٢٠٢٥ أيار ٢٥ _ ١٤٤٦ ذو القعدة ٢٧ الأحد 6 من هنا و هناك تــعــد الــتــقــاريــر الـطـبـيـة وسـيـلـة نـــظـــامـــيـــة لـــلـــتـــهـــرب مــــن الــحــضــور وتحمل الـمـسـؤولـيـة، خـاصـة تلك الـــتـــي تـتـضـمـن تـــوصـــيـــة بـــإجـــازات مرضية، والتغيب عن الامتحانات فـــــي الــــجــــامــــعــــات، وتــــشــــكــــل فــي معظمها تزويرا وتحايلا على النظام وضــعــف الــــقــــدرات مـــع متطلبات العمل الأكاديمي والإهمال. ويعتبر الغياب ظاهرة متعارف عـــلـــيـــهـــا فـــــي جـــمـــيـــع الـــجـــامـــعـــات الأردنـــيـــة، ولـكـن سـهـولـة الحصول على عذر طبي من المراكز الصحية والمستشفيات وبعض المكتبات لتبرير هـذه الغيابات، جعل الأمر لبعض الطلبة حجة لتكرارها ومع ضعف الرقابة والتدقيق، أدى ذلك الى استغلال هذا الامر والاستهانة بالعقوبات. ولاحــظ فريق التحقيق ان هذه الظاهرة منتشرة في جامعتهم ما دفعهم لسؤال اقرانهم من مختلف الجامعات الأردنية الحكومية عما إذا كـانـت هــذه الـظـاهـرة منتشرة ايـضـا فــي جـامـعـاتـهـم، وبـعـد تلقي الــــــــــردود مـــــن اصــــدقــــائــــهــــم تـبـيـن انــهــا مـنـتـشـرة، وكــــان هـــذا الــدافــع الـــرئـــيـــســـي للانــــــــطلاق فــــي جــــولات تحقيقية ميدانية للتأكد من صحة هـذه الممارسات وسماع قصص الطلبة عن الأسباب التي دفعتهم للحصول على هذه الإجازات. الإجازات المرضية ذريعة للتغيب وانـــطـــلـــق فـــريـــق الـتـحـقـيـق من جـــامـــعـــة الــــيــــرمــــوك فـــــي جـــولاتـــه الـمـيـدانـيـة الأولــــى وقــابــل الفريق الطالبة راما احمد (اسم مستعار) مــن كـلـيـة الــطــب الــتــي لــجــأت الـى إحدى المكتبات لأخذ إجـازة ووجه الـفـريـق بـعـض الأسـئـلـة إلـيـهـا عن سبب تزويرها للإجازات المرضية، فأجابت راما إنها كانت تعاني من ضغط دراسي كبير، خاصة بسبب نـظـام السستيمات الـــذي جعلها غـيـر قــــادرة عـلـى حـضـور الامـتـحـان النصفي ولـــم تـكـن تـع ُُــانـي مــن أي مرض. ثم سألناها من أين توفر المكتبة هذه الإجـازات؟ أجابت «توفر هذه الإجــــــازات مــن مستشفى الملك عـبـدا لله الـمـؤسـس مختومة من هــــذه الــمــســتــشــفــى،» مـبـيـنـة أن «صاحب المكتبة ينتحل شخصية الطبيب وقـــام بتشخيص حالتي وفي النهاية ثبت صحة الإجازة من خلال توقيعه عليها.» كــلــفــت الإجـــــــازة الـــتـــي حصلت عـلـيـهـا رامــــا خـمـسـة دنــانــيــر، وفـق قولها. توجه بعد ذلـك فريق التحقيق الــــى جــامــعــة الــبــلــقــاء التطبيقية وقابل رهف محمد (اسم مستعار) إحدى الطالبات المتخرجات حديثا، وقمنا بسؤالها عن سبب حصولها على هــذه الإجــــازات، فأجابت إنها كـانـت تحصل على هــذه الإجـــازات بـسـبـب تـــكـــرار غــيــابــهــا فـــي بعض الــمــســاقــات والامـــتـــحـــانـــات، وأنــهــا كانت تحصل على هذه التقارير من المركز الصحي الحكومي القريب مــن مـنـزلـهـا فــي الـسـلـط دون أي فحص طبي او تقديم العلاج لها. وقـــام الـفـريـق بمقابلة رئيسة مـركـز صـحـي البقيع الـشـامـل في مــديــريــة صـحـة الـبـلـقـاء الــدكــتــورة هـديـل الـنـسـور لمعرفة إجــــراءات الـــحـــصـــول عــلــى تــقــريــر طــبــي من المراكز الصحية، وقالت إن المراكز تتبع إجراءات دقيقة لضمان صحة الإجـازات المرضية الصادرة عنهم، وتتمثل هذه الإجراءات في دخول المريض إلى الطبيب، حيث يقوم الطبيب بتقييم حالته الصحية. وتـابـعـت الـنـسـور بـعـد أن يقرر الــطــبــيــب مـــنـــح الـــمـــريـــض إجـــــازة مـرضـيـة، يـتـم إصــــدار الإجــــازة بـنـاء على وصـل مالي معتمد وختمها مـن قبل المركز الصحي، يحتفظ بــنــســخــة مــــن الإجــــــــازة فــــي قـسـم الــــشــــؤون فــــي حـــيـــن يـــتـــم إرســـــال نسخة أخرى إلى المديرية، مشيرة إلـــى أن الــوصــل الـمـالـي وتـحـديـدا النسخة الـزهـريـة يُُحتفظ بها في قـــســـم الـــمـــحـــاســـبـــة، مـــمـــا يـضـمـن تنظيم العملية ومتابعتها بشكل دقيق لضمان السيطرة على الأمور المتعلقة بالإجازات. وعن كيفية توثيق هذه الإجازات فــــي الـــمـــركـــز، تـــقـــول الـــنـــســـور إن الـتـوثـيـق يـتـم عـبـر الــنــظــام الطبي الإلكتروني “حكيم،” حيث يمُُكن مـــن خلالـــــه الــــدخــــول إلــــى الـمـلـف الطبي لأي مريض من قبل الجهات المخو ّّلة فقط ويتعين على الأطباء توثيق أي إجراء طبي يقومون به، إذ يع ُُتبر كل ما لم ي ُُسجل على النظام كأنه لم يتم تنفيذه قانونيًًا. وقــــبــــل عــــــرض بـــقـــيـــة الــــحــــالات التي قابلها فريق التحقيق دعونا ان نـــوضـــح لــكــم آلـــيـــة قـــبـــول هــذه الإجـــــازات، إذ إن هـنـاك تباينا بين مختلف الجامعات لعملية قبول هذه الإجـازات، على سبيل المثال تـــق ُُـــبـــل الإجــــــــــازات الـــمـــرضـــيـــة فـي جامعتي اليرموك وآل البيت فقط من مراكز صحية أو مستشفيات حـكـومـيـة أو عــســكــريــة، ولا تـقُُــبـل الإجازات الصادرة عن مستشفيات أو مـــراكـــز صـحـيـة خـــاصـــة، وفـيـمـا يـــتـــعـــلـــق بـــفـــتـــرة تـــقـــديـــم الإجــــــــازة المرضية يجب تقديمها خلال مدة لا تـزيـد على أسبوعين مـن تاريخ صدورها إلى عميد الكلية. وتكون إجــراءات الموافقة على الإجـــازة المرضية مـن خلال عرض الإجـازة المرضية أو التقرير الطبي على عميد الكلية أو نائبه للتوقيع والموافقة عليه، وبعد الموافقة يتم ختم التقرير الطبي مـن قبل الـديـوان وطباعة النسخة النهائية لتس ُُلم الإجــــازة إلـــى أعــضــاء هيئة التدريس المعنيين. وتختلف الإجراءات في جامعتي الـبـلـقـاء التطبيقية والـهـاشـمـيـة، حــيــث يــتــم تــقــديــم أعـــــذار الـغـيـاب مـــن ضـمـنـهـا الإجـــــــازات الـمـرضـيـة الـى مــدرس المساق الــذي تغيب فـيـه الـطـالـب مـبـاشـرة وفـــي حالة اضطر الأمر يقوم مدرس المساق بطلب تقرير رسمي يحتوي ختم أي مركز صحي حكومي، وبحسب تـعـلـيـمـات الــجــامــعــات الـحـكـومـيـة الاردنــيــة فيجب أ لا تـتـجـاوز نسبة %15 غيابات الطلبة غير المبررة من مجموع محاضرات المساق، أي خمس غيابات أو أكثر. استغلال الوساطة وضعف الرقابة راما ورهف لم تكونا الوحيدتين اللتين لجأتا لهذا الخيار، يا ترى هل الواسطة في بعض المستشفيات تؤدي الى الاستخفاف في إجراءات الحصول على عـذر طبي؟ ومـا هو الدافع الحقيقي خلف تزوير هذه الاجــازات؟ وما العقوبات المترتبة على هـؤلاء الأطباء الذين يقومون بمنح هــذه الإجــــازات مـن دون أي سبب حقيقي؟ انـــتـــقـــل فــــريــــق الـــتـــحـــقـــيـــق الـــى الجامعة الهاشمية والتقى بالطالبة لين باسم (اســم مستعار) والتي كـــانـــت مـثـلـهـا مــثــل بـــاقـــي الـطـلـبـة تعاني من ضغط الدراسة، وأسباب شخصية، وتقول إن الذي شجعها على هذا الامر شقيقتها التي تعمل في مستشفى خاص في العاصمة عــمــان، حـيـث تـقـوم بـتـوفـيـر نسخ فارغة لها من الإجــازات المختومة والموقعة مـن هــذا المستشفى، والـــغـــريـــب فـــي الأمـــــر أن أســـاتـــذة لين أيضا لم يكتشفوا امرها ابـدًًا، الأمر الذي يجعل الأخطاء من قبل القطاع الصحي تتكرر في كل مرة. تــتــشــابــه حـــالـــة لــيــن مـــع بعض الحالات التي قابلها فريق التحقيق فــــي جــامــعــتــي ال الـــبـــيـــت واربـــــد الأهـــلـــيـــة، الــطــالــبــة إســـــراء مـــن ال الــبــيــت وســـــارة مـــن اربـــــد الأهـلـيـة (أســـمـــاء مـسـتـعـارة) الـلـتـان لجأتا إلـى الواسطة من خلال أقربائهما الذين يعملون في المستشفيات العسكرية للحصول على إجــازات مرضية. تــــوجــــه فــــريــــق الـــتـــحـــقـــيـــق إلـــى نقابة الأطـبـاء لمعرفة المخالفات الـمـتـرتـبـة عــلــى الأطـــبـــاء فـــي حــال مـنـحـهـم إجـــــــازات مـــــــزورة، وقــابــل اســـتـــشـــاري اول الـــطـــب الـشـرعـي ورئـيـس لجنة الاخلاقــيــات الطبية فـي نقابة الاطــبــاء الـدكـتـور مؤمن الحديدي، وأكد أن التقارير الطبية الــتــي تـشـمـل الإجــــــازات أو وصـف الإصــــابــــات أو تــقــديــر الــعــجــز تـع ُُــد وثائق رسمية عندما يكتبها الأطباء، وفـــــي حـــــال تــضــمــنــت مــعــلــومــات غير صحيحة، مثل الإجــــازات غير المستحقة أو تقدير العجز بشكل خــــاطــــئ، فـــــإن ذلـــــك يـــعـــد مـخـالـفـة لـقـانـون الـنـقـابـة ويـسـتـدعـي إحـالـة الطبيب إلى مجلس التأديب. وذكـــر الــحــديــدي انـــه سـبـق وتـم معاقبة أحــد الأطـبـاء لقيامه بهذا الامــــــر، لــكــنــه لـــم يــفــصــح عـــن عــدد الحالات التي تمت معاقبتها نظرا لعدم وجــود سجل وطني لتوثيق هذه العقوبات. وتابع أن هـذا الفعل هو مجرّّم في قانون العقوبات الاردنــي وفقا مــن الــقــانــون، التي 266 لــلــمــادة تـــنـــص «يـــع ُُـــتـــبـــر إعــــطــــاء مــصــدقــة كاذبة لتقديمها للسلطات العامة أو لتحقيق منفعة غير مشروعة جــريــمــة يــعــاقــب عـلـيـهـا بـالـحـبـس مـــن شــهــر إلــــى ســـنـــة، وإذا كـانـت المصدقة الكاذبة معدة لتقديمها أمام القضاء أو لتبرير الإعفاء من الخدمة العامة، فإن العقوبة لا تقل عن ثلاثـة أشهر، وفـي حـال ارتكاب الجريمة من قبل شخص ليس من الفئات المذكورة، يعاقب بالحبس لمدة لا تزيد عن ستة أشهر». وهــنــا لـجـأ فــريــق الـتـحـقـيـق إلـى الــخــبــيــرة الــقــانــونــيــة المتخصصة فـي علم الـجـريـمـة، الــدكــتــورة نور الحديد وقامت بتوضيح العلاقة بين جريمة تزوير الإجازة المرضية وجـــــرائـــــم أخـــــــرى مـــثـــل الاحـــتـــيـــال واسـتـغلال الوظيفة، واعتبرت أن جــريــمــة تـــزويـــر الإجــــــازة الـمـرضـيـة ليست دائمًًا جريمة معزولة؛ بل يمكن أن تكون جـزءًًا من عمليات أكبر تشمل الاحتيال أو استغلال الـــمـــنـــصـــب الــــوظــــيــــفــــي لــتــحــقــيــق مكاسب غير قانونية، لافتة إلى أن قد يشارك فيها طبيب أو موظف صحي من خلال إصدار تقارير طبية مزورة وهذا يمكن أن يتسبب في تـشـكـيـل جـريـمـة مـنـظـمـة تشمل عـــــدة أ طــــــراف تـــتـــعـــاون لارتـــكـــاب الجريمة، مّّــا يجعل جريمة تزوير الإجــازة المرضية جــزءًًا من عملية أكبر تشمل الاحتيال أو استغلال الوظيفة من قبل مختلف الأطراف. بعد كل هذه الجولات قرر فريق التحقيق معرفة وجهة نظر الخبير التربوي ومستشار التطوير المهني فــي وزارة الـتـربـيـة ضـمـن بـرنـامـج دولــــي الــدكــتــور عــايــش الـنـوايـسـة عـن السبب الرئيسي الــذي يدفع الطلبة إلى اللجوء للتزوير، فأجاب إن السبب يرتبط بطبيعة الشخص نفسه، فقد يـكـون ذلــك نـاتـج ًًــا عن ضعف في قـدراتـه، أو الإهـمـال، أو عــدم تـوافـق قـدراتـه مـع متطلبات العمل الأكاديمي الذي ينتمي إليه. المراكز الصحية والمكتبات ...أبواب للتزوير وبـــعـــد ســـمـــاع فـــريـــق الـتـحـقـيـق لـــجـــمـــيـــع الــــــحــــــالات الــــتــــي قـــامـــت بالتزوير وملاحظتهم ضعف الرقابة والتقصير مـن قبل المؤسسات الصحية، قرر الفريق التأكد بنفسه من إجــراءات الحصول على تقرير طـبـي مــن مــركــز صـحـي ومكتبات قـــريـــبـــة مـــــن الــــجــــامــــعــــات لـــرصـــد هــــذا الـتـقـصـيـر مـــن خلال تـصـويـر فيديوهات وتسجيلات صوتية. توجهه الفريق الى مركز صحي حـــكـــومـــي فــــي مـــحـــافـــظـــة الــبــلــقــاء للكشف عـن آلـيـات منح الإجـــازات الـمـرضـيـة، وبــــدأت الـقـصـة عندما دخلت معدة من الفريق إلى غرفة الـطـبـيـبـة، وصـــرحـــت بـــوضـــوح «أنـــا مش مريضة.. أنا بدي إجــازة» لم تبد الطبيبة أي اعتراض، بل ردت بابتسامة «أحب صراحتك، ادفعي حــــق الـــتـــقـــريـــر وارجــــعــــي اكـتـبـلـك الإجازة.» 2.20 وقـامـت المحققة بـدفـع قرشا مقابل الإجازة، ثم عادت إلى الطبيبة التي بدورها حررت تقريرا طبيا يفيد بأن المراجعة تعاني من نزلة معوية وأنـه تم تقديم العلاج الـمـنـاسـب مــع الـتـوصـيـة بمنحها ســاعــة، علما 24 اسـتـراحـة لـمـدة بــــأن الـمـحـقـقـة لـــم تــتــلــق أي نــوع مـن الفحص أو الـــعلاج خلال هذه الزيارة. تأكد فريق التحقيق مـن صحة كلام الطالبات في الجامعات حول إصدار إجازات مرضية مزورة، ولكن قرر فريق التحقيق التأكد من مركز صحي أخر للتثبت من صحة الأمر والغريب أن المركز الصحي الأخر في منطقة عين الباشا فعل نفس الشيء مع فريق التحقيق، دخلت إحـدى معدات الفريق، ولكن هذه الــمــرة كـانـت مـتـوتـرة وتــدعــي أنها متعبة وتريد إجازة بسبب تغيبها عن امتحانها. والمفاجئ أن الطبيبة لم تقم بفحص الزميلة رغم إبلاغها لها بأنها متعبة، واكتفت الطبيبة بــــالــــقــــول: «ســــأكــــتــــب لــــك بـعـض التحاليل والأدويــــة» وثــم سألتها: «كـــــم يــــومــــا تـــحـــتـــاجـــيـــن» أجـــابـــت الــمــحــقــقــة: «يـــــومـــــان» فــوافــقــت الطبيبة مباشرة، مضيفة «سأدرج بــعــض الاعـــــــراض الإضـــافـــيـــة حتى تقبل الاجـازة وتكون مبرر لتغيبك عن الامتحان». يُُـــعـــد هـــــذا الــــتــــصــــرّّف مـخـالـفـة صــــريــــحــــة لأخلاقــــــــيــــــــات الـــمـــهـــنـــة والممارسات الطبية السليمة، إذ يشترط عند إصــدار تقرير طبي أو إجازة مرضية وجود فحص سريري وتشخيص حقيقي للحالة. ) من قانون 45( ووفـقًًــا للمادة نقابة الأطباء الأردنية، فإن الطبيب الـــــذي يــرتــكــب أي خــطــأ مـهـنـي أو تجاوز لأخلاقيات المهنة يُُحال إلى المساءلة التأديبية، حيث تشمل العقوبات: التنبيه، التوبيخ، غرامة ديـــنـــار ًًا، 250 إلـــى 10 مـالـيـة مـــن الـــحـــرمـــان مـــن عــضــويــة الـهـيـئـات الـــنـــقـــابـــيـــة، الـــمـــنـــع الـــمـــؤقـــت مـن مـمـارسـة المهنة لـمـدة لا تتجاوز ا إلى الشطب النهائي سنة، وصـولًا من سجل الأطباء في حال صدور حكم قضائي بالإدانة. توجه فريق التحقيق الى إحدى الـــمـــكـــتـــبـــات الـــقـــريـــبـــة مــــن إحــــدى الجامعات في الشمال التي تقدم خـدمـات مختلفة لـلـطلاب، للتأكد مــن صـحـة الادعــــــاءات بـأنـهـا تقدم إجازات مرضية، وبالفعل تم إعطاؤنا إجــــــازة مـخـتـومـة مـــن مستشفى الـــمـــلـــك عـــبـــد الله، وقــــــام صــاحــب المكتبة بسؤالنا «ماذا تريدون أن أكـتـب لكم فـي الإجــــازة.. وكــم يوم تريدونها،» وقام بتوقيعها بنفسه وكتابة اسم عشوائي لطبيب وكأن الأمر طبيعي ومتعارف عليه. كــمــا تـــواصـــل فـــريـــق الـتـحـقـيـق مـــع أحــــد الــمــكــاتــب الـــطلابـــيـــة في العاصمة، في البداية رفض الأمر، ولـــكـــن بــعــد اســتــعــطــافــه قــــال لنا سـأعـمـل عـلـى تـوفـيـر الإجـــــازة من مستشفى الجامعة أو مستشفى المدينة أو البشير، وبــدأ بسؤالنا عـــن الــتــفــاصــيــل: «أي ســـاعـــة رح تـــيـــجـــي؟ ويـــــن ســــاكــــنــــة؟»، كــانــت الأســئــلــة تـشـيـر إلــــى حـــرصـــه على تـرتـيـب الأمـــــور بـسـهـولـة لتسليم الإجازة. وأثناء العمل على جمع الأوراق اللازمـــــــــة لــلــتــحــقــق، عـــثـــر فــريــقــنــا على إجـــازة طبية فـارغـة مختومة بختم مستشفى البشير، وكانت الـمـفـاجـأة أن أحــد الطلبة هـو من زودنـا بها، لكنه رفض الإفصاح عن مصدرها أو كيفية حصوله عليها فتوجه فريق التحقيق لمكتبتين قريبتين لطباعتها وإكمال البيانات المطلوبة، رغم معرفتنا أن طباعة وثـــائـــق كـــهـــذه أمــــر مــمــنــوع وغـيـر قــانــونــي، لـكـن الــغــريــب فـــي الأمـــر أن أصـحـاب المكتبتين، ودون أي تــردد أو استفسار، قاما بطباعتها بالنسخة الملونة بكل بساطة وكأن الأمر عادي جد ًًاًً. وتعد هـذه الممارسات انتهاكا مـــن قـانـون 237 واضـــحـــا لــلــمــادة العقوبات الأردني، التي تنص على مـعـاقـبـة كـــل مـــن يــــزور أو يـسـيء اســتــخــدام ختما أو علامـــة خاصة بإدارة عامة بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات وغرامة تتراوح بين عشرة وخمسين دينارًًا. فجوة رقابية تهدد المصداقية بـعـد أن تحقق فـريـق التحقيق مـن صحة ادعـــاءات الطلبة بشأن سـهـولـة الــتــزويــر والــحــصــول على الإجــــــازات الـمـرضـيـة، قـــرر الـفـريـق الـتـعـمـق أكــثــر فــي الــمــوضــوع من خلال الــتــحــقــق مـــن مــــدى ضعف الـرقـابـة والإجــــــراءات الـتـي تتبعها الجامعات حيال هذه الإجازات. وقــــرر فــريــق الـتـحـقـيـق أن يـرى مــــــدى الـــتـــدقـــيـــق والــــرقــــابــــة عـلـى الإجـــــازات فــي الـجـامـعـات، وتـوجـه الفريق إلـى عمادة إحـدى الكليات فـي جامعة الـيـرمـوك لإنـجـاز طلب إجـــازة الـغـيـاب، فـالأمـر بــدا بسيط ًًا وروتـــيـــنـــيًًـــا، قــمــنــا بـــمـــلء الـطـلـب كالمعتاد، ثـم توجهنا إلــى مكتب نائب العميد للحصول على توقيعه واعــتــمــاد الإجــــــازة، وعـنـدمـا دخلنا المكتب، كانت الأوراق بين أيدينا، لـكـن الحقيقة أن الإجــــازة لــم تكن نسخة أصلية؛ بل كانت مطبوعة بطريقة توحي بأنها رسمية وعلى الـــرغـــم مـــن خــبــرتــه ومـــوقـــعـــه، لم ينتبه إلى أن الورقة لم تكن أصلية، ولم يدقق على توقيع الطبيب ولا على اسمه المكتوب فيها واعتمد الإجـــــازة مــن خلال تـوقـيـعـه عليها دون أي اسـتـفـسـار أو تـأكـيـد على صحة الوثائق. وتـوجـه فريق التحقيق لسؤال نـــائـــب رئـــيـــس جـــامـــعـــة الـــيـــرمـــوك الـدكـتـورة فـاديـا مياس عـن كيفية التحقق مـن صحة هـذه الإجـــازات، وأجــــــابــــــت إنــــــه فـــــي حــــــال تـغـيـب الطالب لفترة طويلة تتجاوز الأيام الـــمـــســـمـــوح بـــهـــا، ســــــواء بـسـبـب مـشـكـلـة صــحــيــة أو حــــــادث، فـإنـه يـقـدم تـقـريـرًًا حــول حـالـتـه، وتـح ُُــال قضيته إلـى اللجان الطبية العليا الـــتـــي تـتـشـكـل مـــن أعـــضـــاء هيئة تدريسية من كلية الطب، بالإضافة إلى مدير شؤون الموارد البشرية والقبول والتسجيل، وأما بالنسبة للإجــــــازات الـقـصـيـرة، مـثـل تغيب الـطـالـب لـيـوم واحـــد بسبب حالة بسيطة كالرشح، فلا تعُُرض على اللجان الطبية وفي هذه الحالات، يعتمد الأمر على تقييم العميد أو الدكتور المسؤول، حيث يتم النظر في شكل الوصفة الطبية وتقييم مـــدى مـصـداقـيـتـهـا، لافــتــه إلـــى أن السيطرة الكاملة على هــذا الأمـر ليست سهلة. وقـــــام الـــفـــريـــق بـمـقـابـلـة نـائـب عميد كلية العلوم السياسية من مـعـهـد بـيـت الـحـكـمـة فـــي جامعة آل البيت الدكتور محمد الدرادكة لــســؤالــه عـــن كـيـفـيـة الـتـحـقـق من الإجـــــازات الـمـرضـيـة الـتـي يقدمها الـــطـــلـــبـــة، قـــــال بـــأنـــه يــكــتــفــي بـــأن تــــكــــون الإجـــــــــازة مـــخـــتـــومـــة بــخــتــم رسمي من مستشفى حكومي أو عسكري أو مـن الـمـراكـز الصحية الحكومية فقط لا غير، أما بالنسبة للمستشفيات والعيادات الخاصة فلا يتم الموافقة عليها أو الاعتراف بها. وأضــــاف الـــدرادكـــة أنـــه لــم يتم الكشف من قبل عن إجازات مزورة، ولكن في حالة الكشف عن تقديم إجـــازة مـن قِِــبـل أحــد الطلبة فيتم تــأديــب الـطـالـب مــن خلال توجيه إنذار او تنبيه رسمي له او حرمان الطالب من الانضمام للأنشطة او الفعاليات الدراسية لفترة محددة، وفـــي حـالـة تــم تـقـديـم الإجــــازة لأنـه تغََيب عـن أحــد الامـتـحـانـات فيتم حرمانه من الامتحان. وعلى مـدار شهر كامل، حاول فريق التحقيق التواصل مع عميد كلية الأعـمـال فـي جامعة البلقاء التطبيقية الدكتور محمد النسور ا للحصول بصفته مصدرًًا مسؤولًا على ردود واضـحـة حــول موضوع الــتــحــقــيــق لــكــنــه لــــم يــتــمــكــن مـن مقابلته. والـغـريـب فـي الأمــر بعد ذهـاب فريق التحقيق إلــى وزارة الصحة لــمــعــرفــة إجــــــــراءات الــتــحــقــق من صحة الإجـــازات، قالت الصيدلانية فـي قسم الإجــــازات المرضية آلاء الجازي إنها خلال فترة خدمتها لم تتلََق أي مراجعة أو استفسار من أي جامعة حول هذا الشأن. وأشـــــارت الـــجـــازي إلـــى أنـــه يتم التحقق من صحة الإجازة المرضية مـــن خلال مــخــاطــبــة الــــــــوزارة من أي جهة حكومية تــود الاستفسار والـتـأكـد مـن صحة الإجــــازة وتقوم وزارة الـصـحـة بمخاطبة الـمـواقـع الـتـابـعـة لـهـا مــن مــراكــز صحية أو مستشفيات للتأكد مــن صحتها من حيث الطبيب وختمة وتوقيعه والتأكد من الوصل المالي وسجل المراجعات وتسجيلها على النظام. وعند سؤال فريق التحقيق عن موقف الوزارة في حال تم تسريب فيديو أو تسجيل صـوتـي لطبيب يمنح إجازة طبية دون إجراء فحص أو إذا كان الشخص المراجع ليس مـريـض ًًــا، أجــابــت الــجــازي بـــأن هـذا الأمـــــر يـــعـــود إلــــى الـطـبـيـب نفسه وضــمــيــره وأخلاقـــيـــاتـــه، وأضــافــت بـنـبـرة ســاخــرة «ويـعـنـي مـيـن بـده يسجل وهو رايح يأخذ إجازة؟» واعتبر الدكتور عايش النوايسة أن الــتــزويــر يـشـكـل إســــاءة كبيرة لسمعة نظام التعليم فـي الأردن وللمنظومة العلمية والأكاديمية بشكل عام، إذ يعد نوعًًا من أنواع اختراق النظام التعليمي نفسه لأنه يعكس ضعفًًا في الكفاءة وتسيبا في الالـتـزام، خاصة في ظل وجود معايير عالمية تتبعها الجامعات حول العالم، موضح ًًا أنه يتم قياس جــودة التعلم المعرفي مـن خلال التنافسية بين هـذه المؤسسات وعندما تنتشر سمعة عـن وجـود خـــروقـــات وعــمــلــيــات تـــزويـــر، فــإن ذلك يؤثر سلبا على التعليم ويضر بمخرجاته، مما ينعكس سلب ًًا على سمعة البلد بأكملها. وأكـــد أن مسؤولية الجامعات للحد مـن التزوير تتطلب التركيز على تطوير الأنظمة الرقابية داخل الـجـامـعـات، حـيـث إن الـعـديـد من الأنـظـمـة الحالية أصبحت قديمة وغير قادرة على مواكبة التطورات الـــحـــديـــثـــة، خـــصـــوص ًًـــا مـــع انــتــشــار التقنيات الرقمية واعتماد الطلبة على أدوات الذكاء الاصطناعي مثل .ChatGPT وأضـــــاف الــنــوايــســة أنـــه ينبغي تـــعـــزيـــز الـــحـــاكـــمـــيـــة فـــــي تـطـبـيـق التشريعات والأنـظـمـة، مـن خلال وضـــــع مــــدونــــات ســـلـــوك واضـــحـــة ومفع ّّلة للطلبة تحدد الممارسات الـــمـــقـــبـــولـــة وغـــيـــر الـــمـــقـــبـــولـــة مـع وجـــود جـهـات رقـابـيـة فـع ّّــالـة تتابع الالتزام بهذه المدونات، وبالتالي يـــجـــب تــفــعــيــل تــطــبــيــق الأنـــظـــمـــة والتشريعاتبشكلحقيقيوصارم لضبط العمل الطلابي والأكاديمي، بما يحد من ظاهرة التزوير سواء في العمليات التعليمية أو الوثائق الأكاديمية أو المتطلبات الدراسية، مثل مشاريع التخرج وغيرها. عندما تصبح الأختام الرسمية وسيلة للتحايل تساهل خطير وتلاعب بالأنظمة ... الإجازات المرضية المزورة للطلبة ثغرات تهدد نزاهة التعليم والصحة ࣯ ج ميلة منصور حلا الدباس مها الزيود رؤى الزيود سلام العمري � - ي رموك � صحافة ال نموذج عن تقرير طبي فارغ و مختوم من الطبيب و المستشفى ويلجأ الطلبة او مراكز لاستخدامه في الحصول على إجازة مرضية
RkJQdWJsaXNoZXIy NTAwOTM=