة نسائية، التي اكتشفت أن الاستخدام المفرط للدواء تسبب في خلل هرموني يستدعي إيقافه فورًًا. لم يتوقف الألـم هنا، بل زادت حدته وبـــدأ الــصــداع يهاجمها فـــوق عينها مع تعرق ونبض شديد في الرأس، م ّّا تسبب بضعف الرؤية، وعند مراجعتها للطبيب آخــــر، وصـــف لـهـا دواء مــهــدئ لـلـصـداع، ولـكـن بـعـد انـتـهـاء الـــــدواء، تـوجـهـت إلـى «صيدلية سحم» للحصول على الدواء الـمـعـتـاد، الــــذي لــم يـكـن مــتــوفــرًًا فيها، فاقترح الصيدلي دواء «أومـيـبـرازول» الـــذي يـحـتـوي عـلـى مـــادة «البنسلين» دون أي استفسار عن تاريخها الطبي أو حساسيتها للأدوية. تـــنـــاولـــت زيـــنـــة الـــــــدواء، والــــــذي كــان يتطلب وصفة طبية قبل صرفه، ودون أن تعلم مـــدى خـطـورتـهـم، م ّّـــا أدى إلـى تـــفـــاعلات دوائـــيـــة خـطـيـرة، وســـرعـــان ما شـعـرت بــصــداع شـديـد وغـثـيـان متكرر وألـم في القلب مع ضيق في التنفس، ما تسبب لها بتجلطات دموية. هذا الإهمال من قبل الصيدلاني بعدم سـؤال المريض عن سجله المرضي أو صــرف أدويـــة تحتاج لوصفة طبية دون وجـــودهـــا، أدى لـتـفـاقـم حـالـتـهـا، والـــذي يدل على قلة خبرة الصيدلاني ومعرفته بالقوانين الناظمة لـهـذا الـعـمـل، إذ إن الـقـانـون الأردنــــي منع الصيدلي القيام بهذا الفعل والذي يترتب عليه العقاب. بــــيــــنــــت نــــصــــوص قـــــانـــــون الــــــــدواء � و فـي الفقرة (د) 2013 والصيدلة لـعـام ) أنه يمنع على الصيدلي 87( من المادة صرف الــدواء الـذي يحتاج لوصفة طبية دون وجـــودهـــا مـــع الـــمـــرض، إذ يترتب على القائم بـهـذا الفعل غـرامـة تـتـراوح دينار، وهذا ما يوضح 2000 و 250 بين خـــطـــورة الــفــعــل ومــــا يــتــرتــب عـلـيـه من أضرار. مـعـانـاة زيـنـة لــم تـتـوقـف هـنـا، فعند زيــارتــهــا لـعـدة أطــبــاء اكـتـشـفـوا تناقض الأدويــــــــة الـــتـــي كـــانـــت تـــتـــنـــاولـــهـــا، مـثـل «بـانـتـوبـرازول»، لا يجب تناولهما معًًا، كـمـا أن «أومـــيـــبـــرازول» لا يـتـوافـق مع الأدوية التي كانت تأخذها لعلاج تسارع دقــــات الـقـلـب مـثـل «الـمـافـاكـامـتـيـن»، م ّّـــــا أدى إلـــــى شــخــصــهــا لاحــــقًًــــا بــمــرض «الهيموفيليا». من ألم خفيف في المعدة وصداع إلى مـرض مزمن سيصاحبها طيلة حياتها، هـذه الحالة دفعت فريق التحقيق إلى الـبـحـث عـــن الـمـخـالـفـات الــتــي يرتكبها بعض الصيدلانيين بصرف الأدويـة التي تحتاج وصفة طبية دون وجودها، أو عدم سؤال المريض عن سجله المرضي وما إذا كان يعاني من حساسية ما، وتبيّّن لاحق ًًا أن هذه الظاهرة منتشرة في عدة صيدليات حول المملكة، رغم أن طبيعة هذه المهنة يقوم على الإنسانية. وبــــيّّــــن نـــقـــيـــب الـــصـــيـــادلـــة الـــدكـــتـــور مـحـمـد الـعـبـابـنـة أن هــنــاك تـشـريـعـات تلزم الصيادلة بسؤال المرضى عن أي حساسية قـد يعانون منها قبل صرف الأدويـــــــة، فــهــذه الإجـــــــراءات تــهــدف إلــى تـقـلـيـل الــمــخــاطــر والـــتـــأكـــد مـــن سلامـــة استخدام الأدوية. وأوضـــح أنــه يجب على الصيدلي أن يكون على دراية في حال تعرض المريض سابق ًًا لأية ردود فعل تحسسية تجاه نوع معين مـن الأدويــــة، مـع ضـــرورة تنبيهه لذلك وشرح الآثار الجانبية المحتملة. ويـبـيـن الــدكــتــور يـــزن الــعــكّّــام رئيس قـسـم الكيمياء الطبية والـعـقـاقـيـر في كـلـيـة الــصــيــدلــة بـجـامـعـة الـــيـــرمـــوك أن الــســلــوك الــمــمــارس مـثـل صـــرف دواء دون ســـؤال المريض عـن الأدويـــة التي يتناولها، قـد يـــؤدي إلــى عـواقـب صحية وخيمة، مثل التفاعلات الدوائية الضارة، زيادة احتمالات سوء استخدام الأدوية، وظـهـور تـأثـيـرات جانبية خطيرة نتيجة عــدم مــراعــاة تـاريـخ الـمـريـض الطبي أو تعامله مع أدوية أخرى. وأوضح أن هناك أسبابًًا عديدة تجعل بعض الأدويـــة تحتاج إلـى وصفة طبية، منها، أهمية التحقق من ملاءمة الدواء لحالة المريض الصحية، ومنع التفاعلات الدوائية الخطيرة، وضمان الاستخدام الصحيح والآمن للدواء. من الأمل إلى الإحباط تكشف تـجـارب شخصية عـن حـالات متضررة تم خلالها صرف أدوية تتطلب وصـــفـــة دون الـــتـــأكـــد مــــن وجــــودهــــا أو التحقق مـن تـاريـخ الـمـريـض الطبي أو تـوضـيـح كيفية تــنــاول الـــــدواء؛ م ّّـــا أدى إلـــى أعــــراض صحية خـطـيـرة، تثير هـذه الـتـجـارب تــســاؤلات كثيرة حــول اهمية تـأكـد الصيدلي مـن التفاصيل الدقيقة قبل اتخاذ أي قرار دوائي. عــائــشــة، هـــي الأخـــــرى مـــرت بتجربة بــآلام 2019 مـمـاثـلـة، شـعـرت فــي عـــام مـتـكـررة فـي الـكـلـى، لـجـأت بسبب ذلك إلـــى طبيب فــي إحـــدى المستشفيات، ووصـــف إبـــرًًا مـعـززة كـانـت تُُخفف الألـم بشكل ملحوظ، لكن مع اختفاء هذه الإبر مـن الصيدليات التابعة لمستشفيات الخدمات الطبية الملكية، لجأ الصيدلاني ،”Cystone إلـــى صـــرف دواء يـدعـى « دون توضيح مخاطرة المحتملة، علما أن هذا الدواء له أعراض جانبية مثل تورم الوجه، طفح جلدي، واحمرار في الجلد. هذا الـدواء، الذي كان من المفترض أن يُُخفف معاناتي، إذ سرعان ما بدأت تظهر أعــــراض جانبية خـطـيـرة، تمثلت في حكة شديدة في الجسم، ارتخاء في الأطراف، وضعف عام في الجسد. تــقــول عـائـشـة «مـــع اســتــمــراري في تــنــاول الـــــدواء، تفاقمت حـالـتـي بشكل أكبر، ازدادت الآلام حدة، ولم أعد قادرة على تجاهل الأعــــراض، مّّــا دفعني إلى البحث عن طبيب جديد.» بعد محاولات عدة، لجأت إلى طبيب جديد أجرى لها سلسلة من الفحوصات والتحاليل الدقيقة، ودخلت المستشفى لـــمـــدة أســـبـــوع كـــامـــل، لإجــــــراء مـتـابـعـة دوريــــة، الطبيب وصـــف أدويــــة جـديـدة، وأوصـى بضرورة الالتزام بحمية غذائية صـارمـة تـهـدف إلــى تقليل الـعـبء على الكلى ومنع ارتفاع أنزيماتها. فـــي تـلـك الــمــرحــلــة، بــاتــت الأعــــراض أكثر وضوح ًًا، الحكة أصبحت لا تُُحتمل، والألـم في الكلى والمعدة جعل حياتها اليومية شبه مستحيلة، فقدت قدرتها على القيام بأبسط المهام المنزلية، مّّا استدعى تدخل أبنائها لمساعدتها في تحمل أعباء الحياة اليومية. حـالـة عائشة هـي واحـــدة مـن حـالات كثيرة يظهر فيها جليًًا تهاون الصيدلاني بصحة المريض، إذ تتطلب هذه الحالات التعامل الإنساني ويجب طرح السؤال للمريض إن كـان يعاني مـن حساسية أو غيرها. ويــلــفــت نــقــيــب الـــصـــيـــادلـــة الــدكــتــور محمد العبابنة إلى أن الحساسية التي تحدث من الأدوية البديلة يمكن أن تكون خطيرة في بعض الأحـيـان، خصوص ًًا إذا كانت حقنًًا (إنجكشن) يتم إعطاؤها في الــعــيــادة إذ يـتـم فحصها بشكل دقـيـق، م ّّــــا يـجـعـل الـطـبـيـب قــــــادرًًا عــلــى اتــخــاذ الإجــراءات اللازمـة لحماية المريض من الأعراض الجانبية الخطيرة. ويـبـيّّــن الـعـكـام أن ســــؤال الصيدلي للمريض يعد مـن واجـبـاتـه الأساسية، وتــوضــيــح الــجــرعــة الــمــنــاســبــة، والآثـــــار الـجـانـبـيـة الـمـحـتـمـلـة، وتــوقــيــت تـنـاول الدواء. ويشير إلى أن عدم استفسار الصيدلي عن التاريخ الطبي للمريض وما إذ كان يعاني من حساسية قد يؤدي إلى أخطاء شائعة تشمل التفاعلات الدوائية غير المتوقعة، ظهور حساسية مفرطة تجاه بعض الأدويـــة، أو صـرف أدويـــة قـد تضر بحالات طبية مزمنة مثل أمراض الكلى والكبد. ويؤكد أن غياب هذا الإجراء يزيد من مخاطر التفاعلات بين الأدوية، وهو ما قد يشكل تهديدًًا حقيقيًًا لصحة المريض، وبالتالي على الصيدلاني التعامل مع الحالة بشكل علمي. المخالفات حسب القانون ) فـقـرة (ب) من 52( ووفــقًًــا لـلـمـادة ي ُُلزم 2013 قانون الدواء والصيدلة لعام الصيدلي بتقديم الـمـشـورة المتعلقة باستعمالات الأدويــة للمريض، مّّــا يُُبرز دور الصيدلي ليس فقط كموفر للأدوية، بل كمرشد لضمان الاستخدام السليم والآمن للأدوية. ويمنع على الصيدلي وفـقًًــا للفقرة ) صرف دواء يتطلب 87( (د) من المادة وصفة طبية دون توفرها مع المريض، إذ إن المادة أوضحت العقوبات المترتبة على هــذا الفعل، فيُُحال الصيدلي في هـذه الحالة إلـى المجلس التأديبي في النقابة، ويعاقب بغرامة مالية تتراوح دينار أردني. 2000 و 250 بين )على أنه في حال 92( وتنص المادة تــكــرار المخالفة الـمـنـصـوص عليها في ) ، يتم فرض عقوبة بمضاعفة 87( المادة الحد الأدنى للعقوبات المقررة للمخالفة في المرة الأولــى، وإذا تكررت المخالفة أكثر من مرة، يتم مضاعفة الحد الأعلى للعقوبة. ) مــــن هـــذا 93( كـــمـــا تـــنـــص الــــمــــادة القانون على أنه يعاقب كل من يرتكب أفـعـالا مخالفة لأحكام القانون ولـم يتم تحديد عقوبة لها، بغرامة لا تتجاوز ألف دينار. وأمــــا بـخـصـوص الــمــخــالــفــات، يشير العبابنة إلى أن المخالفة عادة ما تأتي إما من خلال شكاوى تقدمها وزارة الصحة أو المؤسسة العامة للغذاء والدواء، أو ما يتم معرفته من خلال وسائل التواصل مـــع الــنــقــابــة وبـــعـــد ذلـــــك، يــتــم تـحـويـل الصيدلي إلــى التحقيق، إذ تـرفـع لجنة التحقيق تقريرها، ثم يتم تحويل الأمر إلى مجلس تأديبي يحاكم الصيدلي بناء على المخالفة المرتكبة. ويــضــيــف الــعــبــابــنــة أن الــنــقــابــة مع الــمــؤســســة الــعــامــة لــلــغــذاء والــــــدواء، تعمل جنب ًًا إلى جنب لضمان عدم تجاوز القوانين والأنـظـمـة الـصـارمـة، إذ تحول القضايا التي تؤثر على صحة المواطن إلــى المحكمة، بينما القضايا المهنية تـرفـع إلــى نقابة الـصـيـادلـة للتحقيق أو المجلس التأديبي. وعــن العقوبات، يقول العبابنة إنها قد تكون رادعــة، ولكنها محددة بقانون نقابة الصيادلة، ولدينا مجلس تأديبي وإجـــــــراءات تــبــدأ مـــن الـتـنـبـيـه والإنـــــذار، مـــرورًًا بالعقوبة المالية التي قـد تصل ديـــنـــار، وقـــد تـصـل إلـــى حد 2000 إلـــى سحب المزاولة من قبل مجلس نقابة الصيادلة. سؤال غائب وتداعيات خطيرة رغـــــم الـــتـــشـــريـــعـــات الـــصـــارمـــة الــتــي وضـعـت لضبط صـــرف الأدويــــة وحماية حياة المرضى، يكشف الواقع عن ثغرات خـطـيـرة فــي الـــتـــزام بـعـض الـصـيـدلـيـات بهذه القوانين، جـولات ميدانية تكشف تجاوزات تُُمارس خلف أبواب صيدليات، إذ تُُصرف أدويـة ذات مخاطر عالية دون وصفة طبية، في تجاهل واضح للرقابة الطبية، مّّــا يفتح الـبـاب أمــام تساؤلات جـوهـريـة حــول سلامـــة الـمـرضـى ووعـي العاملين بخطورة هذه الأفعال. زار أحـد فريق التحقيق صيدلية في شارع الجاردنز في العاصمة عمان وسأل الصيدلي عن دواء «زيثروماكس»، الذي يستخدم لعلاج العدوى البكتيرية التي تصيب الجهاز التنفسي العلوي والرئة، مع العلم أنه لا يمكن صرفه إلا بوصفة طبية نـظـرًًا لآثـــاره الجانبية المحتملة، مـثـل الــنــعــاس الــشــديــد أو اضــطــرابــات ضربات القلب. وعند طلب الدواء، لم يسأل الصيدلي ســـــوى ســــــؤال واحــــــد «مـــــا هــــو الــعــيــار الـمـطـلـوب» دون أن يستفسر عــن أي تفاصيل إضافية، ولم يطلب وصفة طبية ولـم يسأل عـن السجل الطبي، وصـرف الصيدلي الدواء رغم خطورة استخدامه دون إشراف طبي. وفـي جولة أخــرى إلـى قرية الشجرة بــلــواء الـرمـثـا شـمـال المملكة زار أحـد معدي التحقيق إحدى الصيدليات وسأل الصيدلانية عن دواء «إكسفورج»، الذي يستخدم للمرضى الـذيـن يـعـانـون من ارتفاع ضغط الدم، مع العلم أنه لا يمكن الحصول على الدواء إلا بوصفة طبية. وعــنــد ســؤالــه الـصـيـدلانـيـة عــن توفر الـــدواء، بــادرت بسؤال واحــد فقط: «ما الــعــيــار الـــــذي تــحــتــاجــه؟» كـــونـــه يـتـوفـر بـعـدة عـــيـــارات، وعـنـدمـا أجـبـت بـأنـنـي لا أعـــرف الـعـيـار الـمـطـلـوب، أخـبـرتـهـا أنني سأستفسر وأعود لاحق ًًا، ردّّت سريع ًًا: لا مشكلة، اسأل عن العيار والدواء متوفر. رغــــــــم خــــــطــــــورة اســــــتــــــخــــــدام دواء «إكسفورج» دون وصفة طبية، إذ يمكن أن يـــؤدي إلـــى مـضـاعـفـات خـطـيـرة مثل انــخــفــاض ضـغـط الــــدم الـــحـــاد، وتــســارع أو تـــبـــاطـــؤ ضــــربــــات الـــقـــلـــب، وتــــدهــــور وظــائــف الـكـلـى فــي حـــال تـنـاولـه بشكل غير صحيح، لـم تسأله الصيدلانية عن السجل المرضي أو عمر الشخص الذي سيستخدم الــدواء، مع العلم أن صرف هـذا الـــدواء يتطلب إشـرافًًــا طبيًًا دقيقًًا لتجنب الآثار الجانبية المحتملة وضمان الجرعة. وأضــــــــاف عــــكّّــــام أن هـــنـــاك مـعـايـيـر تنظيمية واضـــحـــة تـضـمـن عـــدم صـرف الأدويـــــة الــتــي تـحـتـاج إلـــى وصــفــة طبية دون التحقق منها، ذاكــــرًًا أن المملكة تـولـي اهتمامًًا كـبـيـرًًا بمراقبة وصفات المهدئات والمخدرات، إذ يتم عد الأدوية في الصيدليات والتحقق من الوصفات مـــن قــبــل فــــرق مـتـخـصـصـة مـــن وزارة الصحة. وأوضــــــــــح عـــــكّّـــــام أن مـــــــدى شـــيـــوع هـــذه الأخـــطـــاء يختلف بـــاخـــتلاف البيئة والممارسات المحلية، مشيرًًا إلـى أن صرف الأدوية دون وصفة طبية، لا سيما المضادات الحيوية والمسكنات، يحدث بشكل ملحوظ فـي بعض الصيدليات التي تعاني من نقص الموارد. وشدد على أن التركيز يجب أن يكون أكـبـر عـلـى أدويــــة الأمــــراض الـمـزمـنـة أو الأدويـــة ذات المكونات النشطة القوية التي قد تسبب آثارًًا جانبية خطيرة. ومــــع وجـــــود قـــوانـــيـــن تــنــظــم الـعـمـل الصيدلاني وعملية صرف الأدوية، تثبت الجولات الميدانية أعلاه المخالفات التي ارتكبها الصيادلة بشكل واضـح وصريح ) من قانون 87( خلافا للفقرة (د) للمادة والعقوبات 2013 الدواء والصيدلة لعام المترتبة عليها. من حساسية إلى حساسية أُُخرى وسـيـم طلفاح أحــد مـعـدي التحقيق يــــروي قـصـتـه مــع حـسـاسـيـتـه مــن إبــرة لـحـسـاسـيـة الــربــيــع، فــي مــوســم الـربـيـع تصبني حساسية مفرطة بسبب نمو الـنـبـاتـات وزهـــور الأشــجــار ويـكـون الحل ) ) للتخلص من Diprofos هو أخذ إبرة هذه الحساسية، وقد اعتدت أن آخذها كل بداية ربيع، ولكن لسوء الحظ س ُُحبت مــن الاســـــواق، وقـــرر الـصـيـدلـي إعطائي ) )Demancortil بديل لها ما يسمى بالـ وقــــال ذهــبــت لـصـيـدلـيـة وهـــي أولـــى الصيدليات في قرية «جحفية»، أعطاني الصيدلي الإبــــره، ولــم يسألني إذ كنت اعــانــي مــن حساسية وأعــــراض جانبية من تركيبة معينة في الدواء، بالبداية لم تظهر علي أية أعراض. وتـابـع ولـكـن بعد مـــرور عــدة ساعات بـــــدأت الأعـــــــراض تــظــهــر عــلــى جــســدي، انتشر على مناطق من جسدي حبوب بــداخــلــهــا ســـائـــل مـصـاحـبـة لــحــكــة، كما أنـــه أصـابـنـي ضـيـق شـديـد فــي التنفس وحرارة عالية وتعب عام وإرهاق شديد، م ّّا أدى إلى اضطراري للرجوع للصيدلاني بعدها بيوم والحديث معه عن أعراض هـــذه الأبــــرة، فـأجـابـنـي انـــه لا يعلم مــاذا أصابني، «شو عندك تحسس من إبرة التحسس». وفـي حالة تقديم دواء بديل يختلف عن التركيبة الأصلية، أشار العبابنة إلى أن الـصـيـدلـي يـتـحـمـل الـمـسـؤولـيـة إذا حدث أي ضرر أو خلل، ويعود إلى الطبيب لمعرفة الخطأ الحاصل، إذ يقع على عاتق الصيدلي تصحيح الخطأ وتصحيحه وفق ًًا للأصول المهنية. ويؤكد العكام أن على الصيدلي سؤال الــمــريــض عـــن سـجـلـه الــمــرضــي أو إذا كان يعاني من حساسية لمادة معينة ضـــرورة الـتـواصـل مـع الطبيب المعالج عند الحاجة لضمان سلامة العلاج. مخاطر صرف الأدوية بلا وصفة وفــــي سـلـسـلـة جــولاتــنــا الـمـسـتـمـرة إلـى الصيدليات المنتشرة في مختلف مناطق ومـحـافـظـات المملكة، زار أحد م ُُعد ّّي التحقيق صيدلية في قرية صخرة بمحافظة عجلون قـابـل فيها صيدلانيًًا »”Zanamivir شابًًا، ليسأله عن دواء لصديقه المستخدم لـــعلاج الأنـفـلـونـزا والذي يحتاج لوصفة طبية لصرفه ِِ، حيث أجــــاب «لا والله» إشــــارة لــعــدم وجـــودة بالصيدلية. بادر الم ُُع ِِد بسؤاله عن بديل له فقال ا ! الـشـب لـــه؛ «أه بـــده ايــــاه مــضــاد مـــــثلًا مـــعـــك؟ هــســا بـعـطـيـك مـــض ّّـــاد بخففله الأعراض»، حيث لم يستفسر عن وجود وصــفــة طـبـيـة، ولـــم يــســأل عـــن الـتـاريـخ الـطـبـي للشخص المعني ومـــا إذا كـان لديه أي حساسية. وفي جولة أُُخـرى قام بها أحد معدي التحقيق لصيدلية القنوت فـي منطقة إيــــــدون بـمـحـافـظـة إربــــــد، وطـــلـــب دواء «أمــلــوديــبــيــن» الــــذي يـسـتـخـدم لـــعلاج ارتــفــاع ضغط الـــدم والـذبـحـة الـصـدريـة، حيث لا يسمح بإعطائه إلا بوصفة طبية، وقالت الصيدلانية إن اسم «أملوديبين» هو الاسم العلمي للدواء، والمتوفر لدى الصيدلية دواء «أملودار». لــم تــســأل الـصـيـدلانـيـة عــن الـتـاريـخ الطبي ومـعـلـومـات الـمـريـض وإذا كان يُُعاني من أي حساسية، أو وجود وصفة طبية بحوزته. دواء بديل ومخاطر غير محسوبة مقابلة جديدة ومعاناة أخرى ترويها جميلة منصور طالبة إعلام في جامعة اليرموك، لتنقل تجربتها الشخصية مع دواء وصفه لها صيدلي في عين الباشا، تقول جميلة كنت أعاني من صداع دائم وكان يؤرقني بشكل كبير، فقررت زيارة الطبيب الـــذي وصـــف لــي دواء يُُسمى «فولت فاست»، لم تتعرض لحساسية تجاهه في الماضي، لذا استخدمته بثقة. لـكـن فــي إحــــدى الـــزيـــارات لصيدلية فـي عين الـبـاشـا، أخبرها الصيدلي بأن «فــولــت فــاســت» غـيـر مـتـوفـر، واقـتـرح عليها دواء آخــر، وقــال إنـه يحتوي على نفس التركيبة، جميلة التي كانت تثق بكلام الصيدلي، أخذت الدواء دون تردد. بعد فـتـرة قصيرة مـن تـنـاولـه، بـدأت تعاني من أعـراض مفاجئة، مثل الحكة الشديدة، ضيق التنفس، واحمرار الوجه، وعـــنـــدمـــا تــفــاقــمــت الأعـــــــراض وظــهــرت الحبوب على جسدها، وقــررت بنفسها تـنـاول حبوب مـضـادة للحساسية التي ساعدتها في التخفيف من الأعراض. أشـــارت جميلة إلــى أن الصيدلي لم يسألها عن أي حساسية قد تكون لديها تــجــاه الأدويــــــة، م ّّـــا تـسـبـب لـهـا بـحـدوث أعـراض جانبية، وأصبحت حذرة بصرف الأدوية بعد مرورها بهذه الحالة. ويقول العبابنة إن من حق المريض الـــحـــصـــول عـــلـــى اســـتـــشـــارة صــيــدلانــيــة تـوضـح لــه كــل مــا يتعلق بـــالـــدواء الــذي يتناوله، بــدءا من آثــاره الجانبية وحتى الــتــداخلات الـدوائـيـة المحتملة إذا كان يستخدم أدوية أخرى، وأن النقابة تعمل على ضمان تقديم هذه الخدمات بدقة، لتوفير أعلى درجات الأمان للمريض. عندما يصبح الصيدلي مجرد بائع مــــع اســـتـــمـــرار الــــجــــولات دخـــــل أحـــد معدي التحقيق إلـى صيدلية التي تقع في إربد لواء بني عبيد بالقرب من دوار الـــلـــوازم، وبـــدأ بـطـرح الــســؤال عـن دواء «أبــروفــيــل» المُُستخدم لـــعلاج ارتـفـاع ضغط الد ّّم، سارع الصيدلاني بالرد قائلا «نعم موجود» ليسأله صيدلاني آخر»أي عيار وهل العلبة صغيرة أم كبيرة فهو وحين سؤاله عن 150 و 300 عيارين وجــــود اخــــتلافــــات بـيـنـهـمـا؟» أجــــاب أن عن حبتين 300 الحبة الواحدة من عيار .150 من عيار بـعـد تـــأكـــده مـــن صـــرف الــــــدواء دون سؤاله عن وصفة تظاهر بمكالمة مزيفة مـــع والــــــده وســــؤالــــه عـــن الـــعـــيـــار الـــذي يريده، وعند إنهاء المكالمة قال أحدهم 300 «مـاذا يريد» أجابه بأنه يريد عيار دينار 6,75 واستفسر عن سعره وكـان أردني ولكنه تحايل بأن ثمن الدواء ليس بحوزته وسيعود لجلبه. أما في قرية كفرخل بمحافظة جرش زار أحد م ُُعد ّّي التحقيق صيدلية لصرف دواء لصديقه، قابل فيها صيدلاني ًًا وسأله عن دواء «سالبوتامول» الذي يستخدم لتخفيف السعال وضيق التنفس الناتج عــن أمـــــراض؛ الــربــو والانـــســـداد الــرئــوي المزمن وانتقاخ الرئة، «علم ًًا بأنه يحتاج إلى وصفة طبي ّّة لصرفه» حيث أجابه هذا اسمه العلمي وهـو يستخدم كموس ّّع للقصبات ويتوف ّّر منه أشكال عدة، بخاخ، سائل يوضع بالتبخيرة، شراب، وحبوب «والـلـي بــدك إيـــاه مـوجـود» وكـأنـه تاجر يعرض بضاعته. لـم يـسـأل الصيدلاني مُُــعِِــد التحقيق عـــن وجــــود وصــفــة طـبـيـة بـــحـــوزتـــه ِِ، ولـم يقم بالاستفسار عن السجل المرضي لـــصـــاحـــب الـــــــــدواء ومـــــا إذ يـــعـــانـــي مـن حساسية ما. وفيما يتعلق بالأسباب التي قد تؤدي إلى صرف أدوية تحتاج إلى وصفة طبية دون التحقق من وجودها، أشار عك ّّام إلى أن الضغط الذي يمارسه بعض المرضى عــلــى الـــصـــيـــادلـــة، ونـــقـــص الـــتـــدريـــب أو الـمـعـرفـة بأهمية الالـــتـــزام بـــالإجـــراءات التنظيمية، إضافة إلـى دوافــع مالية أو تــهــاون فــي الـمـتـابـعـة، كلها عــوامــل قد تسهم في هذه المشكلة. مــــن خلال الـــــحـــــالات الـــتـــي عُُـــرضـــت والجولات الميدانية التي قام بها معدو التحقيق، يتبين بوضوح أهمية التدقيق فـي الـتـاريـخ الطبي للمرضى والالــتــزام بالقوانين والتشريعات الطبية لضمان سلامـــتـــهـــم ومـــنـــع تـــفـــاقـــم الـــمـــشـــكلات الصحية. سلطت هذه الممارسات الضوء على قضية مهمة يظهر فيها جليًًا مخالفة صيادلة للقوانين والتشريعات الناظمة لــعــمــلــهــم، مـــتـــجـــاوزيـــن طـــابـــع مهنتهم الإنساني الذي يتطلب حزم ًًا وجدية في التعامل مع المرضى لضمان حمايتهم مـــن الأخـــطـــاء الـــتـــي قـــد تـــكـــون عـواقـبـهـا وخيمة. جولات تكشف تجاوزات صيادلة حينما يتحول الصيدلاني إلى تاجر .. صيادلة ينتهكون القوانين الناظمة لعملهم تهاون الصيادلة .. غياب المهنية وعواقب وخيمة ࣯ إعداد: ࣯ حمزة زقوت ࣯ قاسم محاسنة ࣯ ج ياتنه � عبدالله ࣯ عبدالرحمن الراشد ࣯ يم طلفاح � وس تصوير سري أثناء زيارة أحد أفراد فريق التحقيق الى إحدى صيدليات العاصمة الذي وثق مخالفة بيع دواء دون السؤال عن السجل المرضي
RkJQdWJsaXNoZXIy NTAwOTM=