Next Page  3 / 8 Previous Page
Information
Show Menu
Next Page 3 / 8 Previous Page
Page Background

صحافة اليرموك ـ أحمد بني هاني

و ندى محافظة و فايز العظامات

وصفي بالتأكيد حالة خاصة في التاريخ

الأردني، حالة خاصة لظروف وقته وتحدياته

الصعبة، كان رجل دولة من الطراز الأول، وكان

يقول ويكرر «الأردن ولد في النار، لكن لم ولن

يحترق» حالة انفرادية في قلوب الأردنيين،

ذي كان يحس بكل

فكيف ينسون الرجل ال

واحد منهم، كيف ينسون وصفي، ذهب وصفي

لكن ذكراه وفكره باقيان في النفوس والهامات

الوطنية.

ولا ينسى الأردنيون وصفي التل، عاشق

الأرض، ابن عرار، وصفي الذي كان لا يعرف

سوى حب الوطن ولا يجيد إلا العمل من أجله ولا

يتقن سوى عشق العروبة، فكان وصفي وطنيا

من الطراز الرفيع، طراز الشهداء والأبطال

الذين سجلوا أسماءهم في التاريخ وصعدوا

إلى الفردوس الأعلى.

كان وصفي يعمل لهذا الوطن بكل صدق

وإخلاصوأمانة، فهو الذيمن إنجازاته تأسيس

ة والتلفزيون وتأسيس صحيفة الرأي

الإذاع

وتأسيس معسكرات الحسين للعمل والبناء

ي وتأسيس الجامعة

وتأسيس البريد الأردن

الأردنية ،أم الجامعات.

بحب الأرض

َ

نت

ّ

الشهيد وصفي التل أم

ما يقبل

ّ

وعشقت الوطن، فأنت من قال «إلي

البلد بضيمها، البلد ما تقبله بعزها» بالتأكيد

فإن مقولتك تنطبق على الأحرار أبناء الوطن

مثلك، ولا تنطبق على تلك الزمرة الضالة

التي لا تعرف سوى السرقة من المال العام،

راف يحافظون

��

لكن سيبقى الأردنيون الأش

على الوطن –كما الآن- في ضيقه، لتقبلهم

الأرض بعزها، فحب الأرض والإيمان بالوطن

مغروس فينا.

يذكر رئيس بلدية إربد الأسبق المحامي

رؤوف التل في حديثه مع (صحافة

��

عبد ال

اليرموك) أن وصفي قضى طفولته المبكرة

في مدينة إربد فكان على علاقة طيبة بكل

مواطنيها وشبابها، ودرس في مدارسها حتى

وصل المرحلة الثانوية «المترك» والتي أكملها

في السلط حيث نال الشهادة بعلامة متفوقة

برفقة كل من محمود فرحان وخليل السالم

وهم الثلاثة فقط الذين حصلوا على منحة

للدراسة بالجامعة الأمريكية في بيروت على

.1937

حساب الملك المؤسس عام

ويضيف من الجامعة الأمريكية- كانت

انطلاقة وصفي وبدأ بالاطلاع على السياسة

بأساتذته وما

ً

والآداب والفكر، وتأثر كثيرا

كان يجري في بيروت من فعاليات وأنشطة

ً

مختلفة، وبعد عودته إلى الأردن عمل مدرسا

لبعض الوقت حيث كان يلتقي بالعديد من

الشخصيات العربية والقومية وعند بدء

ً

الحرب العالمية الثانية التحق وصفي بناء

على توصيات أصدقائه من القوميين بالجيش

البريطاني وتدرب على أيديهم وشارك في

حرب فلسطين.

وصفي وعلاقته بفلسطين

يقولعبدالرؤوفالتلإنوصفيكانصاحب

مشروع سياسي كبير، وآمن بأنه لا يعيش في

هذه المنطقة طرفين متنافرين، فإما أن تبقى

وإما أن تتحقق

ً

الأرض للعرب كما كانت دوما

مطامع الصهيونية العالمية وتغتصب الأرض

أن وصفي سعى لتقوية

ً

من أصحابها، مضيفا

عن التفكك والضعف لتأسيس

ً

العرب بعيدا

جيل قوي يقف في وجه التحديات خاصة ما

يتعلق بالأراضي المقدسة.

ان يؤمن

ى أن وصفي ك

ويشير التل إل

بسياسة المقاومة المشروعة للاحتلال، وأن

الأردن هي أرض الحشد لتحرير فلسطين، كما

أن العلم والقوة هما السبيل الوحيد لمقاومة

المشروع الصهيوني وكأن الشهيد وصفي قد

تأثر بالبيت الشعري لأبي القاسم الشابي الذي

يقول فيه «لا عدل إلا إن تعادلت القوى وتصادم

الإرهاب بالإرهاب.»

شعبية وصفي

وده

���

ي ووج

ف

ف إن شعبية وص

ي

ض

وي

الاستثنائي في هذا العصر وصلت إلى أن

يمدحه رئيس منظمة التحرير الفلسطينية

يحيى حمودة، إذ قال عنه «وصفي من الرجال

القلائل الذين عرفهم الأردن وقلما تنجب

بمثل وصفي على الإطلاق».

ً

النساء رجلا

ويلفت التل إلى أنه وفي يوم اغتيال رئيس

،1971

وزراء آنذاك وصفي بالقاهرة عام

ال

كان وزير الدفاع -وصفي- على وشك توقيع

اتفاقية في بيت رئيس أركان الجيش المصري

سعد الدين الشاذلي بحضور ياسر عرفات

عن منظمة فتح تسمح بوجود قوة عسكرية

لمنظمة التحرير الفلسطينية شرقي الضفة

وتحت إشراف الحكومة الأردنية على أن يمنع

الوجود العسكري وحمل السلاح داخل الأراضي

الأردنية، لأن الهدفهو المقاومة داخل الأراضي

أن وصفيعملعلى تأييد

ً

الفلسطينية، مضيفا

فكرة المقاومة من داخل فلسطين وخارجها.

حل البرلمان

ه وعند تشكيل وصفي

اف التل أن

��

وأض

ى وطرحها للثقة، كان وقتها

لحكومته الأول

فقط حيث

ً

نائبا

40

عدد أعضاء مجلس النواب

صوتا مقابل صوتين

38

منحه الثقة بـ

ّ

تم

للمعارضة، وهو الأمر الذي دعا وصفي لحل

المجلسلقناعته أنهذا المجلسلا يخدم الأمة

وقد يعطي الثقة لأية حكومة دون أية معارضة.

ويتابع عند إجراء انتخابات جديدة لمجلس

النواب أفرز المجلس نوابا أقوياء ومن مختلف

التوجهات والمنابت السياسية والدينية ليمنحه

ً

صوتا

22

المجلس الثقة لكن هذه المرة بـ

معارضا، ليقول وقتها إن المجلس

18

مقابل

ً

ذي يريده للشعب يجب أن يكون فاعلا

��

ال

ً

ويعارض وينقد القرارات ويناقشها، بعيدا

عن المجالس التي توافق على كل ما تقوله

الحكومة دون خدمة الشعب والدولة.

إربد .. وأزمة المياه

التل أنه وفي بداية الستينيات عانت

َ

زاد

مدينة إربد من أزمة مياه خانقة، ولمساعدة

للجيش بتحويل

ً

ا

وري

ف

ً

را

��

در أم

الناس أص

الأنابيب التي كانت تنقل النفط من العراق،

للآبار في الأزرق وتزويد المدينة بالمياه.

كما ولفت التل إلى قرار وصفي بإصدار

قانون لتحديد أجور النقل لحماية الشعب من

جشع أصحابشركات النقل وتحكمهم بالأجرة،

إلا أن أصحاب الشركات لم بلتزموا بالقرار

للقانون،

ً

فقرر الزج ببعضهم في السجن وفقا

وبعضهم الآخر -كانوا يظنون أنفسهم أذكياء-

من المال وذهبوا إليه لإعطائه

ً

جمعوا مبلغا

له كهدية «رشوة» فقام أمامهم بمناداة مدير

مكتبه وأمره بوضع قيمة الشيكبخزينة الدولة.

67

حرب

ارض الانفعالات

يذكر التل أن وصفي ع

مثلما

1967

الحادة من الزعماء العرب عام

ارض الدخول بحرب حزيران لإيمانه أن

ع

خوض هذه المعارك سيكون خسارة لعدم

جاهزية الجيوش العربية وقتها وما يدل على

ذلك خسارة العرب لسيناء والجولان والضفة

الغربية من وقتها إلى الآن وقد كان صاحب

رؤيا ثاقبة للشأن العربي.

ويتابع عرف وأدرك وصفي الأطماع التي

تحيطبالمنطقةالعربيةمنمنظماتصهيونية

فقاومها بكل ما أوتي من قوة.

وصفي .. رئيسا للوزراء

للوزراء

ً

يرويالتلكيفيةاختياروصفيرئيسا

رة، و هذه القصة ينقلها عن محمد

لأول م

ً

حسين بني هاني إذ يقول كان وصفي سفيرا

للأردن في العراق، ذلك الوقت الذي عانى فيه

العراق من الاغتيالات والتصفيات الدموية،

حيث قام وقتها الرئيس العراقي عبد الكريم

قاسم بعقد اجتماع لسفراء الدول العربية وقام

بتوبيخهم والإساءة للزعماء العرب، ولم يجرؤ

على

ّ

على الوقوف بوجهه أحد إلا وصفي فقد رد

كلامه وقال له «هذا الكلام لا يمتد ولا يمس

وأسمى من

ّ

جلالة الملك الحسين، فهو أجل

أن يتعرض له أحد مثلك» فأبهر رده السفراء

العرب وذاع صيت قصته، وعلى إثرها استدعاه

الملك الحسين وألمح له لتشكيل الحكومة،

وقال له أنت فارس وبالفعل أعاد الملك كلمة

فارسلوصفي التل عندما عرضحكومته على

جلالته وقال له الملك إن الفارس لا يتعاون إلا

مع فرسان، إذ اختار وصفي أعضاء حكومته

من عدد من الشخصيات المعارضة ليمثل كل

الأطياف السياسية في شرق الضفة وغربها.

ويضيف التل بأن وصفي حافظ ومن خلال

م من

ّ

حكومته الأخيرة على وحدة الأردن وحج

تهديدات خصومها، وحافظ على أمن واستقرار

الأردن من خلال تسييره للبلد على مبدأ الأردن

أهم من كل الأشياء الأخرى وما يؤكد هذا الأمر

وقوفه إلى جانب القضية الفلسطينية لكن

ليسعلى حساب الأردن وهو الأمر الذي رفضه

في أحداث «أيلول الأسود.»

اللوزي يتذكر

يتحدث الرائد المتقاعد فايز اللوزي المرافق

الشخصي للشهيد وصفي التل في آخر فترة

عاشها الشهيد رئيسا للوزراء بكل حب وشغف

مستذكرا (أيام وصفي) بكل حب وألفة، وتحدث

اللوزيعن يوم الاستشهاد بأنه بدا يوما طبيعيا

عاديا إلى تلك اللحظات التي انتقل فيها الشهيد

التل إلى رحمة ربه، لينزل هذا الخبر الصادم

حسب وصفه على الأردن وبقية دول العالم

وانتشاره في غضون دقائق في مختلف وسائل

الإعلام العالمية والعربية.

ويتابع اللوزي في حديثه لـ صحافة اليرموك

أن الخبر كان صادما لعموم الشعب الأردني،

وهنا يقول عرفت وصفي أردنيا وطنيا محبا

للشعب مخلصا للقيادة.

وأشار إلى أن فترة عمله مع دولة الشهيد

كانت لا تتجاوز أشهرا، مؤكدا أن وصفي رجل

دولة من الطراز الرفيع ومدرسة في الأخلاق

والوطنية، وأن وصفي كان يعمل جاهدا في

تلك الفترة بسبب الظروف التي كانت تحيط

بنا في ذلك الوقت.

ق» وأن

ا على ح

�ّ

ن

وزي «ك

ل

ويضيف ال

الأردنيين كما قال وصفيهم من أحسن العرب

وأنهم شعب يحب الخير ولا يريد سوى الأمان،

وأن الشخصالذي لا يدافع عن وطنه فهو خائن

وأن وصفي بطبيعة حبه للأرضوعشقه للبلاد

ع عن الوطن حتى الرمق

أحب الأرض وداف

الأخير لأننا كنا على حق.

ويلفت اللوزي إلى أن منصب رئيس الوزراء

حظيت به الكثير من الأسماء في الأردن، و

لكن وصفي التل هو الوحيد الذي رسخ اسمه

في تاريخ الأردنيين وقلوبهم وذاكرتهم لأن

وصفي كان رجل دولة محبا للأرض وأنه لم

يشهد منه إلا الخير وحب الأرض، لذلك أحبه

الشعب.

قموه .. وواقعة التشريح

ق و

ب

ر الصناعة الأس

��

و يستذكر وزي

المستشار الاقتصادي في السفارة الأردنية في

القاهرة وقت استشهاد الرئيس وصفي التل،

سامي قموه لـ صحافة اليرموكحادثة استشهاد

وصفي بقوله «كانت حادثة استشهاده المرة

الأولى التي أرى فيها وصفي بشكل شخصي

في القاهرة في اجتماع مجلسالجامعة العربية

لشؤون الدفاع وكان وقتها وزيرا للدفاع ورئيسا

للحكومة ، وفي لقائي الأول به وكأنني أعرفه

منذ مدةطويلة، حيثتميز وصفي بحضوره في

هذا الاجتماع من خلال القضايا التي طرحها

وتحدث عنها ومناقشته التحديات التي تواجه

الأمة وكان متميزا جدا، حيث حاز على احترام

الموجودين في الاجتماع لأفكاره المتميزة في

المجال السياسي والعسكري.»

ويضيف قموه بعد هذا الاجتماع الختامي عاد

اغتياله هناك، وهنا يقول وقتها

ّ

للفندق ليتم

كنت في بيتي ودق الهاتف وأبلغت بأن دولة

الرئيس استشهد، وكنت من أول الموجودين

والحاضرين عنده، ويتحدث قموه عن صعوبة

تلقيه الخبر ووقعه عليه إذ يقول «كان وقع

الخبر صاعقا، وكانت صدمة لنا جميعا حيث

كنت الوحيد من أبناء السفارة الموجودين في

المستشفى ليحضر التشريح الطبي.»

د من

دي

ع

ى للمستشفى ال

��

ع أت

اب

ت

وي

المسؤولين المصريين، ولم يوافق الفريق

الطبي على التشريح إلا بوجود مندوب فكنت

أنا، ويضيف «تخيل شابا صغيرا السن لأول مرة

يشاهد عملية تشريح، ولرئيس وزراء دولته

الذي كان يسهر معه في الليلة المنصرمة وهو

يقترح ويتحدثعن الوطن والأمة، لتجده أمامك

ى على طاولة التشريح.»

ّ

مسج

ويتحدث قموه حول ما يجرى بعد ذلكعندما

أتى المرحوم أحمد طوقان رئيس الديوان

الملكي وقتها للقاهرة ليكون مع الجثمان

ويحمله لعمان، ويقول إن جميع الوفود العربية

كانت تتقدم للمرحوم طوقان في المطار

لتأدية واجب العزاء، وقد كنت بجانب المرحوم

طوقان في المطار عند استقبال المعزين من

الوفود وسمعت ما قيل عن هذا الرجل من

مدح وتعظيم وأن اغتياله خسارة وجريمة بحق

العرب.

وهنا يستذكر قموه ما قاله رئيس وزراء

ا لم ألتقي بشخصية مثل

ذاك «أن

سوريا آن

وصفي، لكنني تمنيت بعد اغتياله لو لم ألتقي

به، فبعد اغتياله شعرت بالخسارة الفادحة

للأمة».

يقول قموه إن شخصية مثل وصفي بهذا

الحجم والفكر وهذه القامة الوطنية كان اغتياله

بمثابة خدمة لأعداء الأمة، والأيادي التي قامت

باغتياله تخدم أغراضا أخرى لا تخدم الأغراض

القومية العربية، لأنه كان يطرح حلولا لكثير

من التحديات التي كانت تواجه الأمة وليس

فقط الأردن.

يقول قموه «عندما تزور بيته تتساءل هل

هذا بيت رئيس وزراء؟ وصفي كانت الشكليات

والأشياء لا تغريه،» ويضيف «كان يشعر براحة

في لقاءاته مع كل الطبقات بلا تشريف أو

تكليف، وكان يهتم بالناس اهتماما مباشرا.»

وصفي .. والقوميين العرب

قال النائب السابق الدكتور أحمد عويدي

العبادي إن ما عرف عن الرئيسوصفي التل أنه

كان ناشطا فيحركة القوميين العرب، وأنه ورد

اسمه من بين ناشطي الفرع الأردني للحزب

السوري القومي الاجتماعي .

وتابع لم يكن مستغربا أن يكون وصفي

التل من بين الذين استهوتهم طروحات الحزب

السوري القومي فالتحق به تنظيميا أو تأثر به

فكريا حيث قام الجنرال حسني الزعيم قائد

أول انقلاب عسكري في سوريا في نهايات

الأربعينيات باعتقال وصفي التل الذي كان

قائدا لفوج اليرموك في جيش الإنقاذ بتهمة

تعاونه مع الحزب القومي السوري للقيام

بانقلاب يأتي بحكومة وطنية تتبنى مهمة

تحرير فلسطين.

كم على وصفي بالإعدام

ُ

ويضيف بعدها ح

وكاد الحكم أن ينفذ لولا تدخلات شخصية

سورية وأردنية.

وأشار العبادي إلى حركة القوميين العرب

في التنظيم العلني المفتوح والذي كانت تمثله

الحلقات القومية وكان الرئيس الأسبق وصفي

التل من رواد هذه الحلقات.

قصة جديدة

 يستذكر الكاتب الصحفي ورئيس تحرير

موقع نيرون الإخباري الزميل تحسين التل

موقفا إنسانيا للشهيد وصفي التل، ويقول «إنه

قبل أحداث أيلول، ذهبت مع والدتي إلى بيت

المغفور له بإذن اللهتعالى، الشهيد وصفي التل

من أجل أن (تتوسط) والدتي لإحدى السيدات

ليعين لها ولدها؛ وكانت أرملة، وتطلب إلى

الله أن يوفقه في وظيفة تعينهم على مشقة

الحياة، وكان تخصصه في الزراعة، ويتابع

كنت في التاسعة من عمري عندما أخذتني

المفرزة

ً

معها إلى بيت الشهيد، وأذكر جيدا

العسكرية التي كانت ترابط على مدخل البيت،

والجدية الواضحة على وجوه العسكر، فالبلاد

كانت تتهيأ لمعركة تلوح في الأفق، ولا يعرف

تفاصيلها إلا الله جل وعلا، لكنها كانت معركة

فاصلة بين الحق والباطل، وتقرر فيها مصير

الوطن، ويضيف سألنا أحد الضباط؛ من أنتم،

اذا تريدون، فقالت والدتي أنا ابنة عمه

وم

وأريد مقابلته لأمر هام، فاتصل مع الحرس

الذي يحيط بالبيت وجاء الرد مباشرة بالسماح

لنا بالدخول؛ فدخلنا، وكان المشهد بالنسبة

ار، وكأننا ندخل

��

، له هيبة، ووق

ً

لي عظيما

قلاعا وحصونا من العصور القديمة، كان في

انتظارنا على بوابة البيت، لقد استقبلنا وأحسن

استقبالنا، كيف لا ونحن في دار وصفي، دار

العز، والكرم، والقوة، والمنعة.»

 وتابع التلجاء المرحوم وصفيوقال اجلسوا

وسأعود إليكم بعد قليل، عندي وزراء، قال لنا

قبل أن يتركنا في ضيافة زوجته التي دخلت

المطبخ لتعد لنا الطعام، وبعد دقائق جلس

معنا، وبعد أن انتهينا من تناول طعام الغداء،

قال لوالدتي أطلبي يا بنت العم، فقالت أريد

ن هذا الشاب المسجل اسمه في

ّ

منك أن تعي

الورقة، وقبل أن يوافقعلى التعيينسألها؛ هل

لديه خبرة بالزراعة، فقالت له إنه خريج زراعة،

ه

ّ

وعندها قال للمرافق اكتب اسم الشاب، ووج

الكتاب إلى وزير زراعة ليعينه في زراعة إربد،

وأخذ الكتاب وكتب بخط يده توصية من رئيس

الحكومة وصفي التل، وعدنا إلى إربد والفرحة

تغمر والدتي لأنها استطاعت أن ترسم البسمة

على وجه الأرملة والدة ذلك الشاب. 

 ويعتبر التل أن الشهيد وصفي التل؛

أسطورة حقيقية من أساطير دولتنا الأردنية،

وعملاق من عمالقة القرن العشرين، كان

يؤمن بالعمل الجاد، العمل المثمر الذي يؤسس

لقاعدة مستمرة لعشرات السنين، ولم يكن

الشهيد رئيس وزراء عابر كالذين عبروا دون

أن يعلم بمرورهم أحد، إنما كانت له بصمات

في كل مكان.

 ويتابع ربما لا يعلم المواطن الأردني الذي

ولد بعد استشهاد وصفي بسنوات أن الشهيد

هو الذي أنشأ الطريق الصحراوي، ومعسكرات

الحسين للعمل التطوعي التي اهتمت بنظافة

الوطن، وزراعة الغابات، وهو الذي أنشأ قناة

الغور الشرقية المتفرعة من نهر الأردن

(الشريعة)، فقد كانت إسرائيل (ولا زالت)

تستغل الشريعة أبشع استغلال، فتنبه للأمر،

وأمر بفتح فرع جديد يمر عبر الأراضي الأردنية

ويكون هذا الفرع بمحاذاة النهر ومن ثم كانت

القناة التي خدمت المزارع الأردني حتى يومنا

وإلى ما شاء الله.

في حق وصفي

يتحدث المؤرخ سليمان الموسى في كتابه

إعلام من الأردن ويقول»يؤمن وصفي التل

أن الأردن انبثق عن رسالتين: رسالة الثورة

دة ورسالة

وح

ة ال

ال

العربية وسماها رس

فلسطين التي عدها رسالة الثأر، وعليه يصبح

العنوان العريض للكيان الأردني: الوحدة والثأر

وهو يرى أن وجود هذا الكيان مجردا منعنوانه

وجود لا معنى له، وظل يقول: الأردن ولد في

النار ولن يحترق.»

في أساسيات مشروع الوحدة والتحرير يؤمن

وصفي أن إسرائيل عدو مركزي لا يمكن أن

يتعامل مع العرب ولا يجوز لهم ذلك إلا ضمن

منطق الاستعداد الدائم الموصول لحرب

حتمية فاصلة شعارها «نكون أو لا نكون» ،

ّ

دون الانزلاق إلى خطة إسرائيل الدائمة لجر

دول الجوار إلى حروب تكون المبادرة والتوقيت

فيها بيد إسرائيل.

ويتحدث الموسى في كتابه أيضا عن مواقف

لوصفي ذاكرا «ذات يوم تلقى وصفي بصفته

رئيس حكومة بطاقة دعوة لزيارة المعرض

الصناعي الذي أقيم في مبنى الكلية العلمية

الإسلامية في جبل عمان، وعند تجواله في

المعرض شاهد عنبا وتفاحا ومطرزات وتحف

ال: هذه

��

دف. فأحس بالحزن!! وق

ص

من ال

«بضاعة الدعة والسلام والاستسلام»!! ثم

عاد يحملق في المعروضات من جديد، وإذا بها

مرآة عاكسة للذل والمسكنة، وعلى الرغم من

عدم تمرسه في الاقتصاد وعلومه لم يقنع أن

هذا الانتاج هو الذيسيخلق القوة. وهنا تساءل

وصفي : «أحقا هذا هو ما نستطيع صنعه

وعرضه في هذا البلد؟! أهذه هي المنتوجات

التيتجلب القوة؟! إنقروضالعالمومساعداته

بنى

ُ

كلها لا تكفي لبناء الوطن وتشييده، لكن ي

د بعرق المواطنين وتضحياتهم،

ّ

الوطن ويشي

بسواعدهم الملتفة وعزائمهم المتحدة،

بسهرهم الدائب وتعبهم الموصول، بإرادتهم

التي لا تقهر وإيمانهم الذي يضعف ولا يلين».

و يتحدث المؤرخ والناشط الأردني محمد

ان وصفي التل عندما

الربابعة، بقوله «ك

ها

ِ

ر

َ

يتحمل مسؤولية الحكم لا يأتيه ش

للجلوس على كرسي الحكم، كان يأتي للحكم

وفي جعبته قضية وفي حقيبته مخططا، وإن

ى هو

ه في المرحلة الأول

كان مخطط وزارت

إصلاح الجهاز الإداري، فقد كان مخططه في

الوزارة الثانية إعداد المواطن الصالح وإعداده

الح ومعركة البناء

للمعركة.. معركة الإص

ومعركة التحرير.»

ى أعاد

��

ه الأول

��

ويؤكد الربابعة في وزارت

وصفي تنظيم أجهزة الدولة واستعان بالخبراء

العالميين، وكان من أبرز إنجازاته القضاء على

الرشوة والمحسوبية ورفع المستوى الوظيفي.

ويشير إلى أن وصفي في وزارته في المرحلة

الثانية أرسى قواعد إعداد المواطن للمعركة

، فافتتح المخيمات الصيفية للشباب، وأشرك

القوات المسلحة في بناء الطرق وحفر الآبار

وتمديد الأنابيب وتدريب الشباب.

ويضيف «أما وزارته الأخيرة فقد كان أمرها

واضحا ومعلوما كانت الأمة في محنة والأردن

في ورطة، والمواطن غير آمن، وأهم من كل

ذلك فقد أصيبت قضية التحرير بنكسة، أما

قضية الوحدة الوطنية كانت مهددة بأخطر

انشطار .»

ويلفت الربابعة إلى أن وصفي نجح في

داد المواطن في

تنظيم الجهاز الإداري وإع

المرة الثانية، فقد شهد العالم لوصفي التل أنه

أنقذ البلد الصامد من أخطر حرب أهلية كانت

تقوضه ومن أبشع مؤامرة كادت تمزق وحدته.

2017

تشرين الثاني

26 _ 1439

ربيع الأول

7

الأحد

متابعات

3

يوم سفره الى القاهرة

1971\11\26

المغفور له الحسين في وداع الرئيس الشهيد وصفي التل

وصفي التل.. حالة استثنائية في الوطنية و «سفير فوق العادة» في حب الأرض

صور حصرية من مجموعة الزميل تحسين التل