٢٠٢٥ أيار ١٨ _ ١٤٤٦ ذو القعدة ٢٠ الأحد 6 من هنا و هناك ࣯ ي عياصرة � ن � ي رموك– عو � صحافة ال شــك ّّــلــت الــنــقــابــات الــمــهــنــيــة، مــنــذ نـشـأتـهـا منتصف القرن الماضي، أحد أبرز ملامح الحياة العامة فـي الأردن، ورافـعـة اجتماعية للطبقة الـــوســـطـــى، وبــيــت خــبــرة لـمـخـتـلـف الـقـطـاعـات الحيوية، وعلى مــدار عقود، لعبت دورًًا وطنيًًا مــــؤثــــرًًا، تـــجـــاوز الــبــعــد الـمـهـنـي لــيــطــال قـضـايـا السياسة والمجتمع، خاصة في مراحل غابت فيها مؤسسات التمثيل الشعبي الفاعلة. لكن هذا الدور المتقدم لم يخل من الجدل، إذ بدأت ملامح التوتر تتصاعد في العلاقة بين الـنـقـابـات ومـؤسـسـات الـــدولـــة، وســـط تـحـولات ســيــاســيــة داخـــلـــيـــة، أدت إلــــى انــــخــــراط بعض التيارات في العمل النقابي باعتباره أحد المنافذ القليلة المتبقية للتأثير العام، وهو ما فتح الباب لتسييس العمل النقابي، وأفقد بعض النقابات بوصلتها المهنية. فـي خضم هـذا المشهد، هناك مـن يـرى أن النقابات «انحرفت عن أهدافها الأصلية» حين أصبحت ساحة للتجاذب السياسي، على حساب قضايا الأعضاء وهموم المهنة، ما أدى إلى تراجع ثقة القواعد الشعبية، وانسحاب أعداد كبيرة من المشاركة في الانتخابات أو الفعاليات النقابية، وهناك من يرى أن النقابات تملك وزن ًًا مجتمعي ًًا لا يمكن تجاهله، وأن انخراطها في الشأن العام لا يتعارض مع دورها المهني، بل «يكمله»، ما دامت تلتزم الأطر القانونية وتعب ّّر عن قواعدها. الــيــوم، تـضـم الـنـقـابـات المهنية فــي الأردن نـقـابـة، تمثل شـرائـح واسـعـة مـن الأطـبـاء، 15 المهندسين، المحامين، الصحفيين، المعلمين، وغيرهم مـن أصـحـاب المهن، وتحتفظ بتاريخ طويل من الحضور والتأثير، خصوص ًًا في فترات غياب الحياة الحزبية، ومع بدء مرحلة جديدة مــن الـتـحـديـث الـسـيـاسـي، تـتـجـدد الـتـسـاؤلات حول موقع النقابات في المشهد العام، ودورها فـي المرحلة المقبلة، بين مـن يدعو لحصرها فــي الإطــــار الـمـهـنـي، ومـــن يــراهــا شـريـكًًــا وطنيًًا في التعبير عن مصالح المجتمع والـدفـاع عن قضاياه. قـال الصحفي خالد القضاة إن الـعلاقـة بين النقابات المهنية والــدولــة فـي الأردن شهدت خلال السنوات الأخيرة توترًًا واض ًحًا واضطرابًًا مــــتــــزايــــد ًًا، نـتـيـجـة تـــحـــو ّّل عــــدد مـــن الـــتـــيـــارات السياسية نـحـو الـعـمـل داخـــل الـنـقـابـات، بعد انحسار دور الحياة الحزبية في الفضاء العام، موض ًحًا أن غياب القنوات التقليدية للمشاركة السياسية دفع بهذه التيارات إلى اتخاذ النقابات المهنية منصات بديلة للعمل السياسي، م ّّا أدى إلى تسييس العمل النقابي وتحويله إلى ساحة صراع سياسي، بعيد ًًا عن الأهداف المهنية التي أُُنشئت النقابات من أجلها. وبيّّن القضاة أن هذا التسييس قاد إلى حالة من التصادم بين بعض النقابات ومؤسسات الدولة، بعدما أصبح واض ًحًا أن بعض النقابات لا تخدم منتسبيها أو المهنة، بل باتت أدوات لـخـدمـة انـــتـــمـــاءات سـيـاسـيـة ضـيـقـة، ونتيجة لذلك لجأت الدولة، بمختلف أذرعها التشريعية والتنفيذية، إلى سن تشريعات جديدة وتنفيذ إجـــــراءات تـهـدف إلـــى كـبـح جـمـاح هـــذا النشاط السياسي داخل النقابات، وهو ما انعكس سلب ًًا على استقلالية العمل النقابي وأدى إلى تراجع ثقة القواعد الشعبية بالنقابات. وأضاف القضاة أن حضور الجانب السياسي طـــغـــى عـــلـــى الـــعـــمـــل الـــنـــقـــابـــي لــــدرجــــة غـيّّــبـت القضايا المهنية والـحـقـوق المطلبية، مّّــا أدى إلـى انسحاب قطاع واسـع من أعضاء الهيئات العامة من المشاركة في الانتخابات أو حضور الاجـتـمـاعـات، مـشـيـرًًا إلــى أن هــذا الـتـراجـع في التفاعل بين القواعد أضعف النقابات وجعلها عاجزة عن أداء دورها الحقيقي، باستثناء بعض النقابات التي تحافظ على خصوصية معينة، كنقابة الصحفيين. وتابع: «النقابات المهنية لم تعد كما كانت ا سياسي ًًا ذا تأثير مباشر، بعدما في السابق فاعل ًا حـل البرلمان والأحـــزاب السياسية محلها في التعبير عن المواقف السياسية»، موض ًحًا أن هذا لا يعني إقصاء النقابات عن المجال العام، بل على العكس، يجب أن يكون لها موقف وطني واضح من مختلف القضايا، لكن دون أن يتحول هذا الدور إلى بديل عن الأحزاب أو البرلمان، بل يجب أن يبقى دورًًا تكميليًًا يُُبنى على أساس حماية المهنة والدفاع عن المنتسبين. ويــرى القضاة أن المرحلة المقبلة تتطلب إعــــادة تـعـريـف دور الـنـقـابـات بـمـا ينسجم مع مشروع التحديث السياسي، بحيث تستعيد النقابات وظيفتها الأساسية كمؤسسات مهنية تحمل هموم القطاعات التي تمثلها، وتدافع عن حقوق المنتسبين، وتعمل على تطوير المهنة وتنظيم الـقـطـاع، مــؤكــدًًا أن الـنـقـابـات المهنية تمثّّل ركيزة أساسية من ركائز بناء الدولة، إلى جانب الأحزاب والبرلمان ومؤسسات المجتمع المدني. وحــذّّر القضاة من خطورة استمرار الصراع بـيـن الـنـقـابـات والـسـلـطـات الـرسـمـيـة، موض ًحًا أن الــمــطــلــوب هـــو قــوانــيــن تـضـمـن لـلـنـقـابـات اســتــقلالــيــتــهــا، وتـــعـــزز مـــن دورهــــــا فـــي تـطـويـر الـــقـــطـــاعـــات الــمــخــتــلــفــة، بـــعـــيـــد ًًا عــــن الـتـجـيـيـر السياسي. ولـفـت إلـــى أن قـــوة الـنـقـابـات تنعكس على قوة الدولة، معتبرًًا أن وجود نقابات فاعلة في القطاعات الطبية، القانونية، الإعلامية وغيرها، يشك ّّل عنصر قوة للدولة الأردنية. وفي ما يتعلّّق بالتحديات التي تواجه العمل النقابي، أشار القضاة إلى أن أبرزها يتمثل في الإطـار التشريعي، الـذي بات في بعض جوانبه يقيّّد قدرة النقابات على التنظيم الحر والعمل المستقل، مشددًًا على ضرورة صياغة قوانين تــعــزّّز مــن دور الـنـقـابـات كـمـؤسـسـات مهنية، وتتيح لها في الوقت ذاته أن تلعب دورًًا وطنيًًا في الدفاع عن المواقف الأردنية، كما في حالة نقابة الصحفيين التي تسهم في نشر الرواية الأردنية عالمي ًًا، أو نقابة المهندسين التي يمكن أن يكون لها دور في جهود إعمار غزة، أو نقابة المحامين التي تساند المواقف القانونية للأردن في المحافل الدولية. وتـابـع: «النقابات المهنية القوية يمكن أن تـكـون حاضنة لـلـكـفـاءات الـوطـنـيـة، ليس فقط عــلــى الــمــســتــوى الــمــهــنــي، بـــل عــلــى مـسـتـوى العمل الــعــام»، مـشـيـرًًا إلــى أهمية أن تسهم هــــذه الـــكـــفـــاءات فـــي الـــحـــيـــاة الــســيــاســيــة من خلال البرلمان أو الحكومة أو الأحــــزاب، ولكن عـلـى أســـاس الـكـفـاءة والـخـبـرة لا عـلـى أســاس الاصطفاف السياسي، وذلك لضمان دور وطني متكامل يخدم الدولة ومؤسساتها. نقابات مهنية لا سياسية وقــــال الـصـحـفـي مـحـمـد زيــــود إن الـنـقـابـات المهنية نــشــأت فــي الأصــــل مــن أجـــل متابعة شــــــؤون مـنـتـسـبـيـهـا، والـــــدفـــــاع عــــن حـقـوقـهـم العمالية والمهنية، والحفاظ على مكتسباتهم داخل مؤسساتهم، مشيرًًا إلى أن هذه الوظيفة الأسـاسـيـة تـفـرض على الـنـقـابـات التركيز على الشأن المهني لا التوجه نحو العمل السياسي. وأوضـــــح زيــــود أن الــنــقــابــات وُُجـــــدت لتكون حـــاضـــنـــة مــهــنــيــة تُُـــعـــنـــى بــتــحــســيــن الــــظــــروف الـمـعـيـشـيـة للمنتسبين وتــطــويــر مـهـاراتـهـم، بالتنسيق مع الجهات الرسمية المعنية، وليس من مهامها أن تلعب أدوارًًا سياسية تتجاوز هذا الإطار، مبينًًا أن وجود دور سياسي للنقابات قد يُُربك وظائفها الأساسية، ويُُحدث تصادم ًًا بينها وبين السلطات، وهو أمر لا يخدم لا المنتسبين ولا المهنة. وأضــاف زيـود أنـه لا يؤيد «على الإطلاق» أن يكون للنقابات المهنية دور سياسي، معتبرًًا أن من يريد ممارسة العمل السياسي والانخراط فــي الــشــأن الــعــام عـلـيـه أن يلتحق بـــالأحـــزاب، لأن العمل السياسي مكانه في الأحــزاب لا في النقابات. ويــرى زيــود أن النقابات المهنية في الأردن ما تزال تحتفظ بدور فاعل ومهم على مستوى الـــدفـــاع عـــن مـصـالـح مـنـتـسـبـيـهـا، مــشــيــرًًا إلـى أن أعـــضـــاء الــنــقــابــات مـــن مـهـنـدسـيـن وأطــبــاء ومـحـامـيـن وصـحـفـيـيـن ومـمـرضـيـن وغـيـرهـم، يُُشكّّلون نسبة كبيرة من الطبقة الوسطى في المجتمع الأردني، وهي طبقة حيوية تلعب دورًًا مركزيًًا في التوازن الاجتماعي والاقتصادي. ولفت إلـى أن النقابات تُُعد بمثابة «بيوت خبرة» يُُمكن للدولة ومؤسساتها أن تستفيد منها فــي بـنـاء الـسـيـاسـات وتـطـويـر القطاعات المختلفة، بالنظر إلـى ما تمتلكه من كفاءات وتجارب مهنية متراكمة. وأشـــار زيــود إلــى أن أبــرز مـا يعوق النقابات اليوم هو محاولتها ممارسة دور سياسي خارج الإطار الحزبي، وهو ما يضعها أحيانًًا في مواجهة مباشرة مع الحكومة، خاصة وأن التداخل بين الــدور المهني والــدور السياسي غالبًًا ما يفتح الـــبـــاب لــصــراعــات لـيـسـت مـــن صـمـيـم وظيفة النقابة، متابعًًا أن هـذا التحدي يتطلب إعـادة تموضع واضـــح للنقابات المهنية فـي إطـارهـا الطبيعي، بحيث تركز على تطوير بيئة العمل ومـــهـــارات الأعـــضـــاء، وتــــرك الـــشـــأن الـسـيـاسـي للأحزاب. وأوضـــح زيـــود أن مـسـار الإصلاح السياسي في الأردن، «الـذي وُُج ّّهت به الإرادة الملكية»، قد أسفر عن تحديثات مهمة تمثلت في تطوير قـانـونـي الانـتـخـاب والأحـــــزاب، وهــو مـا أدى إلى نشوء مرحلة سياسية جديدة، تعزز من حضور الأحــــزاب فــي الـحـيـاة الـعـامـة، مـعـتـبـرًًا أن هـذه التعديلات تمثل خطوة مهمة في تنظيم الأدوار بين المؤسسات المختلفة، بحيث تأخذ الأحزاب دورها السياسي، وتأخذ النقابات دورها المهني. وتابع: «قوة النقابات لا ت ُُقاس بمدى انخراطها في العمل السياسي، بل بقدرتها على تمثيل منتسبيها والـــدفـــاع عـنـهـم، وتحقيق إنــجــازات ملموسة في بيئة عملهم وتطوير قطاعاتهم»، مــؤكــد ًًا أن الـحـفـاظ عـلـى اسـتـقلالـيـة الـنـقـابـات، والالــــتــــزام بـوظـيـفـتـهـا الـمـهـنـيـة، هـــو «الـطـريـق الأنـسـب» لتعزيز دورهــا كمكوّّن وطني فاعل، يسهم في بناء الدولة دون أن يتورط في صراعات سياسية تُُضعف من تأثيره ومصداقيته. ليست بديلا عن الأحزاب يرى المحلل السياسي حمادة الفراعنة أن النقابات المهنية والعمالية في الأردن تشكل ا لا يمكن تجاهله، بالنظر إلى مكون ًًا مجتمعي ًًا فاعل ًا تمثيلها شرائح واسعة من المجتمع، وتاريخها العريق في الدفاع عن حقوق منتسبيها، مبينًًا أنـه من الطبيعي في ظل التعددية السياسية والحزبية والاجتماعية أن تلعب هذه النقابات دورًًا مــحــوريًًــا فــي الـحـيـاة الــعــامــة، لـيـس فقط على المستوى المهني، بـل أيـض ًًــا فـي السياق السياسي العام. وأشار الفراعنة إلى أن مشاركة النقابات في الـشـأن السياسي لا تتعارض مـع دور الأحــزاب السياسية، بل مكملة لها في تمثيل المجتمع والدفاع عن مصالحه، مضيف ًًا أن النقابات يجب أن تــنــخــرط فـــي الــعــمــل الــســيــاســي مـــن خلال الـمـشـاركـة فـي الأحــــزاب والانـتـخـابـات المحلية والـــبـــلـــديـــة والـــنـــيـــابـــيـــة، فـــهـــذه أدوات شـرعـيـة ومشروعة للتأثير والتغيير، وهي جزء لا يتجزأ من الممارسة الديمقراطية السليمة. وقـــال الـفـراعـنـة إن الـنـقـابـات المهنية أدّّت دورًًا تعويضيًًا بارزًًا خلال فترة الأحكام العرفية، حيث ملأت فراغ غياب المؤسسات السياسية الـرسـمـيـة، وكــــان لمجلس الـنـقـابـات المهنية حينها دور شبيه بالبرلمان المعارض، يتصدى لــلــســيــاســات الــحــكــومــيــة ويـــعـــبّّـــر عـــن مـطـالـب الـــشـــارع، غـيـر أن هـــذا الــــدور الـسـيـاسـي تـراجـع بشكل ملحوظ مـع عـــودة الحياة النيابية عام .1991 واستئناف التعددية الحزبية في 1989 وتـــابـــع: «قــبــل الـتـسـعـيـنـيـات، كـــان مجلس الـنـقـابـات المهنية بمثابة بـرلـمـان شعبي، بل يمكن القول إنه كان حكومة ظل، تولى مهمة ملء الفراغ السياسي والتشريعي الذي خلفته تـعـطـيلات الـبـرلـمـان ومـنـع الأحـــــزاب»، موض ًحًا أن هـذا الــدور تراجع بشكل طبيعي بعد عودة الحياة السياسية، رغم ما يشوب أداء البرلمان والأحــــزاب مـن ضعف وتــراجــع، بسبب عوامل محلية وإقليمية ودولية. ويــرى الفراعنة أن وظيفة النقابات ليست الــتــصــادم مـــع الــســيــاســات الـحـكـومـيـة لمجرد الاعتراض، بل أن تكون رافعة ضغط عند الحاجة، وبالأساليب المدنية والسلمية، مـشـددًًا على أن من واجب النقابات أن تتحرك وتحتج حين تمس الإجـــراءات الحكومية مصالح المهنيين والعمال، شرط أن تكون هذه الاحتجاجات قائمة على مطالب واضحة ومحددة، تعب ّّر عن قواعدها وتلتزم بالطابع السلمي والحضاري. ويخلص الفراعنة إلـى أن النقابات، وإن لم ا ًا تكن لاعـبًًــا سياسيًًا تقليديًًا، إلا أنها تظل فـاعل مؤثرًًا في المشهد العام، وأن دورها السياسي «لا يـقـل أهـمـيـة عــن دورهــــا الـمـهـنـي»، طالما الـتـزمـت بمسؤوليتها المجتمعية ومـارسـت تأثيرها ضمن الأطر القانونية والدستورية. النقابات المهنية.. مارست قبل عقود دورا بديلا عن الأحزاب والقوى السياسية مراقبون يدعون لحصر دورها في الشأن المهني.. وآخرون يرون ضرورة إشراكها بالمشهد السياسي من إحدى الفعاليات النقابية أمام مجمع النقابات المهنية ࣯ ي رموك- قاسم المحاسنة � صحافة ال دخلت التقنية الـذكـاء الاصطناعي جليًًا في الـحـرب الإسرائيلية على قـطـاع غـــزّّة، وأضحت ذراعــا الكترونيا مدمرا في ساحات القتال من خلال اســتــخــدام الـــذكـــاء الاصــطــنــاعــي لأنظمة هجومية في إدارة العمليات واختيار الأهـداف بدقة عبر تحليل كميات ضخمة من البيانات، وقــيــادة الـمـسـيـرات والـمـشـاركـة فــي منظومة خـوارزمـيـة فـي اتـخـاذ قــرار القتل وتنفيذه على أرض الواقع وقـالـت مـدربـة الـذكـاء الاصطناعي وأسـتـاذة الاعلام الرقمي في كلية الخوارزمي الجامعية التقنية بيان إن الذكاء الاصطناعي يُُعيد تشكيل الـصـراع من خلال تحويله إلـى معادلة بيانات، ففي حـالـة غـــزة، أصـبـح الطفل رقـمـاًً، والمنزل هدفًًا حراريًًا، والحياة المدنية مجرد «معطيات يـمـكـن تـصـفـيـتـهـا» وهــــذا يـشـك ّّــل تــهــديــدا لكل منظومة القيم الإنسانية. ولــفــتــت الــقــضــاة إلــــى أن إســـرائـــيـــل وظـفـت تقنيات الـذكـاء الاصطناعي مـثـل، نظم تحليل الـــصـــوت والــــصــــورة، وأنــظــمــة الـتـنـبـؤ الــحــركــي، والطائرات الذاتية التشغيل، كما استخدمت أنــظــمــة «هََــــبــــون» و»ذا اوكـــتـــاغـــون» لتحليل البيانات الضخمة بهدف تحديد الأهـداف، إذ أن هذه الأنظمة لا تُُميز غالبا بين المقاتل والمدني إذا كان السلوك الرقمي متشابهاًً. وتـابـعـت أن دقــة الاسـتـهـداف الـمـزعـومـة لم تُُترجم إلى تقليل الضحايا، بل إلى توسيع نطاق الاستهداف، وهذه الأنظمة رغم كفاءتها التقنية، فهي لا تفهم الـسـيـاق الإنـسـانـي أو العائلي أو المجتمعي، مما يؤدي إلى كوارث في المناطق المكتظة بالمدنيين. وأكدت القضاة أن ما قامت به إسرائيل هو توظيف تقني بلا ضمير، بل يمكن اعتباره نوعا من «الإبــادة الرقمية»، إذ أن استخدام الذكاء الاصـطـنـاعـي فــي بيئة مـدنـيـة دون شفافية أو رقابة دولية يُُعد جريمة أخلاقية، والإعلام عليه دور كبير فـي كشف هــذا الاسـتـخـدام وتفكيك سرديته. سباق التسلح والذكاء الاصطناعي واعتبرت القضاة أن ما يشهده العالم اليوم هو سباق تسلح من نوع جديد، يرتكز على الذكاء الاصطناعي بوصفه «الـــسلاح الصامت» الذي يُُعيد رسم استراتيجيات الحرب. وأضـــافـــت أنـــه مــن خلال عملها الأكــاديــمــي ومـشـاركـتـهـا فــي تــدريــب وحــــدات فــي الجيش الأردنــي، لاحظت أن هذا السباق لا يقتصر على تطوير الأسلحة فـقـط، بـل يمتد إلــى السيطرة عـلـى الـبـيـانـات، والـتـفـوق فــي المعالجة الآنـيـة للمعلومات، وامتلاك أنظمة قرارات مؤتمتة. وذكـرت أن الـدول التي تتصدر هذا المشهد هـــي، الـــولايـــات الـمـتـحـدة والــصــيــن، فـهـي تبني مـنـظـومـات مـتـكـامـلـة تـشـمـل الـبـنـيـة الرقمية والــقــدرات السيبرانية والـشـراكـات مـع القطاع الخاص. وأشـــــارت الـقـضـاة إلـــى أن الـفـجـوة الرقمية أصبحت فجوة أمنية، إذ إن الـدول التي تفتقر إلـى البنية الرقمية والـذكـاء الاصطناعي تُُصبح عــرضــة لـمـا تـسـمـيـه «الـــــردع غـيـر الـــمـــتـــوازن»، مــؤكــدة أن الــعــدالــة الـرقـمـيـة أصـبـحـت مطلبًًا سياديًًا، فهناك دول لا تملك القدرة على حتى الدفاع عن نفسها رقميًًا، مما يجعلها غير قادرة على حماية مواطنيها أو المشاركة الفاعلة في صنع القرار العالمي. وأوضحت أن شركات التكنولوجيا العالمية مــثــل «غـــوغـــل وبـــالانـــتـــيـــر» وغـــيـــرهـــا أصـبـحـت تمارس أدوارًًا تتجاوز دور الـدولـة أحياناًً، ففي تدريبها لـلـكـوادر العسكرية، يحللون كيف أن بعض الشركات لا تكتفي بتطوير التكنولوجيا، بل تساهم في بناء استراتيجيات حرب رقمية كاملة إذ أصبحنا أمــام فاعل جديد فـي ساحة النزاع لا يخضع للقوانين الدولية، ويُُملي أحيانا شروطه على الحكومات نفسها. تحول التكتيكات العسكرية ولفتت القضاة إلى أن الذكاء الاصطناعي لم يغيّّر فقط أدوات الحرب، بل غيّّر عقيدة الحرب، فنحن أمـام جيوش تُُــدرّّب أنظمتها الذكية كما ت ــــدرّّب الـجـنـود سـابـقـاًً، والمفاهيم مثل � كـانـت «القيادة الميدانية» و»ساحة المعركة» تغي ّّرت جذري ًًا. وفـــي الأردن، أوضــحــت أنــنــا بــدأنــا تـدريـبـات متقدمة على استخدام الذكاء الاصطناعي في الإعلام العسكري، وهـذا يؤكد أن الجيش بات يُُدرك أهمية السيطرة على السرد الرقمي إلى جانب السيطرة الميدانية. وحــــول اســتــخــدام تـقـنـيـات الـتـعـلـم العميق والـبـيـانـات الـضـخـمـة، أوضــحــت أنـهـا تُُستخدم لتحليل صور الأقمار الصناعية، وتحديد الأهداف البشرية ضمن بيئة مدنية، وتوجيه الطائرات بدون طيار، والتنبؤ بالتحركات، إذ تستخدم في الإعلام لتحليل الـحـملات السيبرانية وتوجيه الرسائل النفسية، وفي الــدورات التي تقدمها ت ـــــدرّّب الـــكـــوادر عـلـى كيفية � ، للجيش الأردنـــــي فـهـم هـــذه الأنـظـمـة وفــضــح الانـــحـــيـــازات داخــل خوارزمياتها. وأضــافــت الـقـضـاة أن الاســتــخــدام الـدفـاعـي يهدف إلـى الإنـــذار المبكر، والتتبع، والتخمين الاستراتيجي، أما الهجومي يعتمد على الضربات الموجهة، والاغتيال الرقمي، والقرارات الذاتية من المنظومة، إذ تعني أتمتة المعركة أن النظام يملك قرار الاشتباك، بينما تحسين القرار يُُبقي الإنسان في المركز. وأشـــــــــــارت إلـــــــى أنـــــــه مـــــن واقــــــــع تـــدريـــبـــهـــا للعسكريين، تؤمن بــأن الـقـرار البشري يجب أن يـكـون «الـصـمـام الأخلاقـــــي» فــي كــل لحظة استخدام للقوة، وأي تفويض للآلة بقرار القتل يعني تخلينا عن جوهر الإنسانية، كما يجب أن نُُعيد التأكيد، تربويًًا وعسكريًًا، أن التكنولوجيا لا تُُعفي من المسؤولية. وتـابـعـت أنـــه فــي حـــال ارتـكـبـت الـخـوارزمـيـة خطأ قــــاتلاًً، لا يـجـوز تحميل المسؤولية للآلــة، بل المسؤول هو الإنسان، سواء كان مطورًًا، أو مشغلا ًً، أو مؤسسة عسكرية، وهذا مبدأ ن ُُغرسه في التدريب العسكري والإعلامــي التكنولوجيا أداة، والمحاسبة تقع على من استخدمها. وأكدت القضاة أنه لضمان الشفافية نحتاج إلــى «رقــابــة خــوارزمــيــة» واضــحــة، فهي تقترح دائم ًًا في تدريباتها أن تكون هناك لجان مراقبة مستقلة تفحص الشفرة المصدرية لأي نظام ميداني يستخدم الذكاء الاصطناعي، خاصة إذا كانت هناك أرواح مدنية على المحك، فالشفافية تبدأ من التعليم وتنتهي في التشريع. وشــــددت أنــنــا بـحـاجـة إلـــى اتـفـاقـيـات دولـيـة جديدة، لأن الاتفاقيات القائمة لا تواكب تطور الـذكـاء الاصطناعي العسكري، وهـنـاك ضـرورة لإنشاء إطار قانوني دولي جديد يُُعرّّف «السلاح الذكي» ويحدد آليات المحاسبة عليه، والأردن بما له من موقف معتدل ومـتـوازن، يمكن أن يلعب دورًًا مهم ًًا في هذا السياق. القضاة: إسرائيل وظفت الذكاء الاصطناعي بلا ضمير وهو نوع من الإبادة الرقمي ّّة تعبيرية
RkJQdWJsaXNoZXIy NTAwOTM=