٢٠٢٥ نيسان ٢٧ _ ١٤٤٦ شوال ٢٩ الأحد 5 سنابل ࣯ ي رموك- شهد خلايلة � صحافة ال لـــم تـــــدرك أن ســـــؤالا بـسـيـطـا طــــرح بــإحــدى الـــمـــحـــاضـــرات الـجـامـعـيـة سـيـغـيـر مـــن حـيـاتـهـا بالكامل أو سيمكنها من تحدي إعاقتها البصرية لتنشئ مؤسسة كامله تحت مسمى «رنين». عـامـا ممن ٣٩ لـم تكن روان الـبـركـات ذات ضعفت إرادتـهـم بسبب إعاقتها البصرية، بل جعلت منها فكرة تخدم بها المجتمع. رغبت روان بإنشاء مكتبه صوتية للأطفال تُُــروى بـاصـوات ممثلين محترفين لتكون أداة دامجة يستفيد منها كل من الأطفال الكفيفين ٢٠٠٥ والمبصرين على حـد ســـواء، ففي عـام قصة ١٣ بـدأ ت روان بنسخة تجريبية ضمت مسموعة وتمت هذه المرحلة بلا أي ميزانية تـذكـر، بـل قـامـت على إيـمـان وشـغـف تــام بهذا العمل. بـــدأت الانــطلاقــة الحقيقية لمؤسسة رنين ، عندما حصلت روان على جائزة ٢٠٠٩ في عام الملك عبد الله للإنجاز والإبداع الشبابي، والتي منحها جلالـتـه للشباب والـشـابـات فـي الوطن الـعـربـي لـمـن لـهـم أثـــر اجـتـمـاعـي، حــولــت هـذه الجائزة رنين من مجرد فكرة إلى مؤسسة وواقع ملموس، بل ووسعتها لتفذ ورشــات للاطفال بمسمى الـــورشـــات التعبيرية الـتـي تـدمـج ما بين الاستماع للقصص والتعبير عنها بالرسم وصناعة الدمى. بـــدأت تكبر (رنــيــن) لـتـدخـل بـرنـامـجـا تدريبا يضم كل من المعلمين والمعلمات لتدريبهم بكيفية تنظيم أنـشـطـة للأطـــفـــال تعتمد على القصص المسموعة لتكون أداة تعليمة للفنون المختلفة كفن الــدرامــا وصـنـاعـة الـدمـى التي تغرس في نفوسهم القيم الايجابية وتعزز لديهم مهارات التفكير الناقد. فـي رحلة رنين حصلت روان على عـدد من الـجـوائـز عنها، تترأسها جـائـزه الملك عبد الله للإنجاز والإبــداع الشباب، وجائزة سينيركوس، وزمالة اشوكة، ومن ثم جائزة الشيخة فاطمة بنت مبارك عن الفئة الداعمة لقضايا الشباب، ثم وسـام الحسين للعطاء المميز عن العمل التطوعي الذي قامت به في رنين. قصة ٥٢ اسـتـطـاعـت رنـيـن الــيــوم أن تنتج مسموعة، وإنتاج برنامج المكتبة الصوتية الذي يقوم على تضمين المحتوى الصوتي المزود مدرسة ٤٥٠ بمشغلرقمي،حيثدخلالبرنامج في مختلف مناطق الأردن، بالإضافة لتدريبها ٥٠٠ معلم ومعلمة وتـدريـب ٢٠٠٠ أكثر من شــاب وشـابـة ليكونوا قــادريــن على استخدام القصص المسموعه كأداة تعليمية فعالة. بـــشـــعـــور يــــــملأه الـــفـــخـــر تـــتـــحـــدث روان عـن نجاح رنين في الوصل لكافة محافظات وقرى المملكة، بل وعبرت عن شعورها بأنها لم تتوقع يوما أن تتحول فكرة جامعية لمؤسسة على أرض الواقع، حيث إن دخولها في عالم رنين بين لها مدى حاجة المدارس والطلبة لرنين، الأمر الذي دفعها لتكريس شغفها الكامل له ليكون أملا لجميع الأطفال. لم تكن لتصل رنين إلى هنا لولا شبكة الدعم التي أحاطت بها منذ طفولتها، لطالما آمنت روان بـأن فكرة الإنـجـاز ليست فـرديـة، بل هي إيمان مشترك مـن المحيط الــذي نعيش بـه، فخلف هذا الإنجاز عدد من الأشخاص الذين آمنوا بنا وبأحلامنا، مضيفة أنه بالنسبة لها يشكل الدعم شبكه آمنة وقوية تدفعها للاستمرار والإنجاز، إذ كانت عائلتها أول الداعمين لها منحوها التقبل لذاتها وهو مامكنها من تجاوز العقبات. وجــــدت روان دعــمــا آخـــر مــن الأســـتـــاذة لينا التل مديرة مركز الفنون والثقافة، مشيرة إلى أنها لم تكن مجرد معلمة في حياتها، بل كانت داعما حقيقيا لها إذ ساعدتها في دخول تخصص الفنون المسرحية في الجامعة الأردنية كما أنها كانت من أوائل من آمنوا بها وبمؤسستها رنين ودفعوها للاستمرار، كما أن هناك كثيرين ممن قدموا لها العون في جميع مراحلها الحياتية. حـرصـت عائلتها على دمجها فـي المجتمع حـيـث بـــدأت دراسـتـهـا مــع المبصرين قـبـل أن تنتقل لمدرسة النور للمكفوفين حيث حققت نجاحا أكاديميا، الأمر الذي جعلها تحصل على منحة من مدارس الاتحاد لتعيش تجربة الدمج انضمت ١٢ بسهولة، مشيرة إلى أنها في عمر الى برلمان أطفال الأردن م ّّا عزز من وعيها في حقوق الأطفال ثم أصبحت عضوة به وسافرت إلى اليمن لتمثيل الأردن فيه. تكمل روان مسيرتها الأكاديمية في ماجستير الفنون المسرحية في الجامعة الأردنية وتسعى لإكــمــال الــدكــتــوراة كـمـا تطمح أن تـتـوسـع في المجال الرقمي لإفادة رنين بها، إلى جانب ذلك تعتبر روان ناشطة في مجال حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، كما إنها عضو في مجلس الأمناء للمجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة بالإضافة إلى ترؤسها في لجنة المرأة فيه، كما إنـهـا عضو مـؤسـس فـي حمله ابـنـي المطالبة بحقوق ذوي الإعاقة. تحلم روان بأردن مهيأ لأشخاص ذوي الإعاقة ودامجا لهم ليعيشوا فيه باستقلالية، لم يكن إيمانها بالتغيير مجرد رغبة بل هو شغف تسعى لتحقيقه وخصوصا بتغيير الصورة النمطية عن المكفوفين وقدرتهم على إثبات ذاتهم، فالتغيير هـو سبيل حـيـاة بالنسبة لها وهــو مـا يدفعها للاسـتـمـرار ووضـــع بصمتها فـي خطواتها تجاه مستقبل أفضل. روان تتحدى الإعاقة لتصنع التغيير.. أسست مكتبة «رنين» الصوتية لإنتاج قصص مسموعة للأطفال «بوستر» يتضمن محتوى المنصة ࣯ ي و زين ماهر � ي رموك- تمر حنا اللويس � صحافة ال عام ًًا أن يبتكر برنامج ذكاء 24 استطاع المهندس أحمد حساين ذو اصطناعي فريد يُُحدث فرق ًًا حقيقيًًا في حياة الناس. تـخـرج الـشـاب العشريني مـن جامعة البلقاء التطبيقية بتخصص هـنـدسـة ميكاترونيكس وذكــــاء إصـطـنـاعـي، وأراد أن يثبت أن الإبـــداع والإصرار لا يعرفان المستحيل، لم يدع أحمد، الذي أصبح الم ُُعيل الوحيد لأسرته بعد وفاة والده مؤخرًًا، الظروف تقف عائق ًًا أمام شغفه وطموحه، ونجح في ابتكار برنامج ذكاء اصطناعي مميز. ابتكر أحمد برنامج ذكـاء إصطناعي برؤية عينية، حيث بإمكانك أن تضع مسألة رياضية أمام الجهاز ويقوم بحلها، ولم يتوقف الإبتكار هنا؛ فالبرنامج مصمم أيـض ًًــا لمساعدة الأشـخـاص الصم والبكم مـن خلال التحدث معهم بلغة الإشارة وإرشادهم ومساعدتهم في حياتهم اليومية، م ّّا يجعلها أكثر سهولة. استلهم أحمد شغفه ببرامج الذكاء الإصطناعي من أفلام الكرتون في طفولته، وخاصة شخصية الرجل الحديدي ومساعده الشخصي، هذه البرامج ألهمته لتحويل خيال الطفولة إلـى واقــع ملموس عـن طريق إختراع المساعد الشخصي الذي يسهم في تحسين حياة الناس. رحلة أحمد المليئة بالتحديات عندما بدأ أحمد العمل على مشروعه، كانت برامج الذكاء الإصطناعي قليلة الإنتشار في الأردن، فلم تكن فكرته سـوى خيال مستوحى من برنامج أطفال. استغرق أحمد ما يقارب سنة كاملة يعمل على تطوير البرنامج، محاولا التغلب على العديد من العقبات، وأهم التحديات التي واجهته أثناء عمله نقص الـمـوارد وذلـك لأن الأخـتـراع الـذي قـام به هو اخـتـراع شخصي، م ّّا اضطر أحمد للاعتماد على جهاز الحاسوب الشخصي الذي لم يكن مزود ًًا بالإمكانات الحديثة المطلوبة لتطوير برامج كهذه. كما أن البرمجة التقنية كانت من التحديات الصعبة التي واجهته؛ لعدم وجود مصادر أو معلومات لشخص قام بمشروع كمشروعه من ساعات يوميًًا أمـام الجهاز لتدريب 9 إلى 8 قبل، مّّا أجبره على قضاء النموذج عبر الإنترنت. ورغم الصعوبات، كان أحمد دائم ًًا يبحث عن حلول مبتكرة للمشكلات التقنية التي واجهها من خلال تتبع الخطوات من البداية ويجد عدة حلول مختلفة فيستعمل أحمد الحل الذي يعطي أعلى نتيجة جيدة. بعد النجاح الذي حققه مشروعه الأول، يعمل أحمد حاليًًا على تطوير مشاريع أخرى، من هذه المشاريع برنامج يعمل على حل أزمة المرور العالمية، يستخدم هذا البرنامج الذكاء الاصطناعي لتوجيه الناس إلى الطرق الأكثر انسيابية، م ّّا يساهم في تقليل الازدحام بشكل كبير. عرض من أمازون نجاح مشروع أحمد لفت إنتباه شركة (أمــازون) لذلك عرضت عليه شراء المشروع، لكن رفض أحمد العرض وذلك لأنه يريد تطويره بشكل أكبر وتحويله لمصدر دخـل مستدام، فعرضت عليه بعد ذلـك العمل معها، وقبل ذلك العرض لفترة مؤقتة، لكنه قدم إستقالته بعد الأحداث الأخيرة في غزة وانض َّم لحملة المقاطعة. يطمح أحمد إلى تحسين ابتكاره ليصبح أكثر ذكاء وقدرة على التعلم الــذاتــي، يسعى البرنامج أيـض ًًــا إلــى تقديم حلول إضـافـيـة، مثل توجيه الأشـخـاص المكفوفين عبر الـكـامـيـرا، وترجمة لغة الإشـــارة إلــى صوت لمساعدة الصم والبكم في التواصل مع الآخرين. حصل أحمد على دورات متعددة عن الذكاء الإصطناعي عبر الإنترنت من الولايات المتحدة، وشارك في مشاريع مبتكرة هناك، من بينها برامج لحل مشكلات السيارات ذاتية القيادة. هذه الخبرات أكسبته رؤية أوسع وأدوات أقوى للتعامل مع تحديات الذكاء الاصطناعي. وجه أحمد نصيحة إلى الشباب قائلا ًً: «لا يوجد مستحيل، وكل مشكلة لها حل، لا تنظروا إلى الشباب الغربي على أنهم أكثر إبداع ًًا، لأن الشاب العربي يستطيع أن يكون مميزًًا ومؤثرًًا أيض ًًا». لحل المسائل الرياضية ولمساعدة الأشخاص الصم والبكم أحمد حساين .. شاب أردني يبتكر برنامج ذكاء إصطناعي فريد من نوعه ࣯ ي رموك- ضياء أبو زيد � صحافة ال في بيت متواضع من حجر وطين كانت ام حسين تجلس، تتابع التلفاز الذي كان يُُتلى منه القرآن بصوت مؤثر، في تلك اللحظات، لم تستطع السيطرة على دموعها التي سالت بحرقة، لم يكن بكاؤها بسبب الحزن أو الألم، بل كان بسبب أمنية دفينة طالما حلمت بها؛ كانت تتمنى لو تستطيع أن تمسك المصحف بين يديها وتقرأ منه كما يفعل الجميع. ظل حلم أم حسين محاصرا بحاجز الأمية، الـــــذي حــرمــهــا لـــســـنـــوات مـــن ملامـــســـة نــور الكلمات الإلهية، لم تتعلم القراءة أبدًًا، ولم يكن في طفولتها فرصة لتحقيق ذلـك، فقد منعها جـدهـا مـن التعلم خـوفًًــا مـن أسباب مجتمعية قـديـمـة، لتكبر وهـــي تحمل في قلبها شـوقًًــا لمعرفة الـحـروف التي جهلتها يوم ًًا. ، وفي عمر الرابعة 2000 مع مطلع عام والستين، قررت أم حسين أن تصنع حلمها بنفسها وتكسر قيود الأمية، اشترت مسجلا صـــغـــيـــراًً، مــتــجــاهــلــة تــعــلــيــقــات مـــن حـولـهـا الـذيـن سـخـروا منها قائلين: “كيف لأمية لا تعرف الـقـراءة أن تحفظ الـقـرآن؟” لكنها لم تهتم لكلامهم، بل توجهت إلـى ابنها الأكبر وطلبت منه أن يسجل لها على شريط سور يس والملك وجـزء عم ، عازمة على الحفظ بالاستماع. كانت تجلس، كل يوم، بنفس الركن التي كانت تبكي فيه بجانب المسجل لتستمع وتـــردد الآيـــات مـن طـلـوع الفجر حتى الظهر مرة بعد مرة بمقدار تكرار السورة الواحدة سبع مـرات حتى تحفظها وكـل وقـت فراغه كان مكرس لتعلم القرآن. استمرت أم حسين ستة أشهر على هذا الاصــرار والعزم ، لم تكل أو تمل، حتى جاء الـيـوم الــذي جمعت فيه أبناءها وأخبرتهم بأنها أتمت حفظ السور، بدأت بترتيل الآيات عليهم عن ظهر قلب، لترى ملامح الدهشة تعلو وجوههم. وفــي نفس اللحظة الـتـي أدهـشـت فيها أبناءها بحفظ السو، أيقنت أم حسين أنها اقتربت من تحقيق حلمها, و طلبت من ابنها أن يحضر لها مسجلا أكبر يحتوي على ختمة كاملة للقرآن، فقد قررت أن تواصل الطريق حــتــى تـحـفـظـه كــــــاملاًً، وتــبــرعــت بالمسجل الصغير لإحدى الجمعيات التي تهتم بتعليم الأميات، وزارت الجمعية بعدما طلبوا منها أن تكون قـدوة لبقية النساء اللاتــي يعانين من الأمية ويردن تعلم القرآن. ورغـم أنها لم تدخل أي صف دراسـي ولم تتعلم حرفا واحداًً، إلا أن أم حسين أصبحت قـــــدوة للآخــــريــــن، وابـــتـــكـــرت طـــرقـــا صحيحة للاستماع والحفظ. كانت تتبع أسلوبا فريداًً، حـيـث تـنـهـي ســــورة ثــم تنتقل إلـــى الــســورة الـتـالـيـة، لتعود لاحـقـا إلــى الــســورة السابقة حتى لا تنساها، وهو ما ساعدها على ترسيخ الحفظ في ذاكرتها. اعـــتـــمـــدت أم حـسـيـن فـــي حــفــظ الـــقـــرآن على السمع والتكرار، واستمرت على هذه الطريقة بثبات وإصــرار طـوال ثلاث سنوات ونـــصـــف، ورغــــم تـعـبـهـا ومــرضــهــا الــنــاتــج عن تقدمها في العمر، لم تتخل يوما عن القرآن. عندما كانت تشعر بالمرض، كانت تشغل التلفاز وتردد الآيات خلفه، ولم تدع أية عقبة توقفها، بل إنها أحيانا كانت تنظم تجمعات للأميات لقراءة القرآن، م ّّا زادها عزما وإلهاماًً. مع مـرور الوقت، تمكنت أخيرا من ختم الـقـرآن الكريم لأول مـرة بعد ثلاث سنوات ونــصــف، وعـنـدمـا وصـلـت إلـــى هـــذه اللحظة العظيمة، غمرتها سعادة لا توصف، وبكت من فرحتها قائلة «الـقـرآن كـان نـور قلبي،» وأثـــنـــاء ســـردهـــا لــهــذه الـقـصـة الـــمـــؤثـــرة، لم تـسـتـطـع حــبــس دمـــوعـــهـــا، الــتــي عــبــرت عن فرحتها التي لا تُُقد ّّر بثمن. ما دفعها لهذه الرحلة لم يكن شيئًًا عابرًًا، بل كان قرار ًًا نابع ًًا من قلبها، كانت تتألم كلما سمعت القرآن يتلى من التلفاز، وتبكي شوق ًًا لأن تقرأه بنفسها، حتى أصبح هـذا الشوق دافع ًًا قويًًا لم يهدأ حتى حققت حلمها. وبعد أن أتمت الحفظ، تعلمت القراءة، وبــدأت تقرأ الـقـرآن من المصحف مباشرة، محققة بذلك أسمى أمانيها. ورغم أن القرآن كله كان نورًًا يملأ قلبها، إلا أن هناك آيات بقيت عالقة في ذهنها، تشعر كلما قرأتها أن قلبها يكاد ينخلع من مكانه، ومنها: (أفمن يمشي مكب ًًّا على وجهه أهدى أم ّّن يمشي سويًًّا على صراط مستقيم) من ســـورة الـمـلـك، و (وجـعـلـنـا مــن بـيـن أيديهم ســد ًًّا ومـن خلفهم ســد ًًّا فأغشيناهم فهم لا يبصرون ) من سـورة يس، و (خـذوه فغلّّوه ثم الجحيم صلوه) من سورة الحاقة. بــالــرغــم مـــن كـــل مـــا مـــرت بـــه، كــانــت أم حسين دائم ًًا تقول أن الحفظ والتعلم لم يكن صعب ًًا، بل كان ممكن ًًا بالإرادة والعزيمة، كانت ترى في هذه الرحلة تجربة عظيمة، وتوجهت بنصيحة لكل امـرأة أمية قائلة «حتى لو لم تستطيعي ســـوى ســمــاع ســــورة الإخلاص وتكرارها افعلي ذلك.» عام ًًا، 86 اليوم تبلغ أم حسين من العمر ورغـــم ضعف بصرها فـي كـبـرهـا، عـــادت إلى سماع القرآن حتى لا تنساه، تقول بابتسامة ورضا «صحيح أنني لم أتعلم بسبب أسباب جاهلية قديمة، لكن الله عوضني بالقرآن، وجعل منه ربيع قلبي ونور حياتي». كانت رحلة أم حسين مع الـقـرآن أشبه بمسيرة نـــور اخـتـرقـت ظلام الأمــيــة، لتؤكد أن الأحلام يـمـكـن أن تـتـحـقـق مـهـمـا بــدت مستحيلة، وأن العزيمة قـــادرة على صنع المعجزات، حتى لو بدأ الطريق بصوت صغير يخرج من مسجل بسيط. عتادها مسجل وشريط.. رحلة أمي ّّة ستينية في حفظ القرآن الكريم ࣯ ي رموك- آرام عبابنه � صحافة ال وســط مدينة إربـــد، وتـحـديـدًًا فـي ميدان الساعة، يقف كشك الزرعيني شاهدا على تــاريــخ طـويـل مــن الـشـغـف بــالــقــراءة ونشر الـمـعـرفـة، لـيـس مـجـرد كـشـك لبيع الكتب والــمــجلات، بـل معلما ثقافيا ومََعلََما من معالم المدينة، يختزن على رفوفه وذاكرته حكايات أجيال مـرّّت من هنا، ووقفت ذات يوم تقلب الكتب وتشتري الصحف. بــــــدأت حـــكـــايـــة “كـــشـــك الـــزرعـــيـــنـــي” فـي ستينيات القرن الماضي، حين حمل أحمد درويـش الزرعيني، مؤسس الكشك شغفه بالمعرفة ومضى يجوب شوارع وأزقة مدينة إربـد، يبيع الصحف والمجلات للناس بجهد فردي واهتمام حقيقي بنشر الثقافة. ومــــع مـــــرور الـــســـنـــوات، تـــرس ّّـــخ حــضــوره في الذاكرة أهالي المدينة، وتحوّّلت رحلته اليومية إلى بسطة ثابتة في شارع السينما. في تلك الفترة، بدأ أبناؤه، وهم لا يزالون على مقاعد الـدراسـة، بمساعدته في إدارة البسطة، ليتحول العمل العائلي إلـى إرث ثقافي يتوارثه الأبناء. ، وتـــحـــديـــدًًا فـــي نـهـايـة 1979 فـــي عــــام سـبـعـيـنـيـات الـــقـــرن الــمــاضــي، تـلـقـى أحـمـد درويــش الزرعيني عرض ًًا مميزًًا من رئيس بلدية إربد آنذاك المرحوم حسن المومني، إنـشـاء كشك دائـــم لـه فـي وســط الـبـلـد، في ميدان الساعة. لــم يــتــردد الـزرعـيـنـي فــي قـبـول الـعـرض، فـكـانـت تـلـك الـلـحـظـة بـمـثـابـة نـقـطـة تـحـول مفصلية في مسيرته، لتولد بذلك واحدة من أبرز العلامات الثقافية في المدينة «كشك الزرعيني.» لـم يكن الكشك مكانًًا لبيع الكتب فقط بـل مساحة لـلـذاكـرة، تنقلت عـبـره أسماء كـــبـــار الأدبـــــــاء والـــكـــتّّـــاب كـنـجـيـب مـحـفـوظ وإحـسـان عبد الــقــدوس، يوسف السباعي، فيكتور هيجو، وأرنـسـت همنغواي. وإيضا حجزت مـجلات الأطفال كميكي وسوبرمان والمغامرون الخمسة مكانها في واجهته، مستهدفة بذلك الأجيال الناشئة. محمد الزرعيني، الذي تولى إدارة الكشك تـحـت إشـــــراف والـــــده، تــبــدأ ملامــــح ذاكــرتــه ، حـيـن كـــان وسـط 1999 بــوضــوح مــن عـــام البلد فـي إربـــد لا يـــزال نـابـض ًًــا بـالـحـيـاة، يعج بالرو ّّاد ومحبي الثقافة. كـانـت تلك الأيـــام مختلفة؛ التكنولوجيا لم تكن قد غزت تفاصيل الحياة بعد، وكان الناس يجدون متسع ًًا من الوقت للمطالعة، وللجلسات الطويلة في الأندية الثقافية، فيما كان وسط البلد هو الوجهة الأولى لمن يبحث عن كتاب، صحيفة، أو حتى فكرة جديدة. يتحدث محمد بحنين عـن تلك الفترة، ا يــومــيًًــا، حــيــن كــــان الــكــشــك يــشــهــد إقــــبــــالًا وكـانـت الكتب تُُقلب على مهل، والصحف تُُقرأ بعناية، والأحاديث الثقافية تتردد على الألــســنــة، أمـــا الـــيـــوم، فـقـد تـغـيّّــر الـمـشـهـد؛ تراجعت الحركة في قلب المدينة، وتوزعت الأسـواق في الأطـراف والمولات الحديثة، م ّّا انعكس بشكل واضح على زخم المكان. فــرضــت الـتـغـيـرات الـكـبـيـرة الــتــي طــرأت على عادات الناس وأنماط حياتهم، تحديات كـبـيـرة، وظـــل الـتـحـدي الأكــبــر أمـــام “كشك الزرعيني” هو الاستمرارية، خاصة في ظل تـراجـع الإقـبـال الـعـام على الــقــراءة وتـدهـور الأوضاع الاقتصادية التي تمر بها البلاد. ويرى محمد أن الكتاب، في العالم العربي، لا يزال يعاني من قلة التقدير، وهو ما يضيف عـبـئًًــا إضـافـيًًــا عـلـى عـاتـقـه فــي الـحـفـاظ على مكتبة بهذا التاريخ والإرث الثقافي. ومع تطور التكنولوجيا، كان للكشك دور في التأثير، فقد أسهمت وسائل التواصل الاجـتـمـاعـي فـي تعزيز الـوعـي بالكتب، من خلال المراجعات والتوصيات التي يشاركها القراء، إلا أن ذلك تزامن مع تراجع ملحوظ في شراء الكتب الورقية، نتيجة انتشار البدائل والتطبيقات PDF الرقمية كالكتب بصيغة الذكية التي باتت في متناول الجميع ورغم كل هذه التحديات، لا تزال المكتبة متمسكة بروحها الأولى..الكشك حافظ على شكله ومكانه، وزبائنه القدامى لم ينقطعوا عنه، بل يعودون إليه اليوم برفقة أبنائهم، يـشـتـرون لهم ذات الــمــجلات والـكـتـب التي طالما قــرأوهــا فـي طفولتهم، ويــــروون لهم قـصـصـهـم وذكــريــاتــهــم الــتــي ارتــبــطــت بـهـذا المكان. من الصحف المتنقلة إلى معلم ثقافي ….حكاية كشك الزرعيني استطاع حساين ابتكار تطبيق خاص للصم و البكم
RkJQdWJsaXNoZXIy NTAwOTM=