صحافة اليرموك

٢٠٢٥ أيار ١٨ _ ١٤٤٦ ذو القعدة ٢٠ الأحد 4 شرفات ࣯ ي رموك - قاسم أكرم المحاسنة � صحافة ال تـحـوّّل الـمـشـروع الـنـووي الإيــرانــي مـن ملف تفاوضي وورقـــة دبلوماسية إلــى معادلة متحركة أصبحت جــزءًًا من استراتيجية لرسم الخريطة الأمنية والسياسية في الشرق الأوسط، وتشعل تنافس ًًا إقليمي ًًا محموم ًًا وتستفز الحسابات الأمنية لكل من إسرائيل والـغـرب والـولايـات المتحدة الأمريكية، إذ يمنح التموضع النووي إيران قدرة فرض معادلات جديدة، وتحريك سباق تسلّّح غير معلن في المنطقة، وسط عجز واضح في المنظومة العربية عن بناء موقف جماعي موحد، واكتفاء بعض الدول بالتموضع خلف تحالفات دولية متباينة المصالح والرؤى. الطموحات النووية الإيراني ّّة قـال الخبير في الشأن الإيـرانـي أحمد شعبان إن من يدفع إيران نحو البرنامج النووي هي روسيا، التي أمد ّّتها بأجهزة الطرد والتقنيات النووية والصواريخ الباليستية التي تفاوض أمريكا على تفكيكها، إذ صدر تقرير عن رئيس الوكالة الذرية للطاقة النووية، أفاد بأن إيران تمتلك حوالي %، و 60 كيلوغرام من نوع يورانيوم مخصب بنسبة 400 %، أو العكس، وهذا يمك ّّنها من 20 كيلوغرام ًًا بنسبة 70 إنتاج خمس قنابل نووية، والتي قد تكون أنتجت بالفعل. وقع 2020 وبداية 2019 وأضــاف أنـه في أواخــر عـام انفجار شديد في مدينة سمنان الإيرانية، على عمق يقد ّّر كيلومترًًا تحت الأرض، إذ أعلنت هيئة الـزلازل 12 بنحو حينها أنها لم تسجل أي هزات أرضية في المنطقة، ولكن الأقمار الصناعية رصـدت وأكـدت أن ما حدث كان تجربة نووية نفذتها إيــران، مبينًًا أن هذا الانتقال لتعزيز قوتها الاستراتيجية، ولتكون شوكة في ظهر الغرب، وأداة تلاعب روسية في المنطقة. وتابع أن إيـران تستخدم الحوثيين كورقة ضغط على إسـرائـيـل لكي تضغط هــذه على أمـريـكـا، وبالتالي رجـوع أمريكا للمفاوضات مع إيــران على الاتـفـاق الـنـووي التي ويسعى حالي ًًا خلف إيران 2018 انسحب منها ترامب عام للعودة إلى المفاوضات، فهي تستخدم الـسلاح النووي كسلاح ردع ولا أعتقد أنها تستخدمه فعليًًا، لأنه ليس من مصلحتها. العلاقات الإيرانية الروسية الصينية وأوضح شعبان أنه من المستحيل أن تتأثر علاقة إيران بروسيا لأنه تربطها علاقـات واسعة جـدًًا بروسيا، كما أن اتفاقية الشراكة الاستراتيجية التي وقعها الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين منذ حوالي شهرين ونصف كانت بمثابة رسالة لأمريكا أن إيران في حماية روسيا، مؤكدا أن البرنامج النووي الإيراني لا يمكن أن يقوم دون الدعم الروسي. وأضـــاف أن روسـيـا دعـمـت إيـــران فـي ملفها الـنـووي، وساعدتها في التسلح والتكنولوجيا ووفـرت لها العلماء الروس الذين أداروا المشاريع النووية الإيرانية، ومشاريع الصواريخ الباليستية الإيرانية، وبالتالي البرنامج الروسي لن يتأثر بالبرنامج الإيراني، بل بالعكس نرى روسيا تتحرك من خلف الكواليس عبر إيران. ولفت إلى أن إيران تُُستخدم كأداة من روسيا وتحرك أذرعـهـا فـي منطقة الـشـرق الأوســـط مـن خلال الحوثيين وحـــزب الله، والـنـظـام الــســوري الـسـابـق ولـــواء فاطميون وغـيـرهـم فــي لـبـنـان، وتـــحـــاول الـتـمـدد أكـثـر فــي أفريقيا خصوص ًًا في دول الساحل، فهي تمتلك علاقــات حديثة مع تونس، تحاول أن تدخل إليها في الخفاء. وحول فشل المفاوضات، يعتقد شعبان بأنها لن تفشل لأن كل طرف من الأطراف المتفاوضة يدخل المفاوضات بهدف معين، إذ إن أمريكا تدخل بهدف تفكيك البرنامج النووي الإيراني أو على الأقل تجميده وخلف ذلك إسرائيل. وأضاف أن إيران تهدف إلى فك العقوبات عن الشعب الإيراني ومحاولة إظهار للعالم أن برنامجها النووي ليس له أغراض عسكرية على الرغم أن طموح ًًا لها، إلا أنها أعلنت في أواخر عهد روحاني عن خروجها من الاتفاق النووي. الدعم الإيراني لفلسطين والمقاومة وعلى صعيد آخر، قال المحلل السياسي حمزة العط ّّار إن فلسطين قوية بـإيـران حتى مـن دون نـــووي، عـدا أن امتلاك النووي كسلاح في العقيدة الإيرانية من المحرمات وبالتالي لـن تقوم إيـــران بصناعة سلاح نــووي طالما لم تبدل عقيدتها القتالية، وبغض النظر عن كيفية النظرة الفلسطينية مؤكد ًًا أنها لن تمتلك النووي طالما هناك رادع ديني، علما أن إيران أقامت الردع بالتوازن الاستراتيجي عبر قدرتها على تصنيع الصواريخ والمسيرات الفعالة. وأضــاف أن التدين الإيـرانـي يمنعها شرعًًا من امـتلاك سلاح نـــووي، ولــو فرضنا أن هــذا الأمـــر تـم وهــو مخالف للشريعة لديهم، فـإن قــدرات الفصائل الفلسطينية لن تتغير، لأن إيران تقدم اليوم كل ما هو ممكن لفلسطين مـاديًًــا ومعنويًًا، موض ًحًا أن الضعف الكبير الــذي تعانيه السلطة الفلسطينية هو الدافع الأكبر لجعل إيران الداعم الأول لفلسطين. وأشــار العطّّار إلـى أن التخاذل والضعف العربي لدى الـسـلـطـة الـفـلـسـطـيـنـيـة هـــو مـــا دفـــع فـصـائـل الـمـقـاومـة الفلسطينية لتلقف كل مساعدات إيـران، بمعنى أوضح تــخــاذل الـس ُُــنـة الــعــرب اتــجــاه الـس ُُــنـة الفلسطينيين من فصائل المقاومة أوجد ثغرة كبيرة استطاعت من خلالها إيـــران أن تحتضن الفصائل الفلسطينية وتـقـدم لها كل أشكال الدعم الممكن. الأزمة الإسرائيلية الإيراني ّّة ومــن جانبها، قـالـت الباحثة فـي الـشـأن الإسرائيلي إنجي بدوي إن الخط الأحمر الإسرائيلي يتمثل في اقتراب طهران من امـتلاك «قـدرة نووية عسكرية»، أي الوصول إلــى مستوى تخصيب يـورانـيـوم يسمح بصناعة قنبلة نووية، إذ ترى أن إسرائيل لن تضرب المنشآت النووية الإيرانية، وذلك بسبب المفاوضات بين طهران وواشنطن والوسيط في الأمر سلطنة عمان. وبينت أنه في حال شنت إيران هجوم ًًا على تل أبيب مثلما حدث في أكتوبر الماضي أو المحاولة في التدخل في شؤون الشرق الأوسط مرة أخرى كما حدث في لبنان وسوريا سيكون هناك موجة جديدة من الصراعات. وأشارت بدوي إلى أن روسيا تعتبر حليف قوي لإيران وشهدنا التعاون السابق في سوريا أثناء حكم عائلة الأسد، ولكن القلق بالنسبة لإسرائيل يتمثل بأن روسيا زودت وهذا قد 300-S إيران بتقنيات دفاع جوي متطورة مثل يعيق إسرائيل من تنفيذ أي ضربة فعالة بسبب التنسيق الروسي الإيراني. وتابعت أن إسرائيل طورت قدرات مهمة مثل طائرات المتقدمة وقنابل خارقة للتحصينات، إلى جانب 35 اف معلومات استخباراتية دقيقة، ولكن في حالة أي رد إيراني ستحتاج إلى دعم أمريكي. وأضافت بدوي أن امتلاك إيران للسلاح النووي سيغير الــتــوازن الاسـتـراتـيـجـي بالكامل للشرق الأوســــط، وتـرى إسرائيل أنه تهديد وجودي لها، وفي تلك الحالة ستتغير استراتيجية اللعبة مـع حـزب الله وحـمـاس والحوثيين، إذ تعمل إسرائيل على تطوير منظومة دفاعية متعددة الطبقات مثل القبة الحديدية ومـــقلاع داوود، منظومة «حيتس» المضادة للصواريخ الباليستية، إضـافـة إلى بناء قوة ردع نووية صامتة المعروفة باسم «الغموض النووي» لضمان تفوقها الردعي. ولــفــتــت بــــدوي إلــــى أن الـــدعـــم الأمـــريـــكـــي الـسـيـاسـي والـعـسـكـري لإسـرائـيـل يـعـزز بشكل كبير ثـقـة تــل أبيب فــي اتــخــاذ قــــرار بتنفيذ ضــربــة اسـتـبـاقـيـة، بــالأخــص ضد طهران، وهذا الدعم يشمل مساعدات عسكرية ضخمة، مـن أبـرزهـا تـزويـد إسـرائـيـل بأنظمة دفـــاع متقدمة مثل »، إضافة إلى دعم 35- «القبة الحديدية» ومقاتلات «إف استخباراتي كل هذا يمنح إسرائيل ثقة بالتفوق العسكري والاستراتيجي. وبينت بـدوي أنه بالرغم من هذا الدعم الوثيق، إلا أن هناك فجوة متزايدة في التقديرات بين واشنطن وتل أبـيـب بـشـأن بـعـض الـــقـــرارات العسكرية الـحـسـاسـة، إذ ترى إسرائيل أن الظروف الحالية مناسبة لتوجيه ضربة استباقية فـي ظـل تصاعد الـتـهـديـدات مـن إيــــران، ولكن الإدارة الأمريكية تسعى مـا بين ضبط النفس وتجنب التصعيد أو محاولة أو إثارة الرأي ضدها. سيناريوهات مستقبلية متوق ّّعة يــــرى الـــبـــاحـــث الــمــتــخــصــص فـــي الــــشــــؤون الإيـــرانـــيـــة والآسيوية إسلام الشافعي أن تحول إيران إلى دولة نووية سيقلب موازين القوى في المنطقة، ويجعل إيران تحتفظ بمظلة نـوويـة تـواجـه بها هيمنة الـقـوى الكبرى وتفرض مساحات من النفوذ الإقليمي، ويجعلها في مأمن من تدخلات عسكرية خارجية وخاصة غربية ويجعل أي قوى عالمية تعطي لإيران وضعا مميزا في المنطقة. وأضـــــاف أن الــبــرنــامــج الـــنـــووي الإيـــرانـــي لـيـس مـوجـه لإسرائيل، فلا يمكن تخيل توجيه أي ضربة نووية لإسرائيل لأنها تعيش وسط الفلسطينيين وسط المنطقة العربية، إنـمـا هــو هـدفـه فـقـط بـنـاء أو تمتين الـنـفـوس الإقليمي الإيراني وترسيخ إيران كقوة إقليمية في المنطقة. ولفت الشافعي إلى أن الخطر النووي الإيراني هو خطر يهدد أمن المنطقة بأكملها، لكن لم يؤدي إلى توحيد جهود دول المنطقة؛ لأن هناك أخطار عديدة واخــتلاف وتباين في وجهة النظر وبرامج العمل تجاه هذه الأخطار، فهناك الخطر الإسرائيلي والإيراني علاوة على الأخطار الداخلية والخارجية الكثيرة، وهذا لا يؤدي إلى توحيد أعمال الدول العربية والتوحد في مواجهة الخطر الإيراني. تقييد النفوذ وفشل المفاوضات بخصوص توقعات الصفقة النووية، أوضـح الشافعي أن التوقعات سلبية بالنسبة لإيران بمعنى أنها تبدو في موقف ضعف، لذلك من المتوقع أن تكون الصفقة التي يجرى التفاوض عليها حاليا مع واشنطن أسـوأ بالنسبة ، إذا من المتوقع 2015 لإيران وأكثر تقييدا مقارنة بصفقة أن تشهد تقييد البرنامج الـنـووي والـصـاروخـي والنفوذ الإقليمي ولا تقتصر على تعهدات أو تقييدات للبرنامج النووي فقط. وتــوقــع الـشـافـعـي أنـــه فــي حـــال فشلت الـمـفـاوضـات النووية هناك سيناريوهات مرعبة بالنسبة لإيران، أبرزها تعرضها لضربة عسكرية أمريكية إسرائيلية مشتركة وخاطفة تـؤدي بالفعل إلـى تأثيرات سلبية على الداخل الإيراني وعلى استقرار النظام والاقتصاد وتشديد العقوبات سيؤدي إلى نتائج سيئة جدا بالنسبة للداخل الإيراني. واستكمل أنه لو افترضنا أفضل السيناريوهات تفاؤلا وهو بقاء الوضع كما هو عليه، فإنه سيناريو سلبي التأثير بالنسبة للوضع الإيراني، كما أن استمرار الوضع الحالي وفشل فرصة التوصل لاتفاق وتخفيف العقوبات هو فشل للسياسة الخارجية الإيرانية وفشل للدولة الإيرانية وله أثر سلبية على النظام وعلى الدولة ككل. وعلى صعيد آخر، قال الباحث المتخصص في الشأن الإيــرانــي الـدكـتـور خـالـد الـحـاج إن الـتـحـولات فـي الموقف الأمريكي تجاه الملف النووي الإيراني تكشف توازنًًا هش ًًا بين تيارين نافذين داخل واشنطن؛ الأول التيار البراغماتي ا بالإدارة القائمة، ويرى الذي ي ُُسيطر اليوم على الحكم ممثل ًا أن أي مواجهة شاملة معها ستقود إلى فوضى إقليمية تهدد المصالح الأمريكية، ولا يعارض فكرة إعادة التفاوض مع طهران ولكن بشروط تضمن التفوق الأمريكي، وتمنع إيران من توظيف أي مكسب سياسي أو نووي في التمدد الإقليمي. وتابع أنه في المقابل، هناك تيار متشدد أكثر قربًًا من اللوبيات الإسرائيلية داخــل الكونغرس ومـراكـز التأثير، ويدفع باتجاه خيار عسكري، ويؤمن بأن إيران لا تلتزم بأي اتفاق وأن الخيار الوحيد هو تحطيم البنية النووية الإيرانية بالقوة، أو دفع إسرائيل إلى ذلك بدعم لوجستي أمريكي، إذ يعكس هـذا الانقسام حقيقة أن السياسة الأمريكية تجاه إيـــران ليست نابعة مـن مبدأ ثـابـت، بـل مـن تـوازن بين المصالح الاستراتيجية الداخلية وتأثيرات الحلفاء الإقليميين. وأضاف الحاج أن الولايات المتحدة أثبتت أنها تتصرف بمنطق المصلحة لا بمنطق الأخلاق أو الالتزام الدولي، إذ ، لم يكن مجرد 2018 إن انسحاب ترامب من الاتفاق عام تراجع عن التزامات سابقة، بل كان إعلانًًــا أن أميركا ترى نفسها غير ملزمة بأي اتفاق لا يخدم مصالحها الآنية، حتى لو تم برعاية أممية. وأوضـــح أن هــذا الانـسـحـاب قــو ّّض ثقة إيـــران وأطــراف دولـيـة أخـــرى بــأي الــتــزام أمـريـكـي مستقبلي، فكما قال ترامب حينها «يمكننا التوصل إلى اتفاق أفضل»، إشارة إلى أن التفاوض ليس إلا أداة لتعظيم المكاسب، لذلك فإن عودة إيـران إلى طاولة المفاوضات تتطلب ضمانات لا تستطيع الولايات المتحدة تقديمها إلا نظريًًا، لأن تغيير الإدارة يمكن أن ينسف كل شيء من جديد. وبي ّّن الحاج أن السيناريوهات العسكرية أمر نظري لأنه في الواقع لا هناك سيناريو واحد أمام الولايات المتحدة وإسرائيل إذا تأكدت المعلومات الاستخبارية أن إيـران على بعد خطوات من إنتاج سلاح نــووي وهـي «الضربة العسكرية»، لأن أي سلاح نووي إيراني يعني نهاية التفوق العسكري الإسرائيلي وتهديد القواعد والمصالح الأمريكية في الخليج والبحر الأحمر، بالتالي إذا اختارت طهران رفع نسبة التخصيب إلــى مستويات عسكرية، فــإن الحرب مباشرة أو بضربة محدودة هي الخيار الأقرب إلى الواقع. ولفت إلى أن العلاقات الأمريكية مع إسرائيل والخليج من أهم العوامل التي تضغط على واشنطن لتبن ّّي مواقف أكثر تشدد ًًا تجاه طهران، إذ إن إسرائيل تضغط عبر لوبي ّّاتها القوية في الداخل الأمريكي باتجاه خيار الـردع والضرب، وتعتبر أن أي اتفاق نــووي لا يمنع التخصيب نهائيًًا هو تهديد وجودي، مشيرا إلى أن دول الخليج فرغم تنسيقها الأمني مع واشنطن فإن بعضها بدأ ي ُُظهر حذر ًًا من الدخول فـي مـغـامـرات مفتوحة، ويميل إلــى احــتــواء إيـــران بدل الصدام معها. موقف واشنطن من دعم موسكو وبكين لطهران وأشـــار الـحـاج إلــى أن الدبلوماسية الأمريكية تحاول إعـادة ضبط إيقاع التفاوض، ولكنها لا تسعى إلى العودة بنفس الــشــروط، ففي ظـل التغيرات 2015 إلــى اتـفـاق الإقليمية وتنامي الـــدور الـروسـي والصيني فـي الشرق الأوسط، باتت واشنطن ترى أن أي اتفاق يجب أن يشمل قضايا أوسع مثل البرنامج الصاروخي، والنفوذ الإيراني في اليمن ولبنان. وأكد أنه يمكن العودة إلى المفاوضات ولكن وفق شروط أمريكية جديدة لا تضمن بالضرورة رفع العقوبات بشكل شامل، بل على مراحل وتحت رقابة مشددة، وإيران في المقابل تصر على ضمانات اقتصادية وتشغيلية ملموسة هـذه الـمـرة، أي لا وعــود قابلة للانهيار مـع كـل انتخابات أمريكية. وقال الحاج إن روسيا والصين حليفان رئيسان لإيران في مواجهة الضغوط الغربية، فكلا البلدين يرفضان العقوبات الأحادية الأمريكية، وتشجعان على تفعيل الاتفاق النووي بصيغته الأصلية، لكن الأهم أن بكين وموسكو تستخدمان إيـران كورقة ضغط على واشنطن في ملفات أكبر مثل؛ أوكرانيا تايوان، أمن الطاقة، والممرات البحرية. وتابع أن الولايات المتحدة تدرك هذا جيد ًًا، لذلك فإن أحـد دوافـــع واشنطن لتقييد البرنامج الإيـرانـي هـو قطع الطريق على تحالف استراتيجي ثلاثي بين طهران وموسكو وبكين، الذي قد ي ُُضعف النظام الدولي الذي تتزعمه، لذلك أي اتفاق مستقبلي لا يتأثر بمدى قبول طهران، بل بمواقف موسكو وبكين سواء داخل مجلس الأمن أو خارجه. موقف تركيا من النووي الإيراني ومـــــن جـــهـــتـــه ِِ، قـــــال الــخــبــيــر فــــي الــــشــــؤون الإيـــرانـــيـــة والتركية الدكتور سامح الجارحي إن صناع القرار والقادة السياسيين في تركيا يعتمدون على مبدأ البراغماتية في الـعلاقـات الخارجية، من منظور الأمــن القومي بالنسبة لتركيا، إذ يُُعتبر البرنامج النووي الإيراني إذا امتلكت إيران أسلحة دمار شامل وأسلحة نووية، أحد أهم مراكز التهديد المباشر بالنسبة لتركيا في عدد من الملفات الإقليمية بصراع النفوذ و التصعيد المتبادل بين الجانبين منذ فترة سواء في سوريا أو العراق أو في عدد من المناطق الأخرى. وأضاف أن تغيير عقيدة البرنامج النووي الإيراني من عقيدة سلمية إلى عسكرية من جانب إيران، يُُعد تهديد ًًا مباشرًًا لأمنها القومي في عدد من الملفات، خصوص ًًا في حالة العداء بين الجانبين تاريخيًًا، سواء بين الصفويين والـعـثـمـانـيـيـن، ثــم بـيـن الأتـــــراك والإيــرانــيــيــن فــي الـقـرن العشرين. وتابع الجارحي أنه لا توجد خطوط حمراء في هذا الملف، لأن تركيا تعوّّل كثيرًًا على إسرائيل والـولايـات المتحدة الأمريكية في منع إيران من امتلاك قنبلة نووية، وامتلاك أسلحة دمار شامل وتغيير العقيدة النووية الإيرانية من عقيدة سلمية إلى عقيدة عسكرية. وأشـار إلى أن تركيا تـدرك جيدًًا بأن الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل وأوروبا، سيمنعون إيران من امتلاك قنبلة نووية، وتعو ّّل كثيرًًا وتترقب الأمر من بعيد. وأوضح الجارحي أن إسرائيل هي اللاعب الرئيسي في منع إيران من امتلاك أسلحة نووية، سواء عبر المفاوضات أو عبر توجيه ضربة عسكرية للمنشآت النووية الإيرانية، أو من جانب إسرائيل بوكالة الولايات المتحدة الأمريكية، أو عن طريق ضربة محدودة من جانب الولايات المتحدة الأمريكية للمنشآت النووية. وبين الجارحي أن تركيا لاعب رئيسي في حلف شمال الأطــلــســي «الـــنـــاتـــو»، وهـــي أقــــوى ثــانــي جـيـش فـيـه بعد الولايات المتحدة الأمريكية، فيوجد على أراضيها عددا من الــرؤوس النووية الأمريكية، والقنابل النووية التكتيكية الأمريكية، في قاعدتي إنجرليك وكوراجيك العسكرية التي بها وجـود أمريكي، إذ تسعى تركيا لتعزيز النفوذ التركي داخل الناتو من أجل التعامل مع احتمالية امتلاك إيران للسلاح النووي. وقال إن يمكن باستخدام القواعد العسكرية التركية من جانب تحالف دولي أو من أمريكا توجيه ضربة عسكرية وقصف المنشآت النووية الإيرانية، إذا ما تغيّّرت العقيدة النووية الإيرانية من عقيدة سلمية إلى عسكرية، وبدأت إيران في إنتاج سلاح نووي. ويعتقد الجارحي أن تركيا لا تمتلك استراتيجيات سر ّّية بل هي علنية، كما أن لتركيا ثقل عسكري كبير في حلف الناتو، ولها تحالف عسكري قوي جد ًًا مع أمريكا بالإضافة إلـــى عـــدد مــن الــفــواعــل الإقـلـيـمـيـة والــدولــيــة الـمـوجـودة والـحـاضـرة بـقـوة فـي الـشـرق الأوســــط، وبــدورهــا ستمنع هذه القوى إيران من امتلاك أسلحة دمار شامل وأسلحة نووية. وقال الجارحي إن الخطاب التركي العلني تجاه الملف النووي الإيراني اتسم بالوضوح منذ مطلع الألفية الثالثة، رغم حدوث تغيّّرات في بعض الخطوات، وفي تلك الفترة حينما كان أردوغــان رئيس ًًا للوزراء، عرض على واشنطن القيام بـدور الوساطة لإقـرار اتفاق نـووي يمنع إيـران من ، على الرئيس 2014 امـتلاك أسلحة نووية واقترح عام الأمــريــكــي الأســبــق بــــاراك أوبـــامـــا أن تضطلع تـركـيـا بــدور الوسيط، استنادًًا إلـى قـوة الـعلاقـات بين أنقرة وطهران حينها، خاصة قبيل توقيع الاتفاق النووي الإيراني الغربي .2015 عام وشـدد على أن تركيا تسعى إلى بناء علاقـات متوازنة مع مختلف الأطراف، وتُُظهر في خطابها السياسي العلني نهج ًًا براغماتي ًًا يرك ّّز على تهدئة الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط، فمن وجهة نظر أنقرة تمثّّل هذه السياسة «فن إدارة الـنـفـوذ» أو «فــن إدارة الــصــراع»، فـي ظـل تنافس خفي وحاد مع إيران في عدد من الملفات، أبرزها الملف السوري. وفي الوقت نفسه، أضاف الجارحي أنه لا يمكن وصف الـمـوقـف الـتـركـي بــ»الـصـمـت النسبي» أو الـكـامـل تجاه الملف النووي الإيراني، فموقف أنقرة واضح وثابت، تدعو فيه إلى اتفاق نووي شامل وقوي يمنع إيران من امتلاك قنبلة نووية، ولكن هذا الملف لا يحظى بالأولوية القصوى لدى تركيا في الوقت الراهن، في ظل انشغالها بملفات أخرى أكثر أهمية بالنسبة لمصالحها الاستراتيجية. وبـيـن أن هــذه الملفات تتصدر جـهـود أنـقـرة لتدعيم نفوذها في سوريا، إذ حـل النفوذ التركي تدريجيًًا محل الـنـفـوذ الإيـــرانـــي، إلــى جـانـب تـوس ّّــع الـحـضـور الـتـركـي في ملفات إقليمية أخــرى مثل الصومال، ليبيا، الـسـودان، ولبنان، فهي تسعى إلى تعزيز حضورها وتأثيرها. وتابع أن لا يمكن اعتبار الموقف التركي انعكاس ًًا لاتفاقات غير معلنة مع إيران لتجنّّب التصعيد، إذ إن التصعيد بين الجانبين قائم بالفعل في عدد من الملفات، لا سيما في ا ًا سوريا، وفي سياق الحرب الأذربيجانية-الأرمينية، فضل عن تباين الأهداف والرؤى والاستراتيجيات بين الطرفين في ملفات إقليمية عدة. ولـفـت الـجـارحـي إلـــى أن الــعلاقــة بـيـن أنــقــرة وطـهـران تتسم بسياسات المراوغة والمواءمة، مع إظهار مواقف قد تختلف عن حقيقة النوايا، إلا أن هذا النهج يندرج في إطار البراغماتية السياسية، وليس نتيجة اتفاقات سرية غير معلنة، فالتصعيد مستمر ومتجد ّّد، وكل من الطرفين يتفاديان الدخول في صـدام مباشر، لأنهما يركزان على تعزيز مصالحهم ونفوذهم لا سيّّما في الساحات العربية. وأشـار الجارحي إلى أن تركيا تؤمن تركيا بأن الولايات المتحدة والدول الغربية لن تسمح لإيران بامتلاك أسلحة نووية، وفي حال تعثرت المفاوضات بشأن الاتفاق النووي، فإن الخيار العسكري سواء عبر ضربة إسرائيلية أو عملية أمريكية محدودة يبقى مطروح ًًا بشدة لوقف برنامج إيران النووي، أو شل قدراته التخصيبية. أما في حال نجحت إيران بامتلاك سلاح نووي، رجح أن يشهد الشرق الأوسط سباق تسلح جديد، تدفع إليه دول إقليمية عدة وعلى رأسها تركيا، التي قد تسعى إلى تطوير برنامج نـووي عسكري بهدف فرض معادلة ردع جديدة، وإعادة التوازن الاستراتيجي في المنطقة. وأكمل أن أنقرة ستواصل تعزيز نفوذها في الإقليم بهدف كبح التمدد الإيــرانــي، وقـد يتجلى ذلـك من خلال توسع تركي في الـعـراق، أو انخراط أوسـع في العمليات ا عن المشاركة العسكرية ضد الحوثيين في اليمن، فضلًا في تحالفات إقليمية ودولية تنشط في عدد من بؤر التوتر بالشرق الأوسط. النووي الإيراني بين زعزعة استقرار الشرق الأوسط وانتهاء دبلوماسية الوقت الضائع النووي الإيراني خريطة جديدة للشرق الأوسط أم لحظة الانفجار لايزال النووي الإيراني يشكل كابوسا لأمريكا و الإحتلال الإسرائيلي ࣯ ي � ي رموك- نور العاص � صحافة ال في زمن لم يعد يكفي فيه أن تكون مميزًًا، بل أن تُُرى كذلك أيض ًًا، بات الاهتمام بالصورة الذهنية ضــرورة لا ترفًًا؛ فالصورة التي يكوّّنها الآخرون عنك قد تفتح لك الأبواب قبل أن تنطق بكلمة، أو تُُغلقها دون أن تُُمنح الفرصة لتشرح من تكون. ويقول صانع المحتوى والمصمم الجرافيكي محمد الفحماوي إن الصورة الذهنية ليست ولـيـدة العصر الحديث، بـل هـي متجذّّرة منذ ا بقوله تعالى في سورة بداية الخلق، مستدلًا البقرة: «إني جاعل في الأرض خليفة»، مبين ًًا أن الملائكة كان لديهم تصوّّر مسبق عن الخليفة القادم، حين قالوا: «أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء»، وهو ما يعكس صورة ذهنية تـشـكّّــلـت قـبـل مـعـرفـة الـحـقـيـقـة، غـيـر أن الله سبحانه وتعالى صح ّّح هذا التصو ّّر بقوله: «إني أعلم ما لا تعلمون»، في مشهد يُُعد أول مثال على إعادة تشكيل الصورة الذهنية في التاريخ. وأكد الفحماوي أن بناء صورة ذهنية إيجابية ا : «لا يتطلّّب أولا معرفة الإنسان بنفسه، قـائلًا يمكنك أن تبني صورة ذهنيةطيبة ما لم تكن قد عرّّفت نفسك بوضوح، اعرف من أنت، ماذا تملك، ومـا الـذي يميّّزك، وإلا فستجد نفسك مصنف ًًا ضمن خانة الضياع». ولــفــت إلـــى أن الـتـشـتّّــت يُُــضـعـف الــصــورة الذهنية ويؤثّّر سلبًًا على إدراك الناس لهوية الفرد، موض ًحًا: «عندما تنشر محتوى متعدّّد المواضيع دون تخص ّّص واضـح، فتارة تتناول التصميم، وأخرى السياسة، ثم الاقتصاد، فإنّّك بذلك تخلق حالة من التشتّّت لدى الجمهور، فيفقدون الـقـدرة على تحديد مجالك أو فهم رسالتك». وأوضـــح الـفـحـمـاوي أن الــصــورة الذهنية لا تقتصر على الـمـؤسـسـات، بـل تشمل الأفـــراد أيـض ًًــا، إذ تنبع من وضــوح الهوية والقيم التي يُُعبّّر عنها الشخص في سلوكه وكلامه، مؤكد ًًا أن كل فرد بحاجة للإجابة عن أسئلة جوهرية مثل: من أنا؟ ما رسالتي؟ وما القيم التي أؤمن بها؟ وأشار الفحماوي إلى أن هناك قيم ًًا أساسية يـجـب أن يتضمنها ســلــوك الإنـــســـان إذا أراد تحسين صـورتـه الذهنية، تشمل الشفافية، ا ًا سرعة الإنجاز، إتقان العمل، والانضباط، قائل إن هـــذه الانــطــبــاعــات تـتـسـرب إلـــى الآخـــريـــن، فالشخص المنضبط والملتزم يبني ثقة من حـولـه، بينما الشخص الــذي لا يحترم معايير الـــجـــودة أو الالـــتـــزام قــد يُُــصـنـف عـلـى أنـــه غير موثوق، وتصبح هذه التصورات قاعدة يتعامل الناس بناء عليها. وذكر أن تحديد المشكلة هو جوهر التأثير، مـــؤكـــدًًا أن اسـتـحـضـار الـتـحـدي الــــذي يعيشه الجمهور يخلق رابط ًًا عاطفيًًا معه، وكلما شعر الناس أنك تفهم معاناتهم وتلامـس واقعهم، ترس ّّخت صورتك الذهنية في أذهانهم. ودع ّّم الفحماوي حديثه بما يُُعرف بـ»نظرية المصعد»، شارحًًا: «تخيّّل أنك التقيت برجل أعـمـال مهم داخـــل المصعد، لا تـبـدأ بتعريف نفسك، بل لفت انتباهه مباشرة إلى مشكلة يعاني منها وقل له: لاحظت أنك تواجه تحديًًا في هذا الجانب، ولدي آلية واضحة للمساعدة.. هذه بطاقتي»، ففي أقل من عشر ثوان ٍٍ، تكون قد أثرت اهتمامه وفتحت باب ًًا حقيقي ًًا للتواصل. ن ــــك إذا بــدأت � وأكــمــل الـفـحـمـاوي مـــحـــذرًًا أ بالتعريف بنفسك وذكــرت اسمك ووظيفتك ثـم فُُــتـح المصعد، تـكـون قـد خـسـرت الفرصة، الأفضل أن توقد فتيل الفضول في ذهن الطرف الآخر، وتُُلفت انتباهه. وأوضح أن هذا ما ي ُُعرف بـ «الدوائر الذهبية»، وهـي المفتاح لتقديم النفس بـصـورة ذهنية ا : «عندما أقد ّّم نفسي للآخرين، لا مقنعة، قائلًا أبدأ باسمي أو لقبي الوظيفي، بل أبدأ بتوضيح المشكلة الــتــي أعــمــل عـلـى حـلّّــهـا، ثــم أشــرح آلية الحل التي أتبنّّاها، وأخـيـرًًا أقــدّّم نفسي، هـذا التسلسل يعزّّز الإقـنـاع ويزيد من فرص التفاعل والتواصل مع الآخرين». وتــــوس ّّــــع الـــفـــحـــمـــاوي فــــي شـــــرح خـــطـــوات فهم الجمهور، مؤكدًًا أن التعاطف يُُعد شرطًًا أساسيًًا لا يمكن تـجـاوزه، فهو يبدأ بالاستماع الجيد لاحتياجات الناس ومشكلاتهم، ثم يتبع ذلـك تحديد دقيق للمشكلة، يليه تقديم حل أو منتج أولي، ومن ثم جمع التغذية الراجعة، وبعد تطوير وتحسين الفكرة، يُُطلق المنتج أو الخدمة النهائية بشكل يلبي توقعات الجمهور. وشد ّّد على ضرورة معرفة طبيعة الجمهور الـمـسـتـهـدف، فعندما تـخـاطـب مـؤسـسـات أو جهات رسمية، ينبغي أن تكون لغتك فصيحة ورزيــــنــــة، أم ّّـــــا عــنــدمــا تــخــاطــب فــئــة الــشــبــاب، فالأفضل أن تستخدم لهجة عامية قريبة منهم حتى تبني جسرًًا من التفاهم معهم. وأردف الـــفـــحـــمـــاوي أن صـــنّّـــاع الـمـحـتـوى ينقسمون اليوم إلـى نمطين، صنّّاع يحملون رسالة هادفة وآخرون ينجرفون وراء التريندات، والفارق بينهما يكمن في الوعي، فالبعض يبدأ بـ»تريند» ظاهره إيجابي ًًا، ثم يجد نفسه منجرف ًًا نحو «تــريــنــدات» سطحية دون أن يلحظ أنه يهدم صورته الذهنية لدى جمهوره تدريجيًًا. وتـابـع أن هــذا الـتـذبـذب قـد يُُفقد الشخص مـصـداقـيـتـه،إذ يُُــنـظـر إلــيــه كـشـخـص لا يحمل مبدأ واضح، أو أنه يناقض نفسه، خصوص ًًا إذا خالفت هــذه الـتـريـنـدات مـا كــان يـــرو ّّج لـه من قبل، فـ»السلبية تنتشر كالنار في الهشيم». وفي هذا السياق، قال إنه قد تتعرض الصورة الذهنية للتشويه بسبب خطأ أخلاقي أو تصرف مخالف للقيم والعادات، وهو ما يُُعتبر «الخط الأحمر» في بناء الصورة الذهنية، وقد يتطلب الأمر فترة غياب طويلة لإعادة بناء الهوية من جديد. وبـيّّــن الفحماوي أن «إعـــادة الإيـسـام» بعد ارتكاب الخطأ قد تتطلّّب «البدء من الصفر»، مشيرًًا إلـى أن الشخص قد يضطر إلـى تغيير اســمــه، هـويـتـه الـبـصـريـة، وحـتـى الـبـيـئـة التي يعمل بها، مع تقديم اعتذار كخطوة أولى في العملية. وذكر أن أكثر ما يؤثر في الصورة الذهنية هي الوعود والقيم، فعندما تعد جمهورك بشيء، يجب أن تلتزم به، وعندما تتبنّّى قيم ًًا معينة، يجب أن تُُظهرها في سلوكك، لا أن تبقى مجرد شعارات. وأك ّّد الفحماوي أن التغيير المفاجئ في القيم قـد يُُفقدك جمهورك القديم، حتى وإن جذب جمهورًًا جديدًًا وحقق انتشارًًا أوســع، فالثمن يكون غالبًًا على حساب الثقة والمصداقية. وفي حديثه عن الجمهور، صنّّف المتابعين ا : «لن تعجب جميع الناس، إلى ثلاث فئات، قائل ًا هناك مـن سيدعمك ويـؤمـن بـك، وهـنـاك من سيقد ّّم لك نقد ًًا بنّّاء يجب أن تسمعه، وهناك مـن سيهاجمك لمجرد الـهـجـوم، وهـــؤلاء من الأفضل إقصائهم». ودعا الشباب إلى بناء «هويتهم الرقمية»، مؤكد ًًا أن الخطوة الأولى لأي «خر ّّيج» أو صاحب طموح هي تعزيز حضوره الإلكتروني، لاسيما عبر منصات مهنية مثل «لـيـنـكـدإن»، حيث يميل أصحاب الشركات اليوم إلى البحث عن أشـخـاص فاعلين يُُظهرون شغفهم الحقيقي فيما يقومون به، ويعكسون هويتهم بوضوح وثقة. وعـلـى صـعـيـد مـتـصـل، نـبـه الـفـحـمـاوي إلـى أن المحتوى المنشور على منصات التواصل الاجتماعي قـد يكون سببًًا مباشرًًا فـي رفض بعض الـفـرص، مـحـذرًًا أن الجهات المهتمة لا تكتفي بمراجعة حساب «لينكدإن»، بل تتابع أيــض ًًــا مــا يُُــنـشـر عـلـى «تــويــتــر»، «إنـسـتـغـرام» و»فيسبوك» لتكوين صورة ذهنية متكاملة. وحول الأساليب التي تعز ّّز الإقناع، أشار إلى أهمية أن نستمع أكثر مما نتحدث، انـطلاقًًــا مـن قـاعـدة «خير الـــكلام مـا قـل ودل»، خاصة فـي الــعــروض التقديمية، مــؤكــدًًا أن الاعتماد على محتوى بصري مختصر أكثر فاعلية من الإكثار بالكلام، إذ إن كثرة الحديث تشت ّّت انتباه الجمهور وتضعف أثر الرسالة. وأفـاد الفحماوي بأن معرفة الإنسان بذاته تنعكس مـبـاشـرة عـلـى ثـقـتـه بـنـفـسـه، فكلما عـبّّــر عـن نفسه بـوضـوح وثــبــات، ازدادت ثقته الداخلية، وتعززت ثقة الآخرين به، موض ًحًا أن وضوح الهوية لا يسهم في الإقناع فحسب، بل يفتح آفاق ًًا أوسع لفرص الإنسان ووصوله. ا المصمم وصانع المحتوى الفحماوي: بناء صورة ذهنية إيجابية يبدأ بفهم الذات أولًا

RkJQdWJsaXNoZXIy NTAwOTM=