صحافة اليرموك

٢٠٢٥ أيار ١١ _ ١٤٤٦ ذو القعدة ١٣ الأحد 3 الملف ࣯ إشراف:حمزة زقوت ࣯ ي عياصرة � ن � عو ࣯ ي ـــرمـــوك- دانــــا الـنـقـرش � صـحـافـة الـــ وسلسبيلا العتال في عمق المشهد الصحي، حيث يُُفترض أن تتقدّّم الكفاءة والمسؤولية على ما سواهما، تـــبـــرز ظـــاهـــرة مـقـلـقـة تـــهـــدد لــيــس فــقــط مـبـدأ النزاهة المهنية، بل أساس الثقة بين المريض والمنظومة الطبية. مـا بــدأ كممارسة فـرديـة مـعـزولـة لمواجهة ضغوط البطالة وغياب الفرص، تحول تدريجيًًا إلــى ســوق غير رسـمـي يعمل فـي الـظـل، يضم وسطاء، مستفيدين، وأصحاب شهادات قرروا الـتـخـلـي عـــن مــمــارســة الـمـهـنـة مـقـابـل «دخـــل ثـابـت»، فيما تُُستغل أسماؤهم فـي ترخيص مراكز صحية وهمية أو تعمل بلا إشراف حقيقي. النتائج لا تُُقاس فقط على مستوى القانون، بـــل عـلـى أرض الـــواقـــع حـيـث يـتـلـقـى الـمـرضـى علاجات على يد من لا يحملون التأهيل، وت ُُرتكب أخطاء طبية تترك آثارًًا صحية ونفسية ومهنية، وسط غياب رقابة فعالة واكتفاء بعض الجهات بالتنظيم الورقي دون تتبّّع فعلي للممارسات الميدانية. قـصـص لأطــبــاء ومـمـرضـيـن وصــيــادلــة بـاعـوا هويتهم المهنية تحت ضغط الحاجة، واعترافات لمستثمرين كشفوا خفايا السوق، وشهادات لـمـتـضـرريـن تــحــول علاجـــهـــم إلـــى مــعــانــاة، إلـى جانب مواقف قانونية ورقابية تكشف الفجوة بين النص والتطبيق. وفي ظل هذا الواقع، يُُطرح سؤال جوهري: أيــن تتوقف الـحـاجـة وتـبـدأ الـمـسـؤولـيـة؟ وهل يمكن تبرير خيانة المهنة تحت عنوان «الظرف الاقتصادي»؟ أم أن الوقت قد حـان لفتح هذا الملف على مصراعيه، قبل أن ينهار ما تبقى من ثقة؟ بيع بدافع الحاجة المادية الـطـبـيـب «أ.ط»، الـــذي أجـــر شـهـادتـه لمدة ثلاث سـنـوات، يقر بـأن الحاجة المالية وتراكم الديون بعد التخرج كانا الدافع الرئيسي خلف ا : «لم أجد وظيفة ثابتة، وكانت الديون قراره،قائل ًا تـــــزداد، وشــعــرت أن الـتـأجـيـر هــو طـــوق الـنـجـاة الوحيد». وأضــــاف «أ.ط» أن الاتـــفـــاق تــم عـبـر وسيط متخصص فـي هــذا الـنـوع مـن الترتيبات، وأن دوره اقتصر على توقيع أوراق قانونية لاستخدام الشهادة في ترخيص مركز تجميل غير موثق دينار شهريًًا. 1500 رسميًًا، مقابل ووصف الصيدلاني «ح.ن» الاتفاق بأنه «حل مؤقت» لتحسين وضعه الـمـادي، موضحًًا أن الاتفاق كان شفهيًًا دون توثيق رسمي، واستمر لمدة عام مقابل مبلغ شهري، وأن القلق كان يــرافــقــه دائـــم ًًـــا، وشــعــر بـالـخـطـر عـلـى سمعته المهنية، وقرر إنهاء الأمر حين عرض المستثمر إعادة الشهادة». المرضى يدفعون ثمن البطالة الــظــاهــرة لا تقتصر عـلـى الـــحـــالات الـفـرديـة، 1000 الطبيب «ع.غ»، الذي أجر شهادته مقابل ا : دينار شهريًًا، يقر بانتشار هذه الممارسة قائلًا % من المراكز الطبية تعتمد 50 «ما لا يقل عن على تأجير الشهادات». ويـــرى أن هــذه «صفقة مفيدة للطرفين»، موضح ًًا أنه لا يشعر بالقلق طالما أن كل شيء يـسـيـر وفــــق الاتــــفــــاق، وهـــنـــاك تــفــاهــم شفهي واضح». لم تختلف كثيرًًا دوافــع الممرضة «ن.ب»، إذ بـدأت العمل في الرعاية الصحية المنزلية، لكن انخفاض الدخل دفعها لقبول عرض تأجير شهادتها، قائلة «كنت أدرك أنه غير قانوني، لكنه كان المخرج الوحيد أمامي». وتــابــعــت «مــــع مـــــرور الـــوقـــت بـــــدأت أشـعـر بالذنب، وقررت بعد انتهاء العقد أن أبحث عن عمل قانوني يحفظ مهنتي». فيما تحكي الطبيبة «س.ع» عـن حماسها بعد التخرج، الذي اصطدم بواقع مهني مزدحم بــالأطــبــاء وقــلــة الـــفـــرص، وعـنـدمـا عـــرض عليها 1200 أحـــد الــمــراكــز تـأجـيـر شـهـادتـهـا مـقـابـل ديـنـار شـهـريًًــا، وافـقـت «تحت الـضـغـط»، لكنها أدركت لاحق ًًا أن الضرر يتجاوز الشخص، ويصل إلـى المهنة كلها والمريض الــذي يُُــخـدع باسم الطبيب. سوق تحت الأرض.. وعروض مغرية الصيدلي «ف.م» أشـار إلـى أن زميل والـده هو من عرض عليه تأجير الشهادة، موضح ًًا أنه دينار شهريًًا، إضافة لنسبة 800 تم الاتفاق على مــن أربــــاح الـصـيـدلـيـة، ولـــم يـكـن «ف.م» يعلم أن هـذه الممارسة، رغـم شيوعها، قـد تُُعرضه لـمـسـاءلـة قـانـونـيـة شـــديـــدة، خـاصـة مــع غياب التوثيق القانوني السليم. من جانبه، كشف «م.ص»، أحد المستأجرين، ا إن«الطلب عن طبيعة هذا السوق الموازي، قائل ًا المتزايد على خدمات طبية متخصصة ووجود فــجــوات فــي الــســوق دفـــع الـبـعـض نـحـو شــراء ا من تعيين أطباء حقيقيين». الشهادات بدلًا وتـــابـــع: «نـــتـــواصـــل مـــع أطـــبـــاء لا يــمــارســون مـهـنـتـهـم، ونـمـنـحـهـم عـــروض ًًـــا مــغــريــة مـقـابـل استخدام اسمهم فقط». وأشار إلى أن الاتفاقات تتم «بسرية تامة»، وغالبًًا ما تكون شفوية، متابعًًا: «نحرص على عدم التسبب بأي ضرر قانوني أو مهني، ولدينا مستشارون قانونيون لمواجهة أي طارئ، لكن إذا تم الكشف عن هذه الممارسات، فإن الجميع سيتعرض للمساءلة». هـــذه الـظـاهـرة لا تمثل فـقـط خــرقًًــا قـانـونـيًًــا، بـــل تـــهـــدد سلامـــــة الـــمـــرضـــى وثـــقـــة الـمـجـتـمـع بالمؤسسات الطبية، حيث يعتمد كثير من الــمــرضــى عــلــى الأســـمـــاء الـمـعـلـنـة عــنــد اتــخــاذ قراراتهم الصحية، ليفاجؤوا لاحق ًًا بأن من يحمل الاسم ليس هو من يعالجهم. ولا يمكن النظر إلى تأجير الشهادات الطبية على أنه «حل عملي» كما يراه البعض، بل هو فعل يحمل في طياته خيانة لأخلاقيات المهنة وتـــهـــديـــد لــصــحــة الـــنـــاس وسلامــــــة الـمـجـتـمـع، والظاهرة، وإن كانت تنمو في الظل، فإن نتائجها قد تكون كارثية إذا ما تركت بلا رقابة أو مساءلة حقيقية. ا هامًًا، هل تـؤدي الظروف ليطرح هنا ســؤالًا الاقــتــصــاديــة الـقـاسـيـة إلـــى شـرعـنـة مـثـل هـذه الــتــجــاوزات؟ أم أن الــوقــت قــد حـــان لفتح هـذا الملف رسميًًا؟ ضحايا «تأجير الشهادات الطبية».. خسائر مهنية وأحكام قضائية تـتـوالـى الــشــهــادات الــتــي تـكـشـف عــن حجم الأضــرار الناجمة عن ظاهرة «تأجير الشهادات الطبية» فـي الأردن، والـتـي باتت تهدد سلامـة المرضى، وتسيء إلى سمعة القطاع الصحي، وقصص متعددة يرويها متضررون، تتراوح بين مضاعفات صحية خطيرة وخسائر مهنية فادحة، فـي ظـل غـيـاب رقـابـة حقيقية على الـمـؤهلات الطبية للعاملين في بعض المراكز والعيادات. وقال محمود صمادي، وهو أحد المتضررين، إنــه كــان يعاني مـن سـعـال مستمر ومشاكل تنفسية قبل عام، فتوجه إلى عيادة متخصصة بأمراض الصدر حيث تلقى علاج ًًا أدى إلى تدهور حالته بشكل حاد، وبعد مراجعة مستشفى آخر، تبين أنه مصاب بالتهاب رئوي حاد نتيجة وصفة طبية خاطئة. لاحقًًا، اكتشف بمساعدة محام أن الطبيب الـــذي عـالـجـه لا يحمل شــهــادة طبية حقيقية، بل يعمل باستخدام شهادة مستأجرة، وهي جريمة قانونية يعاقب عليها الـقـانـون، وبعد تــقــديــم شــكــوى رســمــيــة، صــــدر حــكــم لصالحه بالحصول على تعويض قـدره ثلاثـة آلاف دينار، وإغلاق العيادة، وتغريم مالكها، وسجن الطبيب ا ، واصف ًًا التجربة بأنها «قاسية المزيف عام ًًا كامل ًا ومـــؤلـــمـــة»، لـكـنـهـا عـلـمـتـه أهــمــيــة الــتــأكــد من مؤهلات الطبيب قبل بدء أي علاج. في شهادة أخرى، تروي «م.ن»، وهي طالبة طب تخرجت حديثًًا، كيف تحولت أولى تجاربها المهنية إلــى كـابـوس، بعد قبولها للعمل في مركز طبي في إربد، اكتشفت لاحقًًا أن الطبيب المسؤول لا يحضر إلـى العيادة، بل كـان يؤجر اســمــه وشــهــادتــه مـقـابـل مـبـلـغ مـــالـــي، وتبين أن الـمـركـز لا يـضـم أي كــــوادر مـؤهـلـة، وجميع التشخيصات والــوصــفــات الطبية تُُــقــدََّم دون إشراف. ورغم اعتراضها، ط ُُلب منها الاستقالة إذا لم يناسبها الـوضـع، وتفاقمت الأمـــور حين وُُضـع اسمها في شكوى من أحد المرضى دون علمها، مما أضر بسمعتها المهنية وأدخلها في دوامة قضائية، قائلة: «بــات الخوف يرافقني في أي وظيفة جــديــدة، وهـــذه الـظـاهـرة تظلم الأطـبـاء الحقيقيين». وقـــال «ح.ي» إنــه عمل فـي عـيـادة مرخصة باسم طبيب مشهور لكنه لم يكن يشرف عليها فعليًًا، مضيفًًا أن الأجهزة المتطورة في المركز تُُستخدم من قِِبل أشخاص غير مؤهلين، وأن بعض العاملين يحملون شــهــادات مـــزورة أو مستأجرة. وتـابـع: «كنا نُُطلب أحيانًًا بـأن نقدم أنفسنا كخبراء بينما لا نملك الـمـؤهلات المطلوبة»، معترفًًا بأنه كـان يشعر يوميًًا بخطر التسبب بــأذى للمرضى، لكن الضغوط الـمـاديـة هـي ما يمنعه من ترك العمل رغم معرفته بأن ما يجري داخل العيادة «غير قانوني وخطير». ومـــن جـانـبـهـا، تــقــول «ر.ع»، إنــهــا خضعت لعملية جراحية في اليد لعلاج تمزق في الأوتار، لكنها عانت لاحقًًا من آلام شديدة ومضاعفات صحية تبين لاحـقًًــا أنها نتيجة إجـرائـهـا على يد طبيب غير مؤهل، موضحة أنها كانت قد اختارت العيادة بناء على حملاتها الترويجية على وسائل التواصل الاجتماعي، لتكتشف لاحقًًا الحقيقة الصادمة بعد التحقيق. وروى «ي.ج» تجربته مع عيادة أسنان أعلن عنها طبيب شهير، لكنه فوجئ بأن من عالجه شـخـص آخــــر، وبــعــد يـــوم مــن الـــــعلاج، سقطت الأسنان المزروعة وتعرض لالتهاب حـاد، فيما أنكرت العيادة مسؤوليتها، وبعد تهديده بكشف الحقيقة، حصل على علاج من الطبيب الشهير ا : «علمت لاحق ًًا نفسه الذي اعترف بخطئه، قائلًا أن الطبيب يؤجر شهادته للعيادة، ولولا تهديدي لهم لكان الضرر أكبر». تسلط هــذه الـشـهـادات الـضـوء على ظاهرة مقلقة تهدد المنظومة الصحية، وتدق ناقوس الخطر بشأن ضـــرورة مراقبة تراخيص المهن الطبية والـتـأكـد مــن أهـلـيـة الـعـامـلـيـن، حماية للمجتمع، وصونًًا لثقة الناس في مؤسساتهم الصحية. تأجير الشهادات حل للكثيرين وقال مستشار الأعمال الصيدلانية، الدكتور خالد الشوبكي، إن من أبرز العوامل التي تدفع الأفـراد إلى تأجير شهاداتهم الطبية هو العامل المالي، حيث يجد العديد منهم في ذلك وسيلة للحصول على دخل شهري ثابت. وأضاف الشوبكي أن ظاهرة تأجير الشهادات ا لـلـكـثـيـر مـــن الأفــــــراد في الـطـبـيـة أصـبـحـت حلًا مواجهة الوضع الاقتصادي الصعب، خصوصًًا الصيادلة الذين لا يجدون فـرص عمل تناسب تخصصاتهم. وأوضـــح الشوبكي أن هــذه الـظـاهـرة تحمل مخاطر كبيرة على الـصـيـادلـة والمستثمرين على حد سواء،مضيف ًًا أن الصيدلاني الذي يؤجر ا قانوني ًًا أمام صيدليته للمستثمر يبقى مسؤولًا السلطات عن جميع جوانب الصيدلية، سواء فيما يتعلق بالأخطاء الطبية أو الأمــور المالية مثل الضمان الاجتماعي والضرائب، ومن جهة أخــرى، يواجه المستثمر خطرًًا كبيرًًا في حال قـام الصيدلي بــإغلاق الصيدلية دون أي إثبات للمستثمر عـلـى ملكية الـبـضـائـع أو الأدوات الموجودة داخلها. ويـــــرى الــشــوبــكــي أن الـــحـــل الأنـــســـب لـهـذه الظاهرة يكمن في إعادة تنظيم القطاع الصيدلي بما يتلاءم مع احتياجات السوق المحلي، مشير ًًا إلى أن عدد خريجي كليات الصيدلة في الأردن قد ازداد بشكل كبير، في الوقت الذي تزداد فيه المنافسة في سوق العمل. مـــن جــهــتــه، قــــال الـخـبـيـر الاقـــتـــصـــادي فـايـق حجازين إن وزارة الصحة الأردنية تقوم بدور مهم فـي مراقبة جميع الـعـيـادات الصحية وتخضع جميعها لإجراءات الترخيص والاعتماد من قبل الـوزارة، مشيرًًا إلى أن ظاهرة تأجير الشهادات الطبية، رغم ما تحمله من جدل، تحمل بعض الجوانب الإيجابية التي تتمثل في تمكين الأفراد مــن الاسـتـثـمـار فــي الـقـطـاع الـصـحـي مــن خلال افتتاح صيدليات وعيادات «تحت إشراف أطباء مرخصين». وأشـــار حجازين إلـى أن التكلفة الاقتصادية تعتبر أحد العوامل الرئيسية التي تدفع بعض الأطباء والصيادلة إلى تأجير شهاداتهم، موضح ًًا أن هـــذه التكلفة يمكن أن تـكـون إيـجـابـيـة من حيث توفير فرص عمل لأولئك الذين يحملون شـــهـــادات مـــزاولـــة الـمـهـنـة، لكنهم لا يمتلكون الـقـدرة المالية لافتتاح مشاريع صحية خاصة بهم. ويرى حجازين أن الدمج بين الاستثمار في القطاع الصحي والـقـدرة على تقديم الخدمات الـطـبـيـة يُُــعــد «مـنـفـعـة مـتـبـادلـة» بـيـن الأطــبــاء والمستثمرين، مبين ًًا أن هذه الممارسة ليست ا من أشكال الفساد، بل وسيلة لتحسين شكل ًا الوضع الاقتصادي. قصور رقابي وقالت دكتورة الطب العام لين السواعير إن تأجير الشهادات الطبية يشكل «خطرًًا كبيرًًا» عــلــى سـمـعـة الأطـــبـــاء والــمــؤســســات الـطـبـيـة، مشيرة إلى أن هذه الظاهرة تؤثر بشكل سلبي على جودة الخدمات الطبية المقدمة للمرضى. وأضــــافــــت الـــســـواعـــيـــر أن الـــشـــخـــص الــــذي يــســتــأجــر شـــهـــادة طـبـيـة دون أن يـــكـــون لـديـه المهارات والخبرة اللازمة يمكن أن يسبب ضررًًا كبيرًًا للمريض، مشيرة إلى أن هناك «قصورًًا رقابيًًا» في بعض الأماكن الطبية، وهو ما يمكن معالجته من خلال منع استيراد الشهادات من مصادر معروفة بممارسة تأجير الشهادات. وأوضـحـت السواعير أنـه في حـال استمرت ظاهرة تأجير الشهادات الطبية، ستفقد الناس الثقة في القطاع الطبي بشكل عام، مما سيؤثر سـلـبًًــا عـلـى سـمـعـة الأطـــبـــاء فـــي الأردن وعـلـى الصعيدين المحلي والدولي، داعية إلى ضرورة تقوية الرقابة على الشهادات الطبية والموافقة فقط على الشهادات المحلية والدولية المعترف بها من دول موثوقة. وقالت الصيدلانية وعد الدن إن هذه الظاهرة تضر بسمعة المهنة وتهدد سلامة المرضى، إذ إن الشخص الــذي يؤجر شهادته قـد لا يمتلك الخبرة والمهارات الطبية اللازمـة لتقديم رعاية صحية فعالة، مبينة أن النساء يشكلن نسبة كبيرة من المتورطين في هذه الظاهرة، ويجدن ا لتحسين وضعهن المادي في ظل قلة فيها حلًا الفرص الوظيفية المتاحة. ورغــــم أن تـأجـيـر الــشــهــادات لا يــؤثــر بشكل مباشر على ثقة الـمـرضـى بـالـصـيـدلانـي، حيث يظل المريض يتعامل مع شخص يرتدي الزي الأبيض ويقدم النصائح الطبية، مضيفة الدن أن هذه الممارسات تؤثر على سمعة القطاع بشكل عام،قائلة إن المريض يحكم على الصيدلي بناء على تعامله معه وليس من خلال الشهادات الـرسـمـيـة، م ّّـــا يخلق حـالـة مــن عـــدم الـثـقـة قد تــؤدي إلـى تـدهـور جــودة الخدمة المقدمة في الصيدليات. أبو جاموس: شروط صارمة لفتح الصيدليات وأوضحت رئيسة قسم ترخيص المؤسسات الصحية فــي وزارة الـصـحـة، الــدكــتــورة إخلاص أبـــو جـــامـــوس، أن الـصـيـدلـي الــــذي يــرغــب في فتح صيدلية يجب أن يـكـون قـد أمـضـى ثلاث سـنـوات فـي مـزاولـة المهنة، وأنــه لا يُُسمح له بفتح صيدلية قبل مـرور هـذه الـمـدة، مضيفة أن جميع الصيدليات تعمل بموافقة الـــوزارة ونقابة الصيادلة، وأنـه في حال تم الكشف عن أن الترخيص مبني على معلومات غير صحيحة أو أن الصيدلي غير مسجل في قانون الغذاء والدواء، يتم إلغاء ترخيص الصيدلية فورًًا. وقالت أبـو جاموس إن النقابة تقوم باتخاذ إجــــراءات تأديبية بحق الـصـيـادلـة المخالفين، وهــــذه الإجـــــــراءات قـــد تـشـمـل فـــرض غــرامــات مالية أو منع الصيدلي من مزاولة المهنة لفترة زمنية محددة، مشيرة إلى أن المديرية لا تملك الـصلاحـيـة إلا فـي إلـغـاء تـراخـيـص الصيدليات، ولكن ذلك يتم بناء على مستندات ووثائق تؤكد أن الصيدلية ليست باسم الصيدلي. وأضافت أن الوزارة لا ت ُُر ََخ ِِص أي صيدلية إلا إذا تم تقديم الأوراق اللازمة التي ت ُُثبت أن الصيدلية باسم الصيدلي، مثل عقد الإيجار، سند الملكية، والـسـجـل الــتــجــاري، مـشـيـرة إلـــى أن الاتفاقية المبرمة بين وزارة الصحة والمؤسسة العامة للغذاء والـــدواء، التي تتولى مسؤولية الرقابة على الصيدليات، فـي حين تقتصر مسؤولية الوزارة على إصدار التراخيص. وتابعت أبـو جاموس أن المؤسسة العامة للغذاء والـدواء هي الجهة المسؤولة عن تلقي جميع الشكاوى المتعلقة بتأجير الشهادات، ويشمل ذلك القيام بزيارات ميدانية للتأكد من صحة الشكاوى. تأجير الشهادات تحت المجهر النقابي والرقابي وقــــال مـسـاعـد أمــيــن صــنــدوق الـتـقـاعـد في نقابة الصيادلة، الدكتور رامي عـواد، إن النقابة لا تمتلك إحصائية دقيقة حــول ظـاهـرة تأجير الـــشـــهـــادات، ولـكـنـهـا تـتـابـع جـمـيـع الــمــعــاملات الـمـتـعـلـقـة بـالـصـيـدلـيـات عــبــر قــســم تـرخـيـص الصيدليات، ويتم التحقق منها للتأكد من عدم تأجير الشهادات، موضح ًًا أن النقابة تقوم بإحالة أي صيدلي مشكوك فيه إلى لجنة للتحقيق في حال وجود أي شكوك. وأضـــــــاف عــــــواد أن الـــنـــقـــابـــة تـــقـــوم بــرفــض المعاملات أو إقناع الصيدلي بسحب طلباته إذا تم التأكد من وجود تأجير للشهادة، كما تواصل التنسيق مع وزارة الصحة بشأن ذلك، مبينًًا أن من أبرز الأسباب التي تؤدي إلى هذه الظاهرة هو قلة الوعي بعواقب تأجير الـشـهـادات، إلى جانب غياب الثقة بين الصيدلي والشخص الذي يقد ّّم له عرض تأجير الشهادة. وأشار عواد إلى أن النقابة تعمل على تنفيذ حملة توعوية جديدة تهدف إلـى تعزيز الوعي حول مخاطر هذه الظاهرة، بالإضافة إلى تعزيز القوانين والـتـأكـد مـن صحة جميع الشهادات المقدمة. وتــابــع: «الـنـقـابـة تتابع وضــع الـصـيـادلـة عبر قـسـم مـخـصـص لـلـتـوظـيـف، حـيـث يـتـم إجـــراء تفتيش دوري على الصيدليات بالتعاون مع المؤسسة العامة للغذاء والـــــدواء»، موضحًًا أن النقابة تقوم بتنظيم ورشـات عمل ودورات تدريبية وتوزيع منشورات توعوية لزيادة الوعي بين الصيادلة حول هذه الظاهرة. وأكـدت نقابة اختصاصي المختبرات الطبية الأردنــيــة أنـهـا تتبع عــدة إجــــراءات للتحقق من صحة الشهادات المستخدمة في المختبرات الطبية، وتشمل هـذه الإجـــراءات التواصل مع الـمـؤسـسـات التعليمية المانحة للشهادات، بالإضافة إلى مراجعة السجلات الرسمية للتأكد من مطابقة البيانات المقدمة مع تلك المسجلة لدى الجهات المختصة في وزارة الصحة الأردنية. وأشــــــــارت الـــنـــقـــابـــة إلـــــى أن وزارة الـصـحـة والجهات الرقابية تقوم بزيارات ميدانية مفاجئة للمختبرات الطبية لضمان الالـتـزام بالمعايير القانونية والتأكد من صحة الشهادات. وقالت النقابة إن هناك تحديات تواجه عملية الكشف عـن المخالفات، أبـرزهـا نقص الـمـوارد البشرية المتخصصة فـي الـرقـابـة، واستخدام بعض الأفــراد وسائل احتيالية متقدمة لإخفاء الــمــخــالــفــات، بـــالإضـــافـــة إلــــى ضــعــف الــتــعــاون مـن بعض الـجـهـات أو الأفــــراد الـذيـن يعرقلون التحقيقات. وأوضحت النقابة أن وزارة الصحة، بالتعاون مــع الـجـهـات الـمـعـنـيـة، تــقــوم بتنظيم حــملات توعوية وورش عمل تستهدف العاملين في الـقـطـاع الـصـحـي لـتـعـزيـز الــوعــي بـالـمـمـارسـات المهنية السليمة والـتـحـذيـر مــن المخالفات الناتجة عن ضعف الرقابة. وتابعت:»هناك إجـراءات صارمة تتخذ بحق الخريجين المتورطين فـي تأجير شهاداتهم، بما في ذلك سحب الترخيص المهني ومنعهم من ممارسة المهنة، بالإضافة إلى إحالتهم إلى الجهات القضائية المختصة لاتخاذ الإجـــراءات القانونية المناسبة». مــن جـانـبـه، نـفـى نـقـيـب الأطـــبـــاء الأردنــيــيــن، الـــدكـــتـــور زيـــــاد الـــزعـــبـــي، وجـــــود ظـــاهـــرة تـأجـيـر الـــشـــهـــادات الـطـبـيـة بـيـن الأطـــبـــاء، مــوضــح ًًــا أن طبيعة مهنة الـطـب ومسؤولياتها تمنع مثل هذه الممارسات. وقـــال الـزعـبـي إن كــل طبيب يحمل هويته المهنية المستقلة التي تميزه عـن غيره من الأطباء، وبالتالي لا يمكن أن تكون هناك ظاهرة تأجير شهادات في هذا المجال. تأجير الشهادات الطبية في ميزان القانون قــــال الــمــحــامــي قــصــي الـــنـــقـــرش إن تـأجـيـر الـــشـــهـــادات الـطـبـيـة يُُــعــد أحـــد أشـــكـــال الـتـزويـر والاحتيال التي يجرّّمها قانون العقوبات الأردني، مـــؤكـــدًًا أن هـــذه الــمــمــارســة تُُــصــنّّــف كجريمة متعددة الأبعاد، تتضمن تزوير وثائق رسمية، وانــتــحــال صــفــة، ومــمــارســة مـهـنـة طـبـيـة دون تـرخـيـص، مـا يجعلها مـن الـجـرائـم الـتـي تمس النظام العام وسلامة الأشخاص. وأضــــاف أن الــقــانــون يـعـاقـب مـرتـكـبـي هـذه الجريمة بعقوبات تصل إلى الحبس، والغرامة المالية، وشطب المخالف من السجل المهني، بالإضافة إلى إغلاق المنشأة الطبية المتورطة، لما تشكله هذه الممارسات من تهديد مباشر لصحة وسلامة المرضى. وأشـــار الـنـقـرش إلــى مـا نـص ّّــت عليه الـمـادة /ب) من قانون الصحة العامة، والتي تحظر 5( مـمـارسـة أي مهنة طبية أو صحية أو القيام بأعمال دعاية دون الحصول على ترخيص من /أ) من 9( وزيــر الصحة. كما أوضــح أن الـمـادة القانون ذاته تنص على معاقبة كل من يمارس المهنة دون ترخيص، وتجيز إغلاق المحل لحين صدور حكم قضائي قطعي. /ب) 62( وفـي ذات السياق، بيّّن أن المادة من القانون تنص على الحبس من ثلاثة أشهر إلـــى سـنـتـيـن، أو الــغــرامــة مــن ألـفـي ديــنــار إلـى خمسة آلاف ديــنــار، أو بكلتا العقوبتين لمن يـمـارس المهنة دون تـرخـيـص. كما أشـــار إلى ) مـن قـانـون الـعـقـوبـات الأردنـــي، 265( الــمــادة التي تعاقب على التزوير في الوثائق الرسمية أو في أي بيانات ضمن نظام معلومات رسمي بـالأشـغـال المؤقتة، مـا لـم ينص الـقـانـون على خلاف ذلك. وأوضـــــح الــنــقــرش أن وزارة الـصـحـة تتولى التحقق من تراخيص الـكـوادر الطبية العاملة، وتدقيقها للتأكد من مطابقتها للمعايير المهنية، كما تتلقى وتحقق في الشكاوى المقدمة ضد الأطــبــاء والـمـؤسـسـات الصحية. فـي المقابل، تتولى النيابة العامة التحقيق في قضايا التزوير وانـتـحـال الـصـفـة، بينما يُُــعـهـد للقضاء إصـــدار الأحـكـام المناسبة بحق المخالفين، ويضطلع جهاز الأمن العام بجمع الأدلة اللازمة. كما شدد النقرش على دور النقابات المهنية، الــتــي تـمـثـل خــط الـــدفـــاع الأول ضــد مـثـل هـذه الممارسات المخالفة لأخلاقيات المهنة، حيث يقع على عاتقها التحقق من صحة الشهادات المقدمة من الأعضاء وفرض العقوبات التأديبية بـحـق الـمـخـالـفـيـن، بـمـا فــي ذلـــك حــــالات تأجير الشهادات. المتاجرة بالشهادات الطبية وسط غياب الرقابة الرسمية أصحاب شهادات طبية يؤجرون شهاداتهم بمبلغ شهري لمستثمرين.. والمريض هو الضحية منشورات رصدها فريق التحقيق عن عرض و طلب شهادات للإيجار

RkJQdWJsaXNoZXIy NTAwOTM=