2025 كانون الأول 7 _ 1447 جماد ثاني 16 الأحد ࣯ ي رموك- آرام عبابنه � صحافة ال مـنـذ أن كــانــت فــي الــســادســة، كــانــت دانـيـا بيبرس تمسك أقـــام التلوين كطفلة تبحث عـــن دهـشـتـهـا الأولــــــى كـــانـــت دفـــاتـــرهـــا تمتلئ بالشخصيات والألــــوان، دون أن تــدرك أن تلك الــرســومــات الـصـغـيـرة سـتـقـودهـا يــومًــا مــا إلـى مـشـروع يُــعــرَف الـيـوم فـي مختلف محافظات المملكة لكن شرارة اكتشاف الموهبة لم تأت من لحظة سعيدة، بل من ظرف مؤلم، عندما انسكب الزيت المغلي على قدميها واضطرت للبقاء شهرين في الفراش. هناك…وبين محاولات الهروب من الملل، أمــســكــت قـلـمـهـا وبـــــدأت تـــرســـم، وكـــمـــا تـقـول ربما كانت الجلسة الطويلة هي التي كشفت موهبتها. لم تكن الموهبة غريبة عنها، فجد ّّها كان فنان ًًا أيض ًًا، وكأن الإبداع يسري في العائلة منذ زمن. عادت دانيا إلى المدرسة بثقة جديدة، وكانت زمـيـاتـهـا يـقـفـن مـنـدهـشـات أمــــام رسـومـاتـهـا المتقنة وشيئًا فشيئًا تحوّلت الهواية إلى مصدر دخـــل بـسـيـط، إذ كـانـت تتقاضى مبلغًا رمـزيًــا مقابل رسـم الحنّة في المناسبات المدرسية والمحيط القريب. وكانت أول يد تمتد لتدعمها هي يد والدتها وأخيها عامر اللذين شجعاها على المضي في طريق لم تكن تتخيّّل أن يغيّّر حياتها. أول تجربة عملية خاضتها كانت مربكة ولكن لا تُــنـسـى عـنـدمـا اســتــأجــرت مـسـاحـة صغيرة ووقفت أمام أول زبونة وهي ترتجف وتحاول أن تستجمع قوة لم تعتدها بعد. تتذكر تلك اللحظات وكـأنـهـا الآن حين كان شقيقها يقف أمامها بثبات قائلا أنت بارعة… ركّزي. أتم ّّت الرسم وهي تحبس أنفاسها، وما إن سمعت الزبونة تقول أحسنت ِِ، حتى شعرت ولأول مرة أن كلمة صغيرة قادرة على أن تصنع شخصية أقوى. لم تكن الرحلة ممهّدة بعض أفراد العائلة لم يتقبلوا الفكرة في البداية ورأوا أن مستقبلها يجب أن يسلك اتجاهًا آخر. إلى جانب ذلـك، كانت الإمكانيات محدودة، كما أن نظرة المجتمع لفتاة تعمل في مجال الـحـنّــة والـحـفـات لـم تكن دائــمًــا مشجّعة لكن دانيا تمسّكت بذاتها واستندت إلى دعم والديها وإخوتها وظلّت تردّد في داخلها ما كانت تسمعه دائمًا إنك قادرة. مع ارتفاع الطلب على خدماتها بدأت الزبائن يسألنها عــن أمـــور تـتـجـاوز الـحـنّــة، الفساتين، التوزيعات، الديكور، الفرقة، الإضاءة، كل خدمة في مكان مختلف. هناك رأت دانيا الفرصة وسألت نفسها «لماذا لا يكون كـل شـيء فـي مكان واحــد؟»ومــن هنا أسّست مشروعًا يجمع تجهيزات الحنّة كاملة من الفساتين والشماغات والإضــاءة والديكور والفرقة وحتى أحواض الخضرة التقليدية. ومع الوقت توسّع المشروع ليشمل تجهيز الخطوبات والأعـــراس، الـــولادات وأعياد الميلاد DJ ثـــم بـــاقـــات مـتـكـامـلـة تـشـمـل الـــديـــكـــور والـــــ والـطـاولات والكراسي والتصوير وتجهيز كامل من (أ إلى ي). لم تعتمد دانيا على الإعلانات بل تركت ذلك لجمهورها هكذا انتشر اسمها عبر السوشيال ميديا من خلال الزبائن الذين يُظهرون أعمالها ويـتـابـعـون حساباتها كـانـت ثقتها مبنية على المصداقية تقول كل ما أنشره هو من عملي الحقيقي مـع ازديـــاد الزبائن ضـاق منزلها بمن يقصدونها فـقـررت الانـتـقـال إلــى مـكـان رسمي أكثر وهنا افتتحت في مكان كان سابقًا لوالدها، وجدّدته بالكامل، وجعلت فيه ركنًا خاصًا لكل خدمة. تتذكر دانيا جيدًًا أول حفلة نظ ّّمتها بالكامل كـان إنـجـازًًا صغيرًًا لكنه حمل وزنًًــا كبيرًًا نالت إعجاب الحاضرين وبدأ الحديث عنها ينتقل من إربد إلى عم ّّان. ومـــــن تـــلـــك الــحــفــلــة بــــــدأت خـــيـــوط قـصـتـهـا تتشابك، لتصنع طريق ًًا واسع ًًا نحو شهرة أكبر. استطاعت دانـيـا أن تستثمر مـا تجنيه من مــشــروعــهــا لـتـكـمـل دراســـتـــهـــا، لـتـحـصـل على بكالوريوس في الفنون التطبيقية من جامعة البلقاء، ثـم ماجستير فـي الفنون التشكيلية من جامعة اليرموك وكان كل ذلك اعتماد ًًا على عملها خطوة بعد خطوة. أما لحظة النجاح الأهـم في حياتها فلم تكن مرتبطة بالمال ولا بالشهرة بل في اللحظة التي رأت فيها الفخر في عيني والديها، تقول إنها حين سمعت والـدهـا ووالـدتـهـا يتحدثان عنها أمـام الناس ويثنيان على جهدها ومـا وصلت إليه، شعرت بأنها أصبحت أقوى. ذلـــــك الـــشـــعـــور كـــــان الــــوقــــود الــــــذي دفـعـهـا للاستمرار، حتى أصبح اسمها حاضرًًا في أغلب محافظات الأردن. عامًا، تدير دانيا مشروعًا 29 واليوم، وفي عمر واســــع الانــتــشــار وتـطـمـح لـتـوسـيـع مـشـروعـهـا بشكل أكبر وتقول بثقة «أتمنّى أن يكون اسم دانية بيبرس حاضرًا في كل بيت.» وتـــوجـــه رســالــتــهــا لــكــل مـــن يـــرغـــب فـــي بــدء مشروع آمن بنفسك، وثق بقدراتك، وإذا تعث ّّرت أو فشلت فجر ّّب من جديد، فالبدايات التي تهز ّّنا ا هي نفسها التي تبنينا في النهاية. قليل ًا 8 للتواصل مدير التحرير رئيس التحرير المسؤول د . علي الزينات د. خالد هيلات الإخراج الصـحـفي ليث القهوجي 6913 فرعي 02 7211111 : ت أسبوعية ـ شاملة تصدر عن قسم الصحافة ـ كلية الإعلام ـ جامعة اليرموك صحافة اليرموك 0797199954 sahafa@yu.edu.jo الأخيرة ࣯ محمد العزام شكّّلت الطبقة الوسطى عبر عقود طويلة الركيزة الأكثر اتزانًًا فـي الـبـنـاء الاجـتـمـاعـي فهي الفئة الـتـي حافظت على استقرار المجتمع الاقتصادي وحـددت إيقاعه العام كان الموظف سواء في القطاع العام أو الخاص قـــادرًًا بدخل متوسط على امـتلاك منزل وشــراء سيارة وتوفير مستوى معيشي مقبول لأسرته دون أعباء مالية تفوق قدرته. كانت الاحتياجات الأساسية قابلة للتحقق ضمن حدود الدخل وكانت الحياة الاقتصادية أكثر اتساق ًًا مع إمكانات الأفراد. اليوم تغيّّرت المعادلة بصورة واضحة فالفئة ذاتها التي كانت نموذج ًًا للثبات المعيشي أصبحت تواجه صعوبات متزايدة في تغطية النفقات الأساسية وتحولت خطط التملك والسكن من أهداف واقعية إلى طموحات مؤجلة، فالمنازل باتت خارج نطاق القدرة الشرائية والسيارات أصبحت عبئًًا ماليًًا طويل الأمد، كما تراجعت قدرة هذه الطبقة على الادخار أو تحسين ظروفها. ومع مـرور الوقت بـدأت الطبقة الوسطى تنزلق تدريجيًًا من موقعها المركزي إلى مناطق أكثر هشاشة متراجعة عن دورها التقليدي كفاعل مؤثر في الحياة العامة. في الماضي، كانت هذه الطبقة قوة رئيسية في تشكيل الرأي العام وصناعة القرار الاجتماعي إذ لعبت دورًًا واضح ًًا في التعبير والضغط والتأثير، أمـا اليوم فبات حضورها أقـل وضـوحًًــا ليس لانـعـدام قدرتها بل لانشغال أفـرادهـا بتأمين متطلبات الحياة اليومية على حساب المشاركة في الشأن العام فالمواطن الذي يواجه ضغوط ًًا معيشية متزايدة يصعب عليه أن يوج ّّه طاقته نحو التأثير المجتمعي م ّّا قلل من وزن هذه الطبقة في المشهد العام. وبالتوازي مع هذا التراجع، أعادت الطبقات الاجتماعية رسم ا عن واقع حدودها، فقد اتسعت الطبقة العليا وازدادت انفصالًا الأسعار بينما انكمشت الطبقة الوسطى وتعرضت لقدر كبير من التآكل لينحدر جزء منها نحو الطبقة الدنيا التي تتسع بوتيرة سريعة وظهرت فئة جديدة بينهما فئة لا تنتمي إلى وسط مستقر ولا إلى قاعدة واضحة بل تقف في مساحة انتقالية تجمع بين الطموح والضغوط الاقتصادية. وتتجلى المفارقة فـي أن ارتـفـاع الـرواتـب الاسـمـي لا يواكب تراجع القوة الشرائية الحاد إذ باتت كلفة المعيشة تتقدم بوتيرة تتجاوز قدرة الأسرة المتوسطة على مواكبتها، فمن كان يستطيع تملك منزل خلال سنوات محدودة أصبح يحتاج إلى عقود طويلة وربما إلى تمويل يمتد إلى الأجيال اللاحقة والاستحقاقات التي كانت تُُعد بسيطة أصبحت اليوم تتطلب التزامات مالية أكبر وتعقيد ًًا أكبر. وفي المحصلة لم تختف الطبقة الوسطى لكنها تواجه عملية تآكل مستمرة تقل ّّل من قدرتها على الحفاظ على دورها التاريخي كعنصر تــوازن في المجتمع ومـع كل ارتفاع جديد في الأسعار وتراجع في القدرة الشرائية تتعمق الفجوة بين ما تمتلكه هذه الطبقة وما تحتاج إليه لتبقى مستقرة. ورغـــم هــذا الـتـراجـع مـا تـــزال الطبقة الـوسـطـى تمثل القلب الاقـتـصـادي للمجتمع وإن كــان هــذا القلب ينبض تحت ضغط متزايد. تآكل الطبقة الوسطى من قاعدة الاستقرار إلى قاعدة معلقة قصة مصورة دانيا بيبرس.. موهبة في الرسم تنثر الزينة وتصنع الأفراح ࣯ ي رموك- راما العمارنه � صحافة ال آيـة الــجــراروة، ابنة الاثنين والعشرين عامًًا، صاحبة الستّّة معارض فنية، وطالبة الماجستير فــــي تــخــصــص الإرشــــــــاد الــنــفــســي فــــي جـامـعـة اليرموك، قد تظنّّها رس ّّامة عادية ترسم لوحات تعبر عـن شــيء مـا بـداخـلـهـا، ولكنّّها فنانة من الطراز الأول، وهذا يعود لكونها تستخدم قدمها في الرسم. منذ نعومة أظفارها، شعرت جـراروة بشغف عـمـيـق نـحـو الــفــن، جــربــت الـعـديـد مــن الــحــرف، ولكنها وجـــدت نفسها فـي عـالـم الـفـن والـرسـم وبين اللوحات، آية الفتاة المثابرة، أصبحت قصة إصرار تلهم كل من يسعى لتحقيق شغفه رغم الصعوبات. بــــدأت فــكــرة الـــرســـم بــالــقــدم تـــــراود آيـــة منذ سنوات، ورغم التحديات التي قد تواجه غيرها، استطاعت آيـة أن تعتمد على نفسها في كافة تفاصيل حياتها اليومية، تصلي وتتناول طعامها وأدوات الرسم على الأرض، لأنها لا تستطيع رفع قدميها لفترات طويلة أثـنـاء الـرسـم، ورغــم كل ذلك، كانت تفعل كل شيء بقدمها بثقة وعزيمة. كانت خطوات جـراروة الأولـى في الرسم هي لشخصيات كرتونية، وتـطـورت موهبتها لاحقًًا وبـــدأت تقوم بطباعة أعـمـال لفنانين عالميين مـثـل بـابـلـو بـيـكـاسـو، ولـــم يـكـن اخـتـيـارهـا لهذه الــرســومــات عـشـوائـيًًــا، بــل كـانـت تسعى دائـم ًًــا لرسم لوحات تحمل رسائل عميقة أو تعبر عن مشاعر مختبئة في نفوس الفنانين ودواخلهم. في البداية كانت تفر ّّغ فن ّّها على ورقة صغيرة من دفترها الصغير، ولكن صديق والدها المهتم بالفن والذي يعمل كأستاذ رسم في أحد المراكز فــي منطقة الـبـويـضـة لــم يـرغـب فــي أن تذهب مـوهـبـتـهـا ســـــد ًًى، فـــقـــد ّّم لـهـا دعـــم ًًـــا لـــم يجعلها تستسلم بـتـاتًًــا، إضـافـة إلــى دعــم عائلتها التي تفانت في دعمها، والتي أخرجت أفضل نسخة من ابنتها الرائعة. من الجميل أن يتم تسليط الضوء على هذه الــنــمــاذج، لنعلم جميعًًا أن هـنـاك الـعـديـد من المختلفين حولنا والمميزين بمواهبهم الفريدة. القدم الموهوبة هل رأيت يوما قدما ترسم فنا؟ أو رأيت لوحة تحكي قصة؟ مشروع رسم حنا لدانيا
RkJQdWJsaXNoZXIy MzI3NjE0Mw==