صحافة اليرموك

2025 تشرين الثاني 30 _ 1447 جماد ثاني 9 الأحد 5 سنابل تشهد المنطقة فـي الآونـــة الأخـيـرة تحديات إقليمية معقدة، تتراوح بين صراعات مسلحة مباشرة بين بعض الـــدول، وتـعـاون اقتصادي ا إلى توقيع اتفاقيات تطبيع مع متزايد، وصـولًا الــكــيــان الإســرائــيــلــي، هـــذه الـــتـــطـــورات تعكس تحوّّلات استراتيجية تؤثر على موازين القوى، وتعيد تشكيل الخرائط السياسية والاقتصادية في المنطقة، وفي ظل هذه المتغيرات، يتعين النظر بعين الواقعية إلــى المخاطر والـفـرص، وفهم الأبعاد الحقيقية للتأثيرات الخارجية التي تسعى لتوسيع نفوذها عبر أدوات سياسية، اقتصادية، وحتى عسكرية، داخل الدول العربية نفسها. التقسيم كأداة لصناعة الفوضى تلجأ بعض القوى الخارجية إلى دعم جماعات داخــــل الــــدول بــهــدف خــدمــة مـصـالـحـهـا، ســواء بخلق انقسامات داخلية أو إضعاف مؤسسات الدولة، وغالبًًا ما يتحول هذا الدعم إلى وسيلة لنهب الـمـوارد أو صناعة أذرع تابعة لها داخل المنطقة، بما يغيّّر مـوازيـن الـقـوى بعيدًًا عن إرادة الشعوب. وقال الخبير السياسي طلعت طه إن مراكز الأبحاث الغربية الكبرى تُُعنى برصد ما يحدث داخـــل الـمـجـتـمـعـات، ســـواء فــي الــغــرب أو في الـشـرق الأوســـط، بـهـدف معرفة نـقـاط الضعف وطـريـقـة تفكير الــنــاس، وإلـــى أي مـــدى يمكن توجيه أفكارهم، بناء على ذلـك تعمل المراكز على بث الفتن والإشاعات لتفتيت المجتمعات من الداخل. وأضــاف طه ان القوة الحقيقية لأي مجتمع تــقــوم عـلـى وحـــدتـــه، وحــــدة الـــصـــف، وتـمـاسـك النسيج الاجـتـمـاعـي، والـثـقـة بـالـوطـن وقيادته السياسية، مشيرًًا الى دور تلك المنظمات في نشر الأخبار الكاذبة والمضللة بسرعة، عبر ما يُُعرف بالذباب الإلكتروني والمنصات الوهمية الممو ّّلة. ” قد X وفي السياق ذاته تابع طه ان منصة “ اثبتت بقصد أو دون قصد كيف تُُـــدار حـملات مـنـظـمـة فـــي بـعـض الـــــدول لــلــتلاعــب بـوسـائـل الـــتـــواصـــل الاجـــتـــمـــاعـــي وإثــــــــارة الـــفـــتـــن داخــــل المجتمعات. وأشــار طه إلـى ان المساعدات الدولية، لها نماذج أثــارت الجدل، مثل المنظمة الأمريكية المسماة غزة للإغاثة الدولية، إذ تحو ّّل الحصول على الطعام من خلالها إلى إذلال للفلسطينيين، بل إلى خطر قد يودي بحياة من يحاول الوصول إليه. ولــفــت طـــه إلـــى شـــهـــادات حــيّّــة عــم ّّــا حصل داخل المنظمة من بينها شهادة جندي أمريكي ا قبّّل يديه طلبًًا لحفنة دقيق، لكنه روى ان طفلًا لـم يستطع الـحـصـول عليها، وتــعــرّّض للضرب حتى الـمـوت، كما تـم اسـتـهـداف المئات أثناء محاولتهم الوصول للطعام، وقُُتل بعضهم في طريق الذهاب. وأوضـــح طـه ان مجريات الأحـــداث فـي غـزة، كانت تلك المنظمة في منطقة الجنوب، فيتوجه إليها الناس، فيُُستدرجون وكأنهم فرائس، ثم يُُستهدفون، وهكذا تتحول المساعدات والغذاء إلـــى أدوات للتحكم بـالـمـجـتـمـعـات، خـصـوص ًًــا التي تعيش معاناة مضاعفة، كما يحدث في السويداء وغزة. وذكـــر طـه ان الــولايــات المتحدة الأمريكية، تـسـتـخـدم إســرائــيــل كــقــاعــدة مـتـقـدمـة تـخـدم مـصـالـحـهـا، وكــثــيــر مـــن الأحـــيـــان تُُـــقـــد ََّم بعض الخطوات وكأنها دعم أو حماية لمكونات معينة، بـيـنـمـا هـــي فـــي جـــوهـــرهـــا تـمـهـيـد لـسـيـاسـات التقسيم. ووصف طه إن الحديث عن «حماية الدروز» يُُطرََح وكأن السويداء ليست محافظة سورية أصيلة، بل منطقة قابلة للوصاية الدولية، مّّا يزيد من إضعاف سوريا. وليس الأمر مقتصر ًًا على السويداء فحسب، اذ إن إســـرائـــيـــل تـــمـــددت فـــي الـــجـــولان وجـبـل الشيخ، ودفعت بقوة قوات الأمم المتحدة من بعض المواقع، ووصلت إلى القنيطرة دون أي مقاومة تُُذكر، نتيجة سقوط نظام الأسد البائد، وهذا كله يشير إلى قدرة إسرائيل على التحرك فــي الأراضــــي الـسـوريـة دون عــوائــق، وبصمت كامل من الجهات السورية المسؤولة حاليًًا. ونـــوه طـه بــأن كـل مـا يـأتـي مـن أمـريـكـا يثير الـــشـــك، فــهــي لا تــســعــى إلا لـــفـــرض هيمنتها على الـشـرق الأوســـط، مـن خلال إنـشـاء قواعد وشــــراكــــات اقـــتـــصـــاديـــة وعــســكــريــة تـسـتـنـزف مــــقــــدرات الــمــنــطــقــة الــعــربــيــة ودول الــشــرق الأوسط، وإسرائيل تُُستخدم كقاعدة عسكرية واقـــتـــصـــاديـــة ولـوجـسـتـيـة كـــبـــرى خـــــارج حـــدود الولايات المتحدة. واكــد طـه ان الـهـدف النهائي هـو خلق شرق أوســط مفكك، يمكن تحويل المدن إلـى دول، كما أن المظاهرات الداخلية والتوترات تساعد على تفكيك الدول، ولأجل ذلك، تعمل إسرائيل على إثارة الفوضى وتأجيج 8200 عبر وحدتها الـمـنـطـقـة، بـالـتـنـسـيـق أو بـالـتـمـاشـي مـــع نهج الـمـخـابـرات الأمـريـكـيـة، مشيرا إلــى تصريحات تــــرامــــب أن إســـرائـــيـــل «تـــعـــيـــش فــــي مـنـطـقـة صغيرة»، في تلميح واضح لتوسيع نفوذها أو منحها قدرة أكبر على التحكم، وهو مشهد يلقى دعم ًًا من الكونغرس واللوبي الصهيوني. ووصـــف طــه ان فـكـرة التقسيم بـحـد ذاتـهـا، قريبة من التنفيذ في بعض الـــدول، خصوص ًًا سوريا، عبر إذكاء حساسيات الأقليات، وإشعال الــنــفــور والـــقـــتـــال، ثـــم حـصـر كـــل مـجـمـوعـة في منطقة محددة ليُُطلب لاحقًًا «حماية دولية» وفــق المنظور الأمـريـكـي والإسـرائـيـلـي، يصبح ذلك مبررًًا لتقسيم الدولة وإعادة تشكيلها بما يخدم مصالحهم. الاقتصاد بوابة الانفتاح على الكيان تــشــيــر الأرقـــــــام الــحــديــثــة إلــــى أن الــتــعــاون الاقتصادي بين إسرائيل وبعض الدول العربية شـهـد قـفـزة كـبـيـرة خلال الــســنــوات الـمـاضـيـة، خاصة بعد توقيع اتفاقيات التطبيع، فقد ارتفع حجم الـتـجـارة بشكل لافــت، إذ سج ّّلت الــدول التي انخرطت فـي هـذا المسار زيـــادة تجاوزت مئتي بالمئة في بعض الفترات، بينما وصلت قـيـمـة الـــتـــبـــادل الـــتـــجـــاري مـعـهـا إلــــى مــلــيــارات الــــــدولارات ســنــويًًــا، وفـــي مـقـدمـة هـــذه الـــدول تأتي الإمــارات والمغرب والبحرين، إضافة إلى الـــعلاقـــات الاقــتــصــاديــة الـمـسـتـمـرة مـــع بعض الدول، هذا الواقع يعكس توج ّّه ًًا إقليميًًا جديد ًًا يقوم على المصالح الاقتصادية المشتركة، لكنه في الوقت نفسه يمنح إسرائيل مساحة أوسع لتثبيت نفوذها وتعزيز حضورها في المنطقة عبر بوابة الاقتصاد. وقـــــــال الـــخـــبـــيـــر الاقــــتــــصــــادي زيـــــــاد عــربــش إن الـــتـــعـــاون الاقـــتـــصـــادي الــعــربــي مـــع الـكـيـان الإسرائيلي يتم تحت مظلة مشاريع مشتركة واتفاقيات تجارية تركز على التنمية الاقتصادية والتبادلات التجارية، بما يشمل مشروعات في مجالات مثل البنية التحتية، الطاقة، الزراعة، والبحوث العلمية. مضيفًًا أن هـذا التعاون يُُستخدم كوسيلة لـــتـــطـــبـــيـــع تــــدريــــجــــي غـــيـــر مـــعـــلـــن لـــلـــعلاقـــات السياسية، مبينًًا أنه يُُنظر إلى الاقتصاد كبوابة لتقوية الـعلاقـات دون إعلان رسمي للعلاقات الدبلوماسية. وأشـار عربش إلى أن المشاريع الاقتصادية الــمــشــتــركــة تـــــؤدي إلــــى تــعــزيــز نـــفـــوذ الــكــيــان الإسرائيلي في المنطقة بفضل الدعم الأمريكي الكبير الذي يُُمك ّّنه من توسيع سيطرته وتأثيره الاقـتـصـادي (كـمـصـدر لـلـمـواد الـخـام والعمالة الرخيصة)، مبينًًا أن التبادل مع الكيان يحظى بــأهــمــيــة مــنــافــســة كــبــديــل لــلــســوق الـعـربـيـة الــمــشــتــركــة، م ّّــــا يـضـعـف الـــوحـــدة الاقــتــصــاديــة والسياسية العربية. ورج ّّح عربش أن المخاطر الناتجة عن التبعية الاقتصادية للكيان تُُــراجـع التكامل الاقتصادي الـعـربـي، وأيـض ًًــا مخاطر الاســتــغلال الاقتصادي والـسـيـاسـي لصالح إسـرائـيـل، مـوضـح ًًــا أنــه قد يـــؤدي إلـــى الاعـتـمـاد الاقــتــصــادي الـمـتـزايـد إلـى تـهـديـد الــســيــادة الـوطـنـيـة وتــحــويــل الـمـواقـف السياسية لخدمة المصالح الإسرائيلية. وبـــيّّـــن عـــربـــش أن الــمــشــاريــع الاقــتــصــاديــة المشتركة تفرض واقعًًا جديدًًا يُُطوّّع المواقف ا للتطبيع والتعاون السياسية ويجعلها أكثر تقب ّّل ًا مع الكيان، موضح ًًا أن الانفتاح الاقتصادي يعتبر جـزءًًا من رؤية «الشرق الأوسـط الجديد» التي ت ُُفرض خارجي ًًا عبر مشاريع بنية تحتية اقتصادية عملاقة وشراكات تجارية متعددة. مبينًًا أنها تهدف إلـى إعـــادة تشكيل النظام الإقليمي وتعزيز علاقات اقتصادية تضمن الأمن القومي الإسرائيلي عبر خلق مصالح اقتصادية مشتركة مع الدول العربية. وقـــال عـربـش إن «الاقـتـصـاد بـوابـة للتطبيع التدريجي وغير الرسمي»، حيث تعزز المشاريع المشتركة النفوذ الإسرائيلي بدعم أمريكي، كما بيّّن أن التبعية الاقتصادية تنطوي على مخاطر سياسية واقتصادية بالغة، كون الانفتاح يعكس بُُـــعـــد ًًا اسـتـراتـيـجـيًًــا واقــتــصــاديًًــا يـؤسـس لنفوذ إسرائيلي أوسع في المنطقة من خلال التعاون الاقـتـصـادي التدريجي وليس فقط التحالفات السياسية الصريحة. ومـــن جـانـب آخـــر، بـيّّــن عـربـش أن الانــدمــاج الاقتصادي العربي مع إسرائيل يلعب دورًًا في فرض قبول سياسي واجتماعي تدريجي بدون مسار دبلوماسي معلن، موضحًًا أنـه يساهم في رفع العزلة الاقتصادية عن إسرائيل ودمجها في اقتصادات المنطقة عبر مشاريع اقتصادية وبنية تحتية مشتركة. وأفاد عربش بأن هذه العمليات الاقتصادية غير المتكافئة تسهّّل تقوية مـوقـع إسرائيل الاقـتـصـادي والإقليمي تـدريـجـيًًــا، وتُُــغـلّّــف هذه العلاقة أحيان ًًا بأنشطة اقتصادية مشتركة ترتبط بمصلحة أمنية وسياسية لإسرائيل وضمان استقرار مصالحها في المنطقة. وأشـار عربش إلى أن المشاريع الاقتصادية يـمـكـن أن تـتـحـول إلـــى مــدخــل لاخـــتـــراق الـبُُــنـى الداخلية للدول العربية، خصوص ًًا في مجالات الطاقة والمياه والبُُنى التحتية، عبر ترتيبات مشتركة تضع إسرائيل في موقع محوري في هـذه القطاعات، مبينًًا أنـه يخلق تبعيات على الكيانات العربية. ونـــوّّه عـربـش بــأن هــذا الاخــتــراق الاقتصادي يـمـكـن أن يــــؤدي إلـــى تـهـيـئـة ظــــروف سياسية واجتماعية تقبل بوجود إسرائيل كجزء لا يتجزأ من النظام الإقليمي، لافتا إلى أن القوى الكبرى ستستغل هذا الانفتاح الاقتصادي لدفع معادلة إقليمية جديدة تجعل إسرائيل محورًًا إجباريًًا في مجالات التجارة والطاقة والنقل، موضحًًا أنها مستفيدة من غياب مشروع عربي بديل وتفاوت فرص الاستثمار والاستقرار السياسي. وبيّّن عربش أن هـذا الاستخدام يهدف إلى تثبيت النفوذ الإسرائيلي فـي المنطقة بإطار الاقـتـصـاد والأمــــن، ويـعـزز مـن مكانة إسرائيل كقوة إقليمية مركزية، مضيف ًًا أن تطويع الدول العربية لـعلاقـات اقتصادية مباشرة معها بما يؤثر على الديناميات الجيوسياسية الإقليمية. إضعاف الجيوش لصالح ميزان القوى الجديد تواجه الجيوش العربية منذ سنوات تحديات مـرتـبـطـة بطبيعة منظومتها الـتـسـلـيـحـيـة، إذ تعتمد بشكل شبه كامل على أسلحة مستوردة تُُقيََّد آلية استخدامها بموافقة الدول المورِِّدة، ما يحد من استقلالية القرار العسكري، ويبرز غـيـاب صناعة دفاعية وطنية كعامل أساسي يفاقم هــذا الـقـيـد، ويـضـع الـجـيـوش فـي موقع هش أمـام أي ضغوط سياسية أو تغيّّرات في العلاقات الدولية، هذه الظروف مجتمعة خلقت فجوة واضحة في بنية القوة العسكرية العربية وأثّّــرت على قدرتها على الـردع وامــتلاك قرارها الاستراتيجي. قـــال الـخـبـيـر الـعـسـكـري رزق الـــخـــوالـــدة إن الـجـيـوش الـعـربـيـة كــانــت ضعيفة بـعـد الـربـيـع الـعـربـي نتيجة فـشـل الأنـظـمـة السياسية في قــــــراءة الــبــيــئــة الـــدولـــيـــة ومـــواكـــبـــة الـــتـــطـــورات العالمية، خصوص ًًا في ما يتعلق بتلبية مطالب الـشـعـوب ومتطلبات المجتمع الـــدولـــي، هـذا الفشل قـاد إلـى انـهـيـارات جــاءت ضمن توافق دولي رافقه ضعف واضح في التوافق الوطني. وأضـــاف الـخـوالـدة ان تـأثـر تـــوازن الـقـوى في الإقليم بظهور دول إقليمية مؤثرة مثل إيران وتركيا وإسرائيل، مقابل تراجع قــدرات بعض الأنظمة العسكرية التي تغي ّّرت بنيتها وقدراتها، ورغم هذا التراجع، برزت قوى أخرى بدأت تحقق تقدّّمًًا لافـتًًــا، وعلى رأسـهـا الـقـدرات العسكرية السعودية والمصرية والخليجية، إضـافـة إلى الـقـوات المسلحة الأردنـيـة التي حافظت على مستوى متماسك ومتطور. وأشـــــــار الــــخــــوالــــدة إلـــــى أن الاســــتــــقــــرار فـي الشرق الأوسط مرتبط ًًا بشكل مباشر بالقضية الفلسطينية، إذ إن استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضــــي الفلسطينية خلق بيئة معقدة من الإرهاب والتسلح وظهور منظمات دون مستوى الـــدولـــة، إلـــى جــانــب حــالــة الـــعـــداء المستمرة لإسرائيل، لذلك يرتبط تحقيق الاستقرار الفعلي بـحـل القضية الفلسطينية أكـثـر مــن ارتـبـاطـه بوجود دول هشة أو غير ذلك. وذكـــــر الـــخـــوالـــدة ان مـــســـار الــتــســلــيــح في المنطقة يتأثر بعوامل متعددة، أبرزها القيود السياسية التي تمنع بعض الدول من امتلاك أسلحة محددة، مشيرًًا إلى التحديات المالية التي تعيق شراء منظومات ذات تكاليف عالية، مع تحديات علمية وتقنية تتعلق بضعف القدرة على توطين التكنولوجيا الحديثة وعلى رأسها الذكاء الاصطناعي، كما تفرض الــدول الغربية قـــيـــود ًًا صـــارمـــة عـلـى تـصـديـر أسـلـحـة لا تـخـدم مصالحها الأمنية المباشرة. ورغــــم عــن ذلـــك يـــرى الــخــوالــدة أن إضـعـاف جـيـوش المنطقة يـأتـي خـدمـة لأمــن إسرائيل، والهدف الغربي الأكبر يتمثل في دمج إسرائيل في المنطقة وتعزيز التعاون والتطبيع معها، أكـثـر مــن تـركـيـزه عـلـى منحها تـفـوقًًــا عسكريًًا مطلق ًًا. وبيّّن الخوالدة أن الجيوش العربية لا تزال تحتفظ بهياكل القيادة والسيطرة، إلا أن الإرادة السياسية للعمل المشترك تراجعت بصورة واضــــحــــة، بــعــد اتــفــاقــيــات الــــــسلام ومــــا تبعها مـن مــســارات سياسية مثل مـدريـد وأوسـلـو، وضعف التنسيق العربي وتراجع موقع القضية الفلسطينية عـلـى سـلّّــم الأولـــويـــات الإقليمية والدولية. وأوضـح الخوالدة انه يوجد تفاوت كبير بين الــــدول الـعـربـيـة فــي تـطـويـر جـيـوشـهـا، فـالـدول الـمـرتـبـطـة بـالـعـالـم الــغــربــي، مـثـل الـسـعـوديـة والأردن ومصر، تمكنت من تطوير منظوماتها العسكرية، بينما تراجعت قدرات جيوش الدول التي اعتمدت سابقًًا على المعسكر الشرقي بعد تفكك الاتــحــاد السوفيتي وتــراجــع قـدراتـه الدفاعية. واكــــد الـــخـــوالـــدة ان الاعــتــمــاد الــكــامــل على ا ، الصناعات العسكرية الوطنية ليس أمرًًا سهلًا فــالــفــجــوة الـتـكـنـولـوجـيـة مـــع الـــغـــرب مـــا زالـــت كبيرة، والصناعات الدفاعية المحلية لا تـزال دون المستوى العالمي المطلوب، ورغم وجود محاولات للتطوير، إلا أن القيود التقنية والرقمية تـجـعـل قــــدرة هـــذه الـــــدول عـلـى إنـــتـــاج أسلحة متقدمة محدودة للغاية. «إسرائيل الكبرى»ونهج يفرض بالقوة الحلم الإسرائيلي بـ «إسرائيل الكبرى» ما زال حي ًًا ويتجد ّّد يوم ًًا بعد يوم، فبعد التوغ ّّل في الساحة السورية واللبنانية، والتهديد المستمر لـــدول المنطقة، لـم يعد هــذا الـمـشـروع مجرّّد فكرة تاريخية أو طموح أيديولوجي، بل تحوّّل شيئًًا فشيئًًا إلى مطلب تسعى الدولة لتحقيقه على أرض الواقع، ومع كل تصعيد أو توس ّّع، يبدو أن هذا الحلم يكبر أكثر، مدفوع ًًا برغبة واضحة في فرض نفوذ أوسع وترسيخ واقع جديد في الشرق الأوسط. وقال الخبير في الشأن الإسرائيلي خليل أبو كرش إن ما ي ُُسم ّّى بمشروع «إسرائيل الكبرى» هو خطاب أكثر مما هو مشروع قابل للتحقّّق، على الرغم من وجوده في الأدبيات الصهيونية، وفي بعض التصوّّرات الأيديولوجية، لكن على أرض الواقع يصعب تنفيذه، مضيفًًا أن هنالك قوى إقليمية لا تسمح لهذا المشروع بالتمدد على حساب الجغرافيا العربية، وأن تجربة طرد وتهجير الفلسطينيين فـي بـدايـة الـحـرب مثالا مهم ًًّا، إذ إن القرار المصري-الأردني المدعوم عربيًًا ساهم في كسر هذا المخطط. وأضاف أبو كرش أن فكرة «إسرائيل الكبرى» أقرب إلى طرح أيديولوجي موجود في السردية الإسرائيلية والصهيونية، وهي انعكاس لطبيعة المشروع الاستعماري ومحاولة تطبيق معادلة «أرض أكثر وسكان أقل». واعـتـبـر أبـــو كـــرش أن قضية التطبيع تأتي ضمن سياق سياسي، ســواء فـي الـعلاقـات أو اتفاقيات الـسلام التي أبرمت سابقًًا مع مصر ا إلى اتفاقات أبراهام، مشيرًًا إلى والأردن، وصولًا عدم وجود مصلحة لأي طرف باستمرار الحرب، فـالـمـصـلـحـة الـحـقـيـقـيـة تـكـمـن فـــي الاســتــقــرار والهدوء ووجود أفق سياسي، فمن الطبيعي أن تظهر علاقـات وتفاهمات وتفاوض، لأن البديل هو الفوضى. وأشار شحادة إلى المشكلة الأساسية اليوم داخـل إسرائيل نفسها، إذ إن التيار الحاكم هو تـيـار يميني متطرف يـقـوم على منطق الـقـوة، وهذا جوهر الخلل، وليس في العالم العربي أو الإقليم، والخلل في الانزياح اليميني المتطرف الذي يحكم إسرائيل الآن. وذكــــر شـــحـــادة فـيـمـا يـتـعـلـق بـالانـقـسـامـات الإقــلــيــمــيــة، مـــن الــمــفــتــرض أن نــــرى الـعـمـل الـعـربـي والإقـلـيـمـي يسعى إلـــى تـعـزيـز الـدولـة الوطنية والاستقرار، بينما الجهات التي توس ّّع حالة الانقسام هـي تـيـارات الإسلام السياسي والميليشيات التي تعمل كدولة داخل الدولة، مثل حـزب الله والحوثي، هـذه النماذج تسعى لتفتيت مفهوم الـدولـة الوطنية والإبـقـاء على الصراع قائم ًًا، على حد زعمه. وأوضــــــح أبــــو كــــرش أن إســـرائـــيـــل تستغل الانـقـسـامـات دائــمًًــا للتمدد وتثبيت الهيمنة وفرض نفسها كأقوى جهة في المنطقة، لذلك يـجـب نـــزع الـــذرائـــع مــن يــد المتطرفين داخــل إسرائيل، وعدم منحهم أي مبرر لعدوان جديد، ونعرف جيد ًًا أن إسرائيل مدعومة من الولايات المتحدة سياسيًًا وعسكريًًا وأمنيًًا ودبلوماسيًًا وقانونيًًا، وبالتالي الصراع معها ليس محصورًًا بها وحدها، بل مع قوة عظمى تقف خلفها. أكتوبر فالعالم 7 وتابع أبو كرش أنه في بداية وقــف إلــى جـانـب إسـرائـيـل بشكل كـامـل، لكن الصور القاسية القادمة من غزة من دمار وقتل ومشاهد مفجعة حرّّكت الـرأي العام العالمي، مضيفًًا ان هـذا الـــرأي الـعـام بـــدوره ضغط على حكومات في أوروبا مثل إسبانيا، فرنسا، ألمانيا، ودول أخرى، وقد ت ُُرج ِِم هذا الضغط إلى اعترافات بدولة فلسطين، وإلى موجة مقاطعة لإسرائيل، وإلى تهديدات بمراجعة الاتفاقيات الأوروبيةالإسـرائـيـلـيـة، كــل ذلـــك دفـــع حـكـومـات الـغـرب والولايات المتحدة للضغط على إسرائيل، وكان مصدر الضغط الحقيقي هو الإجرام الإسرائيلي. وأكد أبو كرش أننا يجب أن ندرك ان الحكومة الـحـالـيـة فـــي إســرائــيــل تـتـبـنّّــى مـنـطـق «حـسـم الصراع»، وهذا يعلن عن وجود عملية الترحيل، السيطرة الأكـبـر على الأرض، التهويد، شطب القضية الفلسطينية، وإنهاء الصراع لمرة واحدة وإلــى الأبـــد، والتصور الإسرائيلي الحالي يقوم على أن الجغرافيا بين البحر والنهر يجب أن تكون يهودية خالصة، بلا وجود للفلسطينيين، ومن هنا تتعزز سياسات الاستيطان والتهويد وفرض الأمر الواقع، والحصار، وتقطيع أوصال المدن والمخيّّمات. هل بتنا على أعتاب شرق أوسط جديد؟ إعادة خلط الأوراق بالتقسيم والفوضى وا ملشاريع الكبرى.. ا ملشروع الصهيو-أمريكي لتوسيع النفوذ الاقتصادي وفرض الهيمنة العسكرية في الشرق الأوسط ࣯ ي ري و نبأ صرايرة � ي رموك - أسيد الكف � صحافة ال تعبيرية

RkJQdWJsaXNoZXIy MzI3NjE0Mw==