صحافة اليرموك

٢٠٢٥ أيلول 7 _ ١٤٤٧ ربيع أول 15 الأحد 4 شرفات ࣯ ي � ي رموك- نور العاص � صحافة ال تشهد مجالات العلوم الاجتماعية، في العالم العربي عمومًًا، انخفاض ًًا واضـحًًــا في الاهتمام والانتشار مقارنة بالعلوم الطبيعية والتقنية. ويعود ذلـك إلـى وجــود عوائق متعددة على الــمــســتــوى الــبــنــيــوي والــســيــاســي والــثــقــافــي، تعرقل نمو هذه التخصصات وتحد من قدرتها على تفسير الظواهر المجتمعية وفهمها بعمق. جذور الأزمة في العالم العربي يـرى أسـتـاذ النظرية السياسية فـي جامعة العلوم الاجتماعية - أنقرة، د. يوسف القرشي، أن جـــذور أزمـــة العلوم الاجتماعية فـي العالم الـعـربـي تـعـود إلــى مـا قبل مرحلة الاســتــقلال، حين و ُُلدت الدولة الوطنية الحديثة وهي تعيش مفارقة بنيوية في وجودها، فقد كانت تسعى لإثبات ذاتها في عالم صاغته الحداثة الغربية بمفاهيمها وقواعدها، في حين أن شعوبها ما تزال تتحرك ضمن فضاء حضاري مختلف، هو المجال التداولي العربي والإسلامي، أو ما تبقى منه على الأقل. وتــابــع أنـــه فــي تـلـك الـلـحـظـة، كـانـت الحاجة ماسة إلى إنتاج علوم قادرة على فهم المجتمع وتحليل واقعه، لكن ما جرى فعليًًا هو استيراد نـمـاذج معرفية وافـــدة، لا تمت بصلة لتجاربنا ولا لبيئتنا الثقافية، وتـم تدريسها بمفاهيم لا تنطلق من لغتنا ولا من سياقنا المعرفي، بل من التاريخ والسياق الخاص بالآخر. وأكـــــدت ذلـــك أســـتـــاذة عـلـم الاجــتــمــاع مـنـار دردس، بقولها إن الأزمـــة بــدأت حين تـم نسخ النموذج الغربي كما هو، وو ُُضع في سياق عربي لم يُُتح له فرصة التكيف، مبيّّنة أن هذه العلوم ا كــــردة فـعـل عـلـى أزمــــة سياسية نــشــأت أصلًا واجتماعية عاشتها المجتمعات الغربية في ذلك الوقت، ثم انتقلت بمناهجها ومقرراتها من الجامعات الأوروبية والأميركية إلى الجامعات العربية. واعتبرت أن هيمنة المجتمعات الغربية على الإنتاج المعرفي، واستيراده كما هو إلى السياق العربي، ساهم في تفاقم هذه الأزمة. يشاطرهم الـــرأي أسـتـاذ علم الاجـتـمـاع في جـامـعـة مــؤتــة، د. رامـــي الـحـبـاشـنـة، إذ ذكـــر أن الخلل بـدأ من عجز في التوفيق بين المعرفة الغربية المستوردة وخصوصية الثقافة العربية، موضح ًًا أن الأمر هنا لا يشبه التعامل مع مركبة أو علاج يمكن أن يُُستخدم في بيئة غربية كما هو في بيئة عربية، فالثقافة عامل حاسم في فهم الـظـواهـر، ولا يمكن تجاهله عند نقل أو تطبيق نماذج علمية. وأضاف أن الباحثين والأكاديميين العاملين فـي الـحـقـول الاجتماعية، قـد تعاملوا مـع هذا الإرث العلمي كـقـوالـب جــاهــزة، تُُنقل مـن فم الكاتب إلـى أذن المتلقي دون إعـــادة تفكير أو تكييف، وهذا، بحسب رأيه، خلق فجوة أو غربة بين التحليل الحقيقي المطلوب لفهم الواقع، وبين ما هو مكرّّس في الكتب. ا في السياق التاريخي ومن زاويـة أكثر تـأملًا والــمــعــرفــي، اعــتــبــر الــقــرشــي أن تــعــم ّّــق أزمـــة الـعـلـوم الاجـتـمـاعـيـة فــي الـعـالـم الـعـربـي يعود إلى غياب المساءلة النقدية للنماذج الغربية، حيث جرى التعامل معها كحقائق مطلقة من حيث المناهج والـمـدخلات والمخرجات، دون تمحيص أو إعادة بناء بما يتوافق مع الشروط الثقافية والتاريخية الخاصة بنا. ووض ّّح:«دخلناإلىالحداثةمنبوابةالهامش، فصرنا نقلّّد خطابًًا نشأ في ظل الثورة الصناعية والتحول الرأسمالي والتنوير والعلمنة، دون أن نتساءل: هل مر ّّت مجتمعاتنا بهذه السيرورات ا إلى المرور بها؟» ذاتها؟ وهل نحتاج أصلًا ووصف القرشي هذا الخلل بـ»الفصام» بين العلوم الاجتماعية الجامعية والـواقـع العربي، إذ تفتقر هذه العلوم لأدوات تحليل نابعة من لغتنا، وتجربتنا التاريخية، ومشكلاتنا الحقيقية، ا إن أغلب ما يتم تقديمه اليوم لا يتعدى قــائل ًا كــونــه «قـــص ًًـــا ولـــصـــق ًًـــا» أو فـــي بــعــض الــحــالات «تقييف ًًا» سطحيًًا للنماذج الغربية. وذكر أن أحد العوامل الجوهرية في تعميق هذه الأزمة هو غياب العقل النقدي البن ّّاء داخل المجال التداولي العربي، لا سيّّما في مرحلة ما بعد الاستعمار، بالإضافة إلى تأخر بروز مشاريع تأسيسية فكرية بديلة، وكنتيجة لذلك، أصبحنا نستعير المفاهيم الـغـربـيـة دون مساءلتها، مثل: الفرد، الأمة، المجتمع المدني، السلطة، البيروقراطية، والإيديولوجيا، وكلها بحاجة إلى إعادة بناء داخل مدو ّّنتنا الفكرية. وأضـــــــاف الـــقـــرشـــي أن جـــــــزء ًًا مـــحـــوريًًـــا مـن الأزمـــة - وربـمـا الأهـــم- يرتبط بطبيعة العلوم الاجـتـمـاعـيـة نـفـسـهـا، إذ تــقــوم عـلـى مـــدخلات مادية نابعة من المجتمع والجماعة السياسية والاقـتـصـاديـة وحتى العلمية، وبما أن التطور التقني والاقتصادي في بلداننا بطيء أو متراجع أحيانًًا، فقد نشأت لدينا طبقة من «المفكرين الموظفين» الذين يعملون تبع ًًا لجهات التمويل أو ما تدعمه الجامعات من مشاريع، وهذا الواقع -بـحـسـبـه- يـعـيـق الـنـقـد والـتـفـكـيـر الـشـمـولـي، ويـحـوّّل النقاش حــول المشاريع الفكرية من ســؤال قيمتها الحضارية إلــى حساب جدواها الاقتصادية. مـن جهته، أرجـــع أسـتـاذ الأنـثـروبـولـوجـيـا في جامعة اليرموك، د. محمد الشناق، سبب الأزمة إلى هيمنة النهج الوصفي والتقليدي، مشيرًًا إلى أن الكثير من الأبحاث والمناهج في العلوم الاجتماعية في العالم العربي تعتمد على هذا النهج، مع غياب النظريات النقدية والتحليلية الحديثة، وهو ما يجعلها، برأيه، غير قادرة على ّّمواكبة التطورات العالمية في هذه المجالات. إرث استعماري قالت دردس إن وصـف العلوم الاجتماعية ب»الإرث الاستعماري» يُُستغل أحيانًًا كحجة لـلـهـروب مـن مـواجـهـة النقد الــذاتــي والامـتـنـاع عــن التغيير، إضــافــة إلـــى الـخـلـط بـيـن الأدوات والأجندات، مشددة على أهمية التمييز الواضح بين المنهج العلمي الـذي يسعى لفهم الواقع وتحليله، وبين مظاهر الاستعمار. وأوضحت أن الحل لا يكمن في رفض العلوم الاجتماعية برمتها، بل في تطوير أدوات بحثية تناسب خصوصيات المجتمع العربي، وتحويل هـــذه الأدوات مــن أدوات هيمنة إلـــى أسلحة تحرير من الاستعمار. وأكـد الحباشنة على أن العلوم الاجتماعية ليست إرثًًــا استعماريًًا بقدر ما هي إرث غربي، نابع من سياق ثقافي مغاير للثقافة العربية، موضح ًًا أن هـذا ليس خطأ الـغـرب، بـل تقصير منّّا نحن، في عدم تفعيل قدراتنا المعرفية بما يمكّّننا من إنتاج خطاب علمي واجتماعي نابع من واقعنا. وأشار إلى أن من يرفض العلوم الاجتماعية بحج ّّة أنها غربية، غالبًًا ما يسعى إلى إضعافها، ويوظ ّّف السياسيون أحيانًًا هذه الحجة لتأطيرها ضمن تصورات سلطوية، تصب في مصلحتهم حـيـن يـــريـــدون فـتـح أو إغلاق مـلـفـات معينة، مشيرًًا إلى أن العلوم تظل في جوهرها تراكم ًًا معرفيًًا عام ًًا، وأن المسألة الحاسمة تكمن في الكيفية التي تتعامل بها الدول مع هذا الم ُُخر ََج، سواء كان فكري ًًا أو تكنولوجي ًًا أو اجتماعي ًًا، ومدى قدرتها على تكييفه وتطويره بما يخدم حاجاتها المحلية وقيمها الثقافية. هل للعلوم الاجتماعية قدرة على التأثير في واقعنا؟ عن أثر العلوم الاجتماعية في الواقع العربي، أفـــاد الـقـرشـي بـأنـهـا لا تـؤثـر بـالـقـدر الـكـافـي في إنتاج السياسات، أو توجيه الرأي العام، أو بناء التصورات الجماعية، مرجعًًا ذلـك إلـى بُُعدين متكاملين: الأول، أن المنظومة العامة تميل إلى إقصاء المعرفة النقدية، وتكتفي بالمعرفة الـتـقـريـريـة أو الـوصـفـيـة؛ والــثــانــي، أن الـعـلـوم الاجتماعية ذاتها فقدت صلتها بالحياة، إذ لم تعد تنبع من حاجات الناس ومشكلاتهم، بل من أنماط بحثية غربية تُُستنسخ في رسائل جامعية لا تُُقرأ ولا تُُنشر. وبــــرر الـحـبـاشـنـة غــيــاب الـــوعـــي بـتـأثـيـر هـذه العلوم بطبيعتها غير الملموسة والنسبية، ما يجعل حتى المتأثر بضعفها لا يدرك أو لا يعترف بتأثيرها عليه، مؤكد ًًا أنها حاضرة ومؤثرة في كل زمان، في الماضي والحاضر والمستقبل. وفــي الـسـيـاق ذاتـــه، أشـــارت دردس إلــى أن تأثير العلوم الاجتماعية فـي عالمنا الـيـوم ما يزال محدودًًا، مرجعة ذلك إلى وجود عدد من الفجوات البنيوية والمعرفية، من أبرزها التنامي الكمي لكليات العلوم الاجتماعية مقابل تدني الـجـودة النوعية للباحثين، إضافة إلـى الفجوة بين تعليم هـذه العلوم والخبرة البحثية التي يمتلكها الـعـديـد مــن الـمـدرسـيـن والـبـاحـثـيـن، ممن يفتقرون إلــى أهـــداف واضـحـة لبحوثهم، الأمر الذي يضعف من أثرها في الواقع. ومع ذلك، لم ينكر القرشي وجود أثر ثقافي وفـكـري غير مباشر للعلوم الاجتماعية، فهي تـظـل فــضــاء للتفكير الــحــر، تـــزرع بـــذور الـوعـي وتكسر أنماط التعليب الفكري، وإن كان ذلك يتم بـبـطء، مـشـددًًا على أهمية إعـــادة صياغة هــذا الـعـلـم بلغة نـابـعـة مــن الـمـجـال الـتـداولـي العربي الإسلامـــي، الــذي يمتلك تـراثًًــا غنيًًا في التنظير للسلطة والاجتماع والعمران والتاريخ والمقاصد والنقد الأخلاقي. العلوم الاجتماعية بين الترف والحاجة قـال الحباشنة إن جميع المجتمعات التي قللت مـن شــأن هــذه الـعـلـوم واعتبرتها تـرفًًــا، أصبحت الـيـوم فـي ذيــل سلم الـحـضـارة، لافتًًا إلى أن العلماء الفرنسيين أطلقوا على العلوم الاجتماعية لقب «مــوزع العلوم»، بمعنى أن الــتــوازن فـي العلوم الاجتماعية يشكل مظلة ضــروريــة لأي تـقـدم علمي وتـقـنـي، فـــإذا أردت مجتمع ًًا متزنًًا بجامعاته، ومعاهده، ومصانعه، فلا بد أن تكون العلوم الاجتماعية متزنة كقاعدة أساسية. وتــســاءل عــن نـتـائـج تـأجـيـل الاهـتـمـام بهذه العلوم: «ماذا جلب لنا التأجيل؟ هل تحسنت أوضــاعــنــا؟ هــل تـقـدمـنـا اقــتــصــاديًًــا، اجـتـمـاعـيًًــا، معرفيًًا أو ثقافيًًا؟»، موضح ًًا أن غياب المفهوم الحقيقي للعلوم الاجتماعية، بالإضافة إلى نقص الترجمة الحقيقية لها، أدى إلى تركيز خاطئ على ا من النوع، أفقدنا للمضامين الحقيقية الكم بدلًا التي تعبر عن جوهر هذه الأرقام. واعـتـبـر أن هــذا هـو السبب الرئيسي الـذي دفــع الكثيرين للنظر إلــى الـعـلـوم الاجتماعية ككماليّّات، بينما الحقيقة هي أن فقدان العمق والمضمون هو الـذي أضعف تأثيرها ومكانتها في مجتمعاتنا. وعلى الصعيد نفسه، شد ّّد القرشي على أن العلوم الاجتماعية ليست علوم ًًا ثانوية، بل هي أساس بناء الوعي الجماعي وصياغة التصورات حــول الإنــســان والمجتمع والسلطة والـهـويـة، وإذا انهار هذا الوعي، تصبح الإنجازات التقنية والاقتصادية بلا روح أو بوصلة. وقال إن من يُُهم ّّش العلوم الاجتماعية في الواقع، إنما يُُؤخر فهم المجتمع لنفسه ويجعل من السياسات عمياء لا تتجاوز معالجة الظواهر السطحية، لافتًًا إلى أن العالم العربي لا يملك رفـاهـيـة تـجـاهـل هـــذه الــعــلــوم، فـهـي الـوحـيـدة الـقـادرة على تفكيك المعضلات المزمنة التي تعصف بالواقع السياسي والاجتماعي العربي، بـــدءًًا مـن الأزمـــة السلطوية، مــــرورًًا بالطائفية ا إلـى الـمـكـانـيـة والـمـنـاطـقـيـة بــأنــواعــهــا، وصـــــولًا التفكك القيمي والعجز عن حل أزمات الهويات المتراكمة. وأضـاف: «الترف الحقيقي يكمن في تأجيل التفكير بهذه القضايا»، مؤكد ًًا أن إهمال العلوم الاجتماعية بحجة الانشغال بالتحديات الواقعية يـعـنـي الاســـتـــمـــرار فـــي الــفــشــل، إذ بــــدون فهم المجتمع بشكل عميق، ستكون السياسات غير فعالة وتتكرر الأخـطـاء نفسها، كما نلاحظ في مشاريع ضخمة تفتقر إلى وعي بالتحولات الثقافية أو فرض قوانين غير ملائمة أو استيراد حلول غربية لمشكلات محلية. وشبّّهت دردس إهمال العلوم الاجتماعية بمراجعة الأعراض دون التعمق في فهم الجذور، الذي يؤدي حتم ًًا إلى تفاقم المشكلات، مؤكدة أن فـشـل الــســيــاســات الــعــامــة وهــــدر الـــمـــوارد يعكسان التكلفة العالية لتجاهل وتأجيل هذه العلوم. وأكدت أن التحدي الحقيقي يكمن في دمج العلوم الاجتماعية ضمن عملية صنع القرار، الذي 2023 واستشهدت بتقرير اليونسكو لعام % من المشاريع التنموية في 70 أشار إلى أن العالم العربي تفشل بسبب نقص الدراسات الاجتماعية المسبقة. مأوى لأصحاب المعد ّّلات المنخفضة «نظرة المجتمع لنا سلبية؛ يُُنظر إلينا وكأننا الأقــــل ذكـــــاء بـيـن الـطـلـبـة، وأنّّـــنـــا بلا مستقبل وظيفي، رغم أن من بيننا من كان متفوقًًا في الثانوية الـعـامـة، تمامًًا كأولئك الـذيـن حصلوا عـــلـــى مــــعــــدلات عـــالـــيـــة واخـــــتـــــاروا تـخـصـصـات كالطب عن رغبة وقناعة»، هكذا وصفت طالبة الأنــثــروبــولــوجــيــا فـــي جـامـعـة الـــيـــرمـــوك، مـريـم البطوش، واقع تخصصات العلوم الاجتماعية. وأوضـــحـــت الــبــطــوش أن الـمـجـتـمـع الــيــوم، بل والعالم بأسره، يتجه -في ظل السياسات النيوليبرالية- نحو اعتبار الفرد عديم القيمة ما لم يمتلك قيمة سوقية، مضيفة أن غياب التفاعل مـع العلوم الاجتماعية فـي المراحل السابقة، كمرحلة الـمـدرسـة وغـيـرهـا، يساهم بشكل كبير في تعزيز هذا الاتجاه. وبما يتعلق بهذا الواقع، علق الحباشنة بأن العلوم الاجتماعية رُُبطت بالمخرجات الطلابية بــشــكــل ســلــبــي، حــيــث يُُــنــظــر إلــيــهــا عــلــى أنـهـا تخصصات مخصصة لمن يعانون مـن ضعف أكاديمي أو معدلات منخفضة. كما أشـار إلى أن عوامل أخـرى مثل الأسرة وأولـيـاء الأمــور تزيد من الضغط على الطالب، مما يجعله ضحية لمنظومة ثقافية وأكاديمية تُُقلل من قيمة هذه التخصصات، حتى أصبحت الــشــهــادة الـجـامـعـيـة فـــي الــعــلــوم الاجـتـمـاعـيـة ت ُُعامل كـ»كرتونة» ت ُُمنح فقط من أجل الحصول على درجة البكالوريس. وأكد القرشي أن العلوم الاجتماعية في كثير مـن الـبـلـدان العربية تُُختزل فـي نـظـرة نمطية تراها ملاذ ًًا لأصحاب المعدلات الضعيفة أو لمن لم ينجحوا في التخصصات الطبية والهندسية، واصـفًًــا هـذه النظرة بـ»الظالمة» التي تعكس ا في فهم المجتمع لنفسه ولموقع العلم خـلل ًا في مشروعه الحضاري. وفـس ّّــر هـذه النظرة السلبية بـثلاثـة أسباب رئيسية، أولـهـا انقطاع الفكر العربي عـن تراثه الـحـضـاري العميق، حيث تـم اسـتـيـراد العلوم الــغــربــيــة دون نــقــد أو تـكــيــيـف يــتــنــاســب مع خصوصيات مجتمعاتنا، مما حصر دور العلوم ا من الاجتماعية في مجرد التكرار والوصف بدلًا أن تكون أدوات تفسيرية للتغيير الحقيقي. وربــــط ذلــــك بـهـيـمـنـة الـــرؤيـــة الـنـفـعـيـة على منظومة التعليم، إذ صــار التعليم يُُنظر إليه كوسيلة لتحصيل دخـــل مـــادي بـحـت، وليس كمسار لبناء الوعي والفهم، هذا التحول جعل العلوم الاجتماعية خيارًًا أخير ًًا للطلاب، مما أدى إلى تراجع جودتها ومكانتها الأكاديمية. وتــــابــــع: «كـــمـــا ســـاهـــم فــــي ذلـــــك تـهـمـيـش السياسيين لهذه العلوم، الذين فضلوا العلوم التقنية والإداريـــــة الـتـي تـدعـم البنية الإداريــــة على تلك التي تطرح تـسـاؤلات جوهرية حول الأطـر الاجتماعية والسياسية، ففقدت العلوم الاجتماعية الــدافــع الـفـكـري والـسـيـاسـي الـذي يربطها بمشاريع نهضوية حقيقية». تأثير الفجوة بين النظرية والتطبيق ذكـر الشناق أن كثيرًًا مـن الأكاديميين في مـجـال الـعـلـوم الاجـتـمـاعـيـة يـعـمـلـون فــي إطــار نظري بعيد عـن الـواقـع المجتمعي، مـا يجعل أبحاثهم غير قـــادرة على تقديم حـلـول عملية لمشكلات المجتمع. وأك ّّدت البطوش وجود فجوة -بل هو ّّة - آخذة في الاتساع يوم ًًا بعد يوم بين التعليم النظري والتطبيق في دراسة العلوم الاجتماعية، مشيرة إلـــى أن الـغـالـبـيـة مــن أعــضــاء هيئة الـتـدريـس يفضلون الـراحـة بعيدًًا عـن الـمـيـدان، فـي حين أن الموارد المالية واللوجستية المحدودة في الجامعات لا تتيح فرص ًًا حقيقية لتشجيع الطلبة على الانخراط العملي والتطبيقي. وأضافت أنهم كطلاب علوم اجتماعية حين يــدرســون، يتلقون معلومات تـجـاوزهـا الـزمـن؛ فالعلم قد يكون طوّّرها مرتين أو ثلاث، وهم لا يزالون يتلقونها وكأنها تُُقد ََّم لأول مرة. وتـابـعـت: «أدوات التقييم فــي تخصصاتنا تقتصر على الامتحانات النظرية، وفـي الفترة الأخـيـرة أصـبـح الاعـتـمـاد على أسئلة الخيارات المتعددة أكبر، ما أفقدنا القدرة على الكتابة، وحتى عندما يطلب منا الأساتذة مهام ًًا كتابية، فإننا لا نـعـرف تقييمها، ولا نتعلم مـن خلالها كيف نوظف ملاحظاتنا وأفكارنا، أو ننطلق من زوايا نقدية ونطور حساسية نظرية تمكّّننا من استخدام النظريات وتبنيها لتفسير الأحـداث بـــصـــورة أفـــضـــل»، مـبـيّّــنـة: «نــحــن فـــي أقـسـام العلوم الاجتماعية لا نتعلم بالمعنى الحقيقي، بل فقط نجمع العلامات، في ظل تفاعل جامد بعيد عن الواقع وغير نقدي مع الأساتذة». وفي هذا السياق، عزت دردس الفجوة بين النظرية والتطبيق في العلوم الاجتماعية إلى هشاشة التكوين “الـبـداغـوجـي”، أي ضعف أو قصور في إعـداد وتكوين الأساتذة من الناحية التربوية والتعليمية، وهــو مـا يشكل العمود الـفـقـري لأي تعليم نــاجــح، مـوضـحـة أن نقص الـــكـــفـــاءات الـعـلـمـيـة الـــقـــادرة عـلـى الـــربـــط بين الدراسات النظرية والواقع الاجتماعي، بالإضافة إلــــى غـــيـــاب الــــــدور الـفـعـلـي لــلــمــراكــز الـبـحـثـيـة التي تدعم الــدراســات الأكاديمية، يفاقم هذه المشكلة. بينما أثار الحباشنة نقطة جوهرية تتمثل في أن التركيز على الفجوة بين النظرية والتطبيق هو حديث عن مشكلة ثانوية، لافتًًا إلى أنه إذا جلبنا علوم ًًا غير محلية ودرّّسناها كما هي دون تكييف، فإن الحديث عن الفجوة يصبح تناقض ًًا ا نقلنا علم ًًا من ثقافة أخرى في ذاته، لأننا أصلًا دون تعديل أو بناء أصيل. بالتالي، وجود فجوة بين النظرية والتطبيق أمــر طبيعي فـي ظـل هــذا الــواقــع، إلا أن الأمـل يكمن فـي وجــود الباحث المتميز الـقـادر على اســتــلــهــام الـــمـــؤشـــرات الـــنـــظـــريـــة، مــهــمــا كــان مـــصـــدرهـــا، وربــطــهــا بــفــن وذكـــــاء ضــمــن الإطــــار الاجـتـمـاعـي والـثـقـافـي المحلي، ليُُنتج معرفة تخدم المجتمع بفعالية وتُُقلّّص هـذه الفجوة إلى حد كبير، برأي الحباشنة. وهـو ما اتفق معه القرشي، إذ ذكـر أن هذه الفجوة ليست عرض ًًا، بل نتيجة لغياب مشروع علمي نابع من المجتمع، موضحًًا أنََّنا نُُــدرّّس نظرية أنتجها «دوركـــايـــم» أو «بــارســونــز»، ثم نطلب من الطالب تطبيقها على حي في عم ّّان أو القاهرة أو بغداد أو الخرطوم. وأشار إلى أن الأسئلة الأساسية تغيب، مثل: من قال إن هذا النموذج صالح هنا؟ وهل هناك نظرية في تراثنا يمكن تطويرها؟ كـأن يُُــدرََّس الماوردي أو الجويني أو ابن تيمية أو ابن خلدون ليس كمادة تراثية، بل كنظرية اجتماعية قابلة للتطوير، مبيّّنًًا: «ما لم ننتج النظرية من داخل المجال التداولي العربي، فإن التطبيق سيظل قاصر ًًا، وسيظل الطالب يدرس شيئ ًًا لا يرى أثره في العالم من حوله. وذكـــر الـقـرشـي إن تــجــاوز هـــذه الـفـجـوة يمر عبر «تعريب النظرية» لا بمعنى الترجمة، بل بمعنى التوطين النقدي الخلاق. هل تُُرعب «السوسيولوجيا» أنظمة الحكم؟ إن العلوم الاجتماعية، وخصوص ًًا تلك التي تتناول قضايا حساسة مثل السلطة والهوية والحركات الاجتماعية والدين والنظم السياسية، تواجه قيود ًًا من قبل الأنظمة السياسية والدولة خشية من تحليل الظواهر الاجتماعية بشكل نقدي، وهذا يؤدي إلى تجنب الباحثين لمواضيع مهمة خوف ًًا من التبعات، وفق ًًا للشناق. وعلى الصعيد نفسه، قال القرشي إن الحرية ليست تـرفًًــا أكاديميًًا للعلوم الاجتماعية، بل شــرط وجـــود، لأنـهـا بطبيعتها تسائل السلطة، وتفكك الأيديولوجيات، وتطرح أسئلة جوهرية عـن الـعـدالـة، والشرعية، والـهـويـة، وحين يُُقيّّد الباحث بقيود السائد، فهو إما يلوذ بالصمت، أو ينتج معرفة م ُُزيّّفة ترضي السلطة ولا تفسر الواقع. وأشــــار إلـــى أن السلطة هـنـا لا تقتصر على الـسـيـاسـيـة فـحـسـب، بـــل تـشـمـل الـعـشـائـريـة والـمـنـاطـقـيـة والإعلامــــيــــة، ولـــهـــذا، فــــإن غـيـاب الحريات يحوّّل البحث الاجتماعي إلى «وسيلة للترقية الأكاديمية»، بدل أن يكون أداة للتغيير المجتمعي. وأكـــد الحباشنة أن الـتـاريـخ حـافـل بالأمثلة التي تُُظهر موقف الأنظمة العربية من العلماء والنقد، قــائلاًً: “قرأنا كثيرًًا عن حكومات عربية ألقت بالعلماء في غياهب السجون وأحرقت ا ًا كـتـبـهـم، وهــــذا لـيـس جـــديـــد ًًا، فــابــن رشـــد مــثل أُُحرقت مؤلفاته قبل مئات السنين». ورأى أن هذا يعكس وجود كينونة حاكمة في الثقافة العربية لا تتقبل النقد، مضيف ًًا أن العلوم الاجـتـمـاعـيـة بطبيعتها تـقـوم عـلـى نـقـد الحالة الراهنة، بينما تميل المجتمعات والأنظمة إلى المحافظة والثبات، مما يجعلها في حالة صدام دائـــم مـع التغير والتحليل الـــذي تطرحه هذه العلوم. مـن جهتها، اعتبرت دردس أن المشكلة لا تتعلق بندرة الأصــوات الجريئة بقدر ما ترتبط بغياب المساحات التي تحتضنهم، موضحة أن القيود المفروضة على الموضوعات البحثية، مثل الرقابة المباشرة والتضييق على الكتابة عم ّّا يجري في الواقع، دفعت البعض إلى الكتابة باللغات الأجنبية لنشر أبحاثهم خـارج سيطرة الرقابة، كما لجؤوا إلى المنصات الرقمية كبديل عن المنصات الأكاديمية التقليدية. وأفادت بأنه «كلما زاد القمع، زادت الأسئلة»، مشيرة إلى أن اشتداد القيود يدفع باتجاه ظهور ظواهر اجتماعية جديدة، نلحظها بوضوح في الآونة الأخيرة، مثل ازدياد الهجرة إلى أوروبا، لا سيما من قبل من يسعون لدراسة المجتمعات بح ُُريّّة، وبالأخص المجتمعات العربية. وحذرت دردس من أن اتباع سياسات عمياء قد يؤدي إلى انفجارات اجتماعية كبرى، والربيع العربي ليس ببعيد عن الأذهان. هل أيقظ الربيع العربي وعي ًًا بالعلوم الاجتماعية؟ لفت القرشي إلى أن فترة «الربيع العربي» أيقظت أسئلة جوهرية تتعلق بالدولة والشرعية والعقد الاجتماعي والهوية والحرية والسلطة، وهي أسئلة تنتمي بطبيعتها إلى حقل العلوم الاجتماعية. ا جديد ًًا بدأ يُُقبل على قراءة وأشار إلى أن جيل ًا كـتـب الـفـكـر الـسـيـاسـي والـنـظـريـة الاجتماعية وتاريخ الأفكار، ولو خـارج أسـوار الجامعة، لكن مع الانتكاسات التي لحقت بالثورات وتداعياتها السلبية الــواســعــة، أصــيــب كـثـيـرون مــن هـذا الــجــيــل بـــالإحـــبـــاط، فــــعــــادوا إلــــى الـتـخـصـصـات «الآمـنـة» أو «المجزية اقـتـصـاديًًــا»، مبتعدين عن الفكر النقدي. ومــع ذلـــك، بقيت شريحة شبابية معتبرة تــــرى فـــي الـــعـــلـــوم الاجــتــمــاعــيــة وســيــلــة لفهم أسباب الإخفاق، ومتى يمكن النهوض مجددًًا، ولهذا، المطلوب احتضان هذا الوعي الشعبي غير المؤطر، وتحويله إلـى مشروع علمي جاد يخاطب هذه الفئة من الشباب بوصفها الجيل الباني القادم، بحسب القرشي. غياب الأولوية التمويلية للعلوم الاجتماعية ذكر الشناق أن العلوم الطبيعية والتطبيقية تحظى بتمويل أكبر من الحكومات والجامعات، بـيـنـمـا تـعـانـي الــعــلــوم الاجـتـمـاعـيـة مـــن نقص الدعم المالي واللوجستي، مما يحد من إجراء أبحاث ميدانية عميقة أو إنشاء مراكز بحثية متخصصة. وبي ّّن القرشي أن التمويل الموج ّّه إلى العلوم الاجتماعية في العالم العربي لا يـزال شحيح ًًا، وغالبًًا ما يكون مشروطًًا أو موجّّهًًا من جهات خـارجـيـة، وهـــذا يُُجبر الـبـاحـث الاجتماعي على العمل ضمن إمكانيات مـحـدودة، أو الانخراط في أجندات بحثية لا تعب ّّر بالضرورة عن أولويات مجتمعه، حتى صناديق البحث العلمي، حين تدعم هذا المجال، فإنها تشترط عليه أن يخدم رؤى بيروقراطية ومشاريع قائمة سلفًًا، لا أن يُُنتج معرفة مستقلة أو خارج النسق الرسمي. ووفـــــق الـــقـــرشـــي، فلا تـــوجـــد حــتــى الـلـحـظـة ا حــــرًًّا مـــؤســـســـة عـــربـــيـــة كـــبـــرى تــتــيــح تـــــمـــــويلًا ا لبحوث فـي الاجـتـمـاع السياسي أو ومـسـتـقل ًا السوسيولوجيا أو تاريخ الفكر، لذا، فإن تأسيس وقـف معرفي عربي - إسلامـــي مستقل لدعم العلوم الاجتماعية يُُعد ضــرورة استراتيجية لا تحتمل التأجيل. تداعيات الأزمة على الواقع العربي لفت القرشي إلى أن انعكاس الأزمة لا يتوقف عند جدران الأكاديميا، بل يظهر في كل مفصل مــن مـفـاصـل الــدولــة والـمـجـتـمـع، فــي تخطيط المدن الــذي لا يراعي النسيج الاجتماعي، في الـسـيـاسـات التعليمية الـتـي تفشل فــي دمج القيم والـمـهـارات، في الخطاب الإعلامـــي الذي يُُعيد إنتاج الجهل والانقسام، وفـي العجز عن احـــتـــواء الــهــويــات الـمـتـعـددة داخــــل المجتمع الواحد. وأفــاد بـأن أزمــة العلوم الاجتماعية هي في جوهرها أزمة فهم للذات، وأنه متى عجزنا عن بناء تصور علمي عن ذواتنا كعرب ومسلمين، فسنظل نعتمد على نماذج غربية تفسرنا بما لا يشبهنا، فتزيد أزمتنا اغترابًًا، ومن هنا، فإن إحــيــاء هـــذه الـعـلـوم لـيـس مهمة نُُــخ ََــبََــويّّــة، بل ضـــرورة حـضـاريـة لاسـتـعـادة الــتــوازن المعرفي والعملي بين الدولة والمجتمع والقيم. كيف نُُعيد إحياء العلوم الاجتماعية؟ بــمــا يـتـعـلـق بـتـفـعـيـل الـــعـــلـــوم الاجـتـمـاعـيـة فـــي بـالـعـالـم الــعــربــي، قـــال الـحـبـاشـنـة: «نـحـن دائـمًًــا نقول إن العلوم الاجتماعية بحاجة إلى ا ، وزارة الـصـحـة تهتم تـشـاركـيـة واســعــة، فــمــثلًا بجانب الصحة، ووزارة المالية بالاقتصاد، ووزارة التعليم بالتعليم، فلو كانت هناك وزارة للعلوم الاجتماعية، فلن تتمكن من تناول جانب واحد فقط، بل ستتداخل فيها السياسة، والاقتصاد، والرياضة، والصحة، والمرض، وكل شيء». وتابع إن تفعيل العلوم الاجتماعية والارتقاء بها يتطلب تشاركية حقيقية بين المؤسسات، وخـــاصـــة الــمــؤســســات الـعـلـمـيـة، ســــواء كـانـت رسمية أو غير رسمية؛ الجامعات، والمدارس، والأســرة، والمجتمع عمومًًا، ينبغي أن يتحرك الجميع برؤية تحمل قدر ًًا من القدسية والاحترام والإجلال لهذه العلوم، وأن يُُعاد تعريفها داخل المؤسسات الأكاديمية مـن منطلق أهميتها الحقيقية وقوتها، لا باعتبارها مجرد معلومات تاريخية عن علماء وكتب، أو شيء ي ُُقرأ لمن يريد بعض الفهم الاجتماعي. وأضــــــاف: «الــعــلــوم الاجـتـمـاعـيـة هـــي عـلـوم نـــظـــريـــة وتــطــبــيــقــيــة، وإذا لــــم يُُـــفـــع ََّـــل جـانـبـهـا التطبيقي، فستظل شيئًًا لفظيا، ومـن ينقلها من مجرد أفكار إلى واقع؟ الإنسان، الإنسان هو الذي يتحرك بين مختلف القطاعات: الأكاديمية، والمالية، والصحية، والعلمية، وهذه القطاعات كلها يجب أن تعيد النظر فـي أهمية العلوم الاجـتـمـاعـيـة وتـطـلـقـهـا إلـــى الـمـجـتـمـع بطريقة جديدة». وعلى الصعيد ذاتـه، أفاد القرشي بأن إحياء العلوم الاجتماعية في العالم العربي لا يكون من خلال إصلاح جزئي أو تقني، بل يتطلب مشروع ًًا ا لإعـــــادة بــنــاء الـــعلاقـــة بـيـن المجتمع مــتــكــامل ًا والمعرفة، فالمسألة أعمق من تطوير مناهج دراسية أو رفع معدلات القبول، بل هي مسألة تتعلق بكيف نفكر في أنفسنا، وبــأي لغة نقرأ ا في مشروعنا واقعنا، وما الغاية من العلم أصل ًا الحضاري. وفي اختصار لكل ما سبق، يرى القرشي أن إحياء العلوم الاجتماعية هو «إحياء للذات»، ولــلــضــمــيــر الـــجـــمـــاعـــي، ولـــلـــخـــيـــال الــســيــاســي والـثـقـافـي للعالم الــعــربــي، وهـــو لا يـعـد قضية تعليمية فحسب، بل معركة رمزية حـول من يملك تعريف الـواقـع، وسلطة التساؤل، ومن يحق له أن يروي قصتنا، ويعيد للأمة وعيها بعد غياب. وأك ّّد: «هذا الإحياء لن يتحقق بلغة الآخر ولا بمفاهيمه، بـل حين نـعـود إلــى لغتنا ومجالنا التداولي، ونطرح أفكارنا في زماننا ولمجتمعنا، ونمتلك أجوبتنا المستقلة المبدعة على أسئلة عصرنا». أزمة العلوم الاجتماعية في المنطقة العربية.. استيراد المعرفة دون إعادة تكييفها تعبيرية

RkJQdWJsaXNoZXIy NTAwOTM=