صحافة اليرموك

٢٠٢٥ أيار ١٨ _ ١٤٤٦ ذو القعدة ٢٠ الأحد Tayma اسـتـطـاعـت الـفـنـانـة التشكيلية ومـؤسـسـة مــشــروع تيماء العمري النجاح في تشكيل لوحات فنية من لفافات Crafts ورقية بسيطة، تحولها لقصص، مشاعر، ورساىل مرئية. كانت بداية العمري، الفنانة المتخصصة بفن لف الورق، في غرفة صغيرة وليس في ورشة كبيرة، وكانت تعتبرها هواية جانبية إلى أن واجهت فترة صعبة بحياتها احتاجت بها إلى وسيلة لتفريغ الطاقة وللتعبير عن ذاتها؛ عندئذ اكتشفت لفافات الورق. تتحدث تيماء عن كيفية أن يستطيع مجرد ورق بسيط أن يحكي، يعبر، ويخلق هكذا تفاصيل مذهلة، عندها اتخذت قرارا بقيامها بهذا العمل بجدية وكمشروع يحمل رسالة بأن الفن ليس مجرد رفاهية، بل هو وسيلة يعبر بها الفرد عن ذاته وهويته وقضاياه. وقالت إنها قد حصلت على الفكرة من خلال فيديو ولـم تكتف بالنقل المجرد، بل طورت مهاراتها وأضافت لمساتها الخاصة وقد خلطت بين الفن الكلاسيكي والحديث وبين التراثي والرمزي، وما ميزها عن آلاف الناس العمل بشغف وهوية. كانت العمري تحب الأشغال اليدوية منذ الصغر، ولم تكن تتوقع بيوم من الأيام أن مشروعها سوف يوصلها لإقامة المعارض. أما بالنسبة لطبيعة عملها، فقد قالت إن أول خطوة تقوم به هو تخيّّل الشكل النهائي للوحة ومن ثم تقوم برسم مخطط على الورقة وبعدها تختار الألوان وتقص الورق يديويًًا ومن ثم تلفه وتركبه كل قطعة على حده على اللوحة. وتستخدم أدوات فنية في عملها كورق خاص للف ّّ، يكون بألوان وأوزان مختلفة وأيض ًًا أدوات لف، مقصات دقيقة، غراء خاص، وأحيانا إطارات حسب العمل. تستمد تيماء الإلهام من الحياة و الحزن والفرح والأم والوطن وطفل صفير وأحيانًًا من كلمة، لكن الأهــم، بحسب قولها، التراث والقضايا والهوية العربية التي تحاول الحفاظ عليها قدر الإمكان في أي عمل تقوم به لذلك تكون كل لوحة لها قصة ومشاعر تختلف عن الأخرى. ولفتت إلى أن الصعوبات والتحديات التي واجهتها تمثلت بقلة المعرفة التامة بهذا النوع من الفن خاصة أنـه نـوع جديد لم يكن معروفا بشكل كبير بين الناس، إضافة إلى توفير المواد لأنه لا يمكن توفيرها بسهولة وقد كانت تطلبها من الخارج. وأما التحدي الأكبر فقد كان بالنسبة لتيماء هو الخوف والإحساس بأنها تعمل على شيء لا يتم تقديره لكنها تغلبت على ذلك بالصبر والدعم المعنوي والإيمان بأن الفن الحقيقي يحتاج وقتا. استعرضت تيماء أهم لوحه بالنسبة إليها والتي كانت خريطة كأكبر talent record book فلسطين والسعودية والتي أدخلتها خريطتين بفن لف الـورق بالعالم وكانت تشعر بأنها ليست مجرد لوحة بل صرخة وذاكرة لأنها تذكرها بفكر الفن من أجل القضية. شهور، بتفاصيل دقيقة جد ًًا 3 وبينت انها أخدت منها وقتا تقريب ًًا لأن كل نقطة بها تحتاج إلى دقة وصبر. أما بالنسة إلى أكثر لوحة قريبة لقلبها، فقد كانت لوحة الحصان م التي باعتها لفنان أردنـــي، لأنها أولـى تجاربها في الفن، وتعتبرها البداية التي أشعرتها بقيمة عملها، مشيرة إلى أنها قد أنتجتها في وقت كانت تستكشف فيه الأدوات. وأضافت أن الحصان نفسه كان رمزا للقوة لها، وللحرية اللي كانت تبحث عنها وبأنها الخطوة الأولى لتحقيق الحلم الذي لن يتوقف. 8 للتواصل مدير التحرير رئيس التحرير المسؤول د . علي الزينات د. خالد هيلات الإخراج الصـحـفي ليث القهوجي 6913 فرعي 02 7211111 : ت أسبوعية ـ شاملة تصدر عن قسم الصحافة ـ كلية الإعلام ـ جامعة اليرموك صحافة اليرموك 0797199954 sahafa@yu.edu.jo الأخيرة قصة مصورة ࣯ ي رموك- ريم العبود � صحافة ال تيماء العمري.. فنانة تحو ّّل لفافات ورقية إلى لوحات فنية ࣯ ي رموك- دانه داود القرنه � صحافة ال حـاملا عدسته بيده، مرتديًًا سترة وخـوذة لا تحميه من شيء، لا من طلقة رصاص قد تقتله، ولا مــن ضـربـة قــد تسقطه، ولا حـتـى مــن غبار المعارك الذي يملأ الهواء. يلتقط الصحفي أنفاسه، ويشعر بنبض قلبه يـتـسـارع، وكــأن المدينة نفسها تتنفس معه، كأنهم يََكتبون بدمائهم على جـــدران الصمت، لكن مـا مـن مجيب، عندها تتقاطع حـيـاة هذا الصحفي مع رصاص الاحتلال، وتصبح الكاميرا شاهدة على جريمة تُُرتكب بدم بارد. فـي عـالـم يُُــصـم آذانـــه عـن الـحـقـائـق، رغــم أن صـــداهـــا يـعـلـو لـــدرجـــة تـجـعـل الأصــــم يسمعه، يصبح فيها الصحفي أكثر قربًًا من شبح الفناء، وكـأن الكاميرا هي الـمـرآة التي تعكس صراعه الداخلي، بين الرغبة في البقاء وعبء الحقيقة التي يحملها. تحت أشعة الشمس الحارقة، يتصبب عرق الـصـحـفـي ســامــي الـطـيـطـي مــن جـبـيـنـه، بينما تتسلل رائحة الدخان إلى أنفه، مثيرة في قلبه قلقًًا عميقًًا، يعمل سامي على تغطية الاحداث في الضفة الغربية وخاصة في مدينة الخليل، حيث تتداخل قصص الألــم والأمــل في نسيج واحد في هذه المدينة، ويصبح صوت الحقيقة هو سلاحه الوحيد في هذه معركة التي يتمنى أن تنتهي قريبًًا وقريبًًا جد ًًا. الصحفي الفلسطيني.. هدف مستمر في ساحة المعركة قــبــل نــحــو شــهــر، وجــــد ســامــي نـفـسـه أمـــام لحظة تََجس ّّد فيها الخطر والجرأة، أثناء تغطيته الانـتـهـاكـات فـي منطقة قريبة مـن مستوطنة «كــرمــي تــســور» الـجـاثـمـة عـلـى أراضــــي بلدتي حـلـحـول وبــيــت أُُم ّّــــر شـمـالـي الـخـلـيـل، ويـقـول سامي: «بينما كنت ألتقط الصور، تقدم جيش الاحــــتلال الإسـرائـيـلـي وقـــام بـمـصـادرة معداتي ســاعــات تقريبًًا 5 الصحفية، واحـتُُــجـزنـا لـمـدة دون سبب وجيه، سوى اتهامات واهية تتعلق بتصوير أهـــداف ومــواقــع عسكرية، واتـهـامـات بالعمل على التصوير لجهات إرهابية». رافــــــق هـــــذا الاتــــهــــامــــات، بــحــســب ســـامـــي، اســـتـــدعـــاءات مـتـتـالـيـة مـــن ق ِِـــبـــل الــمــخــابــرات الإسرائيلية، للتحقيق في سبب التصوير، «وأي تـصـويـر يتعلق بـالـجـنـود أو الـنـقـاط العسكرية أصبح يعتبره الـعـدو تـصـويـرًًا غير قانوني وقد يهدد الجنود». بينما يسير سامي في شارع الشهداء، الذي يفصل حي تل الرميدة الواقع إلـى الغرب من الـبـلـدة الـقـديـمـة فــي الـخـلـيـل، ويستحضر في ذهنه حجم الانتهاكات المؤذية التي تعرض لها شخصي ًًا، شعر بألم الضربات التي تلقاها، ومرارة منع دخوله الى المناطق المغلقة، خاصة حول الـحـرم الإبـراهـيـمـي، لأن هــذه المناطق تُُصنف على أنها مغلقة ومسيطر عليها «إسرائيلي ًًا»، م ّّا يجعل من الصعب على الصحفيين والمواطنين العاديين الوصول إليها، ويعكس واقعًًا قاسيًًا يعيشه الفلسطينيون يوميًًا. «لم تعد هناك أي فعالية تمر دون أن نتعرض للقمع، ويتم تفريقنا باستخدام الرصاص الحي والقنابل الصوتية، خصوص ًًا في بداية الحرب،» يصف سامي الأوضــاع بعد أحــداث السابع من أكتوبر. ويــتــابــع «مــــع وقــــوع سـلـسـلـة عـمـلـيـات في مدينة الخليل، كنا نتوجه لتغطية هذه الاحداث، لكننا كنا نتعرض للاستهداف بشكل شخصي ومتعمّّد، وتم تحطيم معدات التصوير والبث الــتــي نـحـمـلـهـا، بــالإضــافــة غـلـى الاعـــتـــداء علينا جسدي ًًا». لــــم تـــكـــن الاعـــــــتـــــــداءات الــــتــــي يـــتـــعـــرض لـهـا الصحفيون في فلسطين وليدة اليوم، إذ يصف ،2019 سامي فترة اعتقاله التي تعرض لها عام أشهر في الاعتقال، بتهمة 6 حيث قضى مـدة ممارسة الصحافة وتصوير جـنـازات الشهداء ومـواقـع عسكرية وجـنـود، إضـافـة إلــى تغطيته لفعاليات تتعلق بمناهضة الاستيطان وتُُهم واهية أخرى. ويـقـول سامي إن مـن بين التهديدات التي تلقاها خلال فترة اعتقاله، تحذيره بعدم التواجد في مناطق معينة، حيث كان يعمل على التصوير في المسجد الإبراهيمي والمناطق المغلقة في مدينة الخليل، وتم الاعتداء عليه حينها بحجة أنها مناطق إسرائيلية مغلقة. تـــتـــوالـــى الــــــحــــــوادث، مــــن إغلاق الــمــكــاتــب وحصارها، إلى قتل واغتيال صحفيين آخرين، وهم يسجلون معاناتهم على أسطر النسيان، وفـي كل زاويــة من زوايــا المدينة، هناك قصة تنتظر من يرويها، ولكن الخوف يلاحق الصحفية نـور الـفـارس التي تغطي مـا يتعرض لـه مخيم يوم تقريبًًا. 100 جنين المحاصر منذ الرواية المحاصرة.. تقول نـور «نحن كصحفيين، نغطي منطقة شـمـال الضفة الـغـربـيـة، ويـومـنـا هـو يــوم عمل متواصل، ففي كل صباح نغادر منازلنا لتغطية الأحــــداث، مـودعـيـن عـائلاتـنـا وأحـبـاءنـا بعبارات تطمئن ولا تخفي القلق، لأن ممارسات الاحتلال، خاصة بعد السابع من أكتوبر، ازدادت شراسة تجاه الصحفيين». وتـؤكـد نـور أن التهديدات اليومية أصبحت جـــزءًًا مـن حـيـاة الصحفيين فـي مـيـدان الضفة الغربية، فهم يتعرضون بشكل «شبه يومي» لإطلاق قنابل الــصــوت، وقـنـابـل الــغــاز، وأحـيـانًًــا كثيرة الرصاص الحي. وتـــابـــعـــت «تـــفـــاقـــمـــت الـــمـــعـــانـــاة بـــعـــد قـتـل الصحفيين في قطاع غزة، واعتقال العديد منهم فـي الضفة الغربية، فمنذ السابع مـن أكتوبر ا في سجون صحفي ًًا معتقل ًا 49 وحتى الآن، هناك الاحتلال، ولا يعرف أحد مصيرهم». وذكــــرت نـــور حــادثــة اعـتـقـال الـصـحـفـي علي الـسـمـودي مــن جنين «دون أي مــبــرر»، فقد اقتحم الجنود منزله وأخـــذوه و»جـــرّّوه» بقوة بلا ذريعة، مبيّّنة أن هذه هي سياسة الاحتلال لتكميم الأفــواه والسيطرة على الـروايـة، ومنع الصورة الفلسطينية من الظهور على الساحة. في أحـد أيـام التغطية التي كانت تعمل بها نـــور، وســـط الـقـيـود الـمـشـددة وإعلان المخيم منطقة عسكرية مغلقة، تمكنت من الدخول إلى مخيم جنين، حيث تترصدها المخاطر من كـل جـانـب، فـي مكان م ُُنع فيه وجــود الأهـالـي، الطواقم الطبية، والصحفيين، لكن نور اختارت أن تكون عين ًًا تنقل الحقيقة من الداخل، متحدية الحصار المفروض على الرواية. تقول نور «بعد دخولي المخيم، واجهنا قوات الاحتلال، وقاموا بمصادرة عدساتنا وتحطيمها، واحتجزوا الصحفيين الذين تعرضوا للتهديد، والاحـتـجـاز يستمر لساعات طويلة فـي أماكن مـجـهـولـة، ونُُـــحـــرم مــن أي وسـيـلـة اتــصــال مع عائلاتنا أو التواصل مع النقابة أو المحامين». فـــي إحـــــدى لــيــالــي شــهــر رمـــضـــان الــمــاضــي، وبينما كـان المواطنون يترقبون فرصة نـادرة لـلـدخـول إلــى مخيم جنين عبر تصريح خاص من الارتباط المدني الفلسطيني، وبعد وصول الأهالي لجمع مقتنياتهم من المنازل المهددة بالهدم، باغتتهم قوات الاحتلال بإغلاق المداخل، ليبدأ مشهد من الفوضى والقمع، قنابل الغاز والـصـوت انطلقت بلا إنـــذار، تتبعثر في الهواء كرسالة واضحة «لا دخول، ولا خروج»، ووسط الدخان والارتباك، وجد الصحفيون أنفسهم أمام جدار آخر من التضييق، حيث تم منعهم تمام ًًا من الوصول إلى المخيم، ولم يكن المنع فقط، بل تلاه احتجاز العدسات ومصادرتها، واحتجاز الصحفيين أنفسهم، فـي محاولة لإسـكـات أي رواية مستقلة لما جرى تلك الليلة. تتحدث نـور عن تغطيتها لمراسم التنسيق لمقبرة الشهداء على أطـراف مخيم جنين في عيد الفطر، التي كــان مـن المفترض أن تكون لحظة تََجم ّّع هـادئـة للأهــالــي، لكن الـواقـع كان مختلف ًًا تمام ًًا، فمع وصول الأهالي إلى المقبرة أحاطت قوات الاحتلال المنطقة بالكامل، جنود راجلون وتعزيزات عسكرية، ليبدأ حصار شديد على الحاضرين. من جانبه، يقول الصحفي عبادة طحاينة، الذي يعمل مـراسلا في قناة الجزيرة مباشر، «بعد احــتلال مخيم جنين، وتحويله لثكنة عسكرية وطـرد المواطنين من المخيم، وتهجيرهم إلى أمـاكـن أخـــرى، أصبحنا نعاني كصحفيين من تضييقات، ولا نستطيع دخول المخيم لتصوير ما يحدث، لأن جميع المداخل والمناطق القريبة من المخيم مغلقة بأسوار ترابية.» وتابع «أصبح توثيق الأحداث شبه مستحيل، فـالـمـداخـل مـغـلـقـة، والـمـؤسـسـات الحقوقية عاجزة عن الوصول، لا صور، لا تسجيلات، فقط أصــوات الأخبار التي تُُنقل بصعوبة وسـط هذا الــحــصــار الإعلامــــــي الـــمـــفـــروض، فـــي مــحــاولات ممنهجة لطمس الــروايــة، لخلق فــراغ إعلامـي كي لا يُُرى الواقع». إن الاحتجاز والاعـتـقـال والـملاحـقـات ليست مجرد تهديدات عابرة، بل أدوات تهدف إلى فرض حالة من الخوف والترهيب، وإجبار الصحفيين عـلـى الــتــراجــع عــن أداء دورهــــم الأســـاســـي في كشف ما يجري، ويصف عبادة ما يتعرضون له مـن ضـرب وشـتـم، ومـصـادرة للهواتف، وحـذف الصور، بأنها أساليب تستخدمها قوات الاحتلال لإخفاء الـروايـة الفلسطينية وحجب المََشاهد التي لا يريدون أن تصل إلى العالم. «لعل هذه القصص تصل إلى العالم» ويتحدث عبادة عن محاولاتهم للوصول إلى أي مكان يحدث فيه انتهاكات، ســواء في حي من أحياء مدينة جنين أو في أماكن قريبة من المخيم، مضيفا «نتحرك بحذر، نتبادل النظرات، نـسـأل عـن مـكـان الجيش لنتمكن مـن تغطية الأحـــــداث، وعـنـدمـا نـقـتـرب مــن نقطة ساخنة، تخفق قلوبنا بشدة، نكتب الملاحظات سريع ًًا، ونصوّّر بعدسة الهاتف، بينما نردد في أنفسنا: لعل هذه القصص تصل إلى العالم». ويــقــول عــبــادة إن الصحفيين فــي الــداخــل يعيشون حالة من القلق والخوف الدائم بسبب التهديدات بالاعتقال والتهم الملفقة، خصوص ًًا وأنهم أبناء البلد ويشعرون بثقل المسؤولية، مبينا أنهم «يتجنبون المواجهة قـدر الإمكان، لكنهم يدركون أن أي لحظة قد تكون مصيرية، خـاصـة إذا فُُــتـح الـهـاتـف ووجـــد الـجـنـود مـا يثير غضبهم». ويتابع أن الجنود يتصرفون بعشوائية وبدون رادع، وينفذون عمليات اقتحام وتخريب دون أوامـــر رسـمـيـة، م ّّــا يـعـزز الـشـعـور بالخطر واللا أمــــان، وآخـــر مــا حـــدث كـــان مــع الـصـحـفـي علي السمودي، الذي اختُُطف من منزله بعد اقتحام عنيف مـن قبل قـــوات الاحــــتلال، حيث تعرض للإهـــانـــة والـتـجـريـد مــن ملابــســه قـبـل اقـتـيـاده لمكان مجهول، وسط صراخ عائلته المذعورة... «حتى الآن، لا يعرف أحد مصيره، وقد تُُلفق له تهمة التحريض دون أي دليل»، يؤكد عبادة. ويصف الصحفي محمد نـزّّال واقـع التغطية الـــمـــيـــدانـــيـــة فــــي فــلــســطــيــن بــــأنــــه «مـــحـــفـــوف بالمخاطر»، ويكون القلق حاض ًرًا في كل لحظة، خاصة خلال ساعات الليل، والاستهداف يلاحق الفلسطينيين بأشكال متعددة، من التنكيل إلى إطلاق الرصاص الحي والمطاطي، مرورًًا بقنابل الــغــاز، والــملاحــقــات، والـتـهـديـدات المستمرة، ا إلى مصادرة المعدات الصحفية. وصول ًا ويستذكر نزّّال إحدى أكثر اللحظات خطورة الـتـي مــر بـهـا أثــنــاء تغطيته لأحـــد الاقـتـحـامـات، حيث كان وحيد ًًا في الميدان، «فجأة، انطلقت رصــاصــة أمــامــي مـبـاشـرة، وتـنـاثـرت شظاياها، لتصيب إحــــدى هـــذه الـشـظـايـا كـتـفـي»، كانت إصابته طفيفة، لكن الرسالة واضحة «لا مكان آمن للصحفيين في الميدان». عدسة لا تنكسر يـتـعـم ّّــد جــنــود الاحــــــتلال، خلال الـتـغـطـيـات، تصويب أشعة الليزر تُُجاه المعدات الصحفية، مــثــل الـــكـــامـــيـــرات أو الـــهـــواتـــف، ويـــقـــول نـــزال «الكاميرا في مواجهة الرصاص، وهذا هو أدق وصــف يمكنني أن أحـكـيـه»، وبالتالي، لا توجد مسافة آمـنـة نهائيًًا، «لأن الاحــــتلال يستهدف الجميع، ونحن فلسطينيون، نحمل همومنا وآمالنا في كل خطوة». ويـكـمـل نـــزال حـتـى الـــــدروع الصحفية التي يفترض أنـهـا تحمي الصحفيين ليست سوى رمــزيــة، فهي لا تشكل حماية فعلية فـي وجه الاستهداف المباشر، والشاهد الأكبر على ذلك استشهاد الصحفية شيرين أبو عاقلة، التي تم إعدامها «بدم بارد» رغم ارتدائها الدرع الصحفي. يتعرض الصحفيون الفلسطينيون لانتهاكات مـــتـــكـــررة مـــن قـــــوات الاحـــــــتلال خلال عــدوانــهــا المستمر على قطاع غـزة واقتحاماتها للضفة الغربية، ووفق ًًا لنقابة الصحفيين الفلسطينيين صحفي ًًا فلسطيني ًًا بنيران الاحتلال 15 استشهد خلال الربع الأول من العام الحالي. وفي مواجهة الظلم والقمع، «يولد من يلبس الدرع كاملةًً.. يوقد النار شاملةًً.. يطلب الثأر.. يستولد الحق من أضلع المستحيل»، الصحفي الفلسطيني، رغم الاستهداف والتضييق، يظل صوتًًا ثابتًًا لا يصالح على الحقيقة، ولا يساوم على الـــروايـــة، وبـيـن عـدسـات تُُحطم ومـعـدات تُُصادر، يبقى المشهد واض ًحًا «هناك من يصر على نقل الصورة، مهما كان الثمن». «قلم وعدسة في وجه الرصاص».. يوميات الصحفي الفلسطيني في كشف الحقائق ومواجهة تهديدات جنود الاحتلال يواجه الصحفي الفلسطيني مخاطر يومية في عمله الصحفي

RkJQdWJsaXNoZXIy NTAwOTM=